أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - بلكميمي محمد - تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت//الاسس المادية للثورة التحديثية في المغرب .// تابع















المزيد.....

تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت//الاسس المادية للثورة التحديثية في المغرب .// تابع


بلكميمي محمد

الحوار المتمدن-العدد: 2509 - 2008 / 12 / 28 - 06:42
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


« ماهي الاسباب التي جعلت من المغرب ، وهو البلد الزراعي حسب المعايير الاقتصادية – الاجتماعية ، يصبح عاجزا حتى عن انتاج ما يكفي لتغذية مواطنيه ؟ .
لماذا ظل المغرب ، رغم امكانياته البشرية وثرواته المعدنية ومحيطاته الشاسعة ، عاجزا عن ان يكون بلدا صناعيا ؟
لماذا لم يجد المغرب المثقل بالديون الخارجية من مخرج لازمته المالية سوى التنازل عن السيادة الوطنية لصندوق النقد الدولي الذي اصبح المتحكم في رسم السياسة الاقتصادية للبلاد ؟ .
هل مرد هذا التخلف المجتمعي الشامل الى عجز بنيوي في نفوس وعقول واجسام المغاربة ، بما هم ذوات مشلولة الفكر والفعل والارادة ؟ .» ام يعود لاسباب اخرى ؟.

تحول الارستقراطية القبلية الى اقطاع تحت الرعاية الاستعمارية :

ان التطور التاريخي للملكية العقارية حتى مجيئ الاستعمار ، يسمح اذن بالخلاصة العامة التالية: لقد كانت البادية المغربية في ذلك الوقت مقسمة الى منطقتين اقتصاديتين – سياسيتين متميزتين نسبيا . فبالنسبة للمنطقة المخزنية التي كانت تشمل معظم المناطق المجاورة للمدن الكبرى ، فقد كانت قد ظهرت فيها اذن ارستقراطية قبلية تابعة للسلطة المخزنية المركزية ، وخضعت هذه الارستقراطية في تشكلها – كما تم التاكيد سابقا - لطرفين مختلفين ، الطريق الفوقي الذي تميز بكون السلطة المركزية استطاعت فرض موظفيها الاجانب عن المنطقة بالقوة ، كقواد وولاة قبل ان يسمح تفكك القبيلة الذاتي بفرز ارستقراطية محلية يمكن الاستناد اليها . في هذه الحالة ، كانت السلطة السياسية الفوقية هي صانعة قاعدتها العقارية .
اما الطريق الاخر فهو الطريق التحتي ، الذي كان يتميز بتبلور ارستقراطية محلية نتيجة التفكك الاقتصادي الذي اصاب الاسرة الابوية ، والذي انعكس ايضا على البناء السياسي . فالرئيس التاقبيلتي الذي كان في البداية يتم انتخابه بشكل " ديمقراطي " ، سيصبح فيما بعد "امغار" مستبدا فزعيما قبليا كبيرا . ان هذا التطور السلطوي التصاعدي ينتهي حتما بصاحبه الى المؤسسة المخزنية التي يصبح واحدا من افرادها ، باعتبارها الوحيدة التي تمنحه الحماية العسكرية الضرورية . في هذه الحالة كانت اذن القاعدة العقارية التحتية هي صانعة غطائها السياسي .
بالنسبة للمنطقة " السائبة " التي كانت تشمل الجبال البعيدة والمناطق النائية ، فانها ظلت محتفظة بقاعدتها الانتاجية الاسروية ، لكون التجارة الراسمالية الاوربية لم تصلها . وعلى الصعيد السياسي لم تكن القبيلة قد تجاوزت بعد مرحلة الرئيس التاقبيلتي المنتخب .
هذا التمايز الاقتصادي - السياسي بين المنطقتين ، سيولد موقفين سياسيين مختلفين تجاه المستعمر الاجنبي الذي دخل البلاد .
بالنسبة للمنطقة المخزنية : ان القواد المخزنيين وخاصة الكبار الذين راكموا ثروات واسعة ، والذين اصبحوا اندادا للسلطة المخزنية نفسها ، لم يزكوا فحسب معاهدة الاستعمار التي قبلها المركز ، بل كانوا في العديد من الحالات محاوريه الاوائل الاساسيين . وهذا ينسجم كليا مع مصالحهم باعتبار ان الدعم الذي تقدمه لهم الادارة الاستعمارية سيفوق دعم المؤسسة المخزنية .
بالنسبة للمنطقة " السائبة " : كانت المقومة هنا التي قادها الزعماء القبليون المحاربون ، مقاومة شرسة . فالضباط الفرنسيون انفسهم يعترفون بان القبائل كانت لاتقبل القاء السلاح الا اذا اضطرت لذلك اضطرارا وبعد ان تكون قد استنفذت كل امكانيات المقاومة ( جرمان عياش : اصول حرب الريف ، بالفرنسية – منشورات سمير – لاسوربون ) .
ولما كان ميزان القوى العسكري – الاجتماعي مختلا بشكل لا يقاس لصالح الجانب الاستعماري ، فقد تمكنت الادارة الاستعمارية في الاخير من اخضاع كل القبائل لسلطتها المركزية وفرض ما اصطلحت على تسميته ب " التهدئة Pacification في منتصف الثلاثينات .
اما سياستها تجاه زعماء القبائل المنهزمين ، فلم تكن ترمي الى التخلص ، بل اختارت الاستفادة منهم عن طريق الاحتواء والتاطير . هكذا . . . فباحتفاظها لهم على مناصبهم القيادية على راس القبيلة ، وبتجنبها فرض موظفين اداريين تابعين لها ، تكون اذن قد سهلت على نفسها مهمة احكام سيطرتها على البادية واطلاق صيرورة التحويل العقاري لصالح الزعماء القبليين ، وهو التحويل الذي ستستند اليه لتاسيس تحالفها الاستراتيجي مع البادية المغربية .
يقول رومي لوفي ، المساعد التقني الفرنسي في وزارة الداخلية ، في الستينات ، عن تلك الحقبة التاريخية ، في كتابه الهام " الفلاح المغربي حامي العرش " – بالفرنسية ما يلي : " ان النخبة القبلية التي قادت الكفاح ضد الغزو الفرنسي ، قد مكنتها سياسة " التهدئة " من البقاء في السلطة . ولقد وجد كل الفرقاء في هذا الوضع ما يرضيه . فالفرنسيون قد زكوا الزعيم الذين يعرفون انه يتمتع بنفوذ داخل وسطه الاصلي . والسكان يفضلون طاعة اوامر الزعيم الذي اختاروه هم بانفسهم للدفاع عن وجودهم وحريتهم ، بدل صنيعة يفرضها عليهم المنتصر الاجنبي " ( الفلاح المغربي – بالفرنسية ) .
غير ان هذا الزعيم القبلي لم يكن يستمد نفوذه قبل التدخل الفرنسي - الا من كفاءته الشخصية ومن احترام السكان له ، سيجد نفسه فجاة بعد التدخل محاطا بالحماية العسكرية والقانونية التي توفرها له الادارة الكولونيالية بسخاء . لذلك فان منطق الاشياء نفسه ، سيدفع هذا الزعيم القبلي الى تشييد القاعدة العقارية – تحت التغطية الساسية الكولونيالية – التي اصبحت تلائم وضعه الجديد ، بهذه الطريقة سيتم اذن التحول التدريجي من زعيم حرب قبلي الى ملاك عقاري كبير " لوفو ( المصدر السايق- ) .
ان النظام العقاري المغربي الذي ظلت تعترض نزوعه الاقطاعي ، العديد من المعيقات ، سوف يعمل التدخل الكولونيالي على تكسيرها عسكريا وسياسيا وقانونيا ، وسوف يمنحه القاعدة العقارية الثابتة والراسخة التي طالما افتقدها ، والتي عليها سيتم توحد جناح القواد المخزنيين مع جناح زعماء الحرب القبليين ، ليشكلوا معا فئة اجتماعية جديدة موحدة المصالح ، هي الفئة الاقطاعية ( بكل ما لكلمة اقطاع من دلالة ) .
ان الصعود السريع للاقطاع المغربي ، مع ماترتب عليه من تمركز للملكية العقارية ، ادى حتما وبالنتيجة الى فصل المنتجين المباشرين ( الفلاحين ) عن وسائل انتاجهم وبالتالي الى تساقطهم . والفلاحون الذين وجدوا انفسهم فجاة بلا ارض وبلا وسائل استغلالها ، بحيث لم تبق في ملكيتهم سوى قوة عملهم ، سيضطرون اذن من اجل ضمان عيشهم ، الى استخدام تلك القوة كاقنان في اراضي الاقطاعيين ( لنلاحظ هنا ان الفلاحين الذين تحدث عنهم بول باسكون في كتابه " تطور الراسمالية في حوز مراكش في عهد الحماية " ، والذين كانوا يفضلون العمل كعمال زراعيين في ضيعات المعمرين ، على العمل كاقنان في اراضي الاقطاع ، لم يتعزز لديهم ذلك الميل الا حينما اشتد عليهم الضغط . اما في البداية فقد كانت الروابط الايديولوجية العشائرية – القبلية قادرة على شدهم الى ارض الاقطاعي ).
ان اصطلاح القن ينطبق في النظام الاقطاعي المغربي على الخماس ( او احد اشتقاقاته مثل الرباع ، والخباز ، والعزاب ... الخ ) . والعلاقة التي يضبطها العقد المتفق عليه بين الاقطاعي والخماس ، تسمح للاول بالاستحواذ على اربعة اخماس المنتوج على شكل ريع عقاري ، بينما يترك الخمس الباقي للثاني مقابل عمله .وهذا معناه ان الاقطاعي الذي يملك اراضي شاسعة ، يعمل على تجزئتها على عدد كبير من القطع الارضية الصغيرة ، فيضع على راس كل واحدة منها خماسا يمده بوسائل الانتاج الضرورية ( حبوب ، حيوانات الجر ... ) مقابل ان تعود اربعة اخماس المحصول لمالك وسائل الانتاج والخمس الاخر لمالك قوة العمل ( ان بعض النظريات الافتصادية التي تريد طمس واقع الاستغلال الذي يتعرض له الخماس ، لاتقدم علاقة الاقطاعي بالخماس على انها علاقة اجتماعية بين مالك لوسائل الانتاج وغير مالك لها . بل بصفتها علاقة عوامل انتاج ساهم فيها عامل العمل بالخمس والعوامل الاخرى باربعة اخماس !!) .
بيد ان الشروط التاريخية المتميزة التي احاطت ظهور النظام الاقطاعي المغربي ، وهي شروط الهيمنة لراس المال العالمي دوليا والفرنسي محليا ، ستطبع ذلك النظام بطابعها الخاص . لذلك لم يكن الاقطاع المغربي منغلقا على ذاته كما كان الشان بالنسبة للاقطاع الاوربي في مراحله الاولى ، بل كان بالعكس خاضعا وتابعا للسوق الراسمالية ( لتبيان درجة الانغلاق القصوى التي كان يتميز بها الاقطاع الالماني – مثلا - في بداية نشاته ، يسوق كارل كاوتسكي في كتابه " المسالة الزراعية " – بالفرنسية - الحكاية التالية : مادامت العلاقة التجارية مع العالم الخارجي منعدمة انعداما كليا ، كان الاقطاعيون عندما يريدون تجديد انتاجهم من الخمور للاستهلاك الخاص ، يضطرون من اجل التخلص من الخمور القديمة ، الى فرض شربها قهرا على الاقنان كنوع من انواع العمل الاكراهي ، حتى اذا ما اصيبوا بالسكر واخذوا يتشاجرون فيما بينهم ، يتدخل عندئذ يصفته رجل امن فيفرض عليهم دفع الغرامات بسبب المخالفات التي ارتكبوها . وبهذه الطريقة الملتوية كان يسترجع مقابلا لخموره ) .
ان السوق الراسمالية قد خلقت للاقطاعي المغربي حاجيات جديدة وكثيرة ، وكماليات متنوعة . لذلك كان يحرص على تحويل جزء هام من فائض الانتاج الى نقود لشراء وسائل بذخه ( يذكر بيير جيلي في "جمهورية لملك " ، بان الكلاوي كان زبونا مداوما لارقى المحلات التجارية الباريسية ، وقد سبق له ان اشترى جوهرة فريدة من نوعها اراد اهداها الى الملكة اليزابيت بمناسبة تتويجها على عرش بريطانيا ، ولكنها رفضتها ) .

في العدد القادم : تحول الاقطاع الى بورجوازية زراعية .





#بلكميمي_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// الاسس المادية للثو ...
- تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// الاسس المادية للثو ...
- من / تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// جيل الانشغالا ...
- تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// مثالية البرنامج وم ...
- تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// عاشت« الكتلة الديم ...
- تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// الحلم بتغيير العال ...
- تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت//في ذكرى اقتراب نصف ...
- تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت//في ذكرى اقتراب نصف ...
- تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت//في ذكرى اقتراب نصف ...
- تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// عندما يتوحد التكتي ...
- تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// كتابات مضيئة // ال ...
- من قلب الراحل عبد السلام المؤذن - المعتقلون في القلب -
- بمناسبة اليوم الوطني للاعلام 15 نونبر :
- نظرية الديمقراطية المغربية -3-
- نظرية الديمقراطية المغربية : دولة كل طبقات المجتمع - تتمة -
- نظرية الديمقراطية المغربية: ديمقراطية دولة كل طبقات المجتمع ...
- نظرية الديمقراطية المغربية : ديمقراطية دولة كل طبقات المجتمع ...
- نظرية الديمقراطية المغربية :ديمقراطية دولة كل طبقات المجتمع
- نظرية الديمقراطية المغربية : تناقضات ديمقراطية دولة الطبقة ا ...
- نظرية الديمقراطية المغربية: تناقضات ديمقراطية دولة الطبقة ا ...


المزيد.....




- مسؤول: أوكرانيا تشن هجمات ليلية بطائرات دون طيار على مصفاة ن ...
- -منزل المجيء الثاني للمسيح- ألوانه زاهية ومشرقة بحسب -النبي ...
- عارضة الأزياء جيزيل بوندشين تنهار بالبكاء أثناء توقيف ضابط ش ...
- بلدة يابانية تضع حاجزا أمام السياح الراغبين بالتقاط السيلفي ...
- ما هو صوت -الزنّانة- الذي لا يُفارق سماء غزة، وما علاقته بال ...
- شاهد: فيديو يُظهر توجيه طائرات هجومية روسية بمساعدة مراقبين ...
- بلومبرغ: المملكة العربية السعودية تستعد لعقد اجتماع لمناقشة ...
- اللجنة الأولمبية تؤكد مشاركة رياضيين فلسطينيين في الأولمبياد ...
- إيران تنوي الإفراج عن طاقم سفينة تحتجزها مرتبطة بإسرائيل
- فك لغز -لعنة- الفرعون توت عنخ آمون


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - بلكميمي محمد - تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت//الاسس المادية للثورة التحديثية في المغرب .// تابع