أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالص عزمي - يا لعناء الممثل















المزيد.....

يا لعناء الممثل


خالص عزمي

الحوار المتمدن-العدد: 2591 - 2009 / 3 / 20 - 09:53
المحور: الادب والفن
    


مسرحية بانتوميم

(أبراهيم : انه تورفالد هيلمر : بطل مسرحية بيت الدمية لابسن في عرض هذا المساء ؛ ممثل مضى عليه عقدان وهوعلى خشبة المسرح ؛ يبدو امامنا قبل رفع ستارة الصالة الكبرى : في غرفة صغيرة : تحتوي على اثاث متواضع ؛ ابرز ما فيها دولاب صغير تتناثر فوقه فرش الالوان ؛و علب وادوات المكياج المعتادة واقنعة ملونة ؛ وتنتصب على حافته الملاصقة للحائط مرآة متوسطة الحجم ؛ تحيطها مصابيح مضيئة ؛ اما في الطرف الايمن فهناك لوحة فنية لبطل احدى المسرحيات ؛ والى جانبها مشجب عليه ملابس الدور و مروحة كهربائية عمودية يخفف هواؤها شيئا من حرارة الجو الصيفي ؛ بينما نلاحظ ان هناك طاولة مستديرة قرب الشباك الوحيد يستقر عليها مسجل كاسيت..... )

المشهد الوحيد
(ركيزة هذا التمثيل الأيمائي : القلق المتواصل والحرص الشديد ـ وهما يتوزعان على حركات وتعبيرات مؤدي الدور : منها تكرار ما يأتي :ـ مراجعة النص ؛ النظر الى الساعة ؛ القيام والقعود ؛ التطلع في المرآة ، الاستماع الى المؤثرات الصوتية ؛ فرقعة اصابع اليدين ؛ شرب الماء ؛ تجفيف العرق ؛ تحريك الجسم واحمائه ؛اغماض العينين ؛ الابتسامة ؛ الضحك ؛ لطم الجبهة ؛ دعك العينين ...... الخ
( الاضاءة مسلطة على الممثل ؛ وهي تتناغم بحسب طبيعة اللون المختار من قبل مهندس الاضاءة و المخرج لكي تبرز حركات الممثل بوضوح أكبر.... تنفرج الستارة الصغرى ؛ وكأنها ضلع امامي لغرفة خاصة ببطل المسرحية ؛
عندها نشاهد تفاصيل الحركة الاولى لابراهيم .... ان الصمت النسبي هو المسيطر على تلك اللوحة .....


يلتقط ابراهيم بعض الملابس الداكنة المعلقة على المشجب والمخصصة لدوره ؛ يرتدي بعضها على تمهل ؛
ينظر بين الفينة والاخرى الى المرآة ليتأكد من التزامه بتعليمات المخرج ؛ يجلس على الكرسي الدائري الوحيد
المقابل للمرآة ؛ يتلمس وجهه ؛ يضع البودرة البيضاء على انفه ؛ يهز رأسه حائرا ؛ ينفض البودرة من على انفه
بعصبية ؛ يفتح علبة الكريمة الغامقة ؛ يأخذ منها كمية باطراف أصبعيه الوسطى والسبابة ؛ يضع قليلا منها على
جفنية ووجنتيه ؛ يلعب حاجبيه ؛ يحرك شفتيه ؛ يفرقع اصابع يديه ؛ ويغمض عينيه ثم يفتحمهما ... يبتسم .. ؛ ينظر الى الساعة ؛يقف متخيلا دخوله في دوره التمثيلي ؛ يعنف بسبابته الممثلين المفترضين في المسرحية الاصل
يسرع في أكمال ملابسه ؛ يلتفت الى مكياج حاجبيه ؛ يعيد تلوينهما بما يشبه الفحم ؛ يمرر يده على تجاعيد وجهه ؛
يقهقه ضاحكا ( لعله يتذكر عشرات السنوات التي قضاها في مثل هذه الحالة الحرجة ) ؛ يقف على قدميه يتجه
نحو الكاسيت ( يضغط على مفتاح التشغيل فتنطلق موسيقى تعبيرية توافق نصا من الدور ) ؛
يرقص بحيوية ؛ يمسك عمود المروحة ؛ وكأنه يداعب زوجته بطلة المسرحية الاصل ( نورا ) . يعود الى مقعده ،
ما زال الارتباك يتملكه ؛ يقف على قدميه منتصبا ؛ يحاول ان يشد من عزيمته ؛ يفتح درج الدولاب ؛ يخرج
صورة ( هي لممثل نرويجي أدى دور هيلمر رب الاسرة المثقف ؛ يتمعن فيها كثيرا لانها ذات الشخصية التي سيمثلها ) ؛ يعود الى كرسيه ؛ يأخذ النص المسرحي بين يديه ؛ يقرأ فيه ؛ يمثل مقطعا صامتا منه ؛ يشير بيده اليمنى الى الاعلى
متوسلا بالسماء ان تعينه ؛ يضع المسرحية جانبا ؛ يحرك شفتيه كأنه يخاطب السماء ثانية ؛ يعود الى المسرحية
؛ يركز على سطر فيها ؛ يحاول تأكيد تذكره ... يغمض عينيه ؛ يلطم جبهته ؛ هنا يتذكر بقية النص ؛ يتمتم
تعبيرا عن الرضا ... ؛ (طرق على الباب ) ؛ يقف بانزعاج ..... ؛ يمشي بتثاقل وهو يقترب منه .... يفتح الباب
؛ يهز رأسه للطارق المفترض ؛ يشير بعلامة الايجاب ؛ يسمع اصوات العمال وهم يركضون في الممر ؛ يغلق الباب
ينظر الى ساعته ؛ يعود مسرعا الى الكرسي ؛ يجلس عليه متهاويا ؛ .... يتمتم بما يحفظ من بداية الفصل الاول .....
يستكمل المكياج ؛ ينظر الى الساعة .... يشرب ماءا باردا من قدحه المفضل ؛( ينقطع التيار الكهربائي ؛ تتوقف المروحة عن الدوران )؛ يتصبب عرقا ؛ يذهب مسرعا نحو الشباك ؛ يفتحه على مصراعيه يدخل الضوء الساطع ونسيمات من الهواء ؛ يعود الى كرسيه ؛ ينظر في المرآة ؛ يعدل بعض ما سال على جبينه من مكياج ؛ يعود الى النص ؛ يقلب صفحات الفصل الاول بسرعة ؛ يراجع تعليمات المخرج ؛ يقف على قدميه ثانية ؛ يخطو بتوئدة ؛ ثم يقرأ نصائح المخرج ؛ يحرك يديه
ثم ينحني الى الارض بما يعني السمع والطاعة لتلك التعليمات ؛ يرجع الى النص ؛ يمثل دورا منه ؛ يعاوده القلق ؛
يفتح الباب ؛ يسمع من بعيد اصواتا وكأنها لجمهور من المتفرجين يدخل الصالة ؛ يظهر عليه الارتباك يعبر عنه بالايماءات والنظرات الشاردة ؛ والتنقل ما بين المرآة والنص والتعليمات .... تعود المصابيح الى توهجها والمروحة الى دورانها ؛ يغلق الشباك ؛ يتقدم نحو اللوحة القريبة من المشجب ؛ ينظر الى تعبيرات الممثل الكبير في لقطة له وهو يمثل دورا مشهور ؛ يعود ادراجه الى مقعده ؛ الى ساعته ؛ يحرك كتفيه وذراعيه ؛ يقف على اخمص قدميه ؛ يهز رأسه استخفافا بقلقه ؛ يذهب الى الركن القصي ؛ يلتقط فردتي حذاءه الثقيل ؛ يدخل قدميه فيهما ؛ يجلس امام المرآة ؛ يعدل من خصلات شعره المبلله بالعرق ويمرر المنديل عليها لتجف ؛ يضع القبعة على رأسه ..... يعود الى النص بعينين زائغتين ؛ يتدارس الحوار بأيماءات مع شخص مفترض ... يحاول الاندماج في الدور ؛ تظهر ملامح الاحاسيس وهي تتدفق بوضوح على تقاطيع وجهه ؛ يعكسها بالحركة على اجزاء جسمه ؛ ثم يتطلع الى المرآة ويراجع النص .... طرق على الباب ثانية ؛ وقف ابراهيم وقوى من عزيمته بمظهر الشموخ وهو بكامل ملابس الدور ؛ القى نظرة اخيرة على مكياجه المتقن وعلى كامل ملابس الدور من خلال المرآة ؛ .... تدفق الدم في وجنتيه ... سرح قليلا في عالم المسرحية ؛ شرب ماءا من قدحه المفضل ؛ تأكد ثانية من كامل ملابسه ... القى نظرة اخيرة على النص .... تقدم بخطوات عجلى نحو الباب الغرفة المشرع .... تفذ منه الى خشبة وهو يسمع الطرقات الثلاث التقليدية ....
هو الآن ...... وقد تغلغل في اعماق شخصية (هيملر ) بطل المسرحية ؛ يسمع تصفيق جمهور الصالة وهو يتعالى

حينما تنزل ستارة عرض البانتوميم

تكون ستارة مسرحية بيت الدمية قد ارتفعت تماما

ختام



#خالص_عزمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف أنسى الطيب صالح
- ليس الحل في تمثيل المرأة نسبيا
- غزة ليست بنت اليوم
- موجز لما نشرت عام 2008 (4)
- موجز لما نشرت عام 2008 (3)
- موجز لما نشرت عام 2008 (2)
- موجز لما نشرت عام 2008 (1)
- قصة سلوى وشجرة الميلاد البغدادية
- الحوار المتمدن في درب الثامنة
- وجهات نظر ( 2 2 )
- وجهات نظر (1 2 )
- الاسود والابيض والمواثيق الدولية
- الى خيمة مسيحية في سهل نينوى
- قد حلا نظمي ورق الغزل
- تجربة الشعب العراقي مع المعاهدات
- قصائد في بغداد
- لمحة عن محمود درويش
- حكمة وعبرة
- تربية أطفال العراق على حب الوطن
- في يوبيلها الذهبي انجازات ثورة 14 تموز


المزيد.....




- معرض الدوحة الدولي للكتاب.. أجنحة ومخطوطات تحتفي بثقافات عُم ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- -نغم يمني في الدوحة-.. 12 مقطوعة تراثية بأسلوب أوركسترالي
- من حارات جدة إلى قمم الأعمال.. رحلة محمد يوسف ناغي في -شاي ب ...
- أم كلثوم بتقنية الهولوغرام في مهرجان موازين بمشاركة نجوم الغ ...
- انطلاق احتفالية شوشا عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي 2024
- أمسية -الارتحال والوداع في الشعر العربي- بمعرض الدوحة للكتاب ...
- “استمتع بمشاهدة كل جديد وحصري” تردد قناة روتانا سينما الجديد ...
- “بطوط هيطير العقول” نزل دلوقتي تردد قناة بطوط الجديد 2024 لم ...
- نائب وزير الثقافة اليمني: إيران الظهر والسند والحاضن لكل حرك ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالص عزمي - يا لعناء الممثل