أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عبد الحسين شعبان - هل ثمة يوم للديمقراطية؟!















المزيد.....

هل ثمة يوم للديمقراطية؟!


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2425 - 2008 / 10 / 5 - 09:39
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


ضمن سلسلة المحاضرات عن الديمقراطية، دعتني المؤسسة العربية للديمقراطية، ومقرّها في قطر وأمينها العام التنفيذي الصديق محسن مرزوق، لإلقاء محاضرة عن «الديمقراطية والثقافة» مع إشارة خاصة للحالة العراقية، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للديمقراطية المصادف 15 سبتمبر.
وكانت الأمم المتحدة قد أصدرت قراراً رقم 62/7 بتاريخ 8 نوفمبر 2007 اعتبرت فيه 15 سبتمبر من كل عام، يوماً عالمياً للديمقراطية. ودعت الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى الاحتفال بهذا اليوم ابتداءً من العام 2008، كما ورد في نص المادة السادسة. كما دعت جميع الدول الأعضاء ومؤسسات ومنظمات الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والحكومية الدولية، والمنظمات غير الحكومية والأفراد إلى الاحتفال بهذا اليوم.
والواقع أن دولة قطر التي توّلت رئاسة مؤتمر حركة الديمقراطيات الجديدة أو المستعادة منذ مؤتمرها السادس الذي انعقد في الدوحة خلال الفترة بين 30 أكتوبر و1 نوفمبر 2006، قد أسهمت بشكل فعّال في بلورة اقتراح تقدمت به إلى الجمعية العامة في دورتها الـ 62 (2007) بتبنّي اليوم العالمي للديمقراطية. وقد دشنت المؤسسة العربية للديمقراطية احتفالات السنة الأولى ببرنامج موسع، شارك فيه نخبة من المفكرين والباحثين، واستهدف إبراز الجانب القيمي والجمالي من المسألة الديمقراطية، إضافة إلى إظهار الجوانب العملية المفيدة الآنية والمستقبلية، فيما يتعلق بالخيار الديمقراطي. وانصرف النقاش والجدل من حالة التشخيص الضرورية لواقع الحال والمعوّقات والعقبات التي تعترض طريق الديمقراطية، داخلياً وخارجياً، إلى الآليات الضرورية التي ينبغي اعتمادها وصولاً إلى تحقيق الهدف أو الاقتراب من الطموح الذي نتوق إليه.
ولعل الدراسات التطبيقية والعملية العربية ما تزال قاصرة حول الآليات والوسائل والخيارات المتاحة للانتقال والتحوّل الديمقراطي، وذلك قياساً إلى تجارب دولية مهمة، لاسيما أميركا اللاتينية. وأذكر أن أحد المؤتمرات المهمة الذي انعقد في كوريا (سيؤول) عام 2002 ركز على هذه الجوانب. وكنّا قد زرنا تشيلي (ساندياغو) العام 2005 ضمن وفد مصغّر واطلعنا بعدد من الفاعليات والأنشطة لدراسة تجربة ما بعد انقلاب بينوشيه عام 1973، لاسيما ما يتعلق بالضحايا وتدوين الذاكرة، والحلول المقترحة، والخيارات المتاحة والصفقة التاريخية لمنع تكرار العنف، والسنوات العشر (الضمانات) التي أخذها بينوشيه بعد تخليه عن الرئاسة ليبقى في رئاسة الجيش والقوات المسلحة. ثم ما ثار حول ذلك من إشكالات قانونية وسياسية فيما يتعلق بتوجه الاتهام إلى بينوشيه في إسبانيا وبريطانيا، وانعكاس ذلك على صعيد العملية السياسية الديمقراطية في تشيلي، وبخاصة لجهة التوافق الاجتماعي والسياسي والسلام الأهلي والمجتمعي ومفارقات وتحديات مبادئ التسامح على هذا الصعيد وعلاقة ذلك بمبادئ العدالة الدولية، لاسيما التي دوّنها النظام الأساسي لميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية عام 1998 ودخل حيز التنفيذ عام 2002.
إذا كان خريف الحكم الشمولي والنظام الاستبدادي قد بدأ، خصوصاً في أوروبا الشرقية والعديد من بلدان أميركا اللاتينية وآسيا وإفريقيا، إلاّ أن رياح التغيير وموجات التحول الديمقراطي انكسرت عند شواطئ البحر المتوسط، وضاعت فرصة تاريخية نادرة للتغيير السلمي في العالم العربي بسبب مواقف القوى الكبرى المتنفذة وسياسات الولايات المتحدة الازدواجية والانتقائية، وربما بسبب وجود إسرائيل والصراع العربي-الصهيوني، وكذلك ضعف وهشاشة البدائل المطروحة في المعارضات العربية وعدم استعدادها لتحمل المسؤولية ونكوصها عن برنامج التغيير والإصلاح الديمقراطي، الأمر الذي فوّت الفرصة في أواخر الثمانينيات، ودفع العالم العربي ثمنه باهظاً، خصوصاً أن الديمقراطية أصبحت مساراً كونياً وليس رغبة لنخبة أو مجموعة من المثقفين، وإنما حاجة ماسة وضرورة ملحة، وليس ترفاً فكرياً.
وإذا كان خريف الاستبداد قد بدأ، فإن ربيع الديمقراطية لن يحلّ بعد، كما أنه لن يحل أتوماتيكياً دون وجود قوى حاملة للمشروع وواعدة ببديل، ناهيكم عن ظروف دولية وإقليمية وداخلية مؤاتية. وإذا كانت الإدارة الأميركية قد طرحت مسألة التحولات الديمقراطية لتجفيف بؤرة الإرهاب، لاسيما بعد أحداث 11 سبتمبر الإرهابية الإجرامية، إلاّ أن سير الأحداث أجهض هذه المشاريع منذ البداية، خصوصاً وقد اتسمت باستخدام القسوة، لاسيما بفرض حصار على العراق دام 13 عاماً ومن ثم احتلاله بالضد من الشرعية الدولية، الأمر الذي فتح الباب على مصراعيه لأعمال الإرهاب والعنف التي عمّت العراق والمنطقة. وظل الجميع لا يعرف السبيل للخروج من غلوائها حتى الآن.
إذا كان «القديم يحتضر» حسب المفكر الإيطالي أنطونيو غرامشي، «فالجديد لم يولد بعد». صحيح أن عراق ما قبل 9 أبريل 2003 لا يشبه عراق ما بعده، لكن أطروحة الخلاص الديمقراطية ونعيم الحرية لم يحلا بعد، ولكي لا تصبح هذه التعويذة خشبة خلاص وقارب نجاة حسب المفكر العربي جورج طرابيشي، فلا بدّ من استحضار أطروحات الخلاص التي سادت بشأن الاشتراكية، والوحدة، والإسلام هو الحل، والتي طبعت عقولنا وأحلامنا وسيطرت على توجهات حركات سياسية وخاضت صراعات من أجلها وتعطلت التنمية وأجهضت الديمقراطيات الناشئة.
لقد ظلّت الديمقراطية في عالمنا العربي تراوح بين المحظور والمنظور، والعراق لم يكن استثناءً، وإن كان حالة صارخة لاسيما بدرجة العنف والقمع. فالهوامش الديمقراطية التي ابتدأت مع تأسيس الدولة العراقية، بدت ناقصة ومبتورة، وبخاصة بشأن حقوق الأكراد وقانون الجنسية التي ميّز بين المواطنين بوضع درجتين (أ) و(ب)، وكان نواة لتقنين الطائفية السياسية التي تفجّرت ما بعد الاحتلال على نحو مريع، فضلاً عن هشاشة البنى والتراكيب الحكومية والسياسية، فوصلت البلاد إلى طريق مسدودة بسبب ضيق فسحة الحريات وتزوير الانتخابات وربط البلاد بعجلة الأجنبي، لاسيما بعد حلف بغداد عام 1955.
وعاش العراق فترة العهد الجمهوري، خصوصاً بعد العام 1968 ولغاية احتلاله 2003، نظاماً شمولياً استبدادياً، ضاقت فيه الهوامش المتبقية وأسدل الستار على الرأي الآخر وانفرد بالحكم لا حزب واحد فحسب، بل مجموعة صغيرة منه وصولاً إلى العشيرة والعائلة وتربع «الزعيم» على عرش السلطة جامعاً بيده جميع السلطات والصلاحيات الحزبية والحكومية التنفيذية والتشريعية، العسكرية والمدنية، خصوصاً بتعاظم وانتفاخ عبادة الفرد إلى درجة «التقديس» أحياناً. وأصبح النظر إلى الديمقراطية أقرب إلى التدنيس أو التأثيم أو التشهير أو حتى إلى التدليس، وأصبح دعاتها متهمين، في حين اكتظت الترسانة الأيديولوجية، تتحدث عن المؤجل بعد المعجل الذي ظلّ المسألة المركزية وهي أمن الحاكم، ويمكن تأجيل أي مسألة سواه، خصوصاً في ظل حروب وحصار «أكلت الأخضر واليابس» كما يقال.
ولعل النقص الفادح في الثقافة الديمقراطية لا يعود إلى الرغبة من مصادرتها فحسب، بل يمتد إلى القصور الشديد والعدائي أحياناً، إلى المناهج السياسية والتربوية والممارسات النقابية والدينية والعائلية، الأمر الذي يحتاج إلى إعادة النظر بكامل منظومة التفكير لوضع التطور الديمقراطي في سلم الأولويات.
لقد تم تأجيل الديمقراطية لحساب ما سمّي بالقضية الوطنية، فوصلنا إلى ديكتاتوريات منفلتة من عقالها، وتم مقايضة القضية الوطنية أحياناً بحجة التحولات الاجتماعية، فضاعت الديمقراطية والتنمية معاً. ويجري حالياً، لاسيما ما بعد الاحتلال، ضياع المسألة الوطنية في ظل صخب حول الديمقراطية لا يغني ولا يسمن من جوع، خصوصاً أن العنف والإرهاب ما زالا مستمرين وإنْ انحسرا، فالظاهرة ما تزال قائمة وتتجدد وتتوالد بين الحين والآخر، والطائفية مكرسة بحكم توزيعات ومحاصصات بول بريمر، حاكم العراق 2003-2004، والميليشيات والصحوات تتحكم وتنذر بحروب أهلية، والفساد والرشوة متفشية، إذ يعتبر العراق حسب منظمة الشفافية الدولية ثالث بلد في العالم في الفساد، ونقص الخدمات الفادح كالماء والكهرباء والبنزين أصبح هو مؤشر آخر على الفساد الإداري والمالي وعدم الشعور بالمسؤولية، ناهيكم عن وجود أربعة ملايين وستمائة ألف لاجئ ونازح، والسجون ممتلئة رغم إطلاق سراح عشرات الآلاف من الذين قضوا فترة طويلة دون محاكمة ودون تهمة محددة.
لا يكفي أن يكون هناك دستور ونصوص قانونية تفيد، وإن كان بصورة غامضة وملتبسة أحياناً، تدوين مبادئ الحرية والانتخابات وقواعد اللعبة الديمقراطية ومبادئ فصل السلطات وسيادة القانون واستقلال القضاء وغيرها، لكن العبرة دائماً بالتنفيذ، لا سيما بإقرار وتطبيق مبادئ المساواة والمواطنة الكاملة، فعلاً لا قولاً، ومن ثم إقرار وتنفيذ مبادئ التعددية الثقافية، لاسيما وأن إنكارها أو التنكر لها وعدم الاعتراف بها لم يؤدِ إلى الوحدة المنشودة، بل ازدادت المجتمعات العربية انقساماً وتباعداً، في حين أن إقرارها سيسهم في تعزيز الهوية الوطنية الجامعة، مع احترام وتقدير الهويّات الجزئية المصغّرة، خصوصاً للأقليات القومية والدينية واللغوية وغيرها.
إن التحوّل الديمقراطي هو مجموعة خيارات وآليات عملية، وهو يستوجب تعزيز الثقافة الديمقراطية التعددية وإشاعة الحريات وتمكين المرأة وإصلاح المناهج التربوية والدينية، والإقرار بالرأي والرأي الآخر، ومن خلال قوانين ومؤسسات وممارسات، تستند إلى سيادة القانون وتنبذ العنف والإرهاب وتشيع روح التسامح واحترام حقوق الإنسان! ولعل هذا يحتاج إلى تراكم وتطور موضوعي لجميع مفاصل المجتمع، ونقد من جانب الرأي العام وعبر الإعلام ودور فاعل لمؤسسات المجتمع المدني، وليتحول اليوم العالمي للديمقراطية إلى مناسبة احتفالية عربية رسمية وشعبية يسود خلالها النقد والنقد الذاتي والمراجعة للتجربة، تمهيداً للإقرار بالتعددية وحق الاختلاف والتنوع والحق في اختيار الحاكم وتغييره!



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما بعد الصهيونية
- الحرب من الداخل والبرنامج السري!
- الأبعاد الأخلاقية في حقوق اللاجئين!
- النووي الصالح والنووي الطالح
- أربعة خيارات في حل مسألة كركوك!
- الحُصيري: الشعر والتمرد الدائم!!
- بين الواقعية السياسية والاستهلاك الشعبي
- التحدي الإيراني بين المناورة والمغامرة
- حالة تسامح!!
- آثار العراق ذاكرة العالم
- محاكمة كراديتش.. «شيطان الشعر» أم لوثة التلذذ بالدم؟
- القنبلة النووية الباكستانية والإرهاب!
- الدب الروسي والمشاغب الجورجي
- روسيا واللحظة الجورجية
- من إرهاصات ربيع براغ!
- إمبراطورية الذهب الأسود: هل من خيار!؟
- مقطوعة الشرق الأوسط.. العازف التركي واللحن الأوروبي
- سجون عائمة.. يا لها من رومانسية
- اللاعب التركي في الملعب النووي الايراني
- انتخابات الرئاسة الأميركية وطريق الخداع!


المزيد.....




- السعودية الأولى عربيا والخامسة عالميا في الإنفاق العسكري لعا ...
- بنوك صينية -تدعم- روسيا بحرب أوكرانيا.. ماذا ستفعل واشنطن؟
- إردوغان يصف نتنياهو بـ-هتلر العصر- ويتوعد بمحاسبته
- هل قضت إسرائيل على حماس؟ بعد 200 يوم من الحرب أبو عبيدة يردّ ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن قتل عضوين في حزب الله واعتراض هجومين
- باتروشيف يبحث مع رئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية الوضع ...
- قطر: مكتب حماس باق في الدوحة طالما كان -مفيدا وإيجابيا- للوس ...
- Lava تدخل عالم الساعات الذكية
- -ICAN-: الناتو سينتهك المعاهدات الدولية حال نشر أسلحة نووية ...
- قتلى وجرحى بغارة إسرائيلية استهدفت منزلا في بلدة حانين جنوب ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عبد الحسين شعبان - هل ثمة يوم للديمقراطية؟!