أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عادل حبه - التضييق والتجاوز على الحقوق النقابية هو خرق للدستور وتزييف للعملية الديمقراطية















المزيد.....

التضييق والتجاوز على الحقوق النقابية هو خرق للدستور وتزييف للعملية الديمقراطية


عادل حبه

الحوار المتمدن-العدد: 2584 - 2009 / 3 / 13 - 08:53
المحور: حقوق الانسان
    



لا ينص الدستور العراقي الجديد إلاّ على مادتين من بضعة أسطر بقدر ما يتعلق بحقوق مؤسسات المجتمع المدني وحق المواطن العراقي في تأسيس النقابات والجمعيات والاتحادات المهنية. فقد نصت المادة 22 الدستور على ما يلي:

أولاً :ـ العمل حقٌ لكل العراقيين بما يضمن لهم حياةً كريمةً.
ثانياً :ـ ينظم القانون، العلاقة بين العمال وأصحاب العمل على أسسٍ اقتصادية، مع مراعاة قواعد العدالة الاجتماعية.
ثالثاً :ـ تكفل الدولة حق تأسيس النقابات والاتحادات المهنية، أو الانضمام إليها، وينظم ذلك بقانون".

كما نصت المادة 43 الفقرة الأولى من الدستور على ما يلي :
"تحرص الدولة على تعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني، ودعمها وتطويرها واستقلاليتها، بما ينسجم مع الوسائل السلمية لتحقيق الأهداف المشروعة لها، وينظم ذلك بقانون".

وعلى الرغم من هذا الاقتضاب المخل في المادة المتعلقة بأهم ركن من أركان الدولة الديمقراطية وأكثرها اقتراناً بمقومات المجتمعات العصرية، إلا أن الحكومة ومجلس النواب لم يبادرا حتى الآن إلى تشريع قانون لهذا البناء الهام من أركان الدولة الديمقراطية، في تأكيد واضح على تجاهل كل من السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية لأهمية مؤسسات المجتمع المدني ودورها الحساس في بناء العراق الجديد. وعلاوة على هذا التجاهل لمؤسسات تمثل قطاع واسع من القوى الاجتماعية الحديثة في المجتمع العراقي، فإننا نرى إن السلطة التنفيذية تتدخل في كل صغيرة وكبيرة في نشاط النقابات والاتحادات والجمعيات، وهي بذلك تتجاهل الاستقلالية التي حددها الدستور لهذه المنظمات وتخرق بفظاظة النص الدستوري الواضح.

لقد انتظر منتسبو النقابات والاتحادات ومنظمات المجتمع المدني بعد سقوط الطغيان أن يسدل الستار على ذلك الفصل المشين في التعامل مع منظمات المجتمع المدني. ولكن هذا الأمل قد تبدد عندما حرمت هذه المؤسسات من استقلاليتها ومن ادارة شؤون منتسبيها بعيداً عن هيمنة الحكم. فقد جرى التمسك بنهج الحكم السابق في التعامل مع هذه المؤسسات، بدءاً من قرار مجلس الحكم المرقم 3 لسنة 2004، والأمر الديواني المرقم 626 لسنة 2004، والتعميم المرقم 3908 الصادر عن الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وما تبعه من الأمر الديواني المرقم 8750 لسنة 2005، والقاضي بوضع اليد على أموال المنظمات والنقابات وتجميد أرصدتها، ناهيك عن التدخلات الفضة لمجلس الحكم ومبادرته إلى تشكيل لجان تحضيرية للانتخابات المهنية على أساس القرار الصدامي المرقم 150 لسنة 1987. لقد تعرض هذا المرفق الهام إلى ممارسات مخلة عديدة تعيق التنظيم النقابي والمهني، والذي بلغ حد التدخل حتى في شؤون الاتحادات الرياضية بحيث تحول الناطق بأسم الحكومة السيد علي الدباغ إلى مشرف على النشاط الرياضي وعلى الاتحادات الرياضية!!.

لقد تحوّلت وزارة الدولة لشؤون المجتمع المدني في الممارسة إلى وزارة لكبح أي نشاط مستقل للنقابات والاتحادات المهنية. وهي وزارة لا يعرف الدافع لتأسيسها وما هي وظيفتها، التي أكدت في الممارسة على أن مهمتها هي خرق الدستور بقدر ما يتعلق بالنشاط النقابي والمهني وأداة لتهديد للنقابيين. لقد كان آخر ما قامت به هذه الوزارة المبهمة الصلاحيات بإصدار بيانات وقرارات تقضي، وبشكل لا يستند إلى أي مسوغ قانوني، بتأجيل الانتخابات النقابية للاتحاد العام لنقابات العمال في العراق. وبلغ الأمر بهذا الخرق الدستوري من قبل أطراف في السلطة التنفيذية إلى ممارسة التهديد ضد واحدة من أقدم وأكبر النقابات المهنية في البلاد وهي نقابة المعلمين.

إن هذه الممارسة علاوة على كونها خرق فاضح للدستور، فهي في نفس الوقت تتعارض مع البيان الوزاري للحكومة أثناء استيزارها، كما أنها تخالف بشدة التأكيدات التي يطلقها رئيس الوزراء السيد نوري المالكي في كل خطاباته وفي حملته الانتخابية حول التزامه بالدستور، ودعوته إلى التمسك بالقوانين والدستور باعتباره هو المرجع والفصل والحكم بين العراقيين. فأين هذه الخروقات الفضّة من الدعوات المتكررة للسيد رئيس الوزراء؟. ولماذا لا يقف رئيس الوزراء ضد هذه الممارسات التي تلحق الضرر بجمهرة واسعة من المواطنين، كما تلحق بسمعة حكومة الوحدة الوطنية ومكانتها وتثير التساؤل حول مدى جديتها في خدمة العراقيين الذين انتخبوها؟.

إن تحويل مؤسسات المجتمع المدني إلى أدوات بيد الحكومة أو بيد الحركات السياسية لا يعني إلاّ مسعى مريب لإجهاض العملية الديمقراطية الفتية في العراق. وهذا المسعى ينطوي على خطر يهدد البلاد ويضعها على كف عفريت بعد أن حققت بلادنا خطوات على طريق الاستقرار وبناء دولة القانون. إن الأطراف المعشعشة في بعض مرافق السلطة التنفيذية من فلول العهد والسابق أو ممن تسلق في إدارات الدولة بعد سقوط الطغيان، تعمل على تهميش دور مؤسسات المجتمع المدني، لأنها تخشى من الانهيار التام للبناء الطائفي وتجار الدين السياسي والمتلاعبين بعواطف البسطاء وعقائدهم المقدسة كي يفرضوا هيمنتهم على البلاد ويعرقلوا البناء الديمقراطي الذي يهدد مصالحهم. فمؤسسات المجتمع المدني، خلافاً لتقليعة أحزاب الدين السياسي والطائفي، لا يمكن أن تكون إلاّ منظمات عراقية الهوية، ولا تخضع لأية فرضيات طائفية أو عنصرية أو عشائرية. فالمعمل والنقابة بحكم العمل المشترك هي حاضنة للعراقيين بكل أطيافهم، ولا يجمعها سوى جامع المهنة المشتركة والمصلحة المشتركة في البناء وفي التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية المتساوية.
وهذا ما يتعارض بل ويهدد مصالح النخب الطائفية والعنصرية والمتاجرين بالدين والمعشعشين في مراكز هامة من مراكز الدولة. إن هذه الفئات تخشى الآن أكثر من أي وقت مضى من أن يؤدي دوران عجلة الصناعة والزراعة والنشاط الانتاجي إلى تفعيل دور المؤسسات النقابية والمهنية والاتحادات الأخرى، مما يسحب البساط من تحت المتاجرين بالمشاعر الطائفية التي عادت بالخراب ونزيف من الدماء على العراقيين بكل أطيافهم. ونأمل من كل من يحرص على العراق وعلى مستقبل الديمقراطية فيه أن يعمل بهمة وحماس على دعم مؤسسات المجتمع المدني، ويقف إلى جانب حق الطبقة العاملة في بناء نقابات مستقلة، وإلى جانب حق المهندسين والأطباء وكل أصحاب النشاط المهني الإبداعي في العراق من أجل إجهاض مساعي القوى المتشبثة بمواقعها في بعض مناحي السلطة من أجل إرجاع عجلة التاريخ إلى مرحلة التجارب المضنية التي عانت منها الطبقة العاملة والفلاحين وكل منتسبي النقابات والمنظمات المهنية والاتحادات الطلابية والنسائية والشبابية، ومن أجل نقابات واتحادات مهنية مستقلة حقاً وبعيدة عن هيمنة السلطة والأحزاب الشمولية. وما على شغيلة بلادنا إلاّ أن ينظروا بجدية إلى مساعي مريبة لأطراف لها نفوذ في السلطة التنفيذية لتهميشهم والدوس على حقوقهم كي يتم دفع العملية السياسية والتحول الديمقراطي إلى مسار متعرج وخطر أيضاً.



#عادل_حبه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطوة مهمة على طريق إرساء دعائم الديمقراطية الحقيقية في العرا ...
- مجنون فوق السقف للكاتب التركي الساخر: عزيز نسين
- قميص عثمان يفرخ قميص غزة
- هيهات منا الذلة-
- لنعمل على بناء الدولة العراقية الديمقراطية الحديثة المستقرة
- رئيس بلدية نموذجي!!! للكاتب التركي الساخر عزيز نسين
- هل أن السيد طارق الهاشمي جاد في دعوته لنبذ الطائفية ومحاصصته ...
- القبلة لإنطون پاڤلوڤيچ چيخوف
- حكاية وزير مزور
- على هامش طرح مسودة الاتفاقية العراقية-الامريكية
- كيف ستجرى الانتخابات في ظل عدم وجود قانون للأحزاب؟
- تغييرات في القاعدة الاجتماعية للحكم في إيران
- أية اتفاقية يريدها العراقيون مع الولايات المتحدة؟
- الأزمة المالية العالمية وآفاقها
- الطائفية داء اجتماعي مدمر يحتاج إلى علاج جذري
- لن يستطيعوا اغتيال ما تحمله من نور في قلبك ومن حبنا لك ياكام ...
- بغداد والشعراء والصور ذهب الزمان وضوعه العطر -رحبانيات-
- اليوبيل الذهبي لثورة 14 تموز عام 1958
- إنقذوا حياة أبو بشار
- جذور الاستبداد وبذور الديمقراطية وآفاقها في العراق


المزيد.....




- الأمم المتحدة تطالب بإيصال المساعدات برّاً لأكثر من مليون شخ ...
- -الأونروا- تعلن عن استشهاد 13750 طفلا في العدوان الصهيوني عل ...
- اليابان تعلن اعتزامها استئناف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئي ...
- الأمم المتحدة: أكثر من 1.1 مليون شخص في غزة يواجهون انعدام ا ...
- -الأونروا-: الحرب الإسرائيلية على غزة تسببت بمقتل 13750 طفلا ...
- آلاف الأردنيين يتظاهرون بمحيط السفارة الإسرائيلية تنديدا بال ...
- مشاهد لإعدام الاحتلال مدنيين فلسطينيين أثناء محاولتهم العودة ...
- محكمة العدل الدولية تصدر-إجراءات إضافية- ضد إسرائيل جراء الم ...
- انتقاد أممي لتقييد إسرائيل عمل الأونروا ودول تدفع مساهماتها ...
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بإدخال المساعدات لغزة دون معوقات


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عادل حبه - التضييق والتجاوز على الحقوق النقابية هو خرق للدستور وتزييف للعملية الديمقراطية