أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - ابراهيم علاء الدين - لماذا فشل الشيوعيون العرب (2)















المزيد.....

لماذا فشل الشيوعيون العرب (2)


ابراهيم علاء الدين

الحوار المتمدن-العدد: 2619 - 2009 / 4 / 17 - 11:15
المحور: في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
    


انتهينا في الجزء الاول عند الاشارة الى ان عدم ايمان الاحزاب الشيوعية بالديمقراطية الليبرالية افقدها القدرة على ايجاد حلفاء لها من حملة الافكار الاخرى، ففيما تعتبر الديمقراطية نظاما سياسيا اجتماعيا، السيادة فيه لجميع المواطنين، الذين يشاركون بحرية في وضع التشريعات التي تنظم الحياة العامة، واركانها الاساسية حكم الشعب، والمساواة، والحرية الفكرية. فيما وتعتبر الليبرالية هي نظرية سياسية تقوم على ان المجتمع يتكون من افراد لا طبقات، واهم اركانها: الحق في الحياة والسلامة الشخصية ، التحرر من العبودية ، حرية التنقل ،المساواة أمام القانون و أن تأخذ العدالة مجراها في ظل سيادة القانون ، حرية الكلام ، حرية الصحافة و الحصول على المعلومات من مصادر متنوعة للمعلومات ، حرية الإنتساب للجمعيات و التجمع ، حرية التعليم ، حرية الدين ، وجود قضاء مستقل ، الحق في اتملك وفي البيع و الشراء.
بينما اعتنقت الاحزاب الشيوعية المبدأ الماركسي القائم على حصر الديمقراطية في الطبقة العاملة، باعتبار الطبقات الاخرى عدوة للشعب يجب استئصالها والقضاء عليها.
ويعتبر حزب الطبقة العاملة (الحزب الشيوعي) هو الحزب القائد، وقادة الحزب القائد هم قادة الشعب، ويقوم النظام الانتخابي لقادة الاحزاب الشيوعية على اساس المركزية الديمقراطية التي تقوم على وجود مركز واحد يقود الحزب الشيوعي داخل الدولة و خارجها ، يتم انتخاب كافة هيئات الحزب من القاعدة للقمة .
ونظام المركزية الديمقراطية هو مبدأ تنظيم ونظام قيادي للحزب الشيوعي. ومعناه الأساسي هو الجمع بين المركزية على أساس الديمقراطية والديمقراطية التي توجهها المركزية. وتنص النظم الداخلية للاحزاب الشيوعية على المباديء الاساسية لنظام الديمقراطية المركزية، والتي تقول انه يجب على عضو الحزب الخضوع للمنظمات الحزبية، وعلى الاقلية الخضوع للاكثرية، والمنظمات الدنيا للمنظمات العليا، وجميع اعضاء ومنظمات الحزب تخضع للمؤتر العام، والى اللجنة المركزية، ويتم اختيار قادة اجهزة الحزب من خلال الانتتخاب، وعلى منظمات الحزب الاعلى الاستماع الى اراء المنظمات الادنى.
وهذا النظام الديمقراطي الصارم هو الذي يمكن بمقتضاه الحفاظ على وحدة الحزب اللينيني بحيث يحرم تحريما نهائيا أي نوع من التكتل وأي نوع من الخلاف بالرأي داخل الحزب، وعلى جميع الأعضاء ان ينصاعوا دون نقاش الى ما تفرضه قيادة الحزب من اراء ومواقف ورؤى سياسية او فكرية او في اي مجال اخر.
واذكر على سبيل المثال حادثة شخصية حين دعيت في مرحلة مبكرة من العمر الى الانضمام للحزب الشيوعي الاردني، وقد اعطاني الشخص الذي يسعى لتنظيمي بالحزب واعتذر عن ذكر اسمه لعدم استشارته كتيب صغير للينين، وطلب مني قرائته جيدا لانه سوف يناقشني به الاسبوع المقبل.
وفي الموعد المحدد وبعد اتخاذ سلسلة من الترتيبات الامنية وجدت نفسي في المكان المحدد ومعي اربعة من الشباب اعمارهم تقارب عمري، وبدأنا بمناقشة ما تضمنه الكتيب، كل بدوره، وعندما جاء دوري سألت المسؤول قائلا : وما الذي يجعلني اؤمن بان ما جاء بالكتيب صحيحا ..؟؟؟
فقال باستغراب .. ان هذا الكتيب يلخص أهم كتب لينين قائد ثورة اكتوبر العظمى، ومؤسس الاتحاد السوفياتي العظيم، فكيف لك ان تتفوه بما تفوهت به..؟؟ وزجرني بحدة قائلا ما يحتويه الكتيب هو اعظم ابداعات المفكر الثوري لينين، وان علي فقط ان احفظ ما جاء به، ولقنني درسا بالخضوع فيه الكثير من اللوم.
لكنني فاجئته ما ان انتهى من حديثه بالقول .. هذا ما تقوله انت فما الذي يجعلني اصدق ما تقول..؟؟
بعدها عاداني الرجل ويبدو انه عمم عداؤه لي لدرجة ان احد اصدقائي ممن انضم للحزب قاطعني وانتهت صداقتنا التي بدأت من الصف الثاني الابتدائي.
وحصل ما يشبه ذلك في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي انتميت اليها بعد ان رفضني الحزب الشيوعي، فقد حصل ان كان جواز سفري محجوزا لدى امن الدولة، وجائتني رسالة في تكليفا للسفر الى بلد مجاور، فلم استطع بسبب عدم وجود سفر، فاتهمتني الجهة المسؤولة بالجبهة بعدم الالتزام بتنفيذ الاوامر، وقررت تجميدي من التنظيم، وعندما ابديت احتجاجي على ما اعتبرته تعسفا، اتهمتني القيادة التي اتبعها بانني اقوم بعمل تكتل وامهد لانشقاق بالجبهة وقررت فصلي من التنظيم.
فالديكتاتورية الداخلية في الاحزاب الشيوعية كانت من اهم الامراض التي شلت قدرات تلك الاحزاب ودفعت كل اصحاب المبادرات الفردية والابداع الفردي الى خارج صفوف الاحزاب الشيوعية خصوصا واليسارية عموما، وشكلت هذه الدكتاتورية احد اهم العوامل في فشل الاحزاب الشيوعية.
ففي الوقت الذي ادت هذه الدكتاتورية الى ما تسميه الاحزاب الشيوعية الى تساقط الرفاق جماعات وافرادا، فانها في نفس الوقت خلدت قياداتها ، وكرست الامناء العامون قادة ابديون ومنحتهم منزلة الالهه، واعضاء المكاتب السياسية منزلة القديسين، واعضاء اللجان المركزية منزلة حكماء العصر الذين لا ياتيهم الباطل من امامهم او خلفهم.
ونادرا ما غادر اي منهم موقعه القيادي الا بمغادرة الحياة الدنيا باسرها، مما حال دون تداول المناصب القيادية داخل الحزب، ووضع اسوارا عالية حالت دون الاستفادة من طاقات اعضاء الحزب، وبقي الجندي جنديا والضابط ضابطا، الصغير صغيرا والكبير كبيرا.
وفي الوقت الذي تنتقد فيه الاحزاب الشيوعية دكتاتورية النظم الحاكمة وتتهمها بالرجعية، وتوجه نيران نقدها لاحتكار السلطة، فان متوسط احتفاظ القائد الشيوعي بمنصبه القيادي بلغ 30 عاما على الاقل، اما القادة المؤسسون فلا يتخلوا عن مناصبهم ابدا طالما هم على قيد الحياة.
وهذا جعل الاحزاب الشيوعية كتلة بشرية متكلسة متقوقعة، تقودها قيادات هرمة من الماركسيين الشيوخ، واغلقت السبل امام الشباب الحزبيين ولم تترك لهم مجالا او فرصا للارتقاء التنظيمي، او الصعود لمراتب تنظيمية اعلى، مما ادى بهم الى هجرة مواقعهم الحزبية، وترك الحزب للشياب فتقوقعت الاحزاب الشيوعية، وفقدت القدرة على النمو والتطور، مما عزلها عن الجماهير، وجعل منها احزابا للنخبة، محدودة الاثر في اوساط الجماهير.
ومن المنطقي في ظل هذا المناخ من فقدان الديمقراطية الداخلية، ان تتراجع قدرتها الكفاحية الجماهيرية منها والسياسية، وفي نفس الوقت تفتقد القدرة على احداث تطور فكري او سياسي، مما يؤدي الى الجمود على الصعيدين، مما دفع كوادر واعضاء الاحزاب الشيوعية الى الاستعاضة عن فقدان الحيوية الفكرية والسياسية الى حفظ النصوص الماركسية واللينينية، حتى بدا ان معيار الوعي الفكري ومن ثم السياسي مرهون بحجم ما يحفظه من نصوص، وقدرته على تردادها، فباتوا لا يختلفوا عن اتباع تيارات الاسلام السياسي باسخدامهم ايات القران والاحاديث النبوية في حواراتهم لتبرير موقف او التحريض على اتخاذ موقف او البرهنة على صحة موقف.
ولما اعترضت في احدى السجالات مع عدد من الرفاق الشيوعيين حول كثرة الاستشهاد بمقولات ماركس ولينين، وضغطت عليهم بان هذا دليل ضعف وليس دليل قوة، قال احدهم ان الماركسية تمتلك اجابات على كل ما يجري في هذا العالم، وفيها حلول لكل المشاكل التي تواجه البشرية، وانه يكفي ان اقرأ عددا من كتب لينين حتى اتمكن من فهم كل ما يجري في هذا العالم.
ويكاد يكون جوابه مطابقا لما يقوله شيوخ الاسلام السياسي، ولم يكن ذلك ليكون لو ان الاحزاب الشيوعية اتاحت المجال لديمقراطية داخلية تتفاعل فيها الافكار بحرية، فلربما لو حدث ذلك لتمكن بعض المفكرين من الشيوعيين العرب ان يضيفوا الى الماركسية اضافات قيمة، وتمكنوا من استخدام المباديء الماركسية في وضع برامج عملية حقيقية تؤدي الى تغيير حقيقي على الارض، بدلا من الاكتفاء بالدور التنظيري، والاستذة الفكرية، واعتقادهم بانهم يمتلكوا مفاتيح الجنة الارضية الموعودة.


وللحديث بقية



#ابراهيم_علاء_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا فشل الشيوعيون العرب (1)
- ليس دفاعا عن الدكتور حجي .. او تهجما على شخص النمري..
- المسيحية اهانت المرأة اكثر مما اهانها الاسلام
- دونية للمرأة المسلمة في الدنيا وفي الجنة
- حوريات الجنة والجنس في تسويق الدين
- اوصاف الحور العين تشكك بعالمية الدين الاسلامي
- كونوا سادة الدنيا فالحلول لن تأتي من السماء
- شكرا دكتور طارق حجي والى كل النبلاء
- زعماء العرب في سوق عكاظ الدوحة
- التوبة القطرية .. ومأزق الاسلام السياسي
- الدكتورة تسرق.. والاعلامية تنافق
- الاسلام السياسي بلا فائدة
- اليسار والمولد والحمص
- المرأة الفلسطينية المتوحشة
- اليسار الراديكالي عدوا للديمقراطية ايضا
- نتنياهو يساري متطرف مقارنة بالزهار او الطاهر
- الاسلام السياسي عدوا لدودا للديمقراطية
- حماس لا تؤمن بالديمقراطية فكيف تحاورونها ..؟؟
- 20 بالمائة من بنات العرب في مهب الريح
- اوهام الحوار الفلسطيني والمصالحة القبلية


المزيد.....




- مصدران لـCNN: مسؤولون من مصر وإسرائيل وأمريكا يناقشون الأحد ...
- باحث مصري يعلق على تصريحات مسؤول إثيوبي بشأن مخططات بناء سدو ...
- وزير هولندي يسعى لمنع ممارسة الناس لليوغا مع الكلاب والقطط
- جنوب أفريقيا: -المؤتمر الوطني- يفقد أغلبيته المطلقة لأول مرة ...
- أوكرانيا بدأت بتجنيد حتى أتباع -هاري كريشنا- (فيديو)
- بالفيديو.. الجيش الروسي يدمر مواقع تابعة للجيش الأوكراني
- للمرة الأولى.. الحزب الحاكم في جنوب إفريقيا يفقد الأغلبية با ...
- تقرير عبري عن خطوة خطيرة اتخذتها إسرائيل لاستفزاز مصر واختبا ...
- -إنها لحظة حساسة جدا-.. إيطاليا تحذر من خطوات -متسرعة- بشأن ...
- صحيفة: تصاعد الغضب في ألمانيا ضد شولتس بسبب مواقفه من أوكران ...


المزيد.....

- عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها / عبدالرزاق دحنون
- إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا ) / ترجمة سعيد العليمى
- معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي / محمد علي مقلد
- الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة ... / فارس كمال نظمي
- التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية / محمد علي مقلد
- الطريق الروسى الى الاشتراكية / يوجين فارغا
- الشيوعيون في مصر المعاصرة / طارق المهدوي
- الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في ... / مازن كم الماز
- نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي / د.عمار مجيد كاظم
- في نقد الحاجة الى ماركس / دكتور سالم حميش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - ابراهيم علاء الدين - لماذا فشل الشيوعيون العرب (2)