|
أدباء بصريون .... محمد خضير بين التشيؤ والمثيولوجيا
سعيد حاشوش
الحوار المتمدن-العدد: 2620 - 2009 / 4 / 18 - 07:44
المحور:
الادب والفن
من الصعب الكتابة عن أذكى الكتاب العرب بإعتراف النقاد الكبار مثل رجاء النقاش في دراسة له في مجلة الآداب البيروتية بل صرح أحد النقاد وهو الدكتور شجاع مسلم العاني بأنه توقف عن كتابة القصة في أوائل الثمانينات لهيمنة محمد خضير على الساحة الأدبية ، ولا يمكن ألقاء الضوء على تجربة متميزة بل إيجاز ما جاء في الندوة الأدبية التي شاركت بها وألقيت محاضرة في كلية الآداب بجامعة صلاح الدين عام 1986 وما دار فيها من حوار ونقاش . في البداية أقول بثقة لم يعثر العراق على ناقد أدبي بمستوى النتاجات الإبداعية لذا أجتهدت بإدخال مصطلح التشيؤ وهو مصطلح أقتصادي يعنى بالعالم الرأسمالي حين يصبح الأنسان مجرد سلعة أو شيء وحين وجدت القاص يمر على الأشياء بأسلوب الكاميرا التي لا تفرق بين الحائط والأنسان وتأكدت أن هذه التأثيرات آتية من الرواية الفرنسية الحديثة لا عيب في التأثر في خزانة الفكر البشري وإنما العيب في الأنطواء على الفكر الأدبي السلفي . أن عين الكاميرا المحايدة أستطاعت أن تكون قصصاً رائعة مثل قصة ( الصرخة ) أو قصة ( منزل النساء ) حين يكون الإنسان بلا أسم أو عنوان مثلما هو في رواية ( الغيرة ) لآلان روب غرييه الذي يعلن في كتابه ( نحو رواية جديدة ) بأنه لا يوظف التشبيه والأستعارة لأنهما من صفات العالم المتخلف وأطلعت على ترجمة لإحدى قصص غرييه في كتاب ريكاردو ( قضايا الرواية الحديثة ) ووجدت أسلوب السرد نفسه . تكمن سر عبقرية محمد خضير أنه أستطاع عن طريق هذا الرصد الوصفي بلغة ذكية أن يرسم صورة المكان المكثف للزمان ففي سلالمه العديدة في القصص نجد المرأة دائماً في العتمة أو في غرف طينية عبر سلالم تزين جدرانها التخطيطات الفحمية كتأثير من الفن التشكيلي وخاصة جدران ( شاكر حسن آل سعيد ) ومحمد خضير نفسه فنان تشكيلي يرسم لنا مملكة في العتمة وليكثف الزمان في الأمكنة ، عتمة الأضطهاد والأستلاب والغبن الملفوف بعباءات سود أنه يتحدث عن المغيب في النص أو المسكوت عنه بعد أن أختفت المرأة في عالم الذكور الشرس وغيبتها عنا النصوص التاريخية لكنها تبرز دائماً من خلف الكلمات والجدران ففي قصة ( أمنية القرد ) المرأة العاملة في أسفل السلم أي عندما نزلت الى سرداب الأرض وألتقت عيناها بعيني قرد تسلية عند " قرّاد " نجد الحرمان في النظرات أن فلسفة المكان والنزول عبر السلم لتأكيد أضطهادها وحين تفاجئنا رعشة النزول الكوني ( يرجى دراسة كتاب جاستون باشيلار – جمالية المكان ) لكن المرأة تتحرر باللا شعور حين تصعد لغرفتها ( الصعود للأعلى يعني الصعود للشمس والحرية والصومعة ) فأن حريتها تكمن فقط في حلم يقظة عن سجادة فيها خيول تقتحمها بجحفل بدائي أختراقي حسب المفهوم الفرويدي . أن جمله النثرية لم تشر الى لون آخر غير السواد سواء في ( 45 مئوي ) أو (بصرياثا ) أو ( أوراق خريفه ) بل لم أجد كلمة توحى بلون أحمر أو أحد مشتقاته مما يوحي أن السواد هو لون مملكة العبيد أي أن المملكة السوداء لم تأت من لون عباءات النسوة حسب قوله وإنما من العتمة التي تخفي كل هذا الأضطهاد ، هذا التشيؤ في الرصد كان مجرد وعاء لأستيعاب الثقل التاريخي والمثيلوجي لأنسان الجنوب أستطاع الكاتب أن يفجر ثورة قصصية بقصته الأولى ( الإرجوحة ) رغم أنه كتب قصصاً قبلها والغريب في الأمر أن القاص نفسه قاد ثورة أخرى تدعو الى نثرنة النص أو اللعب القصصي الحر الذي نطلق عليه حالياً بالنص ليدخل بنصوصه الى مدينته من أوسع أبوابها إلا وهو التاريخ ليعلن أن البصرة مدينة في الذاكرة فقط بل في ذاكرة كتابها تحديداً . الذي يعنيني في هذا الدراسة المتواضعة أن التشيؤ كان وعاء للمثيولوجيا ، ولاندرك هذا الثقل التاريخي النائم في القاع الأسفل من الدماغ بدراسة قصة واحدة وإنما من مجموع قصص الكاتب ( حسب نظرية نورثروب فراي ) من جمل تتناثر في كل القصص مثل جفاف البطن يبوس البطن كأن المرأة هي الأرض وماء الرجل يعيد لها الحياة لزرع الثمار في كل القصص تنتظر المرأة هذا الماء قد يكون الأنتظار في قصة المأذنة هو حزن المرأة حين ترى أطفالاً في عربة صغيرة لكن الرجل غائب دائماً سواء بقتله في حرب أو في سفر لتبقى المرأة تنتظر بلا جدوى أنتظار عشتار لتموز لكن الغائب لايحضر . هذا الرحم المثيلوجي أنجب السياب ومحمد خضير على تنويعات ثيمة بعينها وكلاهما رائداً بتوظيف التاريخ المثيلوجي لإنسان الجنوب في النهاية لايمكن أن تكون أطروحاتي تعميماً لأن الكاتب يتحول من التشيئية الى لغة موحية ثرة في قصة ( تاج لطيبوثة ) والى لغة إخبارية باردة ورمزية في قصة ( ساعات كالخيول ) ليعلن أن عقرب الدقائق يمر ليذكرنا بمرور الزمن مثل ساعة كونتن في الصخب والعنف ويوظف القطع واللصق في قصة ( قطارات ليلية ) .. كل قصة لها حديث يكفي أن نقول ثمة لقلق يطير بحرية من فوق مأذنة وهناك أمرأة في غرفة معتمة تشعر بالأنسحاق والألم الجسدي لكثر ما تاجر بها الرجال
#سعيد_حاشوش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مكنسة الجنة لمرتضى ﮔزار...رواية ذاتية التوالد
-
رصد مدفعي
-
مذكرات بائع جوال في إحدى صباحات الدولفين
-
اضغط على الزر واشعر بالقوة
-
صورتي الرائعة
-
الوجهاء
-
قوس قزح أبيض...قصة قصيرة
-
نحن الحطب بعد شتاء أكلتنا الأرضة
-
اليحامير
المزيد.....
-
توم يورك يغادر المسرح بعد مشادة مع متظاهر مؤيد للفلسطينيين ف
...
-
كيف شكلت الأعمال الروائية رؤية خامنئي للديمقراطية الأميركية؟
...
-
شوف كل حصري.. تردد قناة روتانا سينما 2024 على القمر الصناعي
...
-
رغم حزنه لوفاة شقيقه.. حسين فهمي يواصل التحضيرات للقاهرة الس
...
-
أفلام ومسلسلات من اللي بتحبها في انتظارك.. تردد روتانا سينما
...
-
فنانة مصرية شهيرة تكشف -مؤامرة بريئة- عن زواجها العرفي 10 سن
...
-
بعد الجدل والنجاح.. مسلسل -الحشاشين- يعود للشاشة من خلال فيل
...
-
“حـــ 168 مترجمة“ مسلسل المؤسس عثمان الموسم السادس الحلقة ال
...
-
جائزة -ديسمبر- الأدبية للمغربي عبدالله الطايع
-
التلفزيون البولندي يعرض مسلسلا روسيا!
المزيد.....
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ أحمد محمود أحمد سعيد
-
إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ
/ منى عارف
المزيد.....
|