|
عيدك للشعب . . افراح وآمال ! 3
مهند البراك
الحوار المتمدن-العدد: 2612 - 2009 / 4 / 10 - 10:05
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
. . . بوصولنا بسيارة شيخ " شعلان " الى منطقة " الشيخ معروف " ـ الرحمانية . . ازداد ت زحمة الشوارع بالسيارات والمارّة ، الذين كانوا بسيرهم السريع و كأنهم يتراكضون باتجاهات كثيرة التنوّع . . كانت السيارة تسير ببطء كبير حتى وصولنا الى " ساحة المتحف " ، وفجأة . . انقطع بث راديو السيارة معلنا الأنتقال الى اذاعة خارجية . . محكمة !! توقّف المارّة عن السير و توقّفت السيارات . . فيما تسائل البعض عمّن امر بالتوقف ؟ ـ عميّ الناس تريد تعرف !! ـ يعني يبيّن . . ـ اويلي . . يبيّن الأنتفاضة . . يعني ـ . . بل و نزل عدد من السائقين تاركين سياراتهم في الشوارع المكتضّة التي توقّف السير فيها . . نزلوا متراكضين الى الأرصفة القريبة ، الى حيث وجدت راديوات . . تجمهر الناس حولها يتسمّعون ! . . . . . . . . ـ بيّن للمحكمة انتو بأي حق لبستم ملابس ضبّاط و انتم عرفاء ؟ !! ـ النائب العريف " حسن سريع " ! اجب !! ـ بنفس الحق الذي استخدمه العقيد عبد السلام عارف و صار يحمل رتبة مشير !! انقطع البث . . . . . . وعاد ـ لماذا حاولتم السيطرة بالقوة المسلحة على معسكر الرشيد ؟ " حسن سريع " وبكل وضوح و دقّة : ـ هدفنا اطلاق سراح المئات من الضباط و العسكريين الشرفاء المسجونين في سجن رقم واحد، ليعودوا الى حياتهم و اماكنهم الطبيعية في الجيش العراقي الباسل . انقطع البث . . . . . . . . ثم عاد ـ شايفين رئيس دولة يحمل رتبة عريف ؟؟ يعني . . شتريدون تصيرون بمحاولتكم المسلحة هذه و اعتقالكم مسؤولين في الحكومة و في الحرس القومي ؟ ـ هدفنا . . تخليص شعبنا الذي ابتلى بحكم ظالم قاسي لا يستحقه، هدفنا اسقاط الحكم القائم و تسليم السلطة الى الحزب الشيوعي الذي يستطيع بسياسييه و شخصياته ان يقرر بالتعاون مع كل الأحزاب الوطنية شكل الحكم الجديد !! صفّق اثنان من هناك . . و آخرين من مكان آخر ! انقطع البث . . وعاد الراديو الى بث المارشات العسكرية تفرّقت الناس بصمت . . فيما كانت الدموع تنساب من وجوه واجمة صامتة و اخرى غاضبة ، و كانت الهمسات تسمع ، رغم كل مظاهر التسلّح التي كانت تكبّل الشوارع هناك، و بين الدبابات و المدرّعات المرابطة في تقاطعات الشوارع عند ساحة المتحف، وعند السكّة القديمة و مفرق المطار المدني . . وعلى مداخل " المحطة العالمية " للسكك الحديدية . . ـ لكْ . . و الله العظيم . . بطولة ! ـ زلم كدهه (1) . ـ و الله لو تنطبق السماء على الأرض ما يكدرون ينهون الحزب الشـ . . ـ ششـ ش . . صوتك . . صوتك !! ـ بس لويش . . ليش ؟ ـ يكولون سلاحهم قليل . . ـ لا . . يكولون كانوا ينتظرون ربعهم يتحركون بمعسكر الوشاش و لكن . . ـ اخي . . يكلّك (2)، ربعهم موجودين بالأذاعة . . ـ . . . . . . و بعد المرور بسيطرات و تدقيق هويات و سيطرات و تفتيشات ، سيطرات و انزال الجميع من السيارة لتفتيشهم و تفتيش السيارة . . وصلنا الى بيت الخال " ابو جواد " في مدينة الحلة ، في محلة القاسم . . كان العناق الحار و الفرح و الدموع اسياد الموقف . . واجتمع الأهل والأقارب و الكل لهفة لمعرفة اخبار انتفاضة معسكر الرشيد . . و اخبار الأقارب والمعارف و الناس في بغداد !! و الرفاق . . وبهمس ، بل وظهرت هناك نسخة من "طريق الشعب" المكثّرة بالكاربون . . تبيّن ان الوالد كان مخبيها بسيارة شيخ "شعلان " . و بعد ذبح الحيوان ايفاءً بالنذر على السلامة ، و توزيع اللحم وبانتظار طعام العشاء عند الغروب في مجلس لم ينقطع عن القادمين و الذاهبين . . سمع الحاضرون صوت الخال " ابو جواد " قائلاً بحزم : ـ و ايش يريد ؟ ـ الأثول الجبان . . متونّس شايل رشاشة بورسعيد و واقف عند ثانوية البنات . . ـ طاح ذاك الحظ ! . . . و تصاعدت اصوات عدد من الحضور محاولين التخفيف على " ابو جواد " : ـ على كيفك يا معوّد ، الوضع ما يتحمّل !! ـ هو مو تركهم ؟؟ ـ اي غير ييجي يزوركم ، انتم مو مربيّنه ؟؟ (3) " ابو جواد " : ـ نعم ساعدناه ، لأنه كان صغير و يتيم ، ابوه تزوّج و تركه . . و " ام جواد " عطفت عليه لأنه من الطرَفْ (4) و المرحومة امه كانت انسانة طيبة . . بس مو يروح يكسر النا بوط (5) و يصير حرس قومي . . من يومها منعته من المجئ عندنا، و بعد التوضيحات و الكلام الذي لم ينفع معاه . . قلت له بوضوح : ـ شوف اقول لك ، وين ماتروح تروح . . مو آخرتها جاي تخوّفنا بالسلاح !! السلاح مو كل شئ !! ويلك ! الأساس ان تصير رجّال آدمي ، الناس تحبّه و تحترمه . و لاتنسى تره السلاح مايسوّي اوادم ، الأوادم تسويّ السلاح !! هسه اكيد جاي يتشمشم . . منو جاي و شكو ما كو ؟ . . و الستّار الله !! وقال له الوالد بصوت خفيض : ـ تتكلم عن الولد كريّم ؟؟ ـ اي نعم ، و وسفه اسمه كريم !! ـ والله اذا حبيّت تاخذ رأيي ؟ دعه يأتي . . لأنه يعرفنا و نعرفه ، بعدين ليش لأ ، احسن مما تكبر القضية و تصير قضية احقاد و عداوات و و . . و احنا ننتبه ! ـ يا اخي كل مرة ابدأ معاه من جديد بعد التوضيحات و النصائح ، لكنه يرد يرجع على سفاهاته . . و تابع بهمس : اتصور هو و عدد من الطيّاح (6) من ربعه قبل شهر وقّفوا " امّوري " من الشارع ، بعد خروجه من بيتنا بعد منتصف احدى الليالي لأنهم شكّوا به . . كانت ليلة خميس على جمعة ، واقتادوه الى مقر احدىّ المحلات للحرس القومي ، لأنهم لم يتعرّفوا عليه فعلاً، بسبب تغييره هيئته و تدبيره هوية مزوّرة . . و ربّك حميد كانت الأوضاع لابأس بيها هادئة !! ـ امّوري ؟ !! واستمر هامساً : ـ . . واحد من اهل المحلّة من ربعه ، و كان يراقب له الوضع . . بسرعة خبّرنا ، و تالي و بسرعة بالواسطات و التلفونات . . تعرف ام امّوري ملاّية . . وعن طريق الملاّّّيات و بالفلوس باليد اطلقوا سراحه . . قبل ما يستطيعوا ان يستفسروا عنه بدقة من بغداد . . اتصوّر نقدر نلتقي و ايّاه اذا حبيت . . ـ نشوف الأمور و الوقت ، لأن تعرف " ابو مجبل " ينتظر . . واضاف " ابو جواد " بصوت عالي : ـ . . و بعد ما رمى سلاح الحرس القومي عباله الناس نسيت . . صار لايستطيع يزور المحلة من الشتايم ومن بصقات الأمهات ، اللي صارت تخجّله . الأثول زين بعد عنده شعور بالخجل ! ـ يا " ابو جواد " من رأيي، موزين يتحاصر بهالشكل . . يعني عايش و متربيّ بينكم ، اكيد خلقه، طبعه شوية يعني . . ماخذ منكم . . ـ ابداً ابداً و الله و بعد تجارب . . كالوا ذيل الجلب خلوّا بالكصبة عشرين يوم ما عدل . . يستحيل هذا الكلب يدخل !! . . . . . . . . بعد تناول العشاء استأذن قريب شيخ " شعلان " الذي كان يقود سيارته . . بالذهاب لأستلام حاجات زراعية دفع الشيخ اثمانها و مطلوب نقلها من اطرف المدينة و قال انه سيأتي لأخذنا عصر اليوم التالي . اغتنمت النساء الفرصة لزيارة الخالات و السلام عليهن . . و استمر مجلس الرجال عامراً بالأقارب و الضيوف الذين كانوا بعد السلام و الترحيب و انواع الكلام . . يقدّمون دعواتهم لزيارتهم ، حتى بدأوا يغادرون البيت . . بعد ان انفضّ المجلس و بقينا مع عائلة الخال " ابو جواد " ، قال الخال للوالد : ـ والله " امّوري " دائما يسأل عنكم استاذ، و لو ماخذ على خاطره من ذيج السالفه في عام 1961 !! ـ يعني بعده امّوري على رأيه . . رغم كل نقاشاتنا . ـ طبعاً ابو محمد . . الأحداث و المآسي اكدت صحة موقفه . بعدين موصدفة ان امّوري صار من قادة الأتحاد العام لنقابات العمال، و الهيئات العمالية و العمال انتخبوه بانتخابات نزيهة اجمعت عليها الصحف و مختلف الجهات السياسية و الحكومية و الأجتماعية في حينها . . و لمواقف نقابات العمال الصلبة من قضايا الثورة التقدمية و استعداداتها للمواجهة ، مو صدفة ان القوى الرجعية و اجنحتها في حكومة عبد الكريم قاسم و دوائرها ارادت و بكل الوسائل ان تقضي على فكرة التنظيم النقابي، ولمّا فشلت ركّزت على تمزيق وحدة النقابات و نشر الشائعات و الدعايات و عملت على ترصّد و اغتيال نشطائها و قادتها ، و على تزييف انتخاباتها ، وبقيت الى الأخير تحاول افراغها من دورها . . . . . . . . . . و تذكّرت ما حصل في عام 1961 . . . ففي ذلك العام و اثر محاولات عصابات " الجبهة القومية " و " حزب البعث " اغتيال و تشريد المناضلين الشيوعيين و الديمقراطيين و عموم الوجوه و الشخصيات الوطنية و الديمقراطية المعروفة . . قامت احدى العصابات بمحاولة اغتيال والدي طعناً بالسكاكين . . حيث هوجم ظهر ذات يوم من قبل ملثمين في مدخل سوق الأعظمية القديم، و تركوه حين سقط مغشيّاً عليه و تصوّروا انه توفيّ . . و لم يعد الوالد للبيت !! سمع " امّوري " بالحادثة بعد ساعات من وقوعها ، واتصل تلفونياً بوالدتي التي اجهشت بالبكاء لتطمينها، ثم زار بيتنا ليلة ذلك اليوم مع اصدقاء طلب منهم الأنتظار في سيارة خارج البيت كما قال . . و طمأن والدتي التي هي ابنة عمّه عشائريّاً قائلاً لها : ـ سعاد ! ابو محمد بخير و سيعود اليكم . . ولا تقلقي يا بنت عمي، بيتكم بأمان !! سازوركم عندما يعود ابو محمد اليكم . . و اذا اي امر، خدمة ، كلمتين بس لجارتكم " ام حميد " بنت الجلبي . . . . . . . . . وبعد فترة ، استطاع الوالد ان يعود الى البيت ثانية ، بعد تتالي احداث متنوعة و علاجات و مراجعات طبية ، و كان يخفف من وقع الحادث علينا و يكرر ، بانه حصل بسبب مجموعة اشقياء متخلفين لا علاقة لهم و لا يعرفون بالسياسة . . ؟؟ و كان زوّاره الذين زاروه متسترين بظلام الليالي يخففون عليه ، و كان اكثرهم يتفق مع رأيه . في ليلة من تلك الليالي وفي ساعة متأخرة ، جاء " امّوري " صحبة اخيه " مزهر " و " ابو جواد" و دخلوا البيت بعد ان تركوا احد المرافقين ينتظر في سيارتهم الجيب المدنية، التي ركنوها قرب باب البيت . . دخلوا وكان يبدو عليهم انهم كانوا جميعاً مسلّحين . . وبعد السلام و التحيات و السؤال عن الصحة و الحال و بعد شرب الشاي ، وضع " امّوري " مظروفاً تحت وسادة الوالد قائلاً : ـ هدية صغيرة من الأهل . . و قال : ـ اريد فقط تخبّرني من كان الفاعلين اذا شفتهم ؟ واذا لم ترهم ، فبمن تشكّ . . لأنك بالتأكيد شفت هيئاتهم و الوقت كان وقت ظهيرة ؟ هسه انجيبهم الك يعتذرون و اذا ما قبلوا . . والله و الله . . نجيبهم بالقوة و البادي اظلم ! ـ عزيزي " امّوري "، يحفظ لك " ابتسام ". . مثل ما اخبرتك هذول مجموعة شقاوات من التافهين و ناس سائبة ، لا علاقة لها بالسياسة و مثل هؤلاء موجودون في كل محلات بغداد . . ـ لا يا ابو محمد . . هذه سياسة !! هذه سياسة يتبعوها بشكل منظّم ضد الحزب و ضد القوى الديمقراطية لشلّه و ارباكه و لمحاولة ضربه والقضاء عليه ، كما يخططون . . انهم يسعون باساليبهم هذه و عن طريق قتلة و اشقياء مأجورين و آخرين مدرّبين، لأسكات كل صوت وطني نزيه، بتهديده و محاولة قتله او باجباره على ترك معتقداته او تقويله اخرى . . ـ " ابو ابتسام " اذا رديّنا عليهم بالعنف ستتعقّد المشكلة اكثر و لا تنحل ، بل سيتسبب ذلك بمشاكل اكبر للحزب و للمحسوبين عليه ! ـ صدّقني لا يسبب ذلك مشاكل للحزب ابداً . . بالعكس، بالعكس تماماً نحن في مجتمع يفهم التسامح والعفو فقط عند المقدرة ، فالعفو عند المقدرة . . والاّ فلن يُفهم التسامح الاّ بكونه ضعفاً . . الأمر الذي سيزيدهم استكلاباً و سترى ! صدّقني !! احنا في المعامل و المؤسسات التي ردّينا فيها عليهم باسلوبهم وحسب الظرف و الوقت طبعاً صار الوضع هادئ لأنهم صاروا يحسبون لنا حساب جديّ ، بل اخذوا يخافون من ممارسة مثل هذه الأعمال ! ـ " امّوري " تريد اتسويّ الحزب . . جماعات تتعارك و تكون مستعدّة للتعامل العنيف فقط ؟؟ ـ لم اقل هكذا ابداً ، الحزب السياسي يتبارى بالسياسة الصائبة التي تحتاجها و تريدها الناس و بنضاله من اجلها، واذا كان حزب كادحين فعليه ان ينظر لمصالح و حاجات و ظروف الكادحين ، وان يعلّم رفاقه ان معركتهم صعبة و ان المتربصين به كثيرون . . بس اللي يتعدىّ عليه و يغتال رفاقه، لازم عليه ان يردّ ، اذا لم ينصفه القانون ومن يقوم عليه من الحكومة . . زين انا اريد اتفق معاك برأيك . . واسألك، هل تستطيع ان تشتكي عند الشرطة ؟ انا متأكّد انك لاتستطيع لأن الشرطة ذاتها ستعتقلك بتهمة الشيوعية . . مو صحيح لو لأ ؟ ـ يمكن صحيح . . لكني لا اريد ان اورّط الحزب بمشكلة بسببي !! الا ترى انهم باتباع تلك الأساليب يحاولون جرّ الحزب الى معركة، هم راسميها و مخططين لها . . ـ عزيزي دع عنك الحزب الآن . . انت مواطن جرى اعتداء عليه و كاد يتسبب بقتله بدون سبب واضح، في ظروف لايتطبّق فيها القانون . حيث لايكفي ان يصدر القانون، الشئ الأساسي هو تطبيقه . . صحيح ذلك من وجهة نظر المثقفين يو لأ ؟ ـ صحيح . . بس اكمل لأني لم افهم ماذا تريد ان تصل ! ـ اقول حصل الأعتداء واهل المعتدى عليه يريدون يجاوبون على الأعتداء . . لأن اذا ما جاوبوا هيبتهم تروح . . وذلك الكلب راح يستكلب اكثر . . (7) ـ لسنا في غابة ! ـ هم بسلوكهم هذا سوّوها غابة . . و الناس ما تتحمّل مثل هالوضع ، انهم لايتحملون ان يجري اعتداء عليهم بسبب انحيازهم للحزب ، بدون رد من الحزب ، والاّ تنذب برأس الحزب . . وتأخذ الناس تتحدث بان المذنب هو الحزب، لأنه ورّطهم ؟! . . شنو مثلاً ذنب خليل ابو الهُوب ... ؟! قائد نقابي و انسان شجاع تشهد له كل محلات بغداد . . مو راح بشربة مَايْ ! (8) قتلوه الجبناء بغدر . . وصار عدد من ربعنا الصِداميين (9) يقولون : خنّثنا الحزب ، بهاي ممنوع و ذيج غير مقبولة ، و ينراد صبر . . والماي يسري والأمور تترتب بليل ! ـ " ابو ابتسام " ! لايمكن لحزب سياسي يدعو للحرية والديمقراطية ان يتصرّف كشقي . . وانما مهمته الأساسية بتقديري ، انه يعمل على ربط الصراعات الأجتماعية الفردية والمحلية المحدودة بقضية اكبر . . . هي قضية كل البلد وقضية اوساطه الكادحة و حقوقهم و حقهم بالحياة الكريمة مثل غيرهم . اعتقد احنا نناقش القضية من زوايا مختلفة . . في المدينة نضال شكل و بالريف شكل ، وبين العمال و بين الطلاب شكل . . وبين اهل المحلة الواحدة شكل آخر . . ـ جا شنهي ، هو مو حزب واحد لو كيف ؟ ـ شوف ابو ابتسام ! نعم حزب واحد ! الحزب يضع السياسة و الخطوط العريضة لتنفيذها و منظماته كل واحدة تطبّق تلك السياسة الواحدة بالملموس حسب ظروفها و موقعها و دورها في المجتمع !! و بصراحة اسولف لك . . احنا في بلد غني بثرواته الطبيعية و مكان لمطامع اعتى القوى الكبرى في العالم، ولأسباب تأريخية كثيرة و لانزال نعيشها يعاني مجتمعنا من تخلف حضاري . . التخلف يترك اثاره على كل اهل البلد ، وعلى تفكيرنا و سلوكنا . . والآن وبعد ثورة جبّارة ، يسعى ابنائه الى استحصال حقوقهم من الأجنبي الذي طيلة سطوته احكم تكبيل البلد باشكال متطورة من القيود . . اضافة الى القيود التي هو مكبّل بها اصلاً بسبب التخلف . وهذه الصراعات التي يشهدها البلد هي بنت تلك الأسباب مجتمعة . واقول لك ، انا لم اتفاجأ بمحاولتهم ايذائي، بعد ان بدأوا بايذاء ابناء محلّتهم الأصليين من اهاليهم هم ، لأنهم يدعون مثلي للتحرر و الديمقراطية . . فبعد ان هددوا استاذ " كرامة المحسوب " اضطروه الى ترك عائلته وصار يسكن خارج المحلة ، ضربوا " حاجي نعمان الأعظمي " الشخصية الوطنية المحبوبة في وضح النهار، على كبر سنّه و امام داره واضطروه الى الأنتقال من المحلة و هو احد ابرز وجوهها، ضربوا ابنه " الدكتور عبد الصمد " وهددوا بحرق عيادته وهو الذي كان يعالج مرضى المحلة مجاناً، فانتقل . . اضطروا " شيخ رشيد " العلامة الديني المعروف، وابناء الضامن الذين حتى الأستاذ " عبد الرحمن الضامن " وهو منهم و غيرهم و غيرهم . . و اضطرّوهم الى ترك المحلّة ، علماً ان اهاليهم و اقاربهم الساكنين فيها لم يحرّكوا ساكن ! والآن و انا طريح الفراش ، لم يزرنا احد من اهالينا و اقاربنا الساكنين في المحلة، عدا النساء و هن يتحدّثن بالم عن خوفهن و خوف رجالهن على عوائلهم و اطفالهم . انا اشكرك من كل قلبي على عنايتك و على موقفك الجسور، ولكن الرّد بهذا الشكل على كل شهامتكم ، سيعقّد المشكلة اكثر . . عندما اتشافى سأترك الدار و اعود اليها عندما تهدأ الأمور، و كما قلت انت ، انها هجمة منظّمة ، و لكنها تزداد و تقلّ وفق الوضع السياسي، الذي لا بدّ وان ينحسم . . ثم لكل حادث حديث ! . . . . التفت " امّوري " الى " ابو جواد " قائلاً : ـ " ابو جواد " ، احنا لازم نخبّر "محسن " حتى يعود لأهله ، لأننا ما نحتاجه بعد، لا هو و لا اخوته و ولد عمّه . . . اتّصل به بالتلفون من بيت الجلبي على مكتب الدلال، حيث ينتظر . . ثم التفت الى الوالد و هو يقول : ـ قلنا لهم ينتظرون كاسناد النا في مكان قريب، لأن يجوز نحتاجهم !! قال " ابو جواد " بعد سكوته الطويل : ـ انا دائماً افكّر ، كيف استطاع مؤسس الحزب فهد ان يشكّل حزب واحد يضم كل العراقيين و بالأحرى فقراء العراقيين والداعين الى انصافهم و انصاف كل ضحايا القمع و القسوة . . بالدعوة الى التقدم و الديمقراطية و بالعلوم والمعرفة ، عمال و فلاحين ، طلاب و مثقفين ، رجال و نساء . . اهل الريف و اهل المدينة، اهل البراري و الجبال . . عرب ، كورد ، تركمان ، يزيدية و آثوريين و كلدان و صابئة ، سنة وشيعة ، اسلام و مسيحيين ، حزب تنظر له اوسع الناس بأمل و تنخرط وتكافح من خلاله وتتبع اخباره و مواقفه . . و كيف اختاره رفاقه كقائد اتفقوا على ان يقودهم ، و متى ؟ في الثلاثينات . . و هو مسيحي كلداني !! . . . . . . . . . . . . قال " ابو جواد " : ـ عزيزي " ابو محمد " آني من رأيي اذا اردت ان تزور امّوري . . تروحون وايّا العائلة الى بيت عميّ " سعّودي " تسلّمون عليه كعادتكم ، و لكن بدوني لأسباب تفهمها، و انا من جهتي اوصّله خبر حتى يأتيكم اذا استطاع ؟ . . المحروس ابنك يعرف اين يقع بيت عميّ . . و للتأكيد استدار اليّ سائلاً : ـ تعرف البيت مو ؟؟ ـ نعم خالي . . اعرفه طبعاً . . . . . . . . في ضحى اليوم التالي ، وفيما كنا مع " حسين " ابن الخال الكبير " سعّودي " . . على سطح دارهم للتفرّج على انواع الطيور التي كانوا يقتنوها، في ابراجها . ظهر رجل من خلف سياج سطح الجيران ، بعقال و كوفيّه ، ذو لحيّة كثة شيباء مصففة و قال بصوت واضح مسموع و مألوف : ـ يا اهلا وسهلا يا ابو محمد !! ياميت مرحبا !! ـ يا اهلاً يا ابو ابتسام ! عاش من شافك !! ـ والله احسن مفاجأة استاذ !! ثم بهمس من خلف السياج بعد ان صارا متقاربين : ـ يكلّك " طريق الشعب " العدد الجديد جايبه واياك . . ؟!!
(يتبع)
8 / 4 / 2009 ، مهند البراك ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 1 اي ، رجال على قدر تلك المسؤولية . 2 يكولون، يكلّك . . تعني باللهجة العراقية الشعبية ، يقولون و يقولون لك . . 3 بمعنى ، اليس من الطبيعي ان يزوركم ؟ 4 الطَرَفْ ، يعني المحلّه . 5 بمعنى ، يعمل عمله شنيعه . . 6 الطيّاح هنا بمعنى . . الضائعين ، التائهين . 7 راح يستكلب ، بمعنى سيستكلب . 8 بشربة ماي ، تعني بشربة ماء . . يعني ببساطة . . 9 الصِداميين من صِدام . . اي من المتهيئين للأصطدام بالعنف ان تطلب الأمر، في زمان كان للأشقياء مُثُلْ و دور في حماية محلات السكن و بنات و ابناء المحلة . . ثم في حماية المظاهرات والفعاليات الوطنية . . ويختلفون جذرياً عن الأشقياء المأجورين، سواءً للسلطة الحاكمة او لمن يدفع اكثر .
#مهند_البراك (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عيدك للشعب . . افراح وآمال ! 2
-
عيدك . . للشعب ، افراح وآمال ! 1
-
التصويت ل - مدنيون - . . تصويتاً للتقدم ! 2 من 2
-
التصويت ل - مدنيون - . . تصويتاً للتقدم ! 1 من 2
-
- الحوار المتمدن - في عامه الجديد !
-
الإتفاقية . . واحتمالات التلاقي الأميركي الإيراني ! 2 من 2
-
الإتفاقية واحتمالات التلاقي الأميركي الإيراني ! 1 من 2
-
الإعصار المالي وقضيتنا الوطنية ! 2 من 2
-
الإعصار المالي وقضيتنا الوطنية ! 1 من 2
-
في اربعينية المفكّر المعروف كامل شياع
-
المجد للمفكر الشجاع كامل شياع !
-
هل هناك تغيّر في الستراتيجية الأميركية في العراق والمنطقة ؟
...
-
هل هناك تغيّر في الستراتيجية الأميركية في المنطقة ؟ 2
-
هل هناك تغيّر في الستراتيجية الأميركية في المنطقة ؟ 1
-
14 تموز . . الثورة التي انحازت للفقراء !
-
الاحتكارات الدولية و بعض قضايا المعاهدات ! 2 من 2
-
الاحتكارات الدولية و بعض قضايا المعاهدات ! 1 من 2
-
المعاهدة والتغييرات القانونية العاصفة !
-
احزاب الطوائف* والبرامج الطموحة ! 2 من 2
-
احزاب الطوائف* والبرامج الطموحة ! 1 من 2
المزيد.....
-
-لا يهمني-.. شاهد ترامب يخالف تقييمات مديرة الاستخبارات بشأن
...
-
-انهيار إيران ليس من مصلحة الخليج-.. حمد بن جاسم يحذر من مخا
...
-
غارات متبادلة ودمار.. شاهد ما رصدته كاميرات للصراع بين إيران
...
-
وزير الدفاع الإسرائيلي كاتس مهدّدا خامنئي: تذكّر مصير صدام ح
...
-
بحثوا عن الطحين فعادوا جثثا.. قصف إسرائيلي يقتل 64 فلسطينيا
...
-
صفارات الإنذار تدوي في إسرائيل عقب رصد إطلاق صواريخ من إيران
...
-
الجيش الإسرائيلي: الدفاع ليس محكما في مواجهة الصواريخ الإيرا
...
-
الحرب بين إيران وإسرائيل: هل ستزود واشنطن تل أبيب بقنابل خار
...
-
ترامب عن المواجهة بين إسرائيل وإيران: نحن لا نبحث عن وقف لإط
...
-
إيران: علي خامنئي... الزعيم الحديدي الذي تواجه قبضته الإلهية
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|