أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد الحسين شعبان - الإعلامي والحقوقي ومن يعتمر القبعتين















المزيد.....

الإعلامي والحقوقي ومن يعتمر القبعتين


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2522 - 2009 / 1 / 10 - 09:54
المحور: حقوق الانسان
    


لعل مقتل أكثر من 1200 صحافي خلال السنوات العشر الماضية، ومقتل أكثر من 170 صحافياً خلال السنوات الخمس الماضية في العراق وحده، ويضاف اليهم أعداد من الإعلاميين الاجانب والعاملين في المنظمات الانسانية، يكاد يكون أمراً مفزعاً إزاء مهنة الإعلام التي يبدو أنها مهنة المخاطر، رغم انه لا يوجد لقب سامٍ لم يطلق عليها، فهي “السلطة الرابعة” و”صاحبة الجلالة”، فضلاً عن أنها مهنة نقل الحقيقة حتى وإن كانت في أقاصي المعمورة، ولعل الصحافة اليوم أو لنكن أكثر دقة فنقول الإعلام، لاسيما في عهد العولمة والثورة العلمية التقنية وثورة المعلومات والاتصالات، والتكنولوجيا التي صاحبتها، أصبح يؤثر الى حدود كبيرة في الرأي العام في زمن السلم والحرب، حتى قيل إن حرب الخليج الثانية العام 1991 خيضت في ال CNN قبل أن تخاض أرضياً أو جوياً، الأمر الذي ترك انعكاساته على صعيد الواقع الفعلي.

وإذا كانت الحرب أولها كلام كما يقال وتبدأ في العقول، فإنها تنتهي في العقول أيضاً مثلما يصنع السلم في العقول، حسب دستور اليونسكو، فإن الإعلام يؤرخ ما يحدث من وقائع وأحداث، حتى إن روائياً كبيراً مثل ألبير كامو أطلق على الصحافي مصطلح “مؤرخ اللحظة”، ولاشك في أن البحث العلمي سيعتمد الى حدود كبيرة على ما يؤرخه الصحافي أو الإعلامي “لحظياً”، خصوصاً أن الصورة خبر مؤثر، لاسيما في الإعلام المرئي، وإذا كنا في العمل الأكاديمي - البحثي نقول ان الوثيقة خبر، فإنه في العمل الإعلامي نقول ان الصورة خبر، والصورة اليوم في ظل تكنولوجيا المعلومات تفعل فعلها بحيث تؤثر في العقول والأدمغة وتوّجه الجمهور صوب الفكرة وتحشد لها طاقات وإمكانات كبيرة. ولنتذكر ما فعلته صورة محمد الدرة على المستوى العالمي، الأمر الذي ينبغي أخذه بنظر الاعتبار.

وإذا كان حسب المثل الفرنسي من يلبس القبعتين: الحقوقية والإعلامية، فيمكنه القول ان ثمة نقصاً وفداحة لدى الفريقين، فالحقوقي أحياناً تنقصه الثقافة الإعلامية، فيما يؤثر بالرأي العام ويحركه باتجاه نصرة حقوق الانسان، مثلما تنقص الإعلامي الثقافة الحقوقية، لاسيما لمعرفة الحقوق والدفاع عنها والتمييز بين الحد الفاصل للحق في التعبير وبين ما يطلق عليه التشهير أو القذف، خصوصاً إذا توّخى إيصال الحقيقة من خلال الخبر أو المعلومة، فتلك مهمة الإعلامي الأولى، وعليه أن يكون واثقاً من مصادر معلوماته ومن المعلومات التي تقدّم إليه، وهنا تلعب المهنية دورها في التوثيق بحيادية واستقلالية ودون إغراض عند إيصال الحقيقة.

إن دور الإعلام سيكون خطيراً من خلال الحرب، لاسيما دور المراسلين وما ينقلوه من جبهات القتال الى العالم، مثلما هو دور الإعلام في السياسة زمن السلم، وكلاهما يستخدم أحياناً “الحرب النفسية” للتأثير في العدو أو الخصم أو الطرف الآخر، أو الجمهور إذا كان هو المُخاطب. وستكون الفداحة كبيرة إذا تمت مجانبة الحقيقة أو تضليل الرأي العام، تحت أية واجهة أو حجة أو مسوّغ ديني أو اثني أو سياسي، خصوصاً بالمنظار الانساني والحقوقي.

وإذا كان هدف اللجنة الدولية للصليب الأحمر هو الإغاثة والتخفيف من المعاناة الانسانية، فإن هدف الإعلام هو نقل الحقيقة بغض النظر عن السياسة، الأمر الذي يكون بإمكان دعاة حقوق الانسان رصده ومتابعته والمطالبة بالمساءلة عنه، وقد شهدت البشرية مآسي كبيرة لاسيما خلال الحربين العالميتين حين أزهقت أرواح أكثر من 70 مليون انسان معظمهم من المدنيين الأبرياء خارج مناطق النزاع، ورغم انتهاء عهد الحرب الباردة، فإن العالم شهد فظائع في البوسنة والهرسك والصومال وفلسطين والعراق وأفغانستان ولبنان والكونغو وغيرها لا حدود لها، فقد قتل في رواندا وحدها نحو مليون انسان خلال أشهر، لاسيما باندلاع الصراع بين قبيلتي الهوتو والتوتسي، وتحت شعار “اقضوا على الصراصير واقطعوا الاشجار الطويلة”، تمت تصفية هؤلاء البشر دون رحمة.

ولعل مناسبة الحديث عن علاقة الإعلام بالقانون الدولي الانساني كان عنوان ندوة مهمة انعقدت في العاصمة الاردنية عمان، من جانب اتحاد الحقوقيين العرب وبالتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الاحمر الدولي، وهي تعبير عن العلاقة الوثيقة بين العمل الحقوقي والإعلامي التي لا تزال رغم التطور الذي حصل في هذا الميدان، الأقل اهتماماً من جانب المجتمع الدولي وما زال الإعلاميون، لاسيما في أوقات الحرب وفي مناطق النزاع، لا يتمتعون كفاية بالحماية اللازمة التي تمكنهم من أداء واجبهم المهني والانساني النبيل، كما ظلت قواعد القانون الدولي الانساني قاصرة في هذا الشأن، وإذا تتبعنا التشريعات الدولية على هذا الصعيد، فيمكن الاشارة الى اعلان بروكسل لعام 1874باعتماد مراسلي الحرب كأسرى، وقد بقيت هذه المسألة تراوح من دون أن تحرز تطوراً كبيراً، رغم تطور تكنولوجيا الحروب والأسلحة. واقتصر الأمر على اعتبار مراسلي الصحف ومخبريها (مراسلي الاخبار) بمثابة اسرى حرب، وهو ما أخذ به دليل أكسفورد (معهد القانون الدولي) العام ،1880 حين أكد على كفالة الصحافيين كأسرى حرب، ومع أهمية هذين النصين الاّ أنهما ليسا قانونيين، وهما أقرب الى التوصيات منهما الى الالزام.

وأكدت قوانين لاهاي (المعاهدات الصادرة عامي 1899 و1907)، لاسيما المادة 23 والمادة 42 على التوالي على واجبات المتحاربين وحقوقهم، لكن الأمر ظل يشكل نقصاً واضحاً في القانون الدولي الانساني الذي لم يضع آليات ملزمة لتطبيق أحكامه بشأن حماية الصحافيين، وحتى المادة 79 من بروتوكول جنيف الأول الخاص بحماية ضحايا المنازعات الدولية المسلحة، فإنها جاءت مرنة ولم توجب ايجاباً قانونياً، وان كانت قد اشترطت حمل هوية أو ترخيص معيّن للصحافي، وهذه قاعدة للتخيّير والجواز وليس للإلزام والالتزام.

وكانت اتفاقية جنيف الثانية الصادرة عام 1949 قد تناولت نظام أسرى الحرب، وأكدت حمايتهم (المادة 81) بمن فيهم الصحافيون: المخبرون والمراسلون، الذين لهم الحق بالحماية كأسرى حرب، شرط ألا يكونوا طرفاً في الصراع أو الانخراط في قوات أحد الفريقين المتحاربين.

وذهبت معاهدة جنيف الثالثة، لتأكيد نظام أسير الحرب (المادة الرابعة) وأكدت صفة أسير الحرب، بمن فيهم المراسلون الذين يرافقون القوات المسلحة دون ان يكونوا جزءاً منها، وهؤلاء يمكنهم ان يكونوا أسرى حرب، وكانت اتفاقية جنيف لعام 1949 قد أكدت الصفة القانونية لمن يحمل تصريحاً من القوات المسلحة.

وإذا كان لا بد من تطوير القانون الدولي الإنساني مع التطور الإعلامي، فإن المادة 79 من بروتوكول جنيف الأول، الصادر عن المؤتمر الدبلوماسي ،1977 قد أكدت ذلك، الأمر الذي يستوجب دعم وتطوير الاتفاقيات الدولية لحماية الصحافيين في إطار حماية حقوق الانسان، وهو ما ذهبت اليه حركة داخل منظومة نيويورك التي تدعو الى ذلك، في حين لم يكتب النجاح لمشروع معاهدة دولية لحماية الصحافيين، بسبب الحرب الباردة بين المعسكرين الاشتراكي والراسمالي، لاسيما خلال احتدام الصراع الايديولوجي.

وإذا كانت المادة 48 من بروتوكول جنيف الأول قد فرّقت بين المدنيين والمقاتلين، لاسيما في الاماكن العامة والمناطق العسكرية، خصوصاً ان الإعلاميين يشكلون فئة خاصة من المدنيين، فإن صفة أسرى حرب تنطبق عليهم وينبغي معاملتهم معاملة أسرى الحرب دون تأويل أو تفسير، وبما أن المدني لا يحق له المشاركة في القتال، وبالتالي ستتبدل صفته، فالإعلامي لا يحق له ان يكون جزءًا من القوات المتحاربة، وبالتالي سيفقد صفته كمدني.

إن وجود تشريع شامل وملزم كاتفاقية دولية لحماية الإعلاميين، يمكّنهم من اداء دورهم المهني والانساني على أحسن وجه، أصبح أمراً مهماً جداً بل ضرورة عاجلة، لاسيما في إطار العمل الانساني والاغاثي، الذي تقوم به اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

إن حماية الإعلاميين هي حق أصيل مثل حماية المدنيين، وهم وان كانوا جزءًا منهم، فإن لديهم امتيازاً آخر لكونهم إعلاميين، أي أن واجب حمايتهم يكون مضاعفاً، ولابدّ من توفير ضمانات لذلك، وعكسه سيكون العالم مستمراً في “غفوته”، حسب تعبير الأمين العام للأمم المتحدة، نظراً لخطورة الاعمال التي يقوم بها الإعلاميون، ودورهم في تحريك الرأي العام، وبالتالي مسؤولية المجتمع الدولي في الدور الإعلامي في الحرب والسلم، لاسيما من خلال ملاقحة الإعلامي بالحقوقي كجزء من منظومة حقوق الإنسان!




#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مغزى كلام بوش
- العراق وشرنقة الفصل السابع
- سريالية عراقية!
- حقوق الإنسان.. إشكاليات أم معايير؟
- ماذا يريد سانتا كلوز من أوباما؟
- حكم القانون ... من أين نبدأ؟!
- هل يتمكن أوباما من إغلاق جوانتانامو؟
- حقوق الإنسان بين التقديس والتدنيس!!
- «نفاق» حقوق الإنسان.. وقفة تأمل!
- جائزة التسامح
- المواطنة «المفترضة»!
- شرق أوسط ممكن شرق أوسط مستحيل
- الاتفاقية الامنية رهن للعراق وشعبه
- الاتفاقية العراقية- الامريكية من الاحتلال العسكري الى الإحتل ...
- المعاهدة العراقية-الأميركية: من الاحتلال إلى الاحتلال! (2-3)
- أوباما الشرق أوسطي!!
- زمان الطائفية
- أولويات الرئيس أوباما!
- استحقاقات أوباما
- الإرث الثقيل


المزيد.....




- الاتحاد الأوروبي يدين تشريع البرلمان العراقي قانونًا يجرم -ا ...
- مسئول إسرائيلي يدعو بايدن لمنع مذكرات اعتقال ضد نتنياهو وجال ...
- هيئة الأسرى الفلسطينيين: سياسة الاحتلال بحق الأسرى لم تشهدها ...
- أيرلندا تهدد بإعادة طالبي اللجوء إلى المملكة المتحدة
- مصدر: المملكة المتحدة لن تستعيد طالبي اللجوء من أيرلندا حتى ...
- القوات الإسرائيلية تقتحم عدة مناطق في الضفة الغربية وتنفذ حم ...
- الأمم المتحدة توقف أعمالها في مدينة دير الزور حتى إشعار آخر ...
- في غضون 3 أشهر.. الأمم المتحدة تكشف أعداد اللاجئين السوريين ...
- حميدتي: قواتنا ستواصل الدفاع عن نفسها في كافة الجبهات ومستعد ...
- مسؤولون إسرائيليون: نعتقد أن الجنائية الدولية تجهز مذكرات اع ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد الحسين شعبان - الإعلامي والحقوقي ومن يعتمر القبعتين