بلكميمي محمد
الحوار المتمدن-العدد: 2465 - 2008 / 11 / 14 - 08:05
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
قلنا بان النظام الراسمالي المغربي ، الذي كان في مرحلة صعود البورجوازية نظاما تبعيا ، قد اصبح في المرحلة الحالية ، بحكم تعميمه على المجتمع المدني ، نظاما وطنيا وقلنا ان هذا الوضع المستجد قد خلق تناقضا بين الجوهر الوطني الجديد ، وبين استمرار الشكل التبعي القديم ، وقلنا ايضا بان حل التناقض المذكور ، يتطلب احداث التطابق المنشود بين الجوهر والشكل ، عبر الانتقال من الراسمالية التبعية الى الراسمالية الوطنية ، ثم قلنا اخيرا بان الراسمالية الوطنية المتحررة بين الراسمال الامبريالي ستضمن مصالح البورجوازية المغربية ولن تلغيها .
اذا كان كل هذا صحيحا ، فلماذا تفضل البورجوازية المغربية الهروب الى الامام ، عن طريق المزيد من تعميق اندماجها بالراسمال الامبريالي ، رغم ان هذا الطريق اصبج يضر بمصالحها الطبقية نفسها ؟
هناك سببان رئيسيان .
الاول : فكما ان الرجل الذي يحب امراة حبا قويا ، لايستطيع التمييز بين الحب والمراة المحبوبة ، وحيث تصبح المراة هي الحب ذاته ، وليست تجسيدا له في شخصها ، وبالتالي فان غيابها يعني بالنسبة اليه ، فناء الحب ونهاية العالم .
كذلك فان البورجوازية المغربية المتعلقة بحب التبعية الى حد الجنون ، لاتستطيع من تلقاء نفسها ان تتصور ، بان الراسمالية يمكن ان تتجسد في شكل اخر غير شكل التبعية ، من هنا فان غياب التبعية يعني بالنسبة اليها ، فناء الراسمالية في حد ذاتها ، ونهاية العالم .
الثاني : ضعف احزاب المعارضة التقدمية ، الناجم اساسا عن تشتتها . فالبرجوازية المغربية لايمكنها تغيير مواقفها عن طريق الاقناع السياسي ، بل فقط عن طريق الضغط الكثيف المستند الى صراع طبقي طويل ومرير ، قادر على تعبئة كتلة شعبية ضخمة في معمعانه .
تبقى مسالة حاسمة : بم نبدأ ؟ هل بحل المسالة السياسية ( تحقيق الديمقراطية الحقيقية ) ، ام بحل المسالة الاقتصادية – الاجتماعية ؟ .
رغم ان حل الثانية هو شرط ضروري نحو الحل النهائي للاولى ، الا انه مع ذلك لايمكن حل المسالة الاقتصادية نفسها الا بواسطة حل المسالة السياسية ، فالبداية تنطلق من السياسي لا من الاقتصادي .
لماذا ؟ .. لان البورجوازية لكي تحافظ على التبعية ، تلجا الى السلاح السياسي : منع الاحزاب التقدمية ، بوسائل شرعية وغير شرعية ، من الفوز في الانتخابات ، والحصول على الاغلبية البرلمانية ، وتشكيل حكومة خاصة ، وتطبيق البرنامج الوطني التحرري .
من هنا فان منطق الصراع يحتم على القوى التقدمية ، استعمال نفس السلاح السياسي ، لكن في الاتجاه النقيض أي فرض احترام القانون وتطوره ، والقبول بالانتخابات النزيهة ، من اجل تشكيل حكومة التحرر الوطني .
هذا هو السبب الذي يجعل الصراع يحتدم حول قضية الديمقراطية ، وفي ميدان المعركة من اجل الديمقراطية ، سيتحدد مستقبل المغرب في العقود المقبلة .
#بلكميمي_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟