أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - الإرث الثقيل















المزيد.....

الإرث الثقيل


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2481 - 2008 / 11 / 30 - 07:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد أسابيع سيحلّ باراك أوباما الرئيس المنتخب للولايات المتحدة ،44 سيّداً على البيت الأبيض، وهو أول رئيس أسود سيحكم الولايات المتحدة، كما أن فوزه الساحق على منافسه الجمهوري جون ماكين، سيجعل العالم كلّه يتطلع إلى سياسة جديدة للحزب الديمقراطي، بعد دورتين متتاليتين (ثماني سنوات) حكم خلالهما الرئيس جورج بوش من الحزب الجمهوري. وقد شهدت الولايات المتحدة أطول وأقسى حملة انتخابات في تاريخها، انتصر فيها أوباما الأسود من ذوي الأصول الإفريقية المتواضعة على ماكين ابن قائد الأسطول البحري الأمريكي في المحيط الهادي.

ولعل صورة الولايات المتحدة قبل بداية حكم الرئيس بوش كانت تمثّل شيئاً معيناً، وأصبحت بعد ثماني سنوات شيئاً آخر، لاسيما مشاهد الرعب التي اختفت وراءها، من أحداث 11 أيلول/سبتمبر الإرهابية العام 2001 الى غزو أفغانستان العام ،2002 إلى الحرب على العراق واحتلاله، العام ،2003 إلى كوارث انسانية منها إعصار كاترينا وأوضاع سجناء أبو غريب وغوانتانامو والسجون السرية الطائرة والعائمة، إلى الأزمة المالية الطاحنة التي انفجرت منذ شهرين وتحوّلت الى أزمة اقتصادية شاملة انعكست على العالم كلّه. ولعل هذه تركة ثقيلة سوف يواجهها أوباما، على الصعيد الداخلي وعلى الصعيد الخارجي.

قبل مجيء بوش الى الحكم، كان العالم في حالة شبه سلام واستقرار نسبياً، وأسعار النفط لم ترتفع عن 32 دولاراً، والجيش الأمريكي لم تكن لديه مهمات خارج بلاده، باستثناء القواعد العسكرية المعروفة، والاقتصاد الأمريكي في حالة نمو زاد على 3%، وسعر الدولار كان “معقولاً” وديون واشنطن أقل من 6 تريليونات دولار رغم العجز المستمر. بعد أسابيع وبعد أن يترك بوش البيت الأبيض، ستكون تركته ثقيلة وهي الحمل الذي سيتحوّل إلى ظهر أوباما، ومن يدري إنْ كان بمقدوره حمله؟

لقد ورث أوباما، حربين مفتوحتين في أفغانستان والعراق، وقوات مسلحة منهكة ومبعثرة على أكثر من جبهة، وحروباً على الإرهاب بدأت بعد أحداث 11 أيلول/سبتمبر، لكنها لم تنتهِ ويبدو أنها ستستمر حسب تقديرات واشنطن الأولية الى أكثر من 10 سنوات وقد تطال بلداناً أخرى. وهذه المشكلات المتعاظمة أوقعت المواطن الأمريكي في ورطة كبيرة لدرجة مؤرقة، خصوصاً وهو مازال يتساءل كيف سيتم وضع حد لهذين الحربين؟ وهل سينفذ أوباما وعوده بشأن الانسحاب من العراق في أقرب وقت ممكن؟ وعلى الأقل تخفيف مشاعر السخط والعدائية إزاء الولايات المتحدة؟ وما هو السبيل لإيجاد حلول ناجعة وسريعة للأزمة الاقتصادية؟

كما ورث أوباما صعوداً في اسعار النفط وصلت إلى نحو 150 دولاراً، رغم عودتها إلى الانخفاض الى أقل من النصف قليلاً، وعجزاً بلغ أكثر من تريليون دولار وديناً زاد على 10 تريليونات دولار، ناهيكم عن تدنٍ في النمو الاقتصادي، وأخيراً انفجار الأزمة المالية والاقتصادية، التي أدت إلى انهيارات كبرى لشركات التأمين العملاقة مثل شركة “ليمان براذرز” وبنوك عالمية كبرى، لاسيما بعد أزمة الرهن العقاري وانخفاض سعر الدولار وارتفاع أسعار النفط.

وورث أوباماً ملفاً ساخناً جديداً، وهو العلاقة المتوترة مع روسيا، فبعد انتهاء الحرب الباردة وتقلّص النفوذ الروسي، وانحلال المنظومة السوفييتية، عادت روسيا بقوة إلى منطقة القوقاز والبلقان وأوروبا الشرقية، لاسيما بسبب سياسة واشنطن الاستفزازية، الأمر الذي دفعها إلى معارضتها بشدة، خصوصاً بعد نصب واشنطن دروعاً صاروخية مضادة للصواريخ، وتوسيع دائرة حلف الناتو في دول الجوار الروسي، وبخاصة في جمهوريتي بولونيا والتشيك.

وإذا كان أوباما يتولى رئاسة الولايات المتحدة بعد مضي أكثر من عقدين على انتهاء الحرب الباردة وتحوّل الصراع الآيديولوجي من شكل الى شكل آخر، لاسيما بعد انهيار الشيوعية الدولية، وصعود الاسلام السياسي كعدو شرس ضد واشنطن وسياساتها، فكيف ستتعامل واشنطن مع هذا الملف الساخن، وقد شاع خلال الحملة الاعلامية والآيديولوجية في حينها إنْ لم يكن موجوداً “التهديد الاسلامي”، فلا بدّ من “تلفيقه” عبر التنظير لصدام الحضارات، ولابقاء الاحتراب الدائم والتسلح المستمر والصراع المتواصل على المستوى العالمي، حتى وإن اتخذ صفة صراع الثقافات، بعد ذبول صراع الأيديولوجيات الذي طبع القرن العشرين كله، وصراع القوميات الذي طبع القرن التاسع عشر حسب الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك.

وقد حاولت واشنطن تطبيق ذلك على الملف وهذا له علاقة بالملف الإيراني، خصوصاً البرنامج النووي الذي يعتبر أحد مجالات الاحتكاك الامريكية الإيرانية، إضافة الى نفوذ طهران في المنطقة باعتبارها رأس حربة ضد السياسة الأمريكية رغم أن أوباما أبدى استعداده لسلوك سبيل مفاوضات أطلق عليها حازمة.

وإذا كانت الحروب تُصنع في العقول، فإن السلام هو الآخر يصنع في العقول أيضاً، حسبما جاء في دستور اليونسكو، ومثل هذا الأمر سيواجه الرئيس أوباما على نحو راهن لاسيما في الشرق الأوسط.

إن الرئيس أوباما سيواجه تركة الرئيس بوش وإشكالياته جميعها وعليه الخوض في المشكلات العويصة الخاصة، لاسيما بشأن منطقة الشرق الأوسط، التي شكلت نقطة تجاذب شديدة منذ عهد الرئيس جيمي كارتر واتفاقيات كامب ديفيد والصلح المنفرد. وإذا كانت واشنطن تسعى إلى دور نشيط في الشرق الأوسط وتحريك خارطة الطريق الفلسطينية “الإسرائيلية”، خصوصاً تجاوز الصعوبات التي جابهت العديد من الرؤساء الأمريكيين قبله، فإن الأمر يحتاج الى تأكيد إقامة دولة فلسطينية، تلك الأطروحة التي اعتمدت منذ عهد الرئيس بيل كلينتون، لكنها ظلّت باردة وباهتة، خصوصاً في ظل التصعيد العدواني “الإسرائيلي” ضد الشعب العربي الفلسطيني منذ العام ،2000 لمواجهة الانتفاضة الفلسطينية السلمية التي اندلعت بعد أن وصلت اتفاقات أوسلو الى طريق مسدود.

وزاد الامر تعقيداً حصار غزة، وقبلها حصار الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، ومن ثم بناء جدار الفصل العنصري الذي قالت محكمة العدل الدولية رأياً استشارياً في عدم شرعيته، الأمر الذي يقتضي إزالته وتعويض السكان المدنيين المتضررين، وهو ما كان ينبغي على واشنطن أن تضغط على حليفتها “إسرائيل” للعدول عنه والعودة إلى خيار المفاوضات ضمن خارطة الطريق المقترحة، رغم عدم تلبية هذه الأخيرة للحد الأدنى من حقوق الشعب العربي الفلسطيني، لاسيما حق تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين الفلسطينيين.

وإذ تردد عن تعيين السيناتور الجمهوري تشاك هيغل وزيراً للخارجية وهو شخصية متوازنة نسبياً، وكان قد زار الأرض المحتلة مع أوباما والتقى الرئيس محمود عباس، فإن هناك عدداً من المستشارين الذين عيّنهم أوباما كان معظمهم من اليهود وبعضهم من العناصر المعروفة بموالاتها ل “إسرائيل”، بمن فيهم أمين عام البيت الأبيض راحم بنيامين مانوئيل الذي سبق له أن أدى الخدمة في جيش الدفاع “الإسرائيلي” عام 1997 وتطوّع في الحرب على العراق 1991 في مكتب التجنيد التابع ل “إسرائيل”، إضافة إلى كبير المخططين الاستراتيجيين لحملته الانتخابية وهو ديفيد أكسل رود ومستشاره للشؤون الخارجية دنيس روس منسق عمليات السلام في الشرق الأوسط، الأمر الذي قد لا يساعد في حلحلة الأمور باتجاه إيجاد حل ولو بمعيار الحد الأدنى.

حقاً إنها تركة ثقيلة وسيتوقف حملها بجدارة على ما سينتهجه أوباما من سياسة ومراجعة وإعادة نظر بأخطاء وخطايا السياسات السابقة خلال الثماني سنوات الماضية.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعاهدة العراقية-الأميركية... من الاحتلال إلى الاحتلال! (1- ...
- ست حقائق أفرزتها الانتخابات الأميركية
- بغداد - واشنطن بين التبرير والتحذير
- المستقبل والمجتمع المدني
- سباق اللحظة الأخيرة بين بغداد وواشنطن
- هل المجتمع المدني شريك للحكومات؟
- أنغولا غيت!
- موريتانيا والديمقراطية إلى أين؟
- العراق منجم الخطر
- من المستفيد من استئصال المسيحيين في العراق؟
- المستوطنات الإسرائيلية: الصقور والحمائم!!
- حين يكتب رجل الدين قصائد الغزل!
- ثرثرة الديمقراطية
- كيسنجر وموعد الانسحاب من العراق!
- هل جاء دور أوكرانيا بعد جورجيا؟
- انها الرأسمالية.. يا صديقي
- هل ثمة يوم للديمقراطية؟!
- ما بعد الصهيونية
- الحرب من الداخل والبرنامج السري!
- الأبعاد الأخلاقية في حقوق اللاجئين!


المزيد.....




- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - الإرث الثقيل