أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - صبحي حديدي - صباح الخير يا كاسترو!














المزيد.....

صباح الخير يا كاسترو!


صبحي حديدي

الحوار المتمدن-العدد: 782 - 2004 / 3 / 23 - 07:24
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


الآن وقد غاب صدّام حسين عن مسرح الشرّ، وليس من الواضح متى سيغيب عنه أسامة بن لادن أو تخترع الولايات المتحدة إبليساً جديداً صانعاً للشرور جمعاء، فإنّ بعض الأمريكيين يزجون الوقت بتأثيم جارهم... فيديل كاسترو. وبالأمس قرأت مادة على الإنترنت كتبها الصحافي الأمريكي، الكوبي الأصل كما يبدو، هومبيرتو فونتوفا، بعنوان "جارنا الإرهابي"، يزعم فيها أنّ مكتب التحقيقات الفيديرالي الأمريكي أحبط خطة إرهابية شيطانية، كانت تستهدف تفجير عدد من محطات الأنفاق في مانهاتن، فضلاً عن مصفاة نفط في نيوجيرسي، وبالطبع... نسف تمثال الحرّية العزيز، دون سواه. رجال الـ FBI عثروا على أكثر من 500 كيلوغرام من مادة الـ TNT، وقنابل يدوية، ومخططات هندسية للمواقع المستهدفة. ولكنّ السلطات الأمريكية تكتمت على حقيقة أنّ الذين يقفون وراء هذا المخطط الشيطاني هم، حسب فونتوفا، رجال استخبارات كوبيون يتسترون بالعمل في بعثة كوبا إلى الأمم المتحدة!
وهذه حكاية أخرى إضافية، إذاً، تذكّرنا من جديد بأنّ الزعيم الكوبي فيديل كاسترو ما يزال على قيد الحياة، بل هو يواصل العيش في هيئة الكابوس لدى البعض في أمريكا. وهذه مناسبة لإلقاء التحية على هذا الثوري العجوز الذي بات غريب الوجه واليد واللسان، عن العالم بأسره ربما. إنه اليوم على أعتاب عامه الثامن والسبعين، وقد أكمل 55 سنة من العمل الثوري المتواصل، إذا احتسب المرء انخراطه في انتفاضة جمهورية الدومنيكان (1947) قبل لجوئه إلى جبال سييرا مايسترا (1956) لشنّ حرب العصابات التي انتهت بالزحف على هافانا وإسقاط نظام الدكتاتور باتيستا.
والعالم تغيّر كثيراً منذ ذلك التاريخ، بل إن بعض متغيراته أخذت صيغة الإنقلابات الكبرى والهزات العارمة، من نوع اضمحلال المعسكر الاشتراكي، وتفكك الإمبراطورية السوفييتية، والتبدّل الجذري الذي طرأ على مفهوم العالم الثالث وحركات التحرر الوطني وأساليب النضال ضد الإمبريالية، واعتماد مفهوم الغزو العسكري بوصفه الضربة الوقائية الأمثل. العالم تغيّر كثيراً، ولكن كاسترو لم يتغيّر إلا قليلاً...
صحيح أن الشيب خط لحيته الأسطورية، ولم يعد السيكار هو العلامة الفارقة الملازمة، وبزّته العسكرية الخضراء أخذت تختفي بين حين وآخر لتحلّ محلها الـ "سموكنغ" وربطة العنق أثناء الزيارات الرسمية الخارجية القليلة. وصحيح أن الرجل بات يتحدث، على استحياء وبكثير من الإرتباك والحيرة، عن الاستثمار الحرّ واقتصاد السوق والخصخصة الجزئية، وتراجع قاموسه الإيديولوجي اللاهب إلى حدود لا سابق لها من الإنضباط والرزانة. ولكنه بقي كاسترو القديم، غير المنتقَص جوهرياً، وليس من سياق سياسي أنسب من هذه الأيام للوقوف عند ظاهرته، وعند سلسلة الدوافع الموضوعية التي تشجّع الرجل على مواصلة عناده.
فعلي الصعيد الداخلي لا يجادل إلا قليلون في أن الخطوط الكبرى لإنجازات الثورة الكوبية (مثل محو الأمية، والإصلاح الزراعي، وتطوير صناعة السكر، والثورة الثقافية) أعطت أكلها، بل طفحت وزادت. وحجم المبادلات الكوبية مع أوروبا الغربية يبرهن على حيوية مدهشة، وعلى مرونة متقدمة إذا ما قيس بما آلت إليه الاقتصادات الأخرى للدول الاشتراكية سابقاً. وإذ يؤخذ بعين الاعتبار حجم المصاعب الخارجية التي تعرضت لها كوبا، من حصار "خليج الخنازير" أيّام أيزنهاور وكنيدي إلى أحدث أطوار إحكام الخناق على يد بيل كلينتون وجورج بوش، فإنّ سجل نظام كاسترو يترك انطباعات تستحق التأمل حقاً.
وعلى الصعيد الإيديولوجي لا يلوح أن كاسترو خسر الكثير من جراء سقوط الشيوعية السوفييتية، لأنه أصلاً كان حالة وسيطة بين اللينينية الرومانسية، والماوية الثقافية، والبلانكية المعقلنة. وفي وسعه أن يرقب الهدوء الداخلي النسبي الذي تتمتع به الصين المعاصرة، وأن يضحك في عبّه على مشهدين متناقضين ـ متكاملين: مشهد الرأسماليات الغربية وهي تتسابق على خطب ودّ الصين وتوقيع ما يمكن توقيعه من عقود مع اقتصادها الذي يتنامى مثل تنّين، ومشهد الرأسماليات ذاتها وهي تتملص من أعباء العلاقة مع روسيا فلاديمير بوتين واقتصادها الذي يترنح مثل "موجيك" ذهبت الفودكا الرديئة بعقله وقواه.
وكاسترو لا يحتاج اليوم إلى كثير من المهارات التكتيكية لكي ينفذ من ثغور المصالح المتضاربة بين الولايات المتحدة وأوروبا الغربية، وله أن يسترخي وهو يتابع فصول الشدّ والجذب بين قرارات الكونغرس الأمريكي من جهة، وعقود الشركات الأوروبية الطامحة إلى الاستثمار في كوبا من جهة ثانية. وبهذا المعنى لا يبدو أن الرجل على عجلة من أمره في التقاعد، ومن المبكر الحديث عن استراحة المحارب المقترب من الثمانين!
كانت تنقصه تهمة واحدة وها أنهم يلصقونها به اليوم، ممّا يجعل تحيّته واجبة على أمثالي. صباح الخير، إذاً، أيها الرفيق فيديل كاسترو... الإرهابي!



#صبحي_حديدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أهي مصادفة أنها اندلعت في المحافظات الشرقية المنبوذة المنسية ...
- العروس ترتدي الحداد
- قد تصطبغ بلون الدماء حين يخرج جياعها إلي الشارع: روسيا التي ...
- تهذيب العولمة
- المواطن الأول
- ليس بعدُ جثة هامدة ولكن احتضاره ثابت وفي اشتداد حزب البعث بع ...
- تكريم إيهاب حسن
- الفنـّان والسـفـود
- دانييل بايبس الأحدث: يوم فالنتاين معركة حول -روح الإسلام-!
- اتفاقية سلام سورية – إسرائيلية: ما أبعد البارحة عن اليوم!
- معيار الفسيفساء
- تركيا: حوّلت الجار السوري إلى شرطي حراسة ساكت عن الحقّ
- قصور كرتون العولمة: حين ينقلب البشر إلى كلاب من قشّ
- بوش في -حال الإتحاد-: تلويحة القيصر.. ابتسامة الإمبراطورية
- راباسّا: أعظم الخونة!
- معارك إيران السياسية: لا مناص من انتصار الإصلاحيين
- حكاية مكتبة
- جمهورية ثانية- في جورجيا: ذهب المافيوزو وجاء البيدق!
- صانع الشرائع
- سورية في العام الجديد: لا بشائر خير والقادم أدهى


المزيد.....




- السعودية.. مطار الملك خالد الدولي يصدر بيانا بشأن حادث طائرة ...
- سيجورنيه: تقدم في المباحثات لتخفيف التوتر بين -حزب الله- وإس ...
- أعاصير قوية تجتاح مناطق بالولايات المتحدة وتسفر عن مقتل خمسة ...
- الحرس الثوري يكشف عن مسيرة جديدة
- انفجارات في مقاطعة كييف ومدينة سومي في أوكرانيا
- عشرات القتلى والجرحى جراء قصف الطيران الإسرائيلي لمدينة رفح ...
- القوات الأوكرانية تقصف جمهورية دونيتسك بـ 43 مقذوفا خلال 24 ...
- مشاهد تفطر القلوب.. فلسطيني يؤدي الصلاة بما تبقى له من قدرة ...
- عمدة كييف: الحكومة الأوكرانية لا تحارب الفساد بما فيه الكفاي ...
- عشرات الشهداء والجرحى في غارات إسرائيلية متواصلة على رفح


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - صبحي حديدي - صباح الخير يا كاسترو!