أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عادل حبه - حكاية وزير مزور















المزيد.....

حكاية وزير مزور


عادل حبه

الحوار المتمدن-العدد: 2470 - 2008 / 11 / 19 - 10:07
المحور: المجتمع المدني
    


ظاهرة التزوير ليست بالظاهرة الجديدة على البشر. فهناك من زوّر الأنبياء والأولياء والحكام، بل والتاريخ أيضاً. وفي عصرنا الحاضر هناك من يقوم بتزوير وثائق السفر للهروب من جحيم الحكام الجبابرة، كما حصل بالنسبة للآلاف من العراقيين الذين سعوا إلى الإفلات من الضيم والجور. وهناك من يتفنن في تزوير العملات المختلفة بهدف الكسب السريع وغير القانوني. ولكن آخر تقليعات التزوير التي راجت أخيراً هي تزوير الشهادات الدراسية، وخاصة شهادة الدكتوراه، بهدف الوجاهة أو الاستيلاء على منصب رسمي بغير حق، أو الحصول على راتب مضاعف بهذه الشهادة المزورة.

الوزير المزور علي كردان
فقد أقدم وزير، وليس أي وزير، فهو وزير الداخلية الإيراني المسؤول عن حفظ النظام وهيبة الدولة وحفظ أمنها وتأمين تسليط سوط البطش ضد من يعارضها والتحقق من شرعية الممارسات التي يقوم بها الأفراد، على عملية تزوير شهادته ويحصل على شهادة دكتوراه مزورة وفي الحقوق من أشهر الجامعات، وهي جامعة اكسفورد، فيسابقة لم يقم بها أي وزير في العالم. والجديد والغريب أيضاً أن هذا المزوّر قطب في دولة دينية يسبّح زعمائها ليلاً ونهاراً بعبادة الخالق ويدعون إلى التمثل بأخلاق الصادق النبي وأمانته، ويصبغون جباههم وسيماءهم باللون الأسود كدليل على إيمانهم الذي لا يتزعزع وصدقهم الذي لا يجاريه أي صدق.
فمنذ أشهر تفجرت فضيحة وزير الداخلية الإيراني علي كردان، حيث وجهت له الاتهام بحمله شهادة دكتوراه مزورة في الحقوق من جامعة أكسفورد. ولكن الوزير المزوِّر ردّ على الاتهام ووصفه بأنه مؤامرة موجهة ضد رئيسه أحمدي نژاد وضد الجمهورية الإسلامية الإرانية وضد الإسلام من قبل "الاستكبار العالمي"!!!. وأكد هذا الوزير وبإصرار على أنه يحمل مثل هذه الشهادة الرفيعة. ولكن تداعى هذا الإصرار بعد أن انكشفت كل أوراق التزوير وبانت الفضيحة، وتعرى زيف هذه الشهادة بعد مفاتحة الجامعة البريطانية المعروفة، التي نفت إدارتها بوجود مثل هذا "الدكتور" في سجلاتها، وأعلنت انها لم تجد أي أثر لشهادة المدعو علي كردان في سجلاتها.
وعلى إثر ذلك تقدم عدد من نواب مجلس الشورى الايراني بطلب لحجب الثقة عن الوزير المزوِّر. ولكن هذا الطلب لم يدعم من قبل المرشد الأعلى ولا من قبل رئيس الجمهورية الإيرانية، الذي رد على هذا الاتهام قائلاً:" ان عزله غير ممكن لأنه لم يقم بالتزوير خلال توليه مسؤولياته"!!!، وذلك حسبما أعلنت وكالة الأنباء الإيرانية. وقال احمدي نژاد: "نريد أن يكون البرلمان حليفنا، ولكننا نعارض ان يعزل الوزير"، متهماً خصومه السياسيين بأنهم يقفون وراء الحملة ضد وزير الداخلية، وإن استجوابه من قبل المجلس غير قانوني.
ولكن بعد تزايد الضغوط وبعد أشهر من المناوشات بين أطراف النظام، اضطر مجلس الشورى الإيراني إلى عقد جلسة لاستجواب الوزير، والتحقق من تزويره، خاصة وأنه لم يلجأ إلى الاستقالة والتخلص من عبىء الفضيحة أمام مجلس الشورى. كما لم يطلب رئيس الجمهورية ولا المرشد علي خامنئي من الوزير المزوّر الاستقالة. إن المثير هنا هو ما حصل في جلسة الاستجواب، حيث صوّت فقط 188 على تنحية الوزير من منصبه من أصل 247 نائب بين معارض وممتنع عن التصويت. وهو ما يمثل فضيحة لهذا المجلس الذي صوّت 59 من نوابه عملياً لصالح التزوير، في الوقت الذي قام فيه مسؤول حكومي وهو محمد عباسي عشية الاستجواب على تقديم رشاوي ومغريات بلغت الملايين من "التومانات" الإيرانية إلى نواب المجلس كي يصوّتوا لصالح هذا الوزير دون جدوى.
ومن الطريف هنا الإشارة إلى ما أورده هذا الوزير في الدفاع عن فعلته أثناء الاستجواب في مجلس الشورى الإسلامي. فقد أعترف في النهاية وعلى مضض بأن شهادته مزوّرة، ولكنه أردف قائلاً " إن الشهادة أعطيت له لمهارته الإدارية والتنفيذية ولتقديمه اطروحة الى جامعة اوكسفورد من خلال طرف ثالث كان قد اقام مكتباً مزوراً تابعاً للجامعة في طهران "!!. ويستطرد الوزير المزوِّر قائلاً:"أنه كان من اللازم أن تطرح القضية على القضاء وليس على المجلس، و"إن مدة 30 سنة من خدمتي في وزارة الداخلية هي كافية لكي أحصل على أعلى الشهادات، وليس هناك حاجة لإبراز أية شهادة،.... وإن من يجب أن يحاكم هو الاستكبار العالمي". وقد تبين بعد اعتقال مدير المكتب المزعوم لجامعة أكسفورد في طهران أن صاحبه قد زوّر 1200 شهادة دكتوراه للجامعة لقاء مبالغ نقدية كبيرة بلغت ملايين التومانات الإيرانية.
لقد وجد هذا "الفن" في التزوير مكاناً له في العراق في عهد حزب البعث المزوّر قبل التاسع من نيسان عام 2003، حيث كان القضاء البعثي يطلق سراح المجرم ويسجن الضحية، و يجري الحصول على الشهادة المزوّرة ببساطة عبر ارتداء "الزيتوني" ووضع المسدس على طاولة الامتحانات، وعندها يحصل المزوّر على أعلى الشهادات تحت طائلة التهديد.


فرع لمكتب تزوير الشهادات في العراق - لوحة للفنان حسيب الجاسم
ولكن جاءتنا تقليعة تزوير الشهادات بحلة جديدة على يد حكام إيران بعد أن سقط النظام، حيث زحف بعض مريدي هذا النظام الإيراني إلى المناصب الحكومية بشهادات مزورة مدنية كانت أم دينية، بحيث أن أحد المتنفذين الجدد، وتحديداً وزير التربية والتعليم، استكثر على العراقيين أن يُبدوا موافقتهم على اتفاقية مثل الاتفاقية العراقية الأمريكية بدون موافقة "المرشد الأعلى علي خامنئي". ولم يقتصر الأمر على هذه الموافقة، بل طالت تزوير شهادات تسهّل لأنصار حكام إيران في العراق تبوأ مناصب في بناء الدولة الجديدة. ففي تاريخ 4/11/2008، أعلنت مصادر في وزارة التعليم العالي العراقية إن آلاف الشهادات العلمية المزورة تسربت إلى العراق من إيران وبتخطيط من جهات استخباراتية إيرانية. وأشارت المصادر العلمية العراقية إلى أن ما يقرب من 45 ألف شهادة ووثيقة تحمل أختام وتصديقات جهات علمية وأكاديمية إيرانية أدخلت العراق وتم إعطاؤها لعناصر موالية لإيران لمساعدتهم على إشغال مواقع وظيفية مهمة في العراق ليتمكنوا من خدمة المخطط الايراني الرامي إلى إقصاء جميع العراقيين الذين يرفضون النفوذ الايراني في العراق وفي محاولة لتخريب العملية التعليمية في العراق.

وبينت هذه المصادر إن هذه الوثائق تحمل أختام كليات ومعاهد، ولكن الجهات العراقية حين فحصت هذه الوثائق ودققت فيها تبين لها ان بعض حملتها لا يحملون شهادة الدراسة الابتدائية. وقد تم تزويدهم بهذه الوثائق لأغراض التسلق الوظيفي. وكان مسؤولون كبار قد اتُّهموا بتزوير شهاداتهم ومن بينهم نائب محافظ بابل المحسوب على احد الأحزاب الموالية لإيران الذي ادّعى انه يحمل شهادة من معهد إيراني موازية لشهادة الدراسة الاعدادية، ثم تبين أن المعهد غير معترف به علمياً. وتضاف إلى ذلك قضية سمير الشويلي الناطق السابق باسم هيئة النزاهة الذي تبين انه يحمل شهادة جامعية مزوّرة وهو في الأصل خريج الدراسة الابتدائية.
والطريف إن مجلس النواب قد طالب المسؤولين العراقيين من درجة مدير عام وصولاً إلى رئيس الجمهورية بتزويد المجلس بشهاداتهم الدراسية المصدق عليها من الجهات العلمية التي أصدرتها، لكن لم يقدم أي من المسؤولين شهادته للمجلس.
وتحدث الدكتور عبد المحسن الموسوي المدير العام لتربية الرصافة الأولى عن موضوع تزوير الشهادات الدراسية قائلاً:" بعد ورود عدد من الأوراق الرسمية والخاصة بطلب إصدار الشهادة، واكتمال الإجراءات الرسمية بطلب صحة الصدور وتأييد ذلك من قبل موظفين يعملون في الدوائر أو في المدارس المعنية بالامر، راودتنا شكوك حيال ذلك لكثرة الشهادات الصادرة سابقاً ولاحقاً. ففي خلال مدة عملنا في المديرية ولفترة ستة أشهر فقط اكتشفنا 500 حالة تزوير. اذن فكم هو عدد الشهادات المزوّرة الصادرة والموثقة بكتب رسمية تتضمن درجات امتحانية، ومدى صحة الصدور المؤيدة من بعض المدارس في الفترة السابقة؟. إن التحقق من ذلك واكتشاف التزوير ليس بالامر السهل، فكان لابد من توفر دليل ملموس يؤيد صحة ادعائنا. ولهذا طلبنا من أصحاب بعض المعاملات الاتيان بصحة صدور مؤيدة من المدرسة الفلانية تؤكد تخرجه منها. وكان لدى إدارة المدرسة شكوك في بعض الموظفين، ولكننا لا نملك دليلاً مادياً ملموساً يؤكد تورط بعض موظفيها بذلك. وأجرينا اتصالاً مباشراً بادارة المدرسة التي انكرت ان يكون قد وصل إليها أي كتاب. وهذا ما ساعدنا على اتباع الخطوات الأولى لامساك تلك الشبكة المتشعبة والمنتشرة في دوائر مهمة وقريبة مع الأسف من العملية التربوية. ولكن بمجرد اكتشاف الخطوط الاولى لتلك المافيات، تعرض مبنى المديرية إلى تهديدات وإطلاقات نارية كثيفة من أشخاص مجهولين كانوا يحاولون إجبارنا على التنازل عن الدعوى القضائية التي رفعت الى القضاء العراقي لمحاسبة الموظفين المتعاونين والمرتشين معهم. ولكن لابد من ان يأخذ القانون مساره الصحيح، وأنا أحمّل المدير السابق جميع التجاوزات القانونية التي حدثت في المديرية، وأي مواطن لديه معلومات عن أشخاص أصدروا شهادات أو وثائق مزورة أن يخبر الجهات الحكومية لكي تأخذ الاجراءات اللازمة لذلك".
إن أخطبوط ومافيات التزوير التي قامت بتزوير 45 ألف شهادة لقادرة على إشاعة الفساد في كل مرافق الدولة، ووقف أي نشاط مثمر ونزيه لها، وأية خطوة لإشاعة الاستقرار وسيادة القانون ودحر الإرهاب والعبثيين في بلادنا. وما على الحكومة إلاّ أن تطهر نفسها من "الحيتان" وبؤرة الفساد هذه، والتي تحدث عنها مراراً رئيس الوزراء، وأن تنفذ الحكومة وعدها بتطهير أجهزة الدولة من المفسدين لكي تضمن تطهير البلاد من كل أشكال العابثين والفاسدين وتشيع القانون والاستقرار في البلاد.



#عادل_حبه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على هامش طرح مسودة الاتفاقية العراقية-الامريكية
- كيف ستجرى الانتخابات في ظل عدم وجود قانون للأحزاب؟
- تغييرات في القاعدة الاجتماعية للحكم في إيران
- أية اتفاقية يريدها العراقيون مع الولايات المتحدة؟
- الأزمة المالية العالمية وآفاقها
- الطائفية داء اجتماعي مدمر يحتاج إلى علاج جذري
- لن يستطيعوا اغتيال ما تحمله من نور في قلبك ومن حبنا لك ياكام ...
- بغداد والشعراء والصور ذهب الزمان وضوعه العطر -رحبانيات-
- اليوبيل الذهبي لثورة 14 تموز عام 1958
- إنقذوا حياة أبو بشار
- جذور الاستبداد وبذور الديمقراطية وآفاقها في العراق
- نحو انتخابات نزيهة لمجالس المحافظات وقانون ديمقراطي للنشاط ا ...
- نحو إقامة مركز وثائقي للحزب الشيوعي العراقي
- لنأخذ العبر والدروس من مأساة الشعب اللبناني الشقيق
- يجب إعادة -الذاكرة العراقية المسروقة- إلى الدولة
- الذكرى الثالثة والتسعون على إبادة الأرمن والآثوريين صفحة مشي ...
- الذكرى الثالثة والتسعون على إبادة الأرمن والآثوريين
- -صولة الفرسان- ترعب حكام التطرف الديني في إيران
- الذكرى الخامسة لغزو العراق
- بانتظار موقف حكيم من رجال الدين يوازي مواقفهم الحكيمة السابق ...


المزيد.....




- منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية تؤكد مسئولية المجتمع ال ...
- ارتفاع حصيلة عدد المعتقلين الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ ...
- العفو الدولية: المقابر الجماعية بغزة تستدعي ضمان الحفاظ على ...
- إسرائيل تشن حربا على وكالة الأونروا
- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...
- المقررة الأممية لحقوق الإنسان تدعو إلى فرض عقوبات على إسرائي ...
- العفو الدولية: استمرار العنصرية الممنهجة والتمييز الديني بفر ...
- عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس تحتشد أمام مقر القيادة العس ...
- استئجار طائرات وتدريب مرافقين.. بريطانيا تستعد لطرد المهاجري ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عادل حبه - حكاية وزير مزور