أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - خطورة تعارض المصالح والاحتكار على مستقبل البلدان















المزيد.....

خطورة تعارض المصالح والاحتكار على مستقبل البلدان


أحمد سوكارنو عبد الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 2405 - 2008 / 9 / 15 - 09:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هناك أمران مهمان قد يهددان الكيان الاقتصادى والاجتماعى والسياسى لبلد ما: تعارض المصالح والاحتكار بصوره وأشكاله المختلفة. من المعروف أن الكيانات الاقتصادية التى تحكمها قوانين صارمة تؤدى إلى انتصار العدالة الاجتماعية ومن ثم تنعم الدول بالاستقرار السياسى والاجتماعى. أما الممارسات الفوضوية المتمثلة فى تعارض المصالح والاحتكار الاقتصادى فإنها فى الغالب الأعم ينتهى بها المقام إلى سياسات تنحاز لأصحاب المصالح الخاصة والمحتكرين مهددة السلام الاجتماعى والاستقرار السياسى. لا نفشى سرا إذا قلنا إن الدول الاشتراكية فى بداية نشأتها قضت تماما على الرأسمالية وعملت على عدم تحكم قلة من أصحاب رأس المال فى ثروات البلاد ومقدراتها. وحتى الدول الرأسمالية العريقة كبريطانيا والولايات المتحدة وضعت حدا لتفشى وجبروت رأس المال وسعيه الحثيث لمص دماء المواطنين وذلك من خلال ترسانة قوانين ظهرت على سطح الأرض منذ اندلاع الثورة الصناعية فى مستهل القرن التاسع عشر وربما قبلها.

ومن المسلم به أن تعارض المصالح يحدث إذا تضاربت المصالح الشخصية مع المصلحة العامة، فقد يتولى المرء وزارة من الوزارات وفى نفس الوقت يدير شركة خاصة تعمل تحت رقابة الوزارة التى يتولى شئونها. فالقرارات التى يتخذها عندئذ قد تصب فى صالح هذه الشركة. لا شك أن هناك قصورا فى القوانين التى لم تتطرق أو تتوقع هذا الوضع الشائن الذى من شأنه أن يعرقل اتخاذ أى قرارات لصالح المصلحة العامة. والغريب أن هذا التعارض فى المصالح قد نواجهه فى مجالات أخرى كالمحاماة والضرائب والمرور والمؤسسات العامة. ففى مجال المحاماة قد تتخيل أنك محام لشخص ما فهل يمكن أن تمثل الخصم فى ذات القضية؟ وقد تستعين بمحام لتمثيلك فى قضية "حضانة أولاد مثلا" فهل ستستقيم الأمور إذا قام نفس المحامى بتمثيل الطرف الأخر أى الأم؟ بالطبع الإجابة بالنفى تنتظر هذه التساؤلات لأن الولاء للعميل والحرص على مصالحه يمنعان المحامى من تمثيل الأطراف الأخرى التى تتعارض مصالحها مع العميل. فى الدول الغربية إذا أخل محام بهذا المبدأ فإنه سيتعرض فورا لعقوبات تأديبية وحرمان من مصاريف التقاضى وأحيانا قد يتعرض لإجراءات جنائية. ولا جدال فى أن هناك تعارضا فى المصالح فيما يختص بتحصيل غرامات المرور خاصة إذا كان رجل المرور يتلقى نسبة من هذه الغرامات المحصلة فعندئذ ينشط رجال المرور لجمع أكبر قدر من الأموال حتى تزداد نسبتهم. وهذا النشاط نلاحظه عند الكمائن أو مصائد السرعة التى تبحث عن الذرائع المختلفة لتوقيع الغرامة المالية. ومن الملاحظ أيضا أن بعض مدراء المصالح يحصلون على نسبة من الميزانية المتبقية فى نهاية السنة المالية وهذا بدوره يعتبر حافزا لهؤلاء المدراء لشراء المعدات الرخيصة أو ليمتنعوا كليا عن الشراء بهدف توفير الميزانية والحصول على النسبة المقررة.

من الواضح أن الضرر الذى قد يلحق بالمجالات الأخرى لا يقارن بالضرر الذى يقع على الاقتصاد القومى إذا تعارضت مصالح البلاد مع المصالح الخاصة لرجل السياسة، إذ إنه لن يستطيع أن يفعل شيئا سوى الانحياز لمصالحه الشخصية. إن الأمر يتطلب إصدار تشريعات تغطى المجالات المختلفة، تشريعات فعالة تهدف إلى الحد من استغلال النفوذ ومحاباة الذات على حساب المصلحة العامة ومصالح الآخرين. وقد لا نجد غضاضة فى الاستعانة بتجارب الدول الأخرى فى هذا الأمر. فالدول الرأسمالية الحريصة على المصالح القومية الكبرى لم تتوان فى وضع وتبنى معايير وقواعد ثابتة فى هذا الشأن، فمثلا إذا كنت رجل أعمال فى الولايات المتحدة الأمريكية وترغب فى الحصول على منصب عام "كرئيس أو عضو بالكونجرس" فتستطيع ذلك شريطة أن تتفرغ للعمل العام وتقوم ببيع كل أسهمك وسنداتك قبل الحصول على المنصب السياسى أو تسند إدارة شركاتك لمؤسسة متخصصة على أن تنقطع صلتك كليا بمؤسساتك حتى تترك المنصب العام.

أما بالنسبة للاحتكار فإنه يحدث حين يهيمن طرف (فرد أو شركة) على إنتاج سلعة محددة وبالتالى يملك هذا الطرف المهيمن اليد العليا فى تحديد سعرها. يعلم القاصى والدانى أن الاحتكار من اكبر الكبائر فى اقتصاد السوق لأن النظام لن يعمل بكفاءة طالما هناك مُنتِج واحد بلا حافز لتجويد السلعة المنتًجة لصالح المستهلكين. فالاحتكار يؤدى قطعا إلى ارتفاع الأسعار وإلى عدم الاستجابة لمتطلبات المستهلكين. ومن النادر أن يحدث الاحتكار بهذه الصورة أو الشكل الفج لأن هناك صورة أخرى من الاحتكار يعرف ب"اوليجوبولى" أى أن تتفق مجموعة من الشركات المنتجة لسلعة ما على تقسيم السوق فيما بينها من خلال التحكم فى الأسعار وقد يحدث الاحتكار إذا منعت الشركات المنافسة من دخول السوق من خلال فرض رسوم تؤدى الى زيادة سعر المنتج وهذا ما قد نسميه بالممارسات الاحتكارية.
لقد كان الاحتكار مشروعا فى بريطانيا حيث اعتاد الملك أو البرلمان أن يمنح شخصا أو مجموعة من الأفراد الحق فى توفير سلع أو خدمات معينة. وكان هؤلاء الأفراد يهيمنون على السوق ويتحكمون فى آلياته. ولكن فى مقتبل القرن السابع عشر بدأت المحاكم البريطانية فى محاربة الاحتكار بحجة أنه يحد من حرية التجارة. وقد اصدر البرلمان فى عام 1623م قانون محاربة الاحتكار الذى جرم معظم الممارسات الاحتكارية. ومع ظهور الثورة الصناعية فى بداية القرن التاسع عشر فقد رسخت النظرة التى تؤكد عدم مشروعية الاحتكار وساد الإيمان بالمنافسة فى أسواق الدول الرأسمالية.

وكما الحال بالنسبة لبريطانيا العظمى فالولايات المتحدة الأمريكية أيضا لديها تشريعات قديمة تعكس اعتراض الشعب منذ الأزل على أى احتكار لمقدرات المعيشة ومتطلبات الحياة. لقد ظلت السياسات الاقتصادية لبلاد العم سام تهدف إلى مقاومة الاحتكار وتشجيع المنافسة. والجدير بالذكر أن القوانين الأمريكية الخاصة بالاحتكار لا تختلف عن مثيلاتها فى بريطانيا إذ إنها تنظر للاحتكار بعين الريبة والشك كونه يحدث ضررا يتمثل فى عرقلة المنافسة التى تحدد أسعار وجودة السلع والمنتجات. فمحتكرو سلعة من السلع يحددون أسعارها ويقضون على المنافسة ويتحكمون فى السوق كما يشاءون. لقد سنت القوانين التى تسعى للحد من أية ممارسات تعرقل المنافسة. ومن أشهر قوانين الاحتكار وأقدمها فى الولايات المتحدة هو قانون "شيرمان" المناهض للاحتكار والذى تم إقراره فى عام 1890م ويتضمن هذا القانون بندين مهمين، أولهما يمنع أى تعاقد أو شراكة بين جهتين تعملان على وضع قيود على حرية التجارة. وبمعنى آخر فإن هذا البند يمنع إقامة اتحاد احتكارى بين عدد من الشركات للحد من المنافسة والهيمنة على مقدرات السوق. أما البند الثانى فيجرم أى محاولة لفرد أو شركة لاحتكار أى منتج أو سلعة تجارية.

وهناك قانون آخر يعرف بقانون "كلايتون" الذى تم إقراره فى عام 1914م والذى جاء مكملا لقانون شيرمان. ويهدف هذا القانون إلى تحريم أو تجريم أية ممارسات من شأنها أن تقوض المنافسة. ومن سمات هذا القانون إنه نجح فى تحديد الممارسات الاحتكارية: مثلا، القانون يمنع بيع نفس السلعة بأسعار مختلفة للتجار أو الموزعين ويمنع إبرام عقود معاملة حصرية مع موزع معين، أى عقود تمنع الموزع من التعامل مع باقى المنتجين ويرفض القانون اندماج الشركات المنتجة لنفس السلعة، فمثلا يمنع اندماج شركتى كوكاكولا وببيبسى ويمنع الجمع بين عضوية مجلس الإدارة فى شركتين متنافستين. ولم يكتف الكونجرس بما لديه من قوانين مناهضة للاحتكار بل سعى لإصدار قانون آخر فى عام 1936م يسمى قانون "روبنسون—باتمان" الداعم لقانون "كلايتون". فهذا القانون يمنع أى منتج لسلعة من ممارسة أى نوع من أنواع التمييز بين الموزعين فى تحديد سعر الجملة لسلعة تتمتع بنفس معايير الجودة مما له اثر ضار على المنافسة، هذا إذا لم تكن هذه السلعة عرضة للتلف.

أما الفلسفة وراء هذه القوانين فإنها تكمن فى أن تكافؤ الفرص فى السوق وتنافس المتنافسين يؤديان إلى التوزيع الأمثل للمصادر الاقتصادية لبلد ما، هذا فضلا عن أن المنافسة بدورها تؤدى إلى التقدم التكنولوجى وجودة المنتج وتحسينه ويعمل على المحافظة على المؤسسات الاجتماعية والسياسية والديمقراطية. والجدير بالذكر أن هذه القوانين لم تبق حبرا على ورق بل تم تفعيلها مؤخرا لمواجهة الممارسات الاحتكارية لإحدى أكبر الشركات فى أمريكا، وهى شركة مايكروسوفت التى هيمنت على أنظمة تشغيل الكمبيوتر مما أدى إلى انعدام التطبيقات المتاحة للشركات المنافسة لها مقابل الفرص العظيمة المتاحة لنظام "ويندوز". لقد أصدر القاضى حكما ضد الشركة جاء فى حيثياته أن ممارسات مايكروسوفت كونها غير شرعية لا تصب فى صالح المستهلكين مما يتطلب اتخاذ إجراءات قانونية من شأنها أن تكسر حدة هذا الاحتكار.



#أحمد_سوكارنو_عبد_الحافظ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دروس اولمبياد بكين
- من ينقذنا من أخطاء الأطباء؟
- لا تصافحنى.. فإننى لا أصافح
- لا للمتاجرة بمطالب أهل النوبة
- هل فشلنا فى مواجهة الغش فى الامتحانات؟
- جرائم فى حق التعليم فى مصر
- هل يمكن أن تتحاور الثقافات المتباينة؟
- المحمول وسنينه
- هل سيرقص المسلمون إذا فاز حسين فى انتخابات الرئاسة الأمريكية ...
- ماذا نعرف عن التعليم فى إسرائيل؟
- حماس وحزب الله والأيادى الغريبة خلفهما
- قراءة فى قانون المرور الجديد: الايجابيات والسلبيات
- النفاق فى الدين بين العالم الإسلامى والغرب
- رفقا بهذا البلد
- قراءة فى الرسوم والأمور المسيئة للنبى
- أضواء على الانتخابات الأمريكية
- ظاهرة الطوابير فى كل مكان
- كرة القدم والاستقرار السياسى والاجتماعى
- باراك أوباما والانتخابات الأمريكية
- لماذا لا يتملك أهالى النوبة منازلهم؟


المزيد.....




- اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب في نيويورك
- الاتحاد الأوروبي يعاقب برشلونة بسبب تصرفات -عنصرية- من جماهي ...
- الهند وانتخابات المليار: مودي يعزز مكانه بدعمه المطلق للقومي ...
- حداد وطني في كينيا إثر مقتل قائد جيش البلاد في حادث تحطم مرو ...
- جهود لا تنضب من أجل مساعدة أوكرانيا داخل حلف الأطلسي
- تأهل ليفركوزن وأتالانتا وروما ومارسيليا لنصف نهائي يوروبا لي ...
- الولايات المتحدة تفرض قيودا على تنقل وزير الخارجية الإيراني ...
- محتال يشتري بيتزا للجنود الإسرائيليين ويجمع تبرعات مالية بنص ...
- نيبينزيا: باستخدامها للفيتو واشنطن أظهرت موقفها الحقيقي تجاه ...
- نتنياهو لكبار مسؤولي الموساد والشاباك: الخلاف الداخلي يجب يخ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - خطورة تعارض المصالح والاحتكار على مستقبل البلدان