أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - زهير الخويلدي - اتيقا الاحساس بالغير















المزيد.....

اتيقا الاحساس بالغير


زهير الخويلدي

الحوار المتمدن-العدد: 2474 - 2008 / 11 / 23 - 09:02
المحور: حقوق الانسان
    


اتيقا الإحساس بالغير
زهير الخويلدي
جاء في المأثور:
"لا يحب المرء لنفسه إلا ما يحب لغيره"
وقد عبر الراحل محمود درويش عن واجب الانفتاح على الغير من خلال هذه الأبيات النبيلة:
"فكر بغيرك
وأنت تعد فطورك فكر بغيرك
لا تنسى قوت الحمام
و أنت تخوض حروبك فكر بغيرك
لا تنسى من يطلبون السلام
وأنت تسدد فاتورة الماء فكر بغيرك
لا تنسى من يرضعون الغمام
و أنت تعود لبيتك فكر بغيرك
لا تنسى شعب الخيام
و أنت تنام و تحصي الكوكب
فكر بغيرك
ثمة من لم يجد خيرا للمنام
وأنت تحرر نفسك بالاستعارات
فكر بغيرك
من فقدوا حقهم في الكلام
وأنت تفكر في الآخرين البعيدين
فكر بغيرك
قل ليتني شمعة في الظلام "
محمود درويش
ماهي الأفكار الأساسية والقضايا الفلسفية التي تثيرها هذه القصيدة؟
الوضع السائد بالنسبة للإنسان أنه لا يفكر إلا في نفسه:
فكر في ذاتك:
هنا نجد انية منغلقة على ذاتها وتزعم قدرتها على تأسيس ذاتها بذاتها.
الإنسان يتصور وجوده من منظور نفسه فقط ويعتبر طموحه نحو إثبات الانية هو طموح مطلق ويكون بإلغاء اية غيرية وعدم إشراكها في الوجود لكونها عقبة أمام هذا الإثبات.
فكر في ذاتك هو خطاب أبولوجي مدحي مصاب بمرض الوله الذاتي والافتخارية النرجسية ويرتكز على مبدأ:
انقذ نفسك بنفسك ولا يهمك في غيرك.
فكر بغيرك لها معنى سلبي:
إذا بقينا نتحرك داخل فلسفة الانية وتعني أن الأنا المفكر موجود في منزلة متعالية وينظر إلى الآخر كموضوع ومجال لبحثه وبالتالي يكون هو ذات عارفة ويكون الآخر مجرد موضوع لمعرفته والتفكير فيه يعني القبض عليه بواسطة المفهوم والسيطرة عليه وإخضاعه عن طريق العلم والتقنية وعقلنته عقلنة تامة بإخراجه من دائرة المجهول إلى دائرة المعروف واستعماله في أغراض منفعية أخرى.
التمركز حول العقل الغربي : تنوير وحداثة – استشراق- استعمار.
الحرب نتيجة منطقية لفلسفة الانية المنغلقة على ذاتها ورفضها للغيرية
أنا أفكر إذن أنا موجود عند ديكارت تؤدي إلى أن نصبح سادة ومالكين للعالم
العلاقة مع الغير هي علاقة عدائية صدامية قوامها النفي المتبادل والتي تتجلى في أرقى أشكالها في الحروب والعنف.
فكر بغيرك له معنى ايجابي:
هناك فرق بين التفكير بالغير من أجل معرفته والسيطرة عليه والتفكير بالغير من أجل الإحساس به والتعاطف معه ومعرفة نقائصه وحاجياته من أجل الانفتاح عليه والإصغاء إليه.
الغير كان طي الكتمان ومحل النسيان ووراء الظل وينبغي تسليط الأضواء عليه وتذكره ونفض الغبار عنه وإخراجه إلى دائرة الاهتمام.
التذكر ليس شغل الذاكرة فقط بل هو شغل الوجدان والإحساس وفعل ينطلق من الماضي ويرتبط بالمستقبل.
الغير ليس دائما سيدا مسيطرا وفاعلا بل يمكن أن يكون ضحية ومحتاج ويعاني من العديد من النقائص وفاقدا للحد الأدنى من الحقوق الأساسية ويحتاج إلى المساعدة ويتطلب التدخل العاجل لإنقاذه.
فكر بغيرك تعني افتح نوافذك وأبوابك، على الإنسان أن يفتح قلبه وأن ينصت للآخر ليحس بما يحس به الآخر ويشعر بما يشعر به.
التفكير في الغير يمكن أن تكون دعوة إلى يقظة الضمير وصحوة العقل قصد الاعتراف بالغير واحترام حق الاختلاف والتشريع للتعددية والتنوع ورفض النهج العنيف والجنوح الى المسالمة والعيش السوي.
فكر بغيرك : لا يعني انتصاب ذات عارفة في موقع متعالي وطرح الآخر كموضوع لتفكيرها ومعرفتها خاصة تلك المتجسدة في النظرة الاستعلائية التي تمارسها فلسفة الانية المنغلقة على ذاتها كالديكارتية وورثتها من المتحصنين بفكرة السيطرة والتحكم بل التواضع وتنسيب المعارف والتخلي عن الميراث والعودة إلى الغير كما هو في الواقع دون إصدار أحكام مسبقة حوله.
المعنى الإيجابي الذي يقصده الشاعر للتفكير بالغير هو أن التفكير بالغير يعني الإحساس به واحترامه والانفتاح عليه و حسن معاملته .
فالتفكير بالغير ليس عرضي ومؤقت بل هو دائم ومستمر بمعنى إن الاهتمام بالغير هو جوهري وأساسي .
أما التطرق إلى الحرب فالغرض منه إدانتها ورفضها والتنبيه على أنها نتيجة منطقية لفلسفة الانية بما هي فلسفة تلفظ الآخر عبر لامبالاتها بوجوده وفرض طوق الانعزال الذي تسيج بها نفسه .
معرفة الغير ناقصة وغامضة وذاتية ومجحفة
العلاقة بالغير عدائية وتصادمية
وجود الغير هو ضد وليس مع ومن أجل.
أما عندما تسلك الانية سبيل " التفكير بالغير " فإنها ستنتهي حتما إلى حالة السلم والتعايش مع الآخر لكن يجب التنبه أن مجرد إدعاء السلام يمكن أن يستخدم كإيديولوجيها لتمرير السيطرة على الآخر وحرمانه من أبسط حقوقه .
تراهن فلسفة الانية على العودة إلى الذات والإقامة فيها دون أن تعرف أو تبحث في مكان إقامة الآخر ودون أن تترك له مجالا "للوجود مع" .
التفكير في الغير هي دعوة لإيقاظ الضمير والتعالي عن المصالح الآنية المادية والتركيز على إشباع الروحي والإنساني عبر محاسبة النفس .
"التفكير بالغير" يؤدي إلى اكتشاف الآخر المحتاج المهمش الذي يعيش وضعيات قاسية لا إنسانية
إن إقصاء الانية للغيرية لا يمكن أن يحمل سوى دلالة على الانحطاط والسقوط في اللاإنسانية والعنصرية .
فكر بنفسك يعني الربط بين تحرير الذات من أسر المجتمع والطبيعة والغرائز وبين مساعدة الآخرين على اكتساب حريتهم الفردية.
التفكير في الغير ينقسم إلى نوعين : تفكير في الغير البعيد
إن تفكير في الغير القريب ينتج عنه اكتشاف غيرية إيجابية مختلفة ومتميزة
ضرورة انفتاح الانية على الغيرية لكن يجب الأخذ في الاعتبار أن الغيرية نوعان: قريبة وبعيدة والمقصود بالقريبة تلك التي تقيم داخل الذات أما البعيدة فهي الغيرية الجذرية الموجودة خارج الذات والتي تظل محاطة بالغرابة والاختلاف التام والتميز والتنوع بالمقارنة مع الذات.
الغيرية تلعب وظيفة أساسية في إطار علاقتها بالانية:
إما سلبية تحطيمية تكون تهديدا لها ومنعا من تحقيقها،
أو إيجابية بناءة حيث تساعد الغيرية على إثبات إنية أكثر أصالة واكتمال.
فكرفي غيرك = فكر في ذاتك = في انسانيتك
تحويل الوجود ضد إلى وجود مع ووجود من أجل
هنا التفكير في الغير هو في الحقيقة تفكير في الأنا على نحو جوهري وإنساني.
الرهان:
ضرورة انفتاح الأنا على الغير من أجل إثبات انيته بشكل أصيل وتجاوز وضع النزاع والعدوان والارتقاء إلى مقام وجودي أساسه التفاهم والصداقة.
أسئلة تقتضي المعالجة:
ماذا نعني بالغير ؟ وما الفرق بينه وبين الآخر؟ هل الغير محل اتهام وإدانة وعداوة أم يجب أن يكون محل ترحيب واستضافة وصداقة؟ ألا ينبغي أن ينتقل الأنا من رفض للغير وتهميش له إلى احترام وتعايش معه؟ فكيف يكون الاعتراف بالغير هو الطريق الملكي للإقامة في الذات؟
كاتب فلسفي





#زهير_الخويلدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حال فلسطين بعد أربعة سنوات من رحيل عرفات
- جدوى التسامح في وضع غير متسامح
- الزمن ضد الحقيقة
- ملف ماركس ومبررات اعادة الاحياء
- صورة الفيلسوف
- هل تؤدي عقلنة الدين إلى تدين العقل؟
- وول ستريت الثانية نهاية ايديولوجيا العولمة
- المسألة الوطنية: طريق جورج عدة من اليهودية إلى الإنسانية الت ...
- ترشيد ثقافة الافتاء
- منطق الاختراع العلمي عند العرب
- ملتقى فلسفي عالمي حول -الكلي ومصير الإنسان-
- موقف ميشيل فوكو من صعود الروحانية السياسية في إيران
- عودة من الباب الكبير
- استحالة التعايش بين باكستان والحكم الشمولي
- كان الشاعر محمود درويش ما سوف يكون
- علمنة الدين شرط امكان قيام الديمقراطية
- غرامشي والفيلسوف الديمقراطي
- عندما يزف المقاوم واقفا المسيري يترجل


المزيد.....




- الأمم المتحدة تدعو إلى ضبط النفس في الشرق الأوسط
- سويسرا تمتنع في تصويت لمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم ا ...
- اعتقال أكثر من 100 متظاهر مؤيد للفلسطينيين من حرم جامعة كولو ...
- بمنتهى الوحشية.. فيديو يوثق استخدام كلب بوليسي لاعتقال شاب ب ...
- البرلمان العربي يستنكر عجز مجلس الأمن عن تمكين فلسطين من الح ...
- الكويت: موقف مجلس الأمن بشأن عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ي ...
- قائمة الدول التي صوتت مع أو ضد قبول الطلب الفلسطيني كدولة كا ...
- لافروف يعلق على اعتقال شخصين في ألمانيا بشبهة -التجسس- لصالح ...
- اعتقال عشرات الطلاب الداعمين لفلسطين من جامعة كولومبيا الأمي ...
- استياء عربي من رفض أميركا عضوية فلسطين بالأمم المتحدة


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - زهير الخويلدي - اتيقا الاحساس بالغير