أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - باقر الفضلي - بين الإستذكار والإِعتبار..!















المزيد.....

بين الإستذكار والإِعتبار..!


باقر الفضلي

الحوار المتمدن-العدد: 2602 - 2009 / 3 / 31 - 09:41
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


لماذا يحتفل الشيوعيون العراقيون بذكرى تأسيس حزبهم سنويا..؟

تراهم يرددون أثناء ذلك، الأغاني الفولكلورية المعبرة عن نضالاتهم، مستذكرين فيها نشاطاتهم الحزبية والجماهيرية، ويؤدون خلالها الرقصات الشعبية من الدبكات والجوبي؛ يتبادلون التهاني والتحيات، ويقيمون المعارض الفنية المعبرة عن نضالات الشعب وأمجاده، مسراته وآلامه؛ تتحول إحتفالاتهم بالذكرى الى مهرجانات شعرية تخلد بطولاتٍ ومآثرَ شعبيةٍ ووطنية، توزع في حرارتها قطع الحلوى وأقداح الشربت، وتعرض المسرحيات المعبرة عن مسيرة شعبهم بأفراحها وأحزانها، فتبدو مندمجة في لوحات تصويرية لواقع حقيقي من نضالٍ جماهيري موحد، يستذكرون خلالها البطولات التي إجترحها المئات من رفاقهم وأصدقائهم، من شهداء الحزب والحركة الوطنية..!


تبدو الصورة؛ من زهوها وحلاوتها ونشوتها؛ من صفائها وعذوبتها، وكأنها طقوس "تعبدية" متوارثة عبر الأجيال، مفعمة بعبير قدسي، وإيمانٍ روحي يغور في أعماق النفس البشرية..!


فهل حقاً يا ترى، ترقى مثل تلك الإحتفالات الى ذلك المستوى من "الكهنوتية" و" الطقوسية التعبدية" كما يعتقدها البعض، أو هكذا تبدو..؟ وهل حقاً لن يرتقي الآلآف من مناضلي هذا الحزب العريق في تأريخه ؛ من النخب المثقفة، من كوادره وقياداته وأعضائه، الى مستوى من الإدراك العلمي والموضوعي؛ ليروا بأن هذه الإحتفالات، لا يمكن بأي حال من الإحوال، أن تجد تصنيفها ضمن "التعبد الوثني"، و"القدسية الكهنوتية"، دون أن يجدوا التفسير المناسب والواقعي لكل ما يقف وراء هذا التقليد المتواصل الذي إعتاده الشيوعيون العراقيون، والتمسك به، حتى في أقسى المناسبات تعسفاً وإضطهاداً، وحتى بين جدران السجون والمعتقلات.؟؟


لا أظن أن الشيوعيين قد جبلوا من طينة غير طينة هذا الشعب الكريم، وإن كان هناك ثمة ما يميزهم، فليس هو إبتعادهم عن نسق هذا الشعب وسجاياه، فلا هم بالملائكة، ولا هم بالإسياد؛ إنهم من أطياف كل هذا الشعب، وتمتد منحدراتهم الإجتماعية الى أعماق كل شرائح المجتمع وفئاته وطبقاته المختلفة، وهم بشر يخطئون ويصيبون..!


فالتقليد الذي تمسكوا به بإلاحتفال سنوياً بيوم تأسيس حزبهم، لم يك مجرد إستعادة لعادة جبلوا عليها منذ أن أصبح وجود هذا الحزب، حقيقةً إجتماعية يتلمسها العراقيون حيثما وجدوا في ربوع الوطن أو خارجه؛ حقيقة جسدتها علاقة تلاحمية نضالية طوعية، بين مختلف شرائح النسيج الإجتماعي؛ والفقيرة والكادحة منها بالذات، ومن النخب المثقفة، وأوساط الكسبة والحرفيين، ناهيك عن النساء وجموع العمال وجماهير الفلاحين ..!


وليس من باب المغالاة القول؛ بأن هذه العلاقة التلاحمية النضالية التأريخية بين الحزب الشيوعي العراقي ومحيطه الإجتماعي، والتي تواصلت على مدى خمس وسبعين عاماً، ما كانت أيضاً، مجرد علاقة شكلية، أو موسمية عابرة تخضع لمزاج وأهواء الجمهور حسب، بقدر ما عبرت عن علاقة تفاعلية ديناميكية نضالية؛ وقودها التفاعل المتواصل بين تطورات الأحداث السياسية والإقتصادية والإجتماعية في البلاد، وبين النضال الدائب والمواقف التي جسدها الحزب من تلك التطورات وتداعياتها على طبقات وفئات الشعب المختلفة، ومدى تأثير كل ذلك على نتائج ذلك النضال في الأمد القريب أو البعيد، وبكل إيجابياته وسلبياته، لتأتي الإحتفالات بالذكرى السنوية تعبيراً عن صدق هذه العلاقة، وتمجيداً لمسيرة النضال..!


وهذا ما ميز ويميز الحزب الشيوعي العراقي في كل مراحل مسيرته الطويلة، عن غيره من الكيانات السياسية المدنية الأخرى، حيث يجد المراقب من خلال مثل هذه العلاقة بين الجمهور والحزب، لكأنما الحزب يمثل، ليس فقط شرائح محددة في المجتمع، من عمال وفلاحين وجمهرة الكادحين، كما أعتادت الدعاية والإعلام الحزبيين ترديد القول بذلك بإستمرار، بل ينصرف ذلك التمثيل لتجده ينعكس إيجاباً لدى مساحاتٍ واسعةٍ من الجمهور العراقي، ليبدو وكأن هذه الجماهير على إختلاف مشاربها، قد وجدت فيه المعبر الحقيقي عن مطامحها والمناضل الأشد ثباتاً من أجل حقوقها المشروعة، والمدافع الصادق عن الوطن وثرواته وإستقلاله وطموحاته في مستقبل أكثر رفاهية وسعادة، ليعكس وجوده، كياناً سياسياً تميز بالوطنية والأصالة العراقية..!(*)


كما وليس من مَدعاةٍ للتطيرِ أو النفور، أن تُجابَه مواقفُ وسياساتُ الحزبِ بالنقد بل وحتى التشهير في بعض الأحيان، من قبل عدد غيرُ قليلٍ من أصدقائه وأنصاره أو أعضائه أو حتى من قبل أوساط جماهيرية من مؤازريه، ناهيك عن صيادي المياه العكرة ومعارضيه، إذا ما شابَ تلك المواقف أو السياساتِ، ما يبدو وكأنه لا يتوافق مع رؤى وأفكار الناقدين، أو إذا ما نَحتْ تلك المواقفُ مناحٍ لا تبدو منسجمةً مع الإتجاه العام الذي تبلورت عليه تلك السياسات في الظروف الإعتيادية؛ فليس من الغرابة بمكان، أن يقف وراء كل ذلك، حرصُ الأغلب من هذه الأوساط، على أن ترى بالملموس حقيقة تطور العملية الديمقراطية الجديدة في العراق، كطموح مشروع يناضل في سبيله الحزب الشيوعي العراقي..!


ومع ذلك تبقى المسيرة النضالية التأريخية الطويلة للحزب الشيوعي العراقي، بإيجابياتها وسلبياتها، بمثابة الرابط الديناميكي المحرك بين الحزب نفسه وبين قاعدته الشعبية، والعامل المنشط الذي يقف وراء حماس الشيوعيين العراقيين وأصدقائهم ومناصريهم، في التمسك بتقليدهم السنوي بالإحتفال بيوم تأسيس الحزب في الحادي والثلاثين من آذار من كل عام، بل يبدو أحيانا وكأنه جزءً من هذا التراث..!


ولعل ما جاءت به حصيلة نتائج إنتخابات مجالس المحافظات مؤخراً ، ما يعكس حقيقة ما أشرت اليه عن تفاعل ذلك الرابط وعن العلاقة الديناميكية بين القاعدة الشعبية والحزب، فحيث جاءت تلك النتائج على عكس ما كانت تتمناه تلك الجماهير بما فيها أصدقاء وانصار وأعضاء الحزب نفسه. جاءت ردود أفعالها معبرة عن حالة من الإحباط والإنفعال، لتعكس قراءةً مستعجلةً للَّوحةِ السياسية، لا أجدها تتناسب والحقائق الموضوعية للواقع السياسي العراقي الراهن؛ قراءة غلب عليها رد الفعل العاطفي لتصوراتٍ مسبقة، كانت أبعد في إفتراضيتها عن الحقائق الميدانية لذلك الواقع، وعن فعالية وتأثير العوامل الأخرى. ولست هنا بصدد البحث في أسباب ذلك، وهو أمر قد تم تناوله بإقتضاب في بحث سابق..!(**)


وبهذه المناسبة الإحتفالية يصبح من المناسب التقدم الى الشيوعيين العراقيين بأحر التهاني بحلول الذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس حزبهم العتيد، وإكبار عزمهم ونضالاتهم وتضحياتهم البطولية على طول هذه المسيرة المجيدة، وأن يسجل لهم بإعتزاز مواقفهم المأثورة من أجل قضايا الشعب والوطن، ويمجد عالياً شهدائهم الأبرار في سوح النضال والفداء..!
___________________________________________________________
(*) http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=60682
(**) http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=163024



#باقر_الفضلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة العراقية في يوم المرأة العالمي..!
- العراق: آفاق زيارة رفسنجاني..!
- التميمي..قد مر عام..!؟*
- محمود درويش.. إنها غزة..!
- صورة الإنتخابات..!
- غزة وإشكالية الإنتصار..!؟
- أهمية الإنتخابات..!
- اللعب على حبال غزة..!؟
- القرار 1860 والموقف الإسرائيلي..!
- غزة والطريق الى الحل..!
- يعترفون بالمجزرة ويعاقبون ضحاياها..!؟
- أوقفوا العدوان على غزة..!؟
- غزة تقطر دماً..!
- العراق: الإتفاقية الأمنية والبدائل..!
- العراق: ملاحظات سريعة حول الإتفاقية الأمنية..!
- ومع ذلك فهي تدور..!
- الإتفاقية الأمنية والمأزق المزدوج..!
- -البداوة - وسرقة التراث..!
- العراق: توافق الكبار هدر لحقوق الصغار..!؟
- الديمقراطية التوافقية- والدستور..!؟ 2-2


المزيد.....




- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - باقر الفضلي - بين الإستذكار والإِعتبار..!