أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - لايزال التحقيق مستمرا فى النوبة....















المزيد.....

لايزال التحقيق مستمرا فى النوبة....


أحمد سوكارنو عبد الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 2443 - 2008 / 10 / 23 - 08:20
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


يحتل القانون مكانة خاصة فى قائمة الابتكارات الإنسانية إذ يمثل حجرة الزاوية فى استقرار المجتمعات وبدونه ينتهى بها المقام فى بئر الفوضى وبدونه لما تقدمت البشرية هذا التقدم المذهل الذى نشهده اليوم ولما نشأت الحضارات المختلفة عبر العصور. لقد وضعت القوانين لتحديد حقوق وواجبات الإنسان تجاه أخيه الإنسان وتجاه المجتمع الذى يعيش فيه. لا شك أن كل مجتمع يتبنى القانون أو القوانين التى تتناسب مع الثقافة والعادات السائدة ولكن المجتمعات المتباينة تتفق على أن القانون يمكن اعتباره طائرا ذا ثلاثة أجنحة: جناح يشرع القانون وجناح يقضى به وجناح ينفذ ما قضى. وهذا الطائر يفقد القدرة على التحليق إذا ما فقد جناحا من الأجنحة الثلاثة. لقد أثبتت التجارب التى نخوضها أن أفضل السبل لحل الأزمات والنزاعات هو اللجوء للقانون وخاصة فى ظل ندرة العقلاء القادرين على طرح الحلول السلمية كما كان يحدث فى الماضى. لعل ما يؤكد هذه المقولة هو ما نشهده من تجارب كأفراد وجماعات فى منطقة النوبة الجديدة التى قلما لجأ أهلها قبل التهجير إلى سلطات الدولة لحل النزاعات والأزمات التى تنشأ بين أبنائها.

من المعروف أن أهالى النوبة فى الموقع القديم "قبل التهجير" لم تكن لديهم الرغبة فى اللجوء إلى سلطات الدولة كالقضاء والنيابة أو حتى الشرطة لحل النزاعات التى تنشأ بين الأهالى بل كانوا يتولون حلها بأنفسهم. ويؤكد الكثيرون من كبار السن أن رجال الشرطة فى عنيبة القديمة كانوا يشعرون بالملل جراء قلة النزاعات وانعدام البلاغات. لقد شعر عالم الأنثربولوجيا الأمريكى روبرت فيرنيا خلال زيارته للنوبة القديمة فى الستينيات بذلك السلم الاجتماعى الذى كان يسود أرجاء القرى وعبر عن ذلك فى الكتاب الذى ألفه فى عام 1973م بعنوان : "النوبيون المصريون: شعب مسالم". وهذا يفسر أيضا لماذا لم تنشأ محكمة ونيابة فى منطقة نصر النوبة إلا فى السنوات القليلة الماضية. ففى الوقت الراهن انشغل الكثيرون بهمومهم الشخصية واختفى الحكماء والعقلاء القادرون على رأب الصدع فى المجتمعات القروية. لعل ما حدث فى نصر النوبة فى الأيام القليلة التى تلت عيد الفطر يبين أن القانون هو الملاذ الذى يجب أن نتخذه عند نشوب الأزمات سواء الصغيرة أو الكبيرة. فبعد مضى عدة أيام من عيد الفطر وفى الأيام الأولى لبدء الدراسة حدث أن تشاجر تلميذان من قريتين مختلفتين من قرى المنطقة الجنوبية حيث أصاب احدهما الآخر فى رأسه فتدخل شخصان بالغان من أهل التلميذ المصاب وأمسكا بالطفل الآخر حتى يتمكن ابنهم من الأخذ بالثأر وبالفعل تلقى التلميذ المعتدى إصابة مماثلة كتلك التى أحدثها فى التلميذ الآخر. وعندما سمع أهل القرية ما حدث لابنهم جراء تدخل شخصين بالغين لنصرة التلميذ الآخر ذهب بعضهم ليقدموا شكوى لعمدة القرية الأخرى وظلوا منتظرين ردا ايجابيا دون جدوى فتوجه ثلاثة منهم لمركز شباب القرية الأخرى بغية معاتبة من تكتلوا ضد نجلهم لكنهم تعرضوا للاحتجاز فى إحدى غرف مركز الشباب وحين سمع ذووهم بما حدث توجهوا لإطلاق سراح أبنائهم فقامت مشاجرة أصيب فيها من أصيب وسقط فيها أحدهم فاقدا للوعى ومدرجا فى دمائه بعد أن تلقى ضربة على الرأس أودت فيما بعد بحياته وهكذا كانت الخاتمة حيث انتهت مشاجرة بسيطة بين طفلين بجريمة شنعاء فقد فيها أحد الشباب حياته وقد يفقد البعض الآخر حريته إذا ثبتت الاتهامات فى حقهم. وفى ظنى فإنه من الممكن تفادى هذه النتائج الكارثية لو أحسنا التعامل مع مقدمات الأزمة. فمن أفضل الطرق للتعامل مع الخلافات والنزاعات فى وقتنا الراهن هو اللجوء لسلطات الدولة. لقد أثبتت التجربة الشخصية التى سأرويها فى السطور التالية أن قوانيننا كافية وقادرة على تفادى النتائج التى دائما تنتهى نهاية مأسوية.

لا نضيف جديدا إذا قلنا إن من حق أى مواطن أن يلجأ إلى النائب العام أو المحامى العام إذا استشعر أن هناك خطرا يهدد عرضه أو ماله أو أسرته. كلنا يعرف أن النائب العام— فى أمريكا يطلقون عليه المحامى العام أو محامى المنطقة— منوط به الدفاع عن المجتمع من المارقين والخارجين على القانون. وفى الواقع فإن اللجوء إلى السبل القانونية هو فى حد ذاته ظاهرة صحية لا تستحق سوء المعاملة والتعالى من بعض عديمى الخلق والأدب بل تستحق الثناء والتشجيع لأن هذا خير من اللجوء إلى العنف والبلطجة كوسيلة لاسترداد الحقوق مما قد يهدد استقرار وأمن المجتمع. لقد مررت منذ فترة وجيزة بأزمة كانت من الممكن أن تنتهى نهاية غير طيبة لولا أن ألهمنى الله بأن أتخذ الوسائل القانونية سبيلا لحلها. لقد شاءت الأقدار أن تقيم بجوار منزلى أسرة تختلق الأزمات وتجد سعادتها ومتعتها فى ذلك وتحزن كل الحزن لو رأت أن هناك انفراجة فى الأزمة. قد لا يصدق القارئ أن أبسط الأمور سرعان ما تتحول إلى أزمة حقيقية تبحث عن حلول سلمية يقترحها نفر من أهل البلدة. أما ما يدعو للأسف فهو أن الحلول السلمية لخلافات الجيرة لا يطول أمدها إذ سرعان ما ينتهكها رب هذه الأسرة ويتبعه أفرادها الواحد تلو الآخر. لقد ضاقت بنا السبل واستبد بنا اليأس مما دفعنى إلى اللجوء إلى الشرطة (نقطة كلابشة) لأخذ تعهد قانونى على أفراد هذه الأسرة غير أن رب الأسرة تمرد على التعهد القانونى الذى أخذه على نفسه بل أخذ يهدد بالثبور وعظائم الأمور وأعلنها صراحة أنه لا يخشى شيئا ولا يكترث للمثول أمام النيابة التى لن تستطيع –فى رأيه—أن تثنيه عن المضى فى غيه وتجبره ولن تتمكن من إعادته إلى جادة الطريق. كدت أفقد الثقة فى الوسائل القانونية كما فقدتها فى الوسائل السلمية لولا قناعتى وثقتى فى عدالة القضاء والنيابة التى لا تخشى فى الحق لومة لائم حيث تقدمت بمذكرة أطلب فيه وقف التهديدات الغاشمة التى تلاحق أسرتى وتتساقط على رؤوس أفرادها وقد طالب مدير النيابة باستيفاء جوانب التحقيق فى مركز شرطة نصر النوبة ولايزال التحقيق مستمرا...

مما سبق يتبين لنا أن الاستنجاد بالوسائل القانونية يتطلب التحلى بالصبر وهو فى كل الأحوال أفضل الطرق لحل الأزمات التى تنشأ بين المواطنين فى النوبة الجديدة أو فى أى منطقة أخرى لأن البديل وهو اللجوء للعنف وتجاهل القانون لن يجلب لنا سوى المزيد من الأزمات والكوارث التى تعصف بالأسر وتهدد استقرار المجتمع.



#أحمد_سوكارنو_عبد_الحافظ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سارة بالين: هل تصلح نائبة للرئيس الأمريكى؟
- مشاعر عامة الناس ومقتل سوزان تميم
- ملاحظات حول قانون المرور بعد تطبيقه
- الشركات المصرية الحديثة وحقوق المستهلك
- خطورة تعارض المصالح والاحتكار على مستقبل البلدان
- دروس اولمبياد بكين
- من ينقذنا من أخطاء الأطباء؟
- لا تصافحنى.. فإننى لا أصافح
- لا للمتاجرة بمطالب أهل النوبة
- هل فشلنا فى مواجهة الغش فى الامتحانات؟
- جرائم فى حق التعليم فى مصر
- هل يمكن أن تتحاور الثقافات المتباينة؟
- المحمول وسنينه
- هل سيرقص المسلمون إذا فاز حسين فى انتخابات الرئاسة الأمريكية ...
- ماذا نعرف عن التعليم فى إسرائيل؟
- حماس وحزب الله والأيادى الغريبة خلفهما
- قراءة فى قانون المرور الجديد: الايجابيات والسلبيات
- النفاق فى الدين بين العالم الإسلامى والغرب
- رفقا بهذا البلد
- قراءة فى الرسوم والأمور المسيئة للنبى


المزيد.....




- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس
- الحكم على مغني إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- -نقاش سري في تل أبيب-.. تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال ب ...
- العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريكية ...
- إسرائيل: قرار إلمانيا باستئناف تمويل أونروا مؤسف ومخيب للآما ...
- انتشال 14 جثة لمهاجرين غرقى جنوب تونس
- خفر السواحل التونسي ينتشل 19 جثة تعود لمهاجرين حاولوا العبور ...
- العراق.. إعدام 11 مدانا بالإرهاب في -سجن الحوت-
- السعودية ترحب بالتقرير الأممي حول الاتهامات الإسرائيلية بحق ...
- -العفو الدولية-: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريك ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - لايزال التحقيق مستمرا فى النوبة....