|
الكتاب الأروع
زهير دعيم
الحوار المتمدن-العدد: 2522 - 2009 / 1 / 10 - 08:10
المحور:
الادب والفن
كثيرًا ما "تفاخرتُ" بأنّني قرأت في حياتي آلاف الكتب ، الأدبيّة منها والفلسفيّة والتاريخيّة . قرأت نيتشه وصفّقت له ، وقرأتُ دانتي وهلّلت ، وقرأت ديستوديفسكي وتولستوي وهوجو والمعرّي وجبران والعشرات وقلت مرحى. لقد غذّيت فكري بالدّسم ، ولوّنته بالأفكار ، وسبحت معهم في دنيا الفلسفة والرأي والحكمة . أشبعت الفكر فعلا ، ولكنّ الرّوح ظلّت عطشى ، ظمأى ، هائمة ، يابسة وجافّة ، إلى أن وقعت على الكتاب المُقدٍّس . أتذكر قولا لجبران عن حياة الإنسان يقول فيه بما معناه : " إنّ الإنسان يكون في شبابه كما الحصاة التي تُطرح في بحر الحياة ، أو في نبع ماء، فتُحدث ضجّة وتُكوّن حولها دوائر ، ورويدًا رويدًا تهدأ وتستكين هذه الحصاة في القاع كما النفس المطمئنة. نعم استقرّت نفسي واطمأنت عندما عرفت الكتاب المُقدّس عن قُرب ، وقرأته بإنعام وتعرّفت على ربّه وصاحبه ...عرفت يسوع وقرأت سيرة حياته فوقفت دَهِشًا ، أين كنتُ من هذا الكاتب المُبدع ، ومن هذا الإله المُحبّ والشّاب الرائع ؟ صفّقت لدانتي وهلّلت لتولستوي ، ولكنني لا أجد في قاموس اللغة كلمة مديح واحدة توفيه حقّه ....إنّها مثلي عاجزة. ما هذا الكتاب ؟ ن وما هذه الذروة المُتمثّلة بموعظة الجبل ، وما هذه النهاية المستنيرة بالفداء والحياة والرؤيا؟!! اخبروني مرةً أنّ المسيح ضعيف ، يتنازل عن حقّه ، فكدْتُ اصدِّق ، إلى أن رأيته وماشيته واختبرته ، فثبت لي بالدليل القاطع عكس ذلك تمامًَا ، فإذا كان "من ضربك على خدِّك الأيمن ، فأدِر له الأيسر أيضًا " ضعفًا ، فالقوّة كيف تكون؟ وإذا كانت ترنيمة السماء " أحبوا أعداءكم ، باركوا لاعنيكم ، وصلّوا لأجل الذين يضطهدونكم ويسيئون إليكم "ضعفًا وخنوعًا ، فالشّهامة ما تكون ، والمروءة كيف تكون ؟!! إنّي أتحدّى أتحدّى أن تجيئوني بمن مشى على الأرض ، أو طار وحلّق في السّماء ، أن تكون سيرة حياته عطرةً ، نديّةً ، خيِّرةً ، عبقة ، ريّا ، حيّية كما يسوع .
ما هذه السيرة ؟!! ما هذا النهج الحياتي الذي لم يعلق في جانبه وأذياله ذرة غبار واحدة ؟ " مَنْ منكم يُبكّتني على خطيّة " صرخ يسوع هامسًا . ما هذه المحبّة المُتدفقة من جروحه وكلامه وأعماله وآياته ؟!! ما هذه النعمة الخارجة من فمه ؟
إنّي أتحدّى
رغم أنّ قلمي يعجز عن اللحاق بخصاله ، ورسم كيانه ، وتصوير فيض محبته . لقد تغنّى جبران بالمصلوب ، وخطّ فيه أجمل قصائده وإبداعاته ، وخشع آينشتين في محرابه فوجد السّمو والرِّفعة في الركوع ، رغم تحليقه في مدارات العالم وأفلاك البحث ، ألم يخلق الأرض والسّماء بكلمة ؟!
عند أقدام يسوع يصغر كلّ عظيم !
تحت أفياء يسوع يستظلّ كلّ إنسان . في سِتر يسوع يحتمي كل خائف ومذعور . على صليب يسوع تُعلَّق كلّ الخطايا ، قديمها وجديدها وما لم تحبل به الشهوة بعد. على أكتاف يسوع يُحمل كلّ مظلوم . وفي "عرس" يسوع سنكون هناك من أهل البيت ، نتمتّع بكأس الخلاص .
قرأت الكثير ولم أندم . وكنت قد أندم لو لم أسبح في ثنايا الكتاب العتيق ، كتاب الحياة ، وكتاب الكتب ، كنتُ سأندم ساعة لا ينفع الندم . خذوا يا أحبائي مزاميره وأمثاله وجبة فطور ، تُنقّي النفس والضمير والوجدان . خذوا أنبياءه وجبة غَداء تُشبع النفس . وخذوا إنجيله في كلّ وقت ، فيفرح القلب ، وتطمئن النفس وتنتشي، ويطير بك إلى دُنيا الرّوح بعيدًا بعيدًا فوق الجبال .
#زهير_دعيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حَلّوا يتغيَّر
-
بالرُّوح إملا أيامَك
-
صلّوا معي
-
عيد يسوع لا بابا نويل
-
صاحبة الجلالة
-
ما بركَعْ عَ بابَك
-
رسالة الى يسوع الفادي الحبيب
-
عروسة الطّنبوريّ
-
الحِصار - قصّة للأطفال
-
مدينة النجّار
-
حوّاء الجديدة
-
يلا نغنّي سوا
-
وجدْتُ الحوار المتمدّن
-
أنتَ فرحُ التائبين
-
حُبِّي قُدْ حْدودِ الكوْن
-
لقاء صريح مع الاديب زهير دعيم
-
الى عصفورة
-
خلاصُنا عيدك
-
أوّاه منكِ
-
المرأة مصدرُ الالهام
المزيد.....
-
الضحكة كلها على قناة واحدة.. استقبل الان قناة سبيس تون الجدي
...
-
مازال هناك غد: الفيلم الذي قهر باربي في صالات إيطاليا
-
فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
-
وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف
...
-
-الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال
...
-
-باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
-
فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
-
مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
-
إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر
...
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|