أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد الرديني - عزازوالله عزاز














المزيد.....

عزازوالله عزاز


محمد الرديني

الحوار المتمدن-العدد: 2398 - 2008 / 9 / 8 - 03:32
المحور: المجتمع المدني
    


جاءني صباح امس مشعث الرأس , عيناه حمراوتان , اصفر الوجه يداه ترتعشان وقد بدا اكبر من عمره بسنوات . استأذنني في الدخول وارتاح على الكرسي وطلب كوبا من الماء.
انتظرت حتى يهدأ لاسأله عما به , لم ينتظر هو بل بادرني قائلا:
- ليلة امس رغبت في سماع اغنية عراقية واستقر رأيي على سماع اغنية عزاز لياس خضر وبالتحديد المقطع الذي يشير الى حنين الحمام الى نهر دجلة ولم تمض دقائق حتى جاء ابني الذي احتفل بعيد ميلاده الحادي عشر قبل ايام قضاها كلها خارج العراق ولولا صرامتي في ضرورة التحدث بالعربية داخل البيت لنساها منذ سنوات , جاء ليقول لي ماهذه الاغنية انها تبدو وكأن صاحبهي يبكي ولا يغني , انها تبعث على الاكتئاب.
احترت ماذا اقول له , هل اقول له ما تقوله صحيح واننا جيل البكاء والحزن واللطم ام اقول له اننا نشتري الحزن فمن يبيع ام اقول له اننا قوم لانتفاءل بالفرح فهو علامة شؤم لنا.
و في حينها تذكرت وكان ذلك في منتصف السبعينات حين نظمنا حملة صحفية لشن الحرب على الاغاني الحزينة وطالبنا باغان يرتعش لها القلب فرحا والشفاه ارتعاشا , قلنا اننا نريد اغان تجعل من يومنا وردة جوري ومن ليلنا قداح وما كنا ندري اننا كنا نحلم بل وما كنا ندري اننا نصدم رأسنا بجبل يشبه احد جبال طوروس فقد طلع علينا احد المغنين بعد ذلك ليصدح من ميكروفون الاذاعة قائلا: ( يكولون غني بفرح وانا الهموم بجاي) . كان ردا حاسما وقاسيا جعلنا نحن جماعة حملة اغاني الفرح نلتجأ الى اقرب بار لنغطس فيه روؤسنا.
وتذكرت ايضا ان قارىء "المقتل" في عاشوراء لم يكن مطلوبا اذا لم يبالغ في تفاصيل قتل الامام الحسين وخصوصا تقاصيل قطع الرأس هذا عدا التمثيل بالاخرين وخصوصا ذلك الرضيع وكيف يموت بعض المناصرين من العطش بعد ان تتقاذفهم الاسهم من كل صوب.
وتذكرت ايضا ان احد "الملالي" اراد ان يكون تقدميا في تلك المناسبة فقدم صورة حقيقية عن حرب كربلاء بين جنود يزيد وجند الامام الحسين ولم تمض دقائق حتى انفض القوم عنه وحين سأل احدهم عن سبب ذلك قال له ساخرا "ان لم تستطع ان تبكينا ففتش عن وظيفة اخرى" فرد الملا قائلا : ولكني قلت الحقيقة . فضحك ذلك الرجل وقال له جئنا لنبكي ولا نريد ان نستمع الى الحقائق , كل واحد منا جاء ليبكي على مصيبته ومن النادر ان تجد احدنا يبكي على الحسين.
وطال انتظار ولدي فهو يريد الجواب المقنع بعد ان تعلم ان المنطق هو الذي يحكم الاشياء هنا.
قلت له: يابني ان هذه الاغنية تتحدث عن الشوق والحنين الى الوطن وحين تكبر قليلا ستعرف ان الوطن لايجاريه في الحب شىء , انه نبض يضاف الى نبض القلب , انه الصمام الابهر الذي يستلم الدم ولايجعله يخرج منه .. انه رعشة ذلك المحب الذي ينتظر حبيبته في ليلة شتوية باردة وحين يراها عن بعد يحس بان قلبه يكاد يقفز من ضلوع صدره... انه تفاصيل حياة يومية تبدأ من باب المعظم وتنتهي عند الجسر المعلق ثم تعود الى سوق العورة ومريدي وجامع سيد حسين وحي وراء السدة وصدر القناة. ولأني اعرف انه قد لايفهم شيئا مما اقول فقد كنت مقتنعا باني اقول ما بقلبي ولانه سيفهم ذات يوم هذا الكلام.
كنت بطبيعتي احسن الاصغاء ولكني هذه المرة شردت الى البصرة حيث مقهى ابو مضر ومعارك المثقفين الادبية وتومان الذي يعزف بانفه مناديا على احدث الافلام المعروضة وسوق المغايز "الهنود" حيث رائحة التوابل تنعش القلب وحيث خالد البصري الذي يلف على المكتبات يفتش عن احدث ماصدر مصرا منذ سنوات طويلة على التحدث باللغة العربية الفصحى وبعد ان يتعب من اللف والدوران يسرع الى تمثال السياب ليرتاح اسفل الدكة مناجيا اياه , وحين نمر من امامه وكل واحد منا يحمل رغيف خبز حار يقول لنا : ساصل ذات يوم الى ما وصل اليه السياب وينتحي فلاح الرسام زاوية قريبة ليرسم خالد في جلسته العشوائية تلك بينما يستعد اثنين من المشاكسين في اكمال قصة مترجمة من خيالهما ليبعثاها الى مجلة في بغداد بعد ان رفضت هذه المجلة نشر قصصهما الحقيقية لانهما خارج بغداد.
قال صاحبي: اراك ساهما ولم تستمع الي كما اظن.
قلت له: بالعكس ياصديقي فقد تهت معك في هذا الزمن الاغبر, زمن اللحى والمحابس ذات الفص الازرق والعمائم الملونة القادمة من طهران واصحاب الدشاديش القصيرة القادمين من السعودية واصحاب الملايين الذين لايبخلون على متبرع بقتل الاولاد في الشوارع وجز روؤس الرجال في الاعراس والاسواق العامة . انه ياصديقي زمن ردىء.



#محمد_الرديني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دودة الارض اعظم منكم جميعا
- سيارتي تكره امريكا
- الى الشيخ عيسى قاسم... انتبه لاتكن عنتريا مثلهم
- عيد الحب حرام عند مفتي السعودية ..ياناس
- امي والله
- متى يلتقي الضدان، بن لادن ومهدي المنتظر
- لماذا لايحب المسلمون الحب ..؟
- امرأة تبحث عن -حوري- في الجنة
- رسالة الى الله.. صداقتي قيد التنفيذ
- ميوشة تعلن الحرب على القاعدة
- الى علاء مهدي ... رد هادىء جدا
- سحقا لكم .. ماذا تفعلون؟
- يامعود يا حكومة
- ميوشة تصحو على - الصحوة-
- ببغاوات في السعودية عمرها قرون
- مشهد سريالي
- الكويت بضاعة فاسدة في مغلف انيق
- ساتوكل على الله واغازلكم , الى كل الذين يعملون بصمت في الحوا ...
- تصريح زوج فتاة-القطيف- كفر والحاد
- خسئتم والله يا اصحاب اللحى


المزيد.....




- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...
- اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط ...
- الأمم المتحدة تستنكر -تعمد- تحطيم الأجهزة الطبية المعقدة بمس ...
- يديعوت أحرونوت: حكومة إسرائيل رفضت صفقة لتبادل الأسرى مرتين ...
- اعتقال رجل في القنصلية الإيرانية في باريس بعد بلاغ عن وجود ق ...
- ميقاتي يدعو ماكرون لتبني إعلان مناطق آمنة في سوريا لتسهيل إع ...
- شركات الشحن العالمية تحث الأمم المتحدة على حماية السفن
- اعتقال رجل هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإيرانية بباريس


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد الرديني - عزازوالله عزاز