أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - بلكميمي محمد - نظرية الديمقراطية المغربية : الشكل الديمقراطي لدولة الطبقة الواحدة - تتمة -















المزيد.....

نظرية الديمقراطية المغربية : الشكل الديمقراطي لدولة الطبقة الواحدة - تتمة -


بلكميمي محمد

الحوار المتمدن-العدد: 2457 - 2008 / 11 / 6 - 08:55
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


قلنا في الفقرة السابقة ، بان نشوء الاستبداد في المرحلة الماضية ، ناجم عن وضع كان بحاجة الى مثل هذا الاستبداد ، وحللنا ذلك على الشكل التالي ، في بداية صمودها الاجتماعي ، كانت الطبقة البورجوازية التبعية ، ضعيفة .، اذ من جهة ، كان المجتمع الماقبل مدني يطوق مجتمعها المدني الناشئ ، لان في تلك الظروف ، كانت لاتزال الملكية الاقطاعية العتيقة ، والملكية الصغيرة للفلاحين المستقلين ، قويتين .( لنذكر بالمناسبة حركة المعارضة التي قادها الاقطاع ، والتي كان ابرزها عصيان عدي اوبيهي في الجنوب ) .
ومن جهة اخرى ، كانت مهددة بالمنافسة القوية من طرف ممثلي الطبقة الوسطى ، الذين كانوا يطرحون مشروعا راديكاليا للتطوير الراسمالي ، مناقضا لمشروعها الاصلاحي .
واذن في تلك الشروط الموضوعية الملموسة ، لم يكن هناك امام الطبقة البورجوازية الصاعدة ، من خيار سياسي لفرض هيمنتها وتحييد خصومها ، سوى خيار الدولة المركزية القسرية الاستبدادية .
اما في المرحلة اللاحقة ، فقد انقلب الوضع راسا على عقب بعد تحول المجتمع الى نقيضه . اذ من جهة ، تم استكمال اعادة الهيكلة للملكية الاقطاعية على اسس راسمالية ، ومن جهة ثانية ، تم عزل وتحييد ممثلي المشروع الراديكالي .
واذن في تلك الشروط الموضوعية الملموسة الجديدة ، ظهر تناقض جديد : بين وضع اجتماعي جديد ، وبين استمرار الشكل الاستبدادي للدولة الذي عكس الوضع القديم ، السائد ابان الصعود الطبقي .
فكان لابد لهذا التناقض ان يحل ، وحله يقتضي احداث تطابق بين الوضع الاجتماعي الجديد ، وبين شكل الدولة السياسي الملائم ، وهذا الشكل كان هو الشكل الديمقراطي لدولة الطبقة الواحدة .
لكن احداث التطابق المذكور ، وتصحيح العلاقة بين وضع اجتماعي متقدم وشكل سياسي متخلف عن مسايرة حركته ، ليس بالشيء الالي ولا بالامر الهين . فالبرجوازية المغربية التي تعودت ، في المرحلة الاولى ، المهيمنة بواسطة الشكل الاستبدادي للدولة ، لم يكن سهلا عليها ، بحكم قوة العادة تلك ، تجاوز الشكل الاستبدادي والانفتاح على شكل ديمقراطي جديد ، ورغم ان الديمقراطية المقترحة هي ديمقراطيتها الخاصة .
لذلك كان لابد من هزة عنيفة ، ترغمها على مواجهة مواقفها ، وقد جاءت تلك الهزة في شكل محاولتي الانقلاب في مطلع السبعينات .
بعد الهزة اصيبت البورجوازية بازمة سياسية عميقة ، ولم يكن من الممكن تجاوزها ، بدون التقرب من المعارضة الوطنية ، لكن التقرب له شروطه ، ومن ضمن المطالب الاساسية التي كانت تطرحها بالحاح المعارضة الوطنية ، مطلبي الديمقراطية واسترجاع الاقاليم الصحراوية المغربية .
هكذا ستجيء الديمقراطية ، التي عملت على رفع التناقض بين وضع اجتماعي متحرك وشكل سياسي جامد ، وهكذا سيتم تحرير الصحراء المغربية ، التي كانت عزيزة على قلب المرحوم علال الفاسي منذ القدم ، وظلت عزيزة حتى اخر لحظات حياته .
لكن الصحراء التي كانت في البداية ، مجرد نقطة برنامجية ازاء نقطة اخرى هي الديمقراطية ، سرعان ما تحولت بفعل تعقد واحتدام الصراع ضد خصوم الوحدة الترابية ، الى سند قوي للديمقراطية ، اذ لكي تظهر الصحراء امام الراي العام الدولي ، على انها قضية شعب باكمله وليس فقط قضية نظام ، كان لابد من توفير شرط ديمقراطي للدفاع عنها ، الامر الذي يقتضي حرية الصحافة ، وحرية انشطة اخرى .
في هذه الحدود وحدها ، يمكن فهم طبيعة العلاقة بين القضية الوطنية وقضية الديمقراطية ، اما الراي الذي ذهب اليه البعض ، وهو راي منتشر ، والذي يربط وجود الديمقراطية بوجود مسالة الصحراء ، فانه راي خاطئ من الناحية النظرية ، لانه يستبدل التفسير الجوهري بالتفسير العرضي ، ان قضية الصحراء ، مهما كانت اهمية دورها المؤثر على المسالة الديمقراطية ، ومهما طال امد الصراع حولها ، فانها مع ذلك تنتمي فقط للمؤثرات العرضية الظرفية .
ان دور عامل الصحراء في مسالة الديمقراطية ، مثله مثل دور عامل العرض والطلب في مسالة تحديد اسعار البضائع . فهذا العامل الاخير ، له فعلا تاثير على تحديد السعر ، لكنه ليس هو العامل الجوهري الحاسم ، اذ لكي يمكن تحليل قيمة البضاعة تحليلا علميا ، يجب تجريدها من كل المؤثرات الخارجية العرضية ، والنظر اليها في جوهرها الثابت ، الذي هو كمية العمل الضرورية اجتماعيا لانتاجها ، وعامل العرض والطلب هو نفسه يمكن ابطال مفعوله ، في الشروط التي يتساوى فيها العرض مع الطلب ، وحينئذ لن يبقى هناك سوى العامل الجوهري الثابت .
نفس الشيء بالنسبة لقضية الديمقراطية ، فلكي يمكن تحليلها تحليلا علميا ، يجب تجريدها من عامل الصحراء الذي يشوش على ذلك التحليل ، والنظر اليها بالتالي في حقيقتها الجوهرية الثابتة ، وهذه الحقيقة هي ، كما سبق الذكر ، تطور المجتمع المدني نفسه الذي لم يعد يحتمل الشكل الاستبدادي للدولة السابق ، وهذا معناه ان الديمقراطية باقية حتى ولو زال عامل الصحراء .
يبقى السؤال : ماهو السبب الذي دفع الجنرال اوفقير ، للقيام بمحاولته الانقلابية ؟
هناك من اعتبر ان السبب يكمن في تناقض داخل الطبقة الحاكمة ، ناجم عن « غياب الديمقراطية » بين اجنحتها ، وهناك من اعتبر ، مثل السوسيولوجي الامريكي ووتر بوري ، بان حركة اوفقير كانت بمثابة استباق للاحداث من اجل قطع الطريق امام احتمال انقلاب عسكري يساري .
ان كل هذه التفسيرات خاطئة ، لان السبب الحقيقي يكمن في طبيعة شخصية اوفقير نفسها ، فهذا الرجل الذي كان يملا قلبه طموح سياسي كبير ، شعر بعد تعاظم سلطته ونفوذه ، الناجم عن دوره البارز في قمع المعارضة الراديكالية ، بان الظرف ملائم للدفع بسلطته الى نهايتها ، أي الاستيلاء على السلطة العليا للبلاد نفسها .
وفي الحقيقة فان التاريخ ، القديم والحديث على السواء مليء بهذا النوع من النماذج الاوفقيرية ، وتكفي الاشارة هنا الى المثال الفرنسي ، بعد الثورة الفرنسية انفجر صراع عنيف ، بين الاتجاه البورجوازي الثوري والبورجوازي الاصلاحي ، الامر الذي دفع انصار هذا الاخير ، الى القول بان الوضع في حاجة الى une bonne epee لخلق الامن والاستقرار . وهكذا سيتم اسناد دور تلك القبضة الحديدية ، الى رجل عسكري سبق له ان برهن عن قدراته العسكرية في حملات ايطاليا ومصر . وكان ذلك الرجل اسمه بونبارت ، لكن نابلوين هذا ، ما ان احس بسلطته تتعاظم حتى تولد لديه طموح اكبر : فكانت الاطاحة بالجمهورية التي قلبها الى ملكية وضع نفسه على راسها .
ان حركة اوفقير تشبه حركة نابليون ، مع اخذ المقارنة بينهما طبعا ، في الحدود التي تسمح بها المقارنة بين قزم وعملاق .
ان التاريخ السياسي لاوفقير قد كرر نفسه ، لكن في المرة الاولى كان ماساويا ، بسبب تساقط الشباب والاطفال ضحايا قمع احداث 23 مارس 1965 . وفي المرة الثانية كان كاريكاتوريا ، بسبب المهزلة التي انتهى اليها مصيره ، بعد المحاولة الانقلابية .
وكما ان الماساة ، في الحالة الاولى ، لم تفعل اكثر من الاسراع باقامة نظام الاستبداد ، الذي كانت شروطه الموضوعية موجودة سلفا على ارض الواقع ، كذلك فان المهزلة ، في الحالة الثانية ، لم تفعل اكثر من الاسراع بفتح عهد الديمقراطية ، الذي اصبحت شروطه الموضوعية موجودة في المجتمع المدني .



#بلكميمي_محمد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرية الديمقراطية المغربية : الشكل الديمقراطي لدولة الطبقة ...
- نظرية الديمقراطية المغربية : الشكل الاستبدادي لدولة الطبقة ا ...
- نظرية الديمقراطية المغربية :الشكل الاستبدادي لدولة الطبقة ال ...
- نظرية الديمقراطية المغربية : الشكل الاستبدادي لدولة الطبقة ...
- فكر وحوار : نظرية الديمقراطية المغربية
- فكر وحوار : نظرية الراسمالية المغربية - 3-
- جدلية الدولة والمجتمع . تابع
- 3جدلية الدولة والمجتمع .
- حقيقة الدولة السياسية المغربية .
- نظرية الديمقراطية المغربية : حقيقة المجتمع المدني المغربي - ...
- فكر وحوار : نظرية الراسمالية المغربية -2-
- نظرية الديمقراطية المغربية حقيقة المجتمع المدني المغربي
- نظرية الديمقراطية المغربية
- فكر وحوار : نظرية الراسمالية المغربية 1
- اتجاه تطور الطبقة البورجوازية
- تحول راسمالية الدولة الى طبقة بورجوازية - تابع -
- تحول راسمالية الدولة الى طبقة بورجوازية
- ظهور راسمالية الدولة التبعية
- من الراسمالية الكولونيالية الى راسمالية تبعية
- تحول الراسمالية الكولونيالية الى راسمالية تبعية - تابع –


المزيد.....




- هل يثير اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران زخما لوقف ح ...
- أول اعتراف رسمي.. وزير الخارجية الإيراني: أضرار كبيرة طالت ا ...
- مصادر إسرائيلية تتحدث عن قتال صعب وإجلاء جنود جرحى بخان يونس ...
- هل تجبر عمليات المقاومة نتنياهو على إبرام صفقة شاملة في غزة؟ ...
- تزايد اختطاف الأطفال على يد جماعات مسلحة بموزمبيق
- فتح الحدود بين إريتريا وإثيوبيا دون إعلان رسمي.. ما القصة؟
- دينيس فيلنوف يقود أولى مغامرات جيمس بوند تحت راية أمازون
- لماذا فشلت إسرائيل في كسر إيران؟
- انقسام في الكونغرس بعد أول إفادة بشأن ضرب إيران
- البيت الأبيض لخامنئي: -عليك أن تحفظ ماء وجهك-


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - بلكميمي محمد - نظرية الديمقراطية المغربية : الشكل الديمقراطي لدولة الطبقة الواحدة - تتمة -