أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف 1 ايار 2009 - اثار وانعكاس الازمة الاقتصادية العالمية على الطبقة العاملة والفئات الفقيرة وسبل مواجهتها؟ - زهير الخويلدي - طلوع الفكر من المنجم هو مثل طلوع الفطر من الأرض















المزيد.....

طلوع الفكر من المنجم هو مثل طلوع الفطر من الأرض


زهير الخويلدي

الحوار المتمدن-العدد: 2610 - 2009 / 4 / 8 - 10:50
المحور: ملف 1 ايار 2009 - اثار وانعكاس الازمة الاقتصادية العالمية على الطبقة العاملة والفئات الفقيرة وسبل مواجهتها؟
    


"إن أخلاق الأرض تغير دور الإنسان العاقل من مستعمر لمجتمع الأرض إلى عضو عادي ومواطن فيه، إنها تقتضي منه احترام الأعضاء- الزملاء له وأيضا احترام المجتمع بحد ذاته"



ألدو ليوبولد – الفلسفة البيئية



ما علاقة الفكر بالأرض؟ كيف يمكن أن يدافع الفكر عن حرمة الأرض؟ هل يمكن أن يمثل المنجم المناخ الأرضي الملائم الذي يتربى فيه الفكر وينشأ؟ ألا من هبة تشتعل وسط الظلام الدامس وتتهيأ في حقول الفلاحين هادئة وفي الصمت المخيم على أنفاق المناجم؟ ألا من دورة تصعد بالحبل الحضاري من الدرك الأسفل إلى الأعلى ؟ ألا من عود على بدء يفعل المخزون الثوري الموروث عن الجبائي وحمدان قرمط والغفاري والحلاج وابن رشد ؟

ما أغرب أن يقترن الاحتفال بيوم الأرض بتحرير العمال من المنجم وبإيقاف نزيف الاستغلال والكف عن العبث بمقدرات وذخائر الشعب وبإضراب الطلبة واعتصام المسرحين وتجمهر المهجرين من أجل ضمان حق العودة إلى سالف نشاطهم وقصد المطالبة بإرجاعهم إلى مواقعهم السابقة وفك حبل اعتصام التخرج والشغل طالما أن الهجرة في قوارب الموت والتزوج لأعوام بالبطالة هو الفن الأرقى في الحياة اليومية. ما أروع أن تجتمع الأحداث والأشخاص ضد الوطن والأمة و القيم الكونية وأن يلوذ المواطن الإمبراطوري بالقبيلة ويتسلح بالتراث والتقاليد ومكارم الأخلاق ويخرج التاريخ منتصرا وحده دون منافس في معركة متكافئة مع القدر استعملت فيها كل الأسلحة عدى الحظ وسوء الطالع.

ما أروع أن ينعقد مؤتمر القمة العربية في إمارة قناة الجزيرة ليتوحد العرب أول مرة مع أمريكا الجنوبية في ظل حضور كومانديتو بوليفاري في الملحق الاقتصادي ولينقذ النظام الرسمي للجامعة العربية ما تبقى من العرض بالاتفاق على الوقوف صفا واحدا ضد مذكرة إيقاف رئيس دولة عربية افريقية ذات سيادة كمقابل على التراجع العلني عن تشريك رموز المقاومة في اجتماعات مخصصة لقيادات معدلة حسب كراس شروط بيت الطاعة الدولي وبعد التوبة والمصالحة بين الأخضرين وفتح النوافذ لمرور الهواء وتنقية الأجواء الدبلوماسية بين تدمر وجرس.

ربما يكون الطريق الأقصر إلى تحرير كل رقعة أرض محتلة من مسطح محايثة بني كنعان إلى مضيق الطارق هو التبرع بيوم من الراتب وحمل الشارة الحمراء على الأذرع والسوداء على الجبين والبيضاء على الصدر وإرسال الأدوية في سفن إنسانية تقودها شخصيات لا شرقية ولا غربية لا يسمح لها بالدخول ولا حتى بالرسو في عرض البحر فتظل تحلم بكسر الحصار والاعتراض على الجدار.

المدهش أن المدافعين عن القضية اليوم وغدا لم يعودوا من الرفاق والشبيبة بل من الأخوة وأهل الرضوان والفتوى من الملأ الأعلى، ولكن الباعث للأمل والتفاؤل جدا أن قطار التسوية لم يغادر محطته الأولى وأن السلام صار غذاء البطون التي لا تشبع وأن التسامح وقع تقديمه كدواء لكل الأسقام وأن لغة الصراع والثورة والقوة لم تتجه من اليسار إلى اليمين ولم تبارح دائرة الوسط بل أطاح بها جميع الناس بما في ذلك الأصدقاء والأعداء.

نص الوثيقة بدأ في سايس بيكو وتعزز في كامب ديفد ومدريد وأوسلو لينتهي في ساحل جبل سيناء والفرق واضح أن المرات السابقات كان اتفاق في أراضي غير أهلية ولكن هذه المرة تم في أرض عربية والتوقيع بنيران صديقة والرعاية كانت احتفالية شعبية والتأييد جاء من كتيبة الثقافة الرسمية.

العروبة تحولت إلى خط أحمر لا ينبغي التنازل عنه بعد كانت اللسان الذي تلهج به كل بلدان الجامعة العربية ، في حين أن الإسلام شوهد ينزح من البادية إلى المدينة ويهاجر من الجنوب إلى الشمال ويقرأ السلام على العالم وعلى نفسه بعد أن تمت دمقرطته وعلمنته من خلال طبخة غريبة عجيبة زبدتها كانت قطف ثمار حقوق الإنسان لكل من أتى راكبا، وأما المقاومة فهي في معاجم العجم إما أن تكون مقاولة أو مناولة وفي الحروف الأبجدية العربية مغامرة ومساومة.

انتخابات شكلية في كل قطر ومتنافسون جدد على عدد المقاعد القديمة والحظوظ طبعا متساوية جدا والتنوع والتعدد على رأس كل القوائم والاختلاف لحمة بين الفرقاء ورحمة للخلص والأتقياء والملاعب الرياضية والمسارح والمنتزهات قد أعدت سلفا لمثل هذه الأغراض النزيهة والبعيدة كل البعد عن منطق الإشهار والدعاية وجيش الفنانين في انتظار صفارة البداية حتى يبدؤوا رحلة عزف أنشودة التوريث.

الآن فقط إذا أردت أن تحتفل في يوم تدافع فيه عن أرضك فاكتب عن المنجم لتحفظ من النسيان وصايا كل الذين دخلوا إلى بطنه ولم يخرجوا وكل الذين خرجوا للدفاع عن الأرض ولم يعودوا لأن التجربة تستدعيك والفكر يخاطبك ، وقع نصك باسمك وأرسله إلى عمال الأرض وأهديه إلى أبناء المناجم وإلى المتجهين صوب الفكر الحاذق إذ ماذا بقي من الأرض غير جوف كهف يؤدي إلى حضن المنجم رحل الأجانب بكنوزه وألقوا الفضلات على جانبيه فجرفت مياه العواصف التربة وأفسدت أديمها؟

الآن فقط اكتب أنهم مروا من هنا وحملوا معهم كل شيء نافع وخربوا أرضي وهذا المنجم الفارغ من ثروته شاهد على فعلتهم وهذا الذهن الشارد إدانة لهم وهذا الفكر الثائر يحتج على مسالمتهم. أين التعويض؟ وأين جبر الأضرار حتى يكون هناك صفح وثمة مسامحة وإسقاط للدين والعفو عن الذنب؟

الفكر هو الصياد العاتي الذي يحلق في سماء المعركة يتابع عن كثب جميع فصول الحياة ويغمره الطين ليناله سواد الغبار المنبعث من ركض الأرجل القادمة والهاربة ويشهد على النهب الحضاري.

إن السماء لا تمطر أفكارا وإنما تطلع الأفكار من الأرض طلوع العمال من مخارج المنجم والأرض لا تفتح أبوابها لبني البشر إلا عبر مغارات المناجم ولكن الفكر حينما يتوجه نحو ذاته يدافع عن حق العامل في ثروته وحق الأرض على ساكنها في أن يصون عرضها ويفلح تربتها.

يرتبط المنجم في الرأي السائد باستخراج بعض الخيرات من الأرض قصد الحصول على الكنوز والمعادن النفيسة وتحقيق النعمة والثراء ونراه يفتح أبوابه في كل صباح ليستقبل زواره وبعض من مودعيه ويغدق عليهم قسطا لا بأس به من العذاب الذي قد لا يرونه في اليوم الآخر جحيما ويصرف لهم هذه المرة الفقر عنوة و البطالة كرها وحتى إن كل الساعد وتصبب الجبين عرقا.

الأرض مسرح ومرتع كل المهرولين من الغزاة والطغاة وهي غالبا ما تبسط جناحيها محتضنة الجميع، فهي الأم والعالم الذي نسكن والكون الذي يختزن بين أروقته العناصر والوجود الذي يقبل ويدبر.

أتظنون أن كل ذلك تم تحت أنظار الآلهة والبشر يلهون ويمرحون والأرض تسرق والمنجم ينادي والفكر بعيد ولا من مغيث. انه المنجم، إنها الأرض، انه الفكر، الفكر عرق المنجم ، المنجم ملح الأرض، الأرض تقاوم كل من يأتيها غازيا وترحب بكل من ينزل عندها ضيفا، أليس طلوع الفكر من المنجم مثل طلوع الفطر من الأرض؟ أليس التحاق العمال بالمنجم مثل نزول الغيث بعد أشهر من القر؟ ألا ينبغي أن تتحول فكر الفلاحة والتربية والاستصلاح إلى إتيقا لتحرير الأرض من الاستعمار والمنجم من الاستغلال والفكر من التلوث بأدران الانبطاح والتطبيع مع الواقع؟



كاتب فلسفي



#زهير_الخويلدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخطابة الجديدة: الإقناع بدل المغالطة
- كيف يكون المرء حرا؟
- درء التعارض بين الكونية والخصوصية
- هل الأخلاق مشكلة معطلة أم تربية مهذبة؟
- أسباب الصدام بين الثقافات حسب صموئيل هنتغنتون
- التفكير في الإسلام من زاوية العلمنة
- هل من ضرورة للتواصل اليوم؟
- القلعة الغزاوية في مواجهة آلة الحرب الهمجية
- الانتفاضة الثالثة قد تبدأ من غزة
- ما معنى أن تكون كاتبا فلسفيا؟
- هل أحيلت منظومة حقوق الإنسان التقاعد في عيد ميلادها الستين؟
- أية علاقة بين الاسلام والأفكار التقدمية؟
- متى تخرج غزة من الكماشة؟
- في اليوم العالمي للفلسفة يظل العرب زاهدين عن التفلسف
- اتيقا الاحساس بالغير
- حال فلسطين بعد أربعة سنوات من رحيل عرفات
- جدوى التسامح في وضع غير متسامح
- الزمن ضد الحقيقة
- ملف ماركس ومبررات اعادة الاحياء
- صورة الفيلسوف


المزيد.....




- مسجد باريس الكبير يدعو مسلمي فرنسا لـ-إحاطة أسرة التعليم بدع ...
- جيف ياس مانح أمريكي يضع ثروته في خدمة ترامب ونتانياهو
- وثيقة لحزب الليكود حول إنجازات حماس
- رئيس الموساد: هناك فرصة لصفقة تبادل وعلينا إبداء مرونة أكبر ...
- لقطات جوية توثق ازدحام ميناء بالتيمور الأمريكي بالسفن بعد إغ ...
- فلسطينيو لبنان.. مخاوف من قصف المخيمات
- أردوغان: الضغط على إسرائيل لوقف حرب غزة
- محلات الشوكولاتة في بلجيكا تعرض تشكيلات احتفالية فاخرة لعيد ...
- زاخاروفا تسخر من تعليق كيربي المسيء بشأن الهجوم الإرهابي على ...
- عبد الملك الحوثي يحذر الولايات المتحدة وبريطانيا من التورط ف ...


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ملف 1 ايار 2009 - اثار وانعكاس الازمة الاقتصادية العالمية على الطبقة العاملة والفئات الفقيرة وسبل مواجهتها؟ - زهير الخويلدي - طلوع الفكر من المنجم هو مثل طلوع الفطر من الأرض