أهالى النوبة ومنطقة كركر

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 2605 - 2009 / 4 / 3 - 05:27
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    

لقد ظل أهل النوبة يطالبون بحقوقهم من خلال الكتابة إلى المسئولين فى الحكومات المتتالية التى خاضت ظروفا استثنائية حالت دون تلبية مطالبهم. ولأول مرة منذ التهجير يرى أصحاب الحق أملا يلوح فى الأفق ويلتقون مسئولين يستمعون إليهم ويسعون بإخلاص لحل مشاكلهم. وفى ظنى فإن المرء لا يستطيع أن يتجاهل المواقف الايجابية لمسئول حكومى يستحق الثناء والإشادة كما لا نستطيع أن نغض الطرف عن المواقف السلبية لمسئول آخر لا يستحق سوى النقد والمساءلة. لقد كتبت مقالا فى صحيفة روز اليوسف الصادرة فى 20 فبراير 2009م تساءلت فيه عن مدى اقتراب قضايا النوبة من الحل وتحدثت عن المنطقة (وادى كركر) التى اختيرت لبناء منازل المغتربين من جماعة الكنوز مشيرا إلى المعلومات الجغرافية البسيطة التى جمعتها ومفادها أن هذه المنطقة صالحة للزراعة ولا تنقصها البنية التحتية، هذا فضلا عن أنها صالحة للإقامة ولا تتعدى المسافة بينها وبين مدينة أسوان عن بضعة كيلومترات أى بالقرب من المراكز الخدمية كالجامعة والمدارس الثانوية والصناعية والتجارية والمستشفيات. الجدير بالملاحظة أن الخلافات بدأت تدب بين قيادات النوبة بعد أن قاربت قضيتهم على الحل. وهذا ما دفعنى إلى القول بالحرف الواحد بأن مسئولى الدولة قد اتفقوا على الحل ولم يبق سوى أن يتفق أهل النوبة فيما بينهم.

لقد تلقيت ردودا كثيرة عبر البريد الالكترونى والهاتف وهذه الردود فى مجملها عبارة عن عتاب يكتنفه الغضب وخيبة الأمل والحزن الشديد لأننى من مؤيدى منطقة تقع فى مهب الكوارث الطبيعية ونصحنى بعضهم بقراءة بحث لأستاذ فى كلية علوم أسوان متخصص فى الجيولوجيا يعبر من خلاله عن مخاوفه من وقوع المنطقة داخل الحزام الزلزالى. لا شك أن هؤلاء المعارضين لموقع البناء نوبيون مخلصون قرروا اتخاذ هذا الموقف الرافض بعد أن اطلعوا على رأى أستاذ العلوم. قد لا يصدق هؤلاء أن الدولة لم تتدخل فى اختيار الموقع بل إن الاختيار تم بمعرفة أبناء النوبة من القيادات الحزبية والشعبية والطبيعية والدليل على ذلك أنهم جميعا شهدوا احتفال وضع حجر الأساس فى المنطقة. وبالإضافة إلى ذلك فإن المحافظ أكد فى أكثر من مناسبة بأن بوسع أبناء النوبة من الكنوز اختيار موقع آخر طالما هم غير راضين عن وادى كركر ولا أدافع عن المحافظ إذا قلت إن هذا فى حد ذاته دليل على عدم تدخله فى اختيار مواقع البناء. كما أوضح المحافظ أن الاعتقاد السائد فى الأوساط النوبية بأن هذه هى المنطقة الوحيدة المتاحة لبناء المنازل غير صحيح إذ أن هنالك خمس مناطق أخرى لبناء منازل مغتربى المجموعات النوبية من العرب والفاديجا منها العلاقي و أبو سمبل و قسطل و أدندان. وقد دفعنى الفضول إلى أن التقى بعض أساتذة كلية العلوم للوقوف على نتائج البحث العلمى الذى أحدث هذا اللغط حيث تبين أن أستاذ العلوم لم يقم ببحث ميدانى يعتمد على الوسائل والأجهزة العلمية التى تختبر صلابة التربة ولم يقم بعمل مجسات تبين احتمالية تعرض المنطقة للزلازل من عدمه. إن كل ما قدمه الدكتور هو عبارة عن تقرير يستند إلى آراء طرحت فى كتب أو مقالات صحفية. وربما اختلط الأمر على الباحث عند تناول الكوارث الطبيعية التى ترتبط بمنطقة كركر إذ إن هنالك جزيرة بنفس المسمى أى كركر التى تقع على مسافة 16كم شمال ساحل غينيا الجديدة حيث تشهد نشاطا بركانيا وهزات أرضية.

ومما سبق يتبين لنا أن ردود الفعل كانت تتسم بالتسرع وتفتقد إلى التريث. الغريب أن المواقف التى أعلنها المعارضون لم تطالب معهد الزلازل بأسوان بدراسة الأمر وكتابة تقرير علمى حول هذه المنطقة. لقد حزنت كل الحزن لبعض الردود التى تكاد تتهم الآخرين بالعمالة والتواطؤ مع مسئولى الدولة لإضاعة الحقوق النوبية. ولا أدرى أين كان هؤلاء عندما قال أحد المسئولين السابقين بالفم المليان أن النوبة القديمة فد غرقت ومن يريدها فليبحث عنها تحت مياه النيل. الجدير بالذكر أننا لم نسمع ردا واحدا من ممثلى النوبة فى المواقع المختلفة ولم يجد هواة القراءة سوى المقال الذى نشرته روز اليوسف الصادرة فى 6 يونيو 2006م حيث عبرت فيه عن استيائى من هذه التصريحات الاستفزازية. الجدير بالذكر أننى لم أصب بالدهشة عندما علمت أن بعض محترفى تسلق الجدران وتصوير المقالات قد سارعوا بتصوير ذلك المقال وتسابقوا للقاء المحافظ حينذاك معبرين عن رفضهم لما جاء فى مقالى وتأييدهم لكل ما قاله سيادته. هؤلاء المتسلقون من هواة الفتنة وضرب الأسافين فى حيرة الآن ويعانون من عدم الاتزان وغير مصدقين أن الدولة حريصة على تلبية مطالب النوبيين. روز اليوسف، عدد 1135، 30 مارس 2009م، ص9.

#أحمد_سوكارنو_عبد_الحافظ (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل