أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالحكيم الفيتوري - مفهوم السلطة في تجربة النبي السياسية















المزيد.....

مفهوم السلطة في تجربة النبي السياسية


عبدالحكيم الفيتوري

الحوار المتمدن-العدد: 2550 - 2009 / 2 / 7 - 08:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



هنالك قدر كبير من الاندماج في عالم الفكر والتجارب السياسية بين الأجيال السابقة والاحقة حسب ما يقتضيه ظرف الزمان والمكان ومقتضيات المصالح المرسلة،والصالح العام لذلك الجيل أو المجتمع، هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى فإن ظاهرة الاندماج العضوي في الفكر السياسي للوظائف الأساسية للدولة، أو عدم الاندماج بين تلك الوظائف ما هو إلا انعكاس للتفاعل الفكري السياسي مع البيئة ومستجدات عصره.

لذلك نجد أن قضية السلطة وتنظيم السلطات وتوزيعها في تجربة النبي السياسية من خلال قراءة تأويلية لمواد وبنود وثيقة المدينة السياسية، كانت تميل إلى مبدأ الفصل بين السلطات فصلا مرنا يتح الفرصة للتعاون والتداخل والمراقبة فيما بينهما، دون الميل إلى مبدأ الفصل الجامد والمطلق الذي يقود إلى مخاطر جمع السلطة في جهاز أو عند عضو واحد. ويبدو أن الوثيقة قامت على فكرة الاندماج الكامل بين البعد الاخلاقي والبعد القانوني من خلال سلطة الأمة والسلطة التنفيذية، في إطار قصدية قيم الاجتماع السياسي جلبا للمصالح ودرءا للمفاسد. فقد جاء في المادة (12)من الوثيقة(وأن المؤمنين لا يتركون مفرحا بينهم أن يعطوه بالمعروف في فداء أو عقل)،وجاء في المادة(16)(وأنه من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصر عليهم).وجاء في المادة(25)(وأن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين لليهود دينهم وللمسلمين دينهم مواليهم وأنفسهم إلا من ظلم أو أثم فإنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته).وجاء في المادة(37) تقرير حقيقة الأبعاد الأخلاقية والحقوقية( وأن على اليهود نفقتهم، وعلى المسلمين نفقتهم، وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة، وأن بينهم النصح والنصيحة، والبر دون الاثم، وأنه لا يأثم امرء بحليفه، وأن النصر للمظلوم).

ويبدو أن وثيقة المدينة قد جمعت للنبي صلى الله عليه وسلم السلطات الثلاث، التشريعية، والتنفيذية، والقضائية.نظرا لاجتماع خصلتين لا تجتمع لأحد من بعده وهما خصوصية الرسالة والقيادة(= البعد الرسالي – والبعد السياسي) وهذا ما لم ولن يجتمع لغيره لأن الله سبحانه قد خصه واصطفاه برسالته، وتبليغ دعوته.

ولكن لما بدأت تتسع فكرة دولة المدينة الاتحادية(= اتحاد قبائل) كما وكيفا؛ وأصبح لها حضور في أصقاع عدة من الارض، رأى النبي بجانبه القيادي السياسي أن يختار من رجاله الأقوياء الأمناء الاكفاء للتغطية هذا الانتشار والحضور الديني والسياسي في المنطقة، وقد كان اختياره لهؤلاء الأكفاء في إطار شعار الانسان المناسب في المكان المناسب، حيث كان صلى الله عليه وسلم يدرك مزايا وقدرات ومؤهلات أصحابه كل الادراك، بل أحيانا يصرح بتلك المميزات، وتلك المؤهلات على مسمع ومرأى من الناس. حيث كان يختار من يمثله في بعض السلطات السيادية، وكان يمنع من يرى فيه خصلة قد تكون سببا في إعاقة تنفيذ عمله السيادي كما ينبغي، وكان يعين الوالي على الولاية، ويجمع له بين السلطتين التنفيذبة والقضائية. وربما أرسل إلى الأطراف واليا وقاضيا؛ وأليا يرعى الشؤون السياسية للأمة، وقاضيا يقيم السلطة التنفيذية والتشريعية، كما صنع مع أبي موسى الاشعري ومعاذ عندما أرسلهما إلى اليمن.

وهنا مسألة لابد من التنبيه إليها، وهي مسألة مكونات السلطة في تجربة النبي السياسية والتي تعد حجر الزاوية في فكرة الدولة أصلا، قد قامت على فكرة اقتناع الافراد ورضا الأمة بشقيها الديني والسياسي(الإجماع السياسي).ولهذا السبب يعتبر فقهاء القانون الدولي أن إرادة الأمة هي السلطة، أما ما يطلق عليه تجاوزا مصطلح(سلطات الدولة) فهو في الحقيقة أجهزة السلطة، وليست السلطة ذاتها.وهذه السلطة الأصلية والأصيلة Originaire هي سلطة واحدة لا تتجزأ ومن ثم فإذا مارست الهيئات الحاكمة اختصاصات مستقلة، فهي لا تتقاسم فيما بينها السلطة العامة، وإنما تتقاسم فقط الاختصاصات.

بيد أن تأسيس السلطة، وقيامها على إرادة الأفراد لا يعني أن الدولة لا تمتلك القوة المادية، إذ لا قيام للدولة دون القهر المادي، أي ألا تجد أمامها في الداخل قوة مادية أقوى منها أو منافسة لها، وأن تخلف هذه القوة المادية يعني تفكك الدولة وفناؤها.ولكن إذا كانت السلطة السياسية تقوم على رضا الأفراد، فمن هم هؤلاء الأفراد الذين تستمد السلطة من رضائهم ؟ يميز رجال القانون والسياسة بين الشعب كحقيقة اجتماعية realite sociologique أي بصفته يشكل كامل الأفراد الذين تتكون منهم الدولة، وبين الشعب السياسي، أي الشعب صاحب السلطة السياسية الذي تستمد منه النظم السياسية وجودها، وترتكز عليه كأساس فعلي لسلطتها، وهذا التطابق وعدمه، يختلف من نظام سياسي لآخر، تبعا لدرجة نضوج الشعب، وتقدمه الحضاري.(انظر:النظم السياسية لثروت بدوي)

وأحسب أن تجربة النبي السياسية كانت مرنة في فكرة تنظم السلطة أكثر من التجارب اللاحقة لها، حيث أعطت وثيقة المدينة السياسية لغير النبي حق التشريع الإبتنائي وتنظيم السلطتين القضائية والتنفيذية، وتوضيح ذلك أن الصحيفة في حد ذاتها عمل تشريعي نشأ تعبيرا عن إرادة الأمة، منضما إليها إرادة النبي(القيادي).على اعتبار أن هذا التشريع الابتنائي يصدر وفق معيارية الخطاب القرآني وسهمية القراءة باعتبار السياق والمساق.

ولعل النهج الذي سلكه النبي في تجربته السياسية في تقعيد قواعد وثيقته السياسية، كان منطلقا من قصدية الوحي، ومراعيا لعناصر البيئة الثقافية والاجتماعية والسياسية(=السياق والمساق)،آخذا في الاعتبار نقطة التقاء المصالح جلبها وتكميلها، ودرء للمفاسد العامة وتقليلها لكل مكونات المجتمع الجديد، الجماعة الدينية (=المهاجرين والانصارى ومن تابعهم)،والجماعة السياسية (=اليهود ومن تابعهم)، حيث جاء في الوثيقة (أن المؤمنين أمة من دون الناس)،( وأن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين لليهود دينهم وللمسلمين دينهم مواليهم وأنفسهم إلا من ظلم، أو أثم، فإنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته ). وبالرغم من هذا الفكر السياسي المتقدم في تجربة النبي السياسية باعتبار السبق الزمكاني، إلا أنها ليست المثال الذي يخترق التاريخ والجغرافية بدون تعديل وإضافة وإلغاء كما يزعم أصحاب نظرية التماثل التاريخي (=النموذج التاريخي )، أو اصحاب نظرية التقديس التاريخي(=تقديس تجربة النبي،أو الخلفاء الراشدين).ولعل هذه التصورات والمفاهيم هي السائده والمتمكنة من العقل التقديسي القياسي الإحالي الذي لا يعتبر (السياق والمساق) بمعنى أن هذا العقل يطمس التعاقب التاريخي، والتمايز الثقافي والاجتماعي، ومن ثم فهو لا يمايز بين منطق السياسة والاعمال السياسية، ولا ريب أن ذلك يعد نوع من محاكمة الماضي للحاضر والمستقبل، واستمرارية للتاريخ دون انقطاع، وللاسف الشديد أن هذا هو ما يصنعه من ينادي بإعادة الخلافة أو يرفع شعار الإسلام هو الحل دون تمييز بين الإسلام المنزل وقصديته، والإسلام المؤول وإكراهاته



#عبدالحكيم_الفيتوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فكرة الدولة في تجربة النبي
- الدولة في الإسلام فكرة أرضية
- إشكالية القيمة والذات في الفكر الإسلامي
- الخلط بين الدين وأشكال التدين في الفكر الإسلامي
- مخاطر توظيف السياسي للخطاب الديني
- صور من القتل السياسي باسم الدين
- الوهابية وسبي نساء مخالفيهم !!
- الوهابية وقتل المخالف في الولاية السياسية والدينية
- اعتماد محمد ابن عبدالوهاب على فكر ابن تيمية في مسائل التكفير ...
- الوهابية .. وتأصيلها لمسائل التكفير والقتل
- الوهابية حركة سياسية وظفت الديني
- ابن عبدالوهاب ..ونشره للفكر التكفيري
- ابن تيمية ... والتنظير السياسي
- ابن تيمية .. وتشييده للعقل التكفيري
- العقل السلفي... من التفكير إلى التكفير
- ابن حنبل وتأسيسه للعقل التكفيري
- الاسطورة وأثرها في الفكر السني والشيعي (4)
- إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب الشهر هكذا... وإشكالية الفهم
- الاسطورة وأثرها في الفكر السني والشيعي (3)
- الاسطورة وأثرها في الفكر السني والشيعي (2)


المزيد.....




- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- لوموند: المسلمون الفرنسيون وإكراهات الرحيل عن الوطن
- تُلّقب بـ-السلالم إلى الجنة-.. إزالة معلم جذب شهير في هاواي ...
- المقاومة الإسلامية تستهدف تحركات الاحتلال في موقعي المالكية ...
- مكتب التحقيقات الفيدرالي: جرائم الكراهية ضد اليهود تضاعفت ثل ...
- قناة أمريكية: إسرائيل لن توجه ضربتها الانتقامية لإيران قبل ع ...
- وفاة السوري مُطعم زوار المسجد النبوي بالمجان لـ40 عاما


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالحكيم الفيتوري - مفهوم السلطة في تجربة النبي السياسية