أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - لا تجريم لإسرائيل حتى تعترف هي بجرائمها!















المزيد.....

لا تجريم لإسرائيل حتى تعترف هي بجرائمها!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2615 - 2009 / 4 / 13 - 08:56
المحور: القضية الفلسطينية
    


هل من أعمال يمكن أن توصف بأنَّها "جرائم" قام بها الجيش الإسرائيلي في أثناء حربه الأخيرة في قطاع غزة؟

الإجابة، حتى الآن، هي "كلاَّ"؛ أمَّا "السبب" فهو أنَّ إسرائيل نفسها لم تأتِ بأيِّ دليل لا ريب في صحَّته على أنَّها قد ارتكبت "جرائم" هناك؛ وليس من دليل يُعْتَدُّ به، وينتظره العالم، لعلَّه يَقْتَنِع، سوى أن تعترف هي بنفسها بأنَّها قد ارتكبت هذا النوع، أو ذاك، من "الجرائم"، فإذا اعترفت، لشعورها، ولاشتداد شعورها، بـ "الذنب"، ولرغبةٍ منها في بلوغ مزيدٍ من "النقاء الأخلاقي"، فربَّما، عندئذٍ، يعفو عنها "المجتمع الدولي"، عملاً بمبدأ يفوق "القانون الدولي" أهميةً، وهو مبدأ "الاعتراف بالذنب فضيلة"!

وعملاً بهذا المبدأ، أيضاً، يمكن، عندئذٍ، مقاضاة فلسطينيين لم يملكوا "جرأة أخلاقية مماثلة"، وعجزوا، بالتالي، عن الإتيان بـ "فضيلة الاعتراف بالذنب".. ذنب ارتكابهم "جرائم" في حق مدنيين إسرائيليين في سديروت وغيرها، ولو أنَّ "جرائمهم"، في معظمها، كانت من نوع "الترويع"، مع ما يتسبَّب به من تعكير لصفو الحياة الاقتصادية في المناطق الإسرائيلية المحاذية لقطاع غزة!

في قطاع غزة، ارْتُكِبَت "جرائم"؛ ولكنَّ "مبدأ السببية" يبرِّئ ساحة الجيش الإسرائيلي، فهذا الجيش، ولـ "سبب فلسطيني صرف"، لم يستطع، مهما بذل من جهد، تمييز "المدني" من "العسكري" من الأهداف، أو أنَّه لم يستطع ذلك بما يكفي لدرء مخاطر الحرب، كليِّاً أو جزئياً، عن المدنيين، فالمقاتلون الفلسطينيون كانوا مع أسلحتهم وذخائرهم بين المدنيين، وكأنَّهم يتَّخِذون منهم "دروعاً بشرية"، يحتمون بها من نيران الجيش الإسرائيلي، الذي لم يترك له هذا الواقع القتالي من خيار سوى أن يَضْرِب "الهدف العسكري"، مُلْحِقَاً، بالتالي، وبالضرورة، خسائر بالمدنيين، كان يمكن ألاَّ تقع لو أنَّ هؤلاء المقاتلين خرجوا مع أسلحتهم وذخائرهم من المناطق المأهولة.. أي لو أنهم قاتلوا من خارج قطاع غزة!

وتتحدَّى إسرائيل أي جيش في العالم أن يكون قادراً، في قطاع غزة، أكثر من جيشها على التزام القانون الدولي للحرب لجهة دعوته المتحاربين إلى تمييز الهدف المدني من الهدف العسكري، فإذا اقتنع "المجتمع الدولي"، والمنادون منه بمراعاة القوانين الدولية للحرب، والتقيُّد بها، بتعذُّر، أو باستحالة، "التمييز"، فلا بدَّ، عندئذٍ، من الكفِّ عن توجيه الاتِّهام إلى إسرائيل بأنَّها انتهكت وخرقت القانون الدولي للحرب، في جانبه هذا، وكأنَّها أرادت التزامه، وحرصت على التزامه؛ ولكنَّ "أسباباً موضوعية" حالت بينها وبين هذا الالتزام، جزئياً، وليس كلِّياً!

أمَّا إذا اتُّهِمَت بأنَّها قد ذهبت إلى حرب كان ينبغي لها، بموجب القانون الدولي للحرب، ألاَّ تذهب إليها، وأن تمتنع عن خوضها، لكون مسرحها من نمط يتعذَّر فيه، إذا لم يستحل، تمييز الأهداف المدنية من الأهداف العسكرية، مع ما يترتب على ذلك، حتماً، من خسائر في صفوف المدنيين، فإنَّها ستحتج، عندئذٍ، بمبدأ يعلو ولا يُعْلى عليه، وهو مبدأ "الحق المشروع دولياً للدول في الدفاع عن مواطنيها ومدنييها الذين يتعرَّضون لاعتداء عسكري خارجي".

وبحسب هذه الحجة الإسرائيلية، يجب النظر إلى الحرب التي شنتها إسرائيل ضد قطاع غزة على أنَّها "نتيجة" لاستمرار تعرُّض مواطنيها ومدنييها في سديروت وغيرها إلى "اعتداءات" بالصواريخ والقذائف، انطلاقاً من قطاع غزة، الذي أخرجت إسرائيل منه، من قبل، كل جنودها ومستوطنيها، مزيلةً، بالتالي، سبب وقوع واستمرار هذه "الاعتداءات"، التي لا يمكن تبريرها، بحسب وجهة النظر الإسرائيلية، باستمرار إسرائيل في ضرب الحصار على قطاع غزة، وفي إغلاق معابره، فهذا الحصار مع الإغلاق إنَّما هو، أيضاً، "نتيجة" لوجود سلطة فلسطينية هناك، لا تحظى بالشرعية الدولية، لكونها ترفض قبول شروط ومطالب اللجنة الرباعية الدولية لإنهاء هذا "الحصار الإسرائيلي ـ الدولي"!

وهذا إنَّما يعني أنَّ الفلسطينيين في قطاع غزة كان ينبغي لهم أن يكْفوا أنفسهم شرَّ هذا الحصار واستمراره واشتداده بالعمل على إزالة سببه، وهو رفض الامتثال لشروط ومطالب اللجنة الرباعية الدولية، وليس بـ "مبادرتهم" إلى شنِّ "اعتداءات" بالصواريخ والقذائف على المدنيين الإسرائيليين في سديروت وغيرها.

حتى استخدام الجيش الإسرائيلي لسلاح الفسفور الأبيض في مناطق مأهولة ليس بانتهاك، على ما تزعم إسرائيل، للقانون الدولي، فهي لم تُوقِّع بعد تلك الاتفاقية الدولية الخاصة بهذا السلاح حتى تُتَّهم بانتهاكها!

وفي هذا الزعم نقف على العذر الأقبح من الذنب، الذي هو امتناع إسرائيل حتى الآن عن توقيع هذه الاتفاقية الدولية لرغبتها الظاهرة في أن تظل قادرة، من الوجهة القانونية، على استعمال هذا السلاح، الذي زوَّدتها به الولايات المتحدة، ولو في المناطق الفلسطينية (واللبنانية) المأهولة.

عملاً بحقها المشروع دولياً في حماية مواطنيها ومدنييها من تلك "الاعتداءات" الفلسطينية، أرسلت إسرائيل جيشها للقتال في قطاع غزة. وعملاً بحق هذا الجيش على حكومته في أن تجعله، في أثناء الحرب، في بروج مشيَّدة، فلا يدركه الموت، أُمِرَ جيشها بأن يُفْرِط في استخدام القوَّة العسكرية، وبأن لا يتورَّع عن استخدام كل سلاح غير نووي، ولو بلغ منتهى الوحشية في حربه، وألحق بالمدنيين خسائر جسيمة.

هذا "الحق"، أي حق الجنود على حكوماتهم في أن تدرأ عنهم خطر الموت في أثناء القتال مهما كان الثمن، يكفي أن يحظى بشيء من الشرعية الدولية حتى لا يبقى من رادع، عندئذٍ، يردع الدول النووية عن استخدام السلاح النووي ولو في حرب من نمط الحرب التي خاضتها إسرائيل في قطاع غزة.

وإنصافاً للحقيقة لا بدَّ من أن نشير إلى أنَّ الجيش الإسرائيلي ضرب، وأمعن في ضرب، المدنيين، والأهداف المدنية، حتى في أحوال وظروف عادية، أي عندما كان جنوده بمنأى عن أي خطر، فهذا الضرب، والإمعان فيه، كانا في حدِّ ذاتهما هدفاً من أهداف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

المجرم الإسرائيلي في حصن حصين، فهو يستطيع، إذا ما أحدق به خطر مقاضاته دولياً، أن يتَّهِم اللجنة الرباعية الدولية بأنَّها هي التي كانت المرتكِب لـ "الجريمة الأُم"، فهي التي قرَّرت ضرب الحصار الدولي على قطاع غزة وأهله جميعاً بدعوى أنَّ الحكومة التي تحكم هناك ترفض أن تُضمِّن برنامجها السياسي بنوداً فيها ما يكفي من معنى الاعتراف بإسرائيل، فتمخَّض هذا الحصار، مع اشتداد معاناة الفلسطينيين من عواقبه، عن "اضطراب أمني"، فـ "اضطَّر" الجيش الإسرائيلي إلى أن يذهب إلى حرب، يشق على أي جيش في العالم أن يخوضها من غير أن يُلْحِق خسائر جسيمة بالمدنيين.

ولو كانت اللجنة الرباعية الدولية صادقة حقاً في زعمها الحرص على "القانون الدولي" لأعلنت أنَّها تفهم إخراج إسرائيل لجنودها ومستوطنيها من قطاع غزة، مع إطاره العام، على أنَّه تأكيد، لا نفي، لبقائها سلطة احتلال هناك، ينبغي لها أن تلتزم، وأن تظل ملتزمة، القانون الدولي الخاص بواجبات ومسؤوليات سلطات الاحتلال، التي في مقدَّمها درء مخاطر الحرب والقتال عن المدنيين، وعدم تعريضهم إلى حصار كالذي ضُرِب على قطاع غزة، ولأحجمت، في الوقت نفسه، عن أن تشارِك سلطة الاحتلال الإسرائيلي في ارتكاب جريمة الحصار في حق المدنيين في قطاع غزة.

وها هي الآن تضيف إلى جريمة المشاركة في الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة وأهله جريمة منع إعادة إعمار ما دمرَّته آلة الحرب الإسرائيلية، وكأنَّها تسعى للتفوُّق على إسرائيل في خرق وانتهاك القانون الدولي فلسطينياً!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فتاوى تَعْظُم فيها الصغائر وتَصْغُر العظائم!
- -أصل الأنواع- في الكتَّاب!
- أوباما -يكتشف- تركيا!
- العرب.. أُمَّة عاطلة عن العمل!
- الموت والحياة!
- -الوسيط- ليبرمان يجب ألاَّ يفشل!
- كفاكم استئساداً على -المبادرة-!
- جيفرسون وأوباما.. وشيطان -الجزيرة-!
- غساسنة ومناذرة جاءوا إلى الدوحة!
- ما وراء أكمة -الدعوة الفاتيكانية-!
- -الاحترام-.. حلال على حكومة نتنياهو وحرام على الحكومة الفلسط ...
- أوباما ينفخ في -وول ستريت- ما يشبه -روحاً إسلامية-!
- التَّحدِّي اللغوي!
- -الخطاب النيروزي-.. معنىً ومبنىً!
- في الأردن.. يجادلون في -الأقاليم- وكأنَّها -أقانيم-!
- -أُمُّ اللجان- يجب ألاَّ تكون ل -الحكومة-!
- شيء من -الأيديولوجيا الإعلامية-!
- على هذا فَلْيَتَّفِق -المتحاورون-!
- وخلقناكم -فصائل- لتحاوروا..!
- -الغلاء الأردني-.. مات -سبباً- وبقي -نتيجةً-!


المزيد.....




- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...
- -أنصار الله- تنفي استئناف المفاوضات مع السعودية وتتهم الولاي ...
- وزير الزراعة الأوكراني يستقيل على خلفية شبهات فساد
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- دراسة حديثة: العاصفة التي ضربت الإمارات وعمان كان سببها -على ...
- -عقيدة المحيط- الجديدة.. ماذا تخشى إسرائيل؟
- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - لا تجريم لإسرائيل حتى تعترف هي بجرائمها!