أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد الجبار خضير عباس - قرة العين..














المزيد.....

قرة العين..


عبد الجبار خضير عباس

الحوار المتمدن-العدد: 2624 - 2009 / 4 / 22 - 09:02
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


قرة العين..
امـرأة أثارت جدلا ونقاشا في تاريـخ العراق وربما بالشرق كله

عبد الجبار خضير عباس

عند الحديث عن البابية او البهائية تظهر شخصية قرة العين بوصفها امرأة اثارت الكثير من الجدل والنقاش بشأنها، وتحتل مكانة مهمة في سيرورة هذين المكونين الدينيين، يقول عنها الوردي في كتابه اللمحات م1 ج2 ص163 شغل المجتمع العراقي في السنوات الاخيرة من ولاية نجيب باشا بحديث امرأة عجيبة تدعى قرة العين اذ هي اسفرت عن وجهها، وارتقت المنابر، وخطبت وجادلت، فكان ذلك اول حدث من نوعه في تاريخ العراق، وربما في تاريخ الشرق كله.
ولدت هذه المرأة في قزوين العام 1814 وكانت اسرتها من الاسر الدينية المعروفة. تميزت قرة العين بجمالها الفتان، وذكائها المفرط، وقد بدأ نبوغها بالظهور منذ صباها الباكر، وكان يوضع لها ستار لتستمع الى الدروس من ورائه، وسرعان ما اخذت تشارك في المجادلات الكلامية التي تثار بين رجال اسرتها، والى جانب جمالها وذكائها كانت تملك صوتا جهوريا وقدرة كبيرة في الحوار، فأحدثت في المجتمع الكربلائي هزة عنيفة، واضحى اسمها على كل لسان، وصار الناس رجالا ونساء، يناقشون ويتجادلون في الافكار الجديدة التي اتت بها، وفي العام 1846 انتقلت قرة العين مع حاشيتها الى الكاظمية، وروي عن احد المسنين من اهل الكاظمية: الكثير من الناس حضروا حلقات دروسها وصلوا وراءها، وكانوا اذا استمعوا اليها وهي تتكلم يكادون يذهلون عن انفسهم من شدة تأثرهم بها. وورد في كتاب بكاء الطاهرة، وضعت قرة العين تحت الاقامة الجبرية في بيت مفتي بغداد الشيخ الآلوسي، قضت اكثر من ثلاثة اشهر في بيته بمناظرات وجدالات دينية ، وكان الجميع بانتظار التعليمات من السلطة العثمانية، حتى وصلت رسالة من اسطنبول، اعطى فيها السلطان الحرية لقرة العين شرط ان لاتبقى في الاراضي التركية، وامره بعمل الترتيبات لمغادرة الاراضي العراقية، فأكمل مفتي بغداد عمله بان ارسل عشرة فرسان تحت امرة ضابط ليرافقوها نحو كرمنشاه.
ماتزال قرة العين التي سماها بهاء الله بالطاهرة ماثلة في اذهان بعض الفرق الدينية الهامشية رمزا من رموز الحداثة الدينية حينا، ومثالا رائعا للمهوسين بفكرة الخلاص الدنيوي حينا آخر، وفي ظروف اخرى، هي متمردة على المألوف اذ ملأت خيال رجالات الشرق من الذين لم يألفوا، ان يرتفع صوت المرأة في المحافل الدينية، حيث صرخت باعلى صوتها في مؤتمر (بدشت) وقد كشفت عن وجهها وتزينت: اني انا الكلمة.. وعند مجيئها الى بستان بهاء الله سافرة من غير حجاب وهي تردد(ان الظهور الجديد قد ظهر وحالما نظر الحاضرون الى مظهرها، اضطربوا وصدموا بالمشهد الذي امامهم، وحدث صراع كبير بين القدوس وقرة العين ونشب بين المجتمعين، فأمر البهاء ان يقرأ احدهم سورة الواقعة، فهرب من هرب وصرخ من صرخ ومنهم من ذبح نفسه بيده.
اعدام قرة العين
ثمة روايات عديدة بشأن اعدام قرة العين، لكنها اجمعت على ان اعدام الباب دفع ببعض البابيين للتفكير باغتيال الشاه، وجرت تلك المحاولة الفاشلة بالفعل، لكنها تسببت بكوارث دموية على مجموع البابيين، ولم يحصل( كما ورد في ص67 من بكاء الطاهرة) ان ورد ذكر مثل تلك المجازر والفظاعات التي ارتكبت بحق مجموعة دينية مثلما حدث مع البابيين الذين تعرضوا لابشع انواع التعذيب واغربها على اثر محاولة اغتيال الشاه. اذ جمع كل من حامت حوله شبهة البابية، ومثل بها أو مزق جسده أو ثقب أو وضع في فوهة مدفع، وفي خضم هذه الظروف ، اعتقلت قرة العين ووضعت في بيت رئيس الشرطة، فحبست اول الامر في غرفة زجاجية من دون سلالم، وتتنقل الى غرفتها عبر سلم خشبي، وراح المسؤولون يزورونها في بيت رئيس الشرطة، وقيل في رواية انهم حين جاؤوا لاصطحابها بذريعة اخذها الى رئيس الوزراء، الا ان قرة العين قد استعدت لذلك واستحمت واستعملت عطر الورد، وارتدت فستانا من حرير ابيض، وودعت اهل المنزل واخبرتهم عن رحلتها الطويلة، فذهبت معهم، واخذت الى حديقة وجاء الجلاد، الذي اعتذر عن تنفيذ الاعدام، وعثروا بعد ذلك على عبد زنجي اسود مخمورا، فوضع منديلا في فمها وخنقها، ورموا بجثتها في بئر الحديقة واهالوا عليها التراب والحجارة والنفايات. وفي رواية اخرى، انها خنقت بوتر، واجبرت على نزع قناعها فلم ترض، فلفوا وتر القوس حول عنقها فوقع القناع وخنقت، ورمي جسدها في بئر جافة، وردمت البئر بالحجارة والنفايات. وذكر عن شقيقها ان رغبة رئيس المحكمة كانت كبيرة في اتمام قتل قرة العين، لكنه قبل ذلك امر اثنين من اكبر واشهر علماء الدين في طهران في التباحث مع قرة العين والدخول معها في مناظرة، الا ان تلك المناظرة لم تسعفها وثمة روايات اخرى تنتهي برميها في البئر، وبذلك انطوت حياة امرأة وشخصية دينية ملتبسة، حكم عليها بالموت في طهران العام 1852 عن عمر قد ناهز 35 عاما، بعد سلسلة من المحن والمحاججات والمواجهات الدينية. مخلفة حراكا اجتماعيا وضجيجا فكريا اين ما حلت وهي المرأة التي خرجت على مقاييس عصرها وحلت في زمن مفارق او بلغة اخرى ما طرحته من افكار وسلوك خرج على مألوف القرن التاسع عشر ومحمولاته الفكرية والثقافية والاجتماعية. بل حتى الان هي متقدمة بزمنها في مساحات شاسعة من الشرق .



#عبد_الجبار_خضير_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مكانية التغيير سردية زمانية مفارقة
- ازمة حلم
- التعديلات المرتقبة مقاربة معرفية في كتابة الدستور
- العراقيون الأصليون يتآكلون
- ارث الخوف
- بصرياثا
- قراءة في المادة 41
- اعادة انتاج العنف
- يهرف بما لايعرف
- المرأة والقرار
- المواطنة دونما اشتراطات تغدو سجناً للحرية والإرادة
- مرجعيات الحزن في الأغنية العراقية - القسم الثالث
- مرجعيات الحزن في الأغنية العراقية القسم الثاني
- مرجعيات الحزن في الأغنية العراقية
- المجتمع المدني المفهوم والظهور العالمي
- الرعي الجائر
- مفهوم المجتمع المدني
- الحرية ام الديمقراطية ؟
- حوار مع المفكر الإسلامي الديمقراطي ضياء الشكرجي :حركة التاري ...
- قراءة في المادة (29) من الدستور العراقي


المزيد.....




- بالأرقام.. حصة كل دولة بحزمة المساعدات الأمريكية لإسرائيل وأ ...
- مصر تستعيد رأس تمثال عمره 3400 عام للملك رمسيس الثاني
- شابة تصادف -وحيد قرن البحر- شديد الندرة في المالديف
- -عقبة أمام حل الدولتين-.. بيلوسي تدعو نتنياهو للاستقالة
- من يقف وراء الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل في الجامعات الأمريك ...
- فلسطينيون يستهدفون قوات إسرائيلية في نابلس وقلقيلية ومستوطنو ...
- نتيجة صواريخ -حزب الله-.. انقطاع التيار الكهربائي عن مستوطنت ...
- ماهي منظومة -إس – 500- التي أعلن وزير الدفاع الروسي عن دخوله ...
- مستشار أمريكي سابق: المساعدة الجديدة من واشنطن ستطيل أمد إرا ...
- حزب الله: -استهدفنا مستوطنة -شوميرا- بعشرات صواريخ ‌‏الكاتيو ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد الجبار خضير عباس - قرة العين..