أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالحكيم الفيتوري - الاسطورة وأثرها في الفكر السني والشيعي (2)















المزيد.....

الاسطورة وأثرها في الفكر السني والشيعي (2)


عبدالحكيم الفيتوري

الحوار المتمدن-العدد: 2381 - 2008 / 8 / 22 - 09:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ويبدو أن ذات المنهج قد أخذ به عمر رضي الله عنه أيامه خلافته، حيث حارب شريحة من مجتمعه كانت تميل إلى الأسطورة والخرافة وذلك بتقديس ذات الرسول عليه الصلاة والسلام، والتبرك بآثاره، حيث قطع عمر شجرة بيعة الرضوان عندما أحس بأن للأسطورة سبيلا على شريحة معينة من الناس، ذكر ابن سعد بإسناد صحيح عن نافع أن عمر بلغه أن قوما يأتون الشجرة فيصلون عندها فتوعدهم، ثم أمر بقطعها، فقطعت.(9) وقد ذكرالقصة ابن تيمية فقال: نقلوا عن عمر أنه بلغه‏:‏ أن أقواما يزورون الشجرة التى بويع تحتها بيعة الرضوان، ويصلون هناك، فأمر بقطع الشجرة‏.‏وقد ثبت عنه أنه كان في سفر، فرأى قوما ينتابون بقعة يصلون فيها، فقال‏:‏ ما هذا‏؟‏ فقالوا‏:‏ هذا مكان صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال‏:‏ ومكان صلى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، أتريدون أن تتخذوا آثار أنبيائكم مساجد‏؟‏‏!‏ إنما هلك بنو إسرائيل بهذا‏.‏ من أدركته فيه الصلاة فليصل وإلا فليمض‏.(10)ويقال أن عمر ذبح شاة أم معبد لتعلق الناس بها.

كذلك منع عمر رضي الله عنه مزاحمة الوحي بأي مصدر كان ولو كان منسوبا لرسول الله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، فقد كتب إلى الإمصار من كان عنده من الأحاديث شيئا فليمحه.وقال: إني كنت أردت أن أكتب السنن، وإني ذكرت قوما كانوا قبلكم كتبوا كتبا، فأكبّوا عليها، فتركوا كتاب الله تعالى، وإني والله لا أُلبسُ كتاب الله بشيء أبدا. وجاء عن القاسم بن محمد بن أبي بكر: إن عمر بن الخطاب بلغه أنه قد ظهرت في أيدي الناس كتب، فاستنكرها وكرهها، وقال: أيها الناس! إنه قد بلغني أنه قد ظهرت في أيديكم كتب فأحبُّها إلى الله أعدلها وأقومها، فلايُبقينَّ أحدٌ عنده كتابا إلا أتاني به، فأرى فيه رأيي.قال: فظنوا أنه يريد أن ينظر فيها ويقوّمها على أمر لا يكون فيه اختلاف، فأتوه بكتبهم، فأحرقها بالنار.(11)

بل وصل به الأمر أن يهدد المكثرين من بالتحديث عن رسول الله بالسجن والإبعاد إن لم ينتهوا، فقد روى السائب بن يزيد أنه سمع عمر بن الخطاب يقول لأبى هريرة: لتتركن الحديث عن رسول الله أو لألحقنك بأرض دوس، وقال لكعب الأحبار لتتركن الحديث عن الأول أو لألحقنك بأرض القردة.(12) وكأن للسان عمر يرد لا لمزاحمة الوحي وتقديس غيره ولو كان رسول الله،وقد نقل عنه مالك كلاما شبيها بذلك حيث قال كان عمر يقول: لا كتاب مع كتاب الله. وأحسب عمر بهذه المنهجية والعقلانية كان يقاتل ضد فكرة تدوين الأسطورة في مدونات الإسلام ومزاحمة الوحي بتلك المدونات فيما بعد. بل أنه حارب فكرة الأسطورة قبل مرحلة التدوين وذلك في مرحلة المشافهة، فقد قال لأؤلئك المكثرين: أمنية كأُمنية أهل الكتاب.وجاء في الطبقات الكبرى أن عمر كان يقول للناس: مثناة كمثناة أهل الكتاب.وأصل كلمة مثناة مشناة أي روايات شفوية دونها اليهود ثمّ شرحها علماؤهم فسُمّي الشرح جماراً، ثمّ جمعوا بين الكتابين فسمّي مجموعها( الاَصل والشرح )المشناة.(13)

وعلى الرغم من وضوح منهج الإمامين عمر وعلي رضي الله عنهما في عدم الإيمان بفكرة الأسطورة والتقديس، ورفضهما مزاحمة الوحي بأي مصدر بشري ولو كان منسوبا إلى صاحب الرسالة عليه الصلاة والسلام، ولكن أجواء التوظيف(السيف والقلم)، وحالات التدافع والصراع المذهبي تأبى إلا إعادة الاسطورة وسطوتها على عقل الاتباع ومزاحمة الوحي بتلك المصادر البشرية(المناقب) خاصة فيما هو مرتبط بهذين الإمامين عمر وعلي. فقد قام الفكر الديني لكلا المذهبين السني والشيعي في فترة التدوين والتدافع، بنسج حكايات وأساطير مقدسة عن هذين الرمزين(رضي الله عنهما) تتجاوز تصورات العقل، وتقترن بالاعتقاد واليقين، منسوجة بالرواية الشفهية في الحال وبالرواية الاسنادية في المآل، وهذه هي حقيقة الأسطورة. فالاسطورة كما ذكرها ابن منظور:يقال سطر فلان علينا يسطر إذا جاء بأحاديث تشبه الباطل، يقال:هو يسطر ما لا أصل له أي يؤلف....ويقال:سطر فلان على فلان إذا زخرف له الأقاويل ونمقها،وتلك الأقاويل الأساطير والسطر.(14) وعرفها فراس سواح في كتابه مغامرة العقل الاولى بأنها( تطلق العنان للخيال وتنسج حولها القصص والرموز والالغاز عن شخوص مقدسة. تنتقل من جيل الى اخر بالرواية الشفهية. مما يجعلها في ذاكرة الجماعة التي تحفظ قيمها وطقوسها. وتنقلها الى الاجيال المتعاقبة وتكسبها القوة المسيطرة على النفوس).(15)

وهذا الأدب الخيالي والاسطوري كان من ضمن الوسائل المتاحة والمباحة في كل عهود التخلف والانحطاط حين يتنكب الناس سبيل العقل والوحي، كما هو الحال في عهد ما قبل نزول الوحي، حيث كان إلقاء ثوب الأسطورة والخرافة على من مضى من السلف بما لا يقبله ولا يتصوره العقل،أمر مقبوله وسائغ، كذلك رفض إي دعوة تمارس نقد تراث أؤلئك الأسلاف ومحاولة الخروج على أساطيرهم، كما حكى القرآن عنهم( وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا )،وقالوا:(قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا،إن هذا إلا أساطير الأولين)، والأسطورة والأساطير هي القصص والأحاديث المنمقة التي لا يجمعها ناظم معرفي، وتفتقر إلى منطق العقل؛ وعقل المنطق. وبالتالي فإن الاسطورة تعد من جنس الخرافة، لأن الخرافة لغة واصطلاحا تدور في فلك ذات المعاني، ولا يخفى فأن الخرف وصف لمن فسد عقله حتى صار جهاز استقباله يقبل أحاديث لا يقبلها العقل بحال من الأحوال ، كتلك الأحاديث والقصص التي تضفي على الانسان قدرات خارقة ومعجزات تخالف سنن الكون ومنطق العقل والوحي ، كما في حديث خرافة المشهور، ذلك الرجل الذي اختطفته الجن عمرا ثم رجع يحدث بما لا يعقله العقلاء. روى الترمذي وأبو يعلى وأحمد عن عائشة بلفظ أن النبي حدث نساءه ليلة حديثا،فقالت امرأة منهن: يا رسول الله هذا حديث خرافة. فقال عليه الصلاة والسلام: أتدرون ما خرافة‏ ؟‏ إن خرافة كان رجلا من عذرة أسرته الجن في الجاهلية، فمكث فيهم دهراً، ثم ردوه إلى الأنس، فكان يحدث الناس بما رأى فيهم من الأعاجيب، فقال الناس حديثه خرافة.(16)

وللافت للنظر أن الخرافة والاسطورة ظاهرة جمعية وليست فردية تؤدي مجموعة من المهام الاستقرارية ذات الطابع الاجتماعي والسياسيديني، وهذا ما يمكن فهمه من خلال سياقات الآيات وضمائر الجمع التي وردت فيها ،كقوله( قد سمعنا لونشاء لقلنا مثل هذا،إن هذا إلا أساطير الأولين)،( وقالوا أساطير الأولين)كذلك صيغة الحديث خرافة( ...فكان يحدث الناس بما رأى فيهم من الأعاجيب، فقال الناس حديثه خرافة). أيضا فإن الأحاديث الناهية عن إلقاء ثوب القداسة والاسطورة على رسول الله قد جاء فيها ما يؤكد بأن منطق التقديس والاطراء والاسطورة ظاهرة جمعية وليس فردية حيث جاء فيها الأمر بالامتناع بصيغة جمعية، فقد جاء في حديث لا تطروني كما أطرت اليهود والنصارى أنبياءهم، إنما أنا عبد (فقولوا: عبد الله ورسوله).(17)

والناظر إلى واقع الناس يرى تجليات تلك الظاهرة الجمعية بوظائفها المتعددة والمتنوعة رأي العين في التجمعات المذهبية، والطائفية ، والجماعات الدينية في الماضي والحاضر. ولعله من المناسب تناول نموذجين من مدرستين إسلاميتن مختلفتين قد تجسمت فيهما تلك الظاهرة الجمعية بأبعادها الاجتماعية والدينية والسياسية، وذلك من خلال رمز المدرسة السنية( عمر ابن الخطاب الخليفة الثاني).ورمز المدرسة الشيعية( علي ابن ابي طالب الخليفة الرابع ). والتي يتضح بجلاء من خلال سيرتهما عند الطائفتين مدى توظيف السياسة للبعد الديني من أجل السيطرة على المكون الاجتماعي، وذلك من خلال صناعة الاسانيد والروايات، والتوسل بالأدب الخيالي والاسطوري، والغريب والعجيب السائد في تلك البيئات.ولا يفوتني التنبيه والتأكيد بأن حديثي هذا لا يتجه إلى الطعن في هذين الرمزين رضي الله عنهما،ولا الحط من مكانتهما الدينية والمعرفية، بل أنني من المعجبين بمنهجهم العقلاني القصدي المتمرد على مناهج التقليد وأنماط التقديس.ولكن للاسف الشديد أن العقل الخرافي أضفى على هذين الرمزين بمنطق الاسطورة والخرافة والخيال من التقديس والتعظيم كاد أن يتحول بهما إلى شبه أصنام يستظل بظلها، ويطوف حولها ،ويحتمي بشموخها المصنوعة !!

يتبع




#عبدالحكيم_الفيتوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأسطورة وأثرها في الفكر السني والشيعي (1)
- المرأة والازدراء المركب (5)
- المرأة والازدراء المركب 4
- فلسفة تطور العقل وتدرج الشرع (3)
- المرأة والازدراء المركب (3)
- المرأة والازدراء المركب(2)
- تطور العقل وتدرج الشرع (2)
- فلسفة تطور العقل وتدرج الشرع (1-3)
- المرأة والازدراء المركب (1-5)
- الإمام الشافعي راح ضحية ضربة قاتلة من مالكي !!
- الإمام الشافعي وحقيقة شعاره رأي صواب يحتمل الخطأ،ورأي غيري خ ...
- الإمام الشافعي ومشروعه الأصولي
- الإمام الشافعي ...وتوظيف النسب في السياسديني.
- الإمام الشافعي...وقيمة حرية الرأي !!
- هل الملائكة تلعن المرأة من أجل شهوة الرجل؟!!
- الإمام مالك...وقيمة حرية الرأي!! (2)
- الإمام مالك ...وقيمة حرية الرأي (1-2)
- لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة... وإشكالية الفهم
- أبو حنيفة ضحية الفكر التأثيمي !!
- قراءة نقدية لحديث(النساء ناقصات عقل)5


المزيد.....




- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالحكيم الفيتوري - الاسطورة وأثرها في الفكر السني والشيعي (2)