أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد الرديني - حين يعتذر القاضي














المزيد.....

حين يعتذر القاضي


محمد الرديني

الحوار المتمدن-العدد: 2403 - 2008 / 9 / 13 - 02:55
المحور: المجتمع المدني
    


هاتفني صديق عزيز تربطني به علاقة قديمة طالبا ان يزورني في البيت فرحبت به كالعادة رغم انني اعرف انه يحمل هما يريد فضفضته وازاحته عن صدره لاني كما يقول معظم الاصدقاء هنا اني (حمال الآسية) وكما قالت لي امي قبل 30 سنة ان ملامح وجهك يابني تشجع الآخرين على البوح بهمومهم , في البداية لم اصدق الحكاية واعتبرتها موقعا مو مواقع خارطة حنان الام التي تستدل بها ولكن حين استقر بي المقام في اوكلاند جنة نيوزيلند ادركت ان بعض ما قالته امي صحيح.
وحين استقر بصديقي المقام بادرني بالقول:
" انت تعرف اني دكتور في علم النفس وحين قدمت الى نيوزيلندا وجدت ان فرص العمل في اختصاصي معدومة تماما الا من فرصة واحدة هي ان اقدم لامتحان مدته اربعة شهور وادفع مبلغ 6 ألاف دولار وفرصة نجاحي فيه ضئيلة لان الفارق بين ثقافتنا وثقافتهم في هذا المجال كبيرة جدا, واقتنعت بالعيش على راتب المعونة والتفرغ للقراءة بعد ان اجتزت الستين من العمر.
كنت اعرف هذه التفاصيل وكأنه عرف مايدور بحلدي فقد اكمل قائلا:
" صبرا علي ياصديقي فقد شجعني احد الاصدقاء ذات يوم على العمل كسائق اجرة واستنكرت الامر في البداية فانا اعلم كيف هو حال (سواق) التاكسي في بلادنا ولكنه قال ببرود هنا الامر يختلف وهاانت تراني اعمل كسائق تاكسي منذ اكثر من سنة وافادتني هذه المهنة بالاختلاط بانواع من البشر لم اكن استطع ان التقي بهم في غير هذا المجال. طلبت منه ان افكر في الامر ووافق على ذلك.

وافقت بعد تفكير عميق , ولاْن كل مهنة في نيوزيلندا تتطلب دورة وشهادة فقد سجلت في احد المعاهد المختصة وبدأت في تعلم قراءة الخرائط واسماء الشوارع في اوكلاند وضواحيها وكيفية التعامل مع الركاب وماهي حقوقهم وماهي بالمقابل حقوق السائق. معلوات كثيرة اخرى تعلمتها طيلة 6 اشهر هي مدة الدورة, تخرجت بسلام وكان علي في الخطوة التالية ان اعلن اسمي في الجريدة الرئيسية في اوكلاند طالبا من اي شخص لديه اعتراض ان يتقدم بذلك الى المحكمة خلال 10 ايام من تاريخ النشر .
قلت له بقليل من الصبر: اني اعرف كل هذا .
رد قائلا : صبرك ياصديقي فهذه التفاصيل ضرورية لمعرفة الخبر المهم. بعثت الاعلان الى الجريدة وهو عادة لايكلف اكثر من 300 دولار نيوزيلندي ولكني تفاجأت بالفاتورة المرسلة تضمنت 1000 دولار , واكتشفت انهم نشروا الاعلان 3 مرات في نفس الصفحة, حاولت توضيح الامر لهم ولكن الذي رد على التليفون كان متعجرفا يابس الرأس واوجز بالقول انه علي ان ادفع المبلغ بالكامل. فما كان علي سوي مقاضاتهم في المحكمة المختصة وتم تحديد موعد المحاكمة وحضرت الى القاعة لاجد سيدة وقورة تعدت الخمسين من العمر يرتاح النظر اليها صافحتها وهذه هي المرة الاولى في حياتي التي اصافح فيها قاضيا ( اقصد قاضية) جلسنا وحيدين انا وهي فمندوب الجريدة لم يحضر وطلبت مني توضيح الامر فشرحت بالتفصيل ما حدث, ورأت الجريدة كدليل على عدم تنسيق العاملين في قسم الاعلان فيما بينهم وبعد ان عرفت التفاصيل اتصلت هاتفيا برئيس التحرير وشرحت له الامر وقالت له ان الحكم الصادر الان هو ان يدفع المشتكي قيمة اعلان واحد وبعد شهر من الآن ويبدو ان رئيس التحرير وهو برتبة وزير اذعن للامر وانتهت المكالمة على هذاالنحو.
اثلج صدري هذا الحكم ولكن الذي حدث بعد ذلك ان القاضية نهضت وصافحتني وقالت بالحرف الواحد:
" ارجو ان تقبل اعتذاري عن كل ما حدث لك.
لم ادر ماذا اقول , شعرت بالارتباك والخجل , قاضية تعتذر مني لخطأ ارتكبه الاخرون انها قمة اللحظات الانسانية .وكعادتي في مثل هذه اللحظات اقول كلاما غير مفهوم ولكني استطعت ان اوصل اليها كلمات قليلة فهمت هي منها انها تعتذر عن الاخرين وهذه قمة الشعور بالكرامة, طلبت مني ( وهذه هي الطامة الكبرى) ان اشرح لها ماذا اعني .
قلت لها:
" في بلادنا نحترم القاضي الى حد الاجلال ولكننا لاننتظر منه ان يعتذر عن اخطاء الآخرين ولم يحدث ان اعتذر احدهم لمدعي في قضية ما ولهذا تجدينني ليس سعيدا فقط وانما احس الآن مثل عصفور الدوري الذي لايستقر في مكان من شدة حبه للحياة ... انه يركض هنا وهناك لايمل من القفز لانه سعيد بيوم جديد وارجو الا تسأليني المزيد فان لغتي عاجرة عن توصيل ما اريد.
ضحكت القاضية وشعرت انها فهمت ما اريد ان اقول ولكنها اصرت على الاعتذار ثانية. غادرت قاعة المحكمة وانا اشعر ان العالم كله بيدي فليس من السهل ان تسمع في حياتك قاض يعتذر اليك.



#محمد_الرديني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شخصيات ...مشروع رواية
- ميوشة تسمع عن الاتفاقية الامريكية العراقية
- عزازوالله عزاز
- دودة الارض اعظم منكم جميعا
- سيارتي تكره امريكا
- الى الشيخ عيسى قاسم... انتبه لاتكن عنتريا مثلهم
- عيد الحب حرام عند مفتي السعودية ..ياناس
- امي والله
- متى يلتقي الضدان، بن لادن ومهدي المنتظر
- لماذا لايحب المسلمون الحب ..؟
- امرأة تبحث عن -حوري- في الجنة
- رسالة الى الله.. صداقتي قيد التنفيذ
- ميوشة تعلن الحرب على القاعدة
- الى علاء مهدي ... رد هادىء جدا
- سحقا لكم .. ماذا تفعلون؟
- يامعود يا حكومة
- ميوشة تصحو على - الصحوة-
- ببغاوات في السعودية عمرها قرون
- مشهد سريالي
- الكويت بضاعة فاسدة في مغلف انيق


المزيد.....




- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا
- شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق ...
- الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير
- صحف عالمية: خيام غزة تخنق النازحين صيفا بعدما فشلت بمنع البر ...
- اليونيسف تؤكد ارتفاع عدد القتلى في صفوف الأطفال الأوكرانيين ...
- يضم أميركا و17 دولة.. بيان مشترك يدعو للإفراج الفوري عن الأس ...
- إيران: أمريكا لا تملك صلاحية الدخول في مجال حقوق الإنسان


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد الرديني - حين يعتذر القاضي