أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الرديني - آه يامطر الداغر














المزيد.....

آه يامطر الداغر


محمد الرديني

الحوار المتمدن-العدد: 2619 - 2009 / 4 / 17 - 09:55
المحور: الادب والفن
    


في غير عالمنا العربي سعت الشعوب إلى رمي الدكتاتوريين والدكتاتورية في المتاحف، وفي غير عالمنا العربي لم يعد الحديث في السياسة مقتصرا على الرجال، المهم أنهم نبذوا مفاهيم كثيرة وأولها "غطرسة الرجل".
لو تتبعنا شجرة الدكتاتورية لدى الرجل العربي لوجدنا أن جذرها يبدأ حين يتخطى الخامسة من عمره، وفي هذه السن يكون عليه مرافقة أخته الكبيرة - أو الصغيرة - الى الأماكن العامة ليس خوفا عليها وإنما لمراقبتها والتأكد من انها "لا تبص" إلى الآخرين، بمعنى أدق أنه مشروع مخابرات "سلطوي" سينمو في المستقبل ليصبح قابلا للتنفيذ. ويتزوج هذا الفتى الغر ليتولى منصبه الجديد - الوصي على زوجته - وتتشعب مسئولياته حين يرزق بأولاد وبنات، ولكل من الجنسين معاملة خاصة: قائمة من الممنوعات طويلة عريضة تقدم إلى البنات وقائمة ليست مماثلة تقدم إلى الأولاد. وتنفتح في مخ الزوج أقسام جديدة مهمتها مراقبة تنفيذ متطلبات هذه القائمة وإصدار العقوبات بحق المخالفين، وتتنوع العقوبات وليس أقلها الضرب والتوبيخ. ويكتسب هذا الزوج مثالب كثيرة، فهو لا يعرف فن الإصغاء إلى الآخر، ولم يتعلم متى يتكلم ومتى يسكت، ولكنه تعلم أن الصوت العالي هو أنجح الوسائل لإخافة الآخرين، و...
وتحدث الطامة الكبرى، فهذا الزوج وفي غفلة من التاريخ يتسلم السلطة عبر انقلاب يقوم به مع رفاقه، ويجد نفسه رئيس دولة لها سيادة كاملة، ويبدأ منذ الليلة الأولى من تسلمه رفع شعار: "كل أفراد الشعب أبنائي". يقولها من دون أن يكمل بقية الكلام، ولكنه يقول في سره: "سأعاملكم كما عاملت أبنائي وبناتي...!".
ويعكف رئيس الدولة الجديد على تنقيح قائمة الممنوعات التي أصدرها حين تخطى الخامسة من عمره لتشمل مواد وبنودا جديدة ليس أقلها كتابة كلمة "لا" على كل حيطان الدولة.
وانت يا مطر الداغر، ربما لا تستطيع أن تقرأ هذه الكلمات، وحتى لو قرأت اسمك في أعلى الصفحة ستمط بوزك ساخرا - كعادتك - ولسان حالك يقول ما قلته منذ ثلاثين سنة: "اتركوني فأنا مشغول بالفرح".
نعم يا مطر أنت مشغول بالفرح... ولكنك لم تعد تسمع "حضيري أبوعزيز" ولا "ياس خضر". مع أول خيوط الفجر كنت تمتطي "مشحوفك" - قاربك الصغير - وتختفي مع مياه الاهوار ويظن أحبابك أنك ذاهب للعمل فقد كنت صيادا ماهرا للأسماك، ولكنك كنت تسخر منهم في داخلك... كنت تبحث عن "اقبال"، ذلك الوجه الذي تدخل "تلابيبه" إلى صمامك الأيمن ثم الأيسر ثم كل الشرايين وبعدها كل الاوردة ويعطرك برائحة الشلب - نوع من الرز - والبردي... كنا نعرفك حالما، ثلاثون سنة وأنت تحلم بذلك الوجه... تسامره ليلا وتسمعه أجمل القصص، وكان أحبابك يخافون عليك من أحلامك، يقولون إن زمن الحلم ثوان معدودات، وحلمك أنت ثلاثون سنة، كنت خلالها ترسم ضحكة وجهها على الرمال كما يرسم الأطفال بيوت الرمال على شاطئ البحر، كان وجهها هو الذي عشت من أجله. وما بين نفسك ونفسك كنت تقول: ليس لدي الا الكلمات فهل من معين؟
وفي كل يوم وحين تتوسط الشمس كبد السماء وتشتد حرارتها كنت ترتكن بين أغصان قصب السكر وتنتظر، يأتيك صوتها الضاحك من بعيد، تتمايل أغصان البردي وتنفرج أساريرك وتحس بنفسك خفيفا... خفيفا إلى حد أنك على وشك أن تطير، تطير إليها وتقول: يا إقبال، يا ذلك الوجه الضحوك، من يستطيع مثلك أن يملك الشجاعة هذه الأيام ويضحك، اضحكي أنت... اضحكي يا إقبال وسأظل أنا مثلك "مشغولا بالفرح"، ولكن إلى حين.



#محمد_الرديني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بلد مسالم استغنى عن حكومته
- أين الربان ايها السادة
- رسالة الى السيدة الاولى
- عن المخصيين والعنينين
- ذات الاهتمام المشترك
- الله شاعر
- حمامات دجلة
- اطفال الجنة ... قتلى وسفاحون
- طيور الجنة ... قتلة وسفاحون
- اين انت يا سلفادور دالي
- الحمار
- الزلابيا حرام ياناس
- البطة واسامة بن لادن
- حين يعتذر القاضي
- شخصيات ...مشروع رواية
- ميوشة تسمع عن الاتفاقية الامريكية العراقية
- عزازوالله عزاز
- دودة الارض اعظم منكم جميعا
- سيارتي تكره امريكا
- الى الشيخ عيسى قاسم... انتبه لاتكن عنتريا مثلهم


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الرديني - آه يامطر الداغر