أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الحسين شعبان - هل المجتمع المدني شريك للحكومات؟















المزيد.....

هل المجتمع المدني شريك للحكومات؟


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2468 - 2008 / 11 / 17 - 08:16
المحور: المجتمع المدني
    


يظّل الحديث عن الإصلاح ذا شجون مؤرقة، لاسيما في العالم العربي، رغم أن الجميع، حكومات وحركات سياسية ودينية ومجتمعا مدنيا وقطاعا خاصا، أخذ يقرّ بأنه أصبح حاجة ماسّة وضرورة لا غنى عنها، بل إنه «فرض عين وليس فرض كفاية» كما يُقال.
ومع أن رياح التغيير التي هبّت على العالم في الثمانينيات من القرن الماضي، لاسيما على أوروبا الشرقية وبعض دول أميركا اللاتينية، انكسرت عند شواطئ البحر المتوسط بفعل مصالح ومساومات القوى الدولية المتنفذة، إلاّ أن الحديث عن الإصلاح كخيار استمر وتصاعد منذ انتهاء عهد الحرب الباردة، وتحوّل الصراع الأيديولوجي من شكله القديم إلى شكل جديد أساسه: وحدانية الهيمنة على العلاقات الدولية عبر قطبية متنفذة ومتسيّدة، وارتفاع شعارات التعددية والانتخابات وحقوق الإنسان وحرية السوق.
لقد ظل العالم العربي في أسفل سلّم التطور الدولي في ميدان الإصلاح، ولم تستجب الحكومات لاستحقاقاته الملّحة، رغم بعض الإرهاصات والتطورات المحدودة، إلاّ أن أحداث 11 سبتمبر الإرهابية الإجرامية قد أثرّت على نحو سلبي على مسار الإصلاح في جميع دول العالم، وبخاصة في البلدان العربية، إذ تم استغلالها على نحو مبالغ فيه للتضييق على الحقوق والحريات بحجة مكافحة الإرهاب الدولي، خصوصاً في ظل تصاعد نشاط بعض القوى المتطرفة والمتعصبة التي تستخدم العنف وسيلة لتحقيق أهدافها، وترفع اسم الإسلام للتغطية أو للتبرير على أعمالها العدوانية.
إن الإصلاح المُمتحن والمشكوك فيه، بل والمتهم أحياناً بالتخريب، لم يعد رغبة لنخبة فكرية أو سياسية أو مجرد تصوّرات أقرب إلى الترف منها إلى الحاجة الضرورية، وهو، بهذا المعنى، مسارٌ كوني، واستحقاق واجب الأداء. والعالم العربي لا يمكن بأي شكل من الأشكال عزل نفسه أو «الزوغان» عنه، إذ إن امتداداته تشمل العالم كله، لاسيما بفضل العولمة. والإصلاح إنْ لم يأتِ سلمياً وتراكمياً، سيكون عاصفاً ومدوياً، وقد يلحق ضرراً بقضية الإصلاح ذاتها كما بيّنت التجربة في أفغانستان والعراق، رغم الإطاحة بنظامين استبداديين معاديين للديمقراطية.
كما أن الإصلاح هو عملية متواصلة وغير منقطعة عن ظروفها وبيئتها، وبالتالي لا يمكنه أن يتوقف أو ينتهي أو يُختزل بفترة زمنية أو ببعض الإجراءات والقرارات والقوانين، أي أن الإصلاح هو عملية شاملة بحيث لا يمكن الحديث عن إصلاح في جانب وتركه في جانب آخر، لأن هناك ترابطاً عضوياً بين الإصلاح السياسي والبيئة القانونية والدستورية والتشريعية وبين حرية التعبير والتعددية والانتخابات والتنمية المستدامة وتمكين المرأة وتعزيز دور التعليم وتعميق دور القطاع الخاص.
لقد حاول البعض وضع تقسيمات بين ما سمّي بالإصلاح الداخلي وما أطلق عليه الإصلاح الخارجي أو من الخارج، وبين الإصلاح العنفي والإصلاح السلمي (أي الإصلاح بالقوة أو باللين)، وبين الإصلاح الفوقي والإصلاح التحتي، لكن الإصلاح في نهاية المطاف هو عملية متداخلة ومتفاعلة ومعقدة، وهو عملية تراكمية وطويلة الأمد لا يمكن حصرها عند حدود أو وقفها أو إنهاؤها إلاّ إذا أريد الارتداد عنها. ولعل هذا معناه التخلي عن نهج الإصلاح، الأمر الذي سيرتّب استحقاقات واصطفافات جديدة بين قوى الإصلاح والقوى التي تريد الوقوف حجر عثرة في طريقه أو كبح محاولات النهوض به باتجاه التغيير والتحوّل الديمقراطي.
الإصلاح هو عملية بناء سلمي ومراجعة وتقييم ونقد وشراكة بين المجتمع المدني والقطاع الخاص من جهة، وبين الحكومات من جهة أخرى، في إطار حراك اجتماعي وسياسي واقتصادي، ووفقاً لدرجة التقدم والاستعداد لإنجاز عملية الإصلاح طبقاً للأولويات والضرورات في كل مجتمع أو دولة، آخذاً بعين الاعتبار الظروف الموضوعية الدولية أيضاً.
إن شراكة المجتمع المدني مع الحكومات تحتاج باستمرار إلى مراجعة وتدقيق وإعادة نظر ببعض جوانب العلاقة، وما اعتراها في السابق من سلبيات ومن إهمال أحياناً أو محاولة للتدجين أو لامتصاص النقمة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، ما يُراد لها في الحاضر والمستقبل خصوصاً إذا وضع المجتمع المدني أهدافاً محددة وأولويات واضحة: ماذا يريد من الحكومات؟، وهذا الأمر لا يتعلق بتقييم العلاقة الحكومية مع المنظمات غير الحكومية، بل تقييم المجتمع المدني لنفسه وأدائه والتخلص من الجوانب السلبية في عمله، تلك التي تشكل نقاط ضعف تستفيد منها الحكومات، بل وتنفذ منها لتشويه صورة المجتمع المدني، مثلما هي قضايا تشبث الإدارات بمواقعها بالضد من التداولية للمسؤوليات، والنقص الحاصل في ميدان الشفافية والديمقراطية، بما فيها في الأنظمة الأساسية والداخلية والتمويل والأجندات الخارجية التي دفعت ببعض المنظمات إلى تقديمها على حساب مهنيتها وحرفيتها، الأمر الذي أضعف من استقلاليتها وجعلها عرضة للطعون من جانب الحكومات، باستغلال بعض الحالات الفردية والمحدودة لتعميمها على الكيانية الواسعة والعريضة للمجتمع المدني.
إن مناسبة الحديث هذا هو انعقاد الدورة الخامسة لمنتدى المستقبل (دبي- أبوظبي)، حيث استضافت دولة الإمارات العربية المتحدة المؤتمر الوزاري والمؤتمر الموازي (لمنظمات المجتمع المدني) وذلك بمشاركة اليابان، وحضرت فيه وفود على مستوى وزراء الخارجية وكبار المسؤولين بالدول الصناعية الثماني (G-8) ودول منطقة الشرق الوسط وشمال إفريقيا، وشركاء عالميين من أوروبا وكندا وتركيا، ومؤسسات دولية وعدد من منظمات المجتمع المدني وبعض ممثلي القطاع الخاص. وناقش المنتدى قضايا الإصلاح السياسي وحرية التعبير وتطوير البيئة التشريعية (القانونية والدستورية) للإصلاح والتنمية المستدامة وتمكين المرأة والتعليم ودور الشباب، في إطار الشراكة بين الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص. وإذا كان من قلق قد لاحظه نشطاء المجتمع المدني بشأن جمود أو تراجع أو تعثر خطط الإصلاح واتساع وتنامي النزعات الطائفية والمذهبية والإثنية، لاسيما في ظل ظاهرة الإرهاب ووجود عقبات وقيود كثيرة تقف أمامه بما فيها تدني مستويات الشفافية وحجم الفساد المستشري، فإنهم دعوا إلى أن تتحمل الحكومات مسؤوليتها، فضلاً عن المسؤولية الدولية لاسيما للدول الصناعية الثماني والدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، إزاء خطط الإصلاح، الأمر الذي هو بحاجة إلى مراجعة وتدقيق وإعادة نظر في إطار الشراكة التي ينبغي العمل على تحويلها إلى شيء قائم ومستمر وليس مجرد «سويعات» شكلية للقاءات العامة لا تخلو من المجاملات، بل إلى تبادل رأي مستمر، لسد النواقص والثغرات التي اعترت العلاقة بين المجتمع المدني والحكومات، عبر آليات مناسبة وتراكم ضروري ومتابعة لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه، خصوصاً إذا تم وضع أجندة مشتركة ومواعيد زمنية محددة، ستتخذ طابع المسؤولية الأدبية أولاً ومن ثم طابع المسؤولية القانونية لاحقاً.
إن منتدى المستقبل الذي أثار تأسيسه ارتياحاً في أوساط غير قليلة من النشطاء، مثلما أثار استياءً في أوساط أخرى، أمام امتحان جديد وعسير، خصوصاً بعد خمس دورات في كل من المغرب 2004 والبحرين 2005 والأردن 2006 واليمن بالتعاون مع ألمانيا 2007 وأخيراً الإمارات العربية المتحدة بالاشتراك مع اليابان، إذ سيتوقف وجوده على مدى استطاعته تعزيز الدور المستقل لمنظمات المجتمع المدني من جهة، ومن جهة أخرى في دعمها كشريك مع الحكومات، إضافة إلى القطاع الخاص، في مسؤولية اتخاذ القرارات ورسم السياسات وسن التشريعات، بما يؤدي إلى تعزيز مبادئ المساواة وسيادة القانون واستقلال القضاء وإقرار التعددية والحق التعبير وفي انتخابات نزيهة في إطار احترام حقوق الإنسان!
وبذلك يمكن الحديث عن شراكة حقيقية بين المجتمع المدني والحكومات!



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنغولا غيت!
- موريتانيا والديمقراطية إلى أين؟
- العراق منجم الخطر
- من المستفيد من استئصال المسيحيين في العراق؟
- المستوطنات الإسرائيلية: الصقور والحمائم!!
- حين يكتب رجل الدين قصائد الغزل!
- ثرثرة الديمقراطية
- كيسنجر وموعد الانسحاب من العراق!
- هل جاء دور أوكرانيا بعد جورجيا؟
- انها الرأسمالية.. يا صديقي
- هل ثمة يوم للديمقراطية؟!
- ما بعد الصهيونية
- الحرب من الداخل والبرنامج السري!
- الأبعاد الأخلاقية في حقوق اللاجئين!
- النووي الصالح والنووي الطالح
- أربعة خيارات في حل مسألة كركوك!
- الحُصيري: الشعر والتمرد الدائم!!
- بين الواقعية السياسية والاستهلاك الشعبي
- التحدي الإيراني بين المناورة والمغامرة
- حالة تسامح!!


المزيد.....




- الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية
- الرئيس الايراني: ادعياء حقوق الانسان يقمعون المدافعين عن مظل ...
- -التعاون الإسلامي- تدعو جميع الدول لدعم تقرير بشأن -الأونروا ...
- نادي الأسير الفلسطيني: عمليات الإفراج محدودة مقابل استمرار ح ...
- 8 شهداء بقصف فلسطينيين غرب غزة، واعتقال معلمة بمخيم الجلزون ...
- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الحسين شعبان - هل المجتمع المدني شريك للحكومات؟