أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عبد الحسين شعبان - بين الواقعية السياسية والاستهلاك الشعبي















المزيد.....

بين الواقعية السياسية والاستهلاك الشعبي


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2410 - 2008 / 9 / 20 - 10:26
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


ما يريد الامريكيون تبريره هو أنهم لا يستطيعون البقاء في العراق من دون تفويض، طالما أن العراق بنفسه وعلى لسان رئيس وزرائه نوري المالكي، أعلن أن تمديد قرارت مجلس الأمن الدولي، لاسيما الخاصة ببقاء قوات التحالف المتعددة الجنسيات سيكون الأخير في نهاية العام الجاري، الأمر الذي يحتاج، حسب وجهة نظر واشنطن، الى توقيع معاهدة أو اتفاقية تنظم العلاقات الثنائية، خصوصاً في الجوانب الأمنية والعسكرية، إضافة الى الجوانب السياسية والاقتصادية، والتي تشمل: إعادة انتشار القوات الأمريكية والقواعد العسكرية و”الولاية القضائية” و”الشركات الأمنية” واتفاقيات النفط والغاز والتوجهات الاستراتيجية لاسيما في ميدان ما يسمى مكافحة الارهاب، وهي أمور قد تنشأ خلافات بشأنها في الحاضر أو في المستقبل، لاسيما في موضوع تحديد جدول زمني للانسحاب الأمريكي من العراق.

وإذا كان الحديث قد اندرج، وحسب تصريحات عمومية للرئيس جلال الطالباني ورئيس الوزراء نوري المالكي، في أن يكون العام 2011 موعداً للانسحاب، الاّ أن الجانب الامريكي لم يؤكد ذلك وظلّ إطار الحديث عن أفق زمني للانسحاب وليس تحديد سقف زمني. ورغم الحديث عن استبدال مفاوضين، لاسيما رئيس الوفد المفاوض محمد الحاج حمود بموفق الربيعي المقرّب من رئيس الوزراء، وإشراف الأخير مباشرة على تفاصيل المفاوضات، وذهاب الوفد الامريكي لاستشارة مرجعه في واشنطن، الآّ أن المفاوضات وما ستتمخض عنه لا تخرج عن كون المعاهدة هي رغبة امريكية بالأساس، للاستعاضة عن وجود عسكري سينتهي قانونياً وشرعياً في نهاية العام الجاري 2008 ليتحول الى احتلال تعاقدي حسبما تريده واشنطن.

ولا يمكن بأي شكل من الاشكال أن تسمح الولايات المتحدة ببقاء قواتها في العراق من دون الغطاء القانوني، ولذلك فهي تقترح صيغة بروتوكول، كما قالت، أو معاهدة تنفيذية وليست تشريعية، كي لا تضطر الى عرضها على الكونجرس واستحصال موافقة مجلس الشيوخ، وإنما من خلال قرار رئاسي استناداً الى قرار تفويضي سابق باستخدام القوات المسلحة حصلت عليه ادارة الرئيس بوش عام 2002 عشية غزو العراق، وبعد ممانعة مجلس الأمن الدولي من اعطاء هذا الترخيص القانوني.

أما الرغبة العراقية فهي ناجمة عن خشية الحكومة العراقية وقلقها من انسحاب امريكي فيما إذا افترضنا ان واشنطن ستمتثل لقرار من هذا النوع، طالما لم يتم توقيع معاهدة معها أو تمديد قرار التفويض الأممي، فإنه قد يؤدي الى انهيار الوضع والاطاحة بالعملية السياسية بكاملها، وبالطبع فإن واشنطن لا تريد ذلك، كما لا تريده الحكومة العراقية المرهون وجودها حالياً على أقل تقدير، ببقاء القوات الامريكية، لذلك فهي تتشبث بها لحين حصول تغييرات جيوسياسية وأمنية وتأهيل لقواتها لتصبح ذات جاهزية، حيث كشف تقرير أمريكي أخير صدر عن مكتب المحاسبة الأمريكي عن أن 10% فقط من هذه القوات العراقية مستعدة للعمل منفردة من دون اسناد القوات المتعددة الجنسيات، لاسيما الامريكية في النقل والامداد والدعم والتدريب والقيادة.

إن افتراض انسحاب امريكي فيما إذا لم يتم توقيع معاهدة هو أمر مصحوب بالكثير من الشكوك، لاسيما وان الولايات المتحدة يمكنها وضع الكثير من العقبات امام الحكومة الحالية والحكومات القادمة، فيما إذا تجرأت على عدم توقيع معاهدة مع واشنطن، فما بالك لو أقدمت على طلب انهاء الوجود العسكري الامريكي في العراق؟

ولذلك فإن المعاهدة الثنائية العراقية- الامريكية، ستكون تحصيل حاصل ولن يغيّر شيء في مضمونها الاساسي، حتى وإن جرى تحسين بعض شروطها أو مفرداتها، لكنها ستبقى من حيث الجوهر ومن الوجهة القانونية، معاهدة غير متكافئة وبين طرفين أحدهما قوي ومحتل ويوجد لديه 170 الف جندي ونحو 100 الف مرتزق يعملون معه تحت عنوان شركات أمنية، والآخر ضعيف ومُحتلة أراضيه وقواته غير قادرة للدفاع عنه، بل وعن الحكومة التابعة لها.

وهذا الجانب القانوني تقرره معاهدة فيينا حول “قانون المعاهدات” لعام ،1969 التي تشترط الاتفاق بين طرفين متكافئين، الأمر غير المتحقق في هذه المعاهدة موضوعياً، خصوصاً وأن ليس بمقدور العراق في وضعه الحالي، أن يطلب شروطاً متكافئة تحفظ استقلاله وسيادته بسبب اختلال توازن القوى، وهكذا سيكون عنصر الاكراه وعدم التكافؤ قائماً، بل والأكثر من ذلك فإن موضوع المعاهدة بحد ذاته يعتبر اخلالاً بقواعد القانون الدولي، لاسيما مبادئ السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والحق في تقرير المصير والتكافؤ والمساواة في الحقوق، وغيرها من المبادئ التي وردت في ميثاق الأمم المتحدة أو اعلان الامم المتحدة حول العلاقات الدولية والذي أطلق عليه “اعلان التعايش السلمي” لعام ،1970 إضافة الى معاهدة فيينا حول قانون المعاهدات المشار اليها.

ولكن من الناحية السياسية، فهناك ثلاثة خيارات للحكومة العراقية، الاول، هو أن تقرّ بأن هذه المعاهدة هي اتفاق غير متكافئ وبين طرفين غير متساويين، وأن ميزان القوى مختل لصالح المحتل، وأنها لا تستطيع أن تطلب من القوات الامريكية جدولة الانسحاب الاّ تدريجياً، وضمن فترة زمنية تراها هي مقبولة لغاية العام 2011 وقد تكون هي مناسبة للطرف الامريكي.

ولعل هذا الإقرار على فداحته قد يدخل في باب “الواقعية السياسية”، طالما أن الحكومة تقر بأنها توقع اتفاقاً مذلاً وغير متكافئ، وعندها لا داعي للمزاودة والتبجح بأن الجانب العراقي يمانع ولا يرضى الاّ باتفاق لا يتعارض مع مبادئ السيادة والقانون الدولي، فذلك سيكون مجرد “استهلاك سياسي” ولكنه سيكون سمجاً، وعسيراً على الهضم.

الخيار الثاني هو الاستمرار في محاولة تزييف الوعي، وإظهار قوة الفريق العراقي المفاوض، علماً بأنه ليس لديه أية أوراق يلعب فيها، وسيضطر في نهاية المطاف على الاستمرار في تعويم السيادة والانتقاص منها سياسياً وعسكرياً وأمنياً واقتصادياً، وهو أمر خارج قدراته وامكاناته الواقعية، وستكون نتائجه وخيمة أكثر من الخيار الأول، رغم انه لا يختلف عنه سوى بالتضليل السياسي.

أما الخيار الثالث فهو الطلب من الولايات المتحدة تنظيم جدول للانسحاب الفعلي في فترة زمنية تترافق مع انتهاء التفويض الأممي، إذا افترضنا عدم الرغبة في تمديده لستة أشهر مثلاً لكسب الوقت أو أكثر، وهو الأمر الذي سيؤدي الى تفجير العلاقات العراقية- الامريكية، ولا اعتقد أن الولايات المتحدة ستوافق على ذلك، وقد تضطر للإطاحة بالفريق الحاكم والإتيان بفريق آخر، يكون مستعداً للتوقيع على ما تريده واشنطن من شروط في المعاهدة، بافتراض ممانعة الفريق الحالي.

لقد حكمت واشنطن العراق عبر اربع ستراتيجيات، الاستراتيجية الاولى اطلقت عليها “استراتيجية نقل المسؤوليات الامنية الى القوات العراقية” بعد 30 حزيران/ يونيو 2004 وبصدور القرار 1546 بتاريخ 8/6/،2004 أما الاستراتيجية الثانية فقد اطلقت عليها اسم “استراتيجية النصر” وهي مرحلة ما بعد التصويت على الدستور الدائم، اما الاستراتيجية الثالثة فقد سميت الاستراتيجية المشتركة، والتي شملت العام 2006 كله، وبدأت الاستراتيجية الرابعة في مطلع العام 2007 وكان يفترض أن تنتهي بعد 18 شهراً أي في 31 تموز/ يوليو 2008 بالتوقيع على المعاهدة وسميت باستراتيجية الطريق الجديد -الى الأمام، لكن هذه الاستراتيجيات جميعها لم تحقق ما كانت تريده واشنطن، بما فيها المعاهدة “اللغم”، الذي قد ينفجر في أية لحظة.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التحدي الإيراني بين المناورة والمغامرة
- حالة تسامح!!
- آثار العراق ذاكرة العالم
- محاكمة كراديتش.. «شيطان الشعر» أم لوثة التلذذ بالدم؟
- القنبلة النووية الباكستانية والإرهاب!
- الدب الروسي والمشاغب الجورجي
- روسيا واللحظة الجورجية
- من إرهاصات ربيع براغ!
- إمبراطورية الذهب الأسود: هل من خيار!؟
- مقطوعة الشرق الأوسط.. العازف التركي واللحن الأوروبي
- سجون عائمة.. يا لها من رومانسية
- اللاعب التركي في الملعب النووي الايراني
- انتخابات الرئاسة الأميركية وطريق الخداع!
- دراما العدالة في السودان والثمن المقبول!
- الخداع.. قبل العاصفة وبعدها!
- في كيانية حركة المواطنة ودلالاتها!
- المعادلة الطردية... الدولار والنفط!
- المواطنة الإلكترونية!
- المعاهدة الأمريكية - العراقية.. هل اقتربت ساعة الصفر؟
- اللاجئون وأوروبا: بين «مزدوجين»!


المزيد.....




- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...
- إدارة بايدن تتخلى عن خطة حظر سجائر المنثول
- دعوة لمسيرة في باريس تطالب بإلإفراج مغني راب إيراني محكوم با ...
- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عبد الحسين شعبان - بين الواقعية السياسية والاستهلاك الشعبي