بلكميمي محمد
الحوار المتمدن-العدد: 2432 - 2008 / 10 / 12 - 08:53
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
الراسمالية التبعية هي اولا راسمالية تبعية . وهذا يعني انها تمثل التواصل والاستمرار التاريخيين للراسمالية الوكولونيالية السابقة عنها . ان ذلك التواصل والاستمرار يتجسدان اساسا ، في الموقع المحدد الذي تحتله ضمن قسمة العمل الدولية ، وهو الموقع الذي يجعلها تتخصص في تصدير المواد الاولية المعدنية والزراعية ( او بعض المنتوجات المصنعة الكلاسيكية ، في مرحلة اعلى من التطور )، واستيراد المنتوجات المصنعة ذات التكنولوجيا المتطورة .
وبالطبع ان تلك العلاقة الدولية لقسمة العمل ، هي في اساسها علاقة غير متكافئة لانه لايمكن المساواة بين من يبيع الفوسفاط ومن يبيع الوسائل المتطورة تكنولوجيا لانتاج ذلك الفوسفاط ، وحين يكون طرفا المعادلة الاساسية غير متكافئين ، يصبح ، بالضرورة ، التبادل التجاري بينهما ، هو نفسه غير متكافئ . ان الازمة النقدية الخانقة التي يعاني منها حاليا الوضع المالي المغربي ، تجد احد اسبابها الحاسمة ، في التبادل اللامتكافئ ( ففي الوقت الذي انهارت فيه اسعار الصادرات المغربية ، ارتفعت فيه ارتفاعا صاروخيا ، وارادته الاساسية من منتوجات مصنعة مدنية وعسكرية ) .
لكن من ناحية اخرى ، ان الوقوف عند حد اعتبار الراسمالية التبعية المغربية ، هي مجرد راسمالية تبعية وكفى اي انها لاتمثل سوى التواصل والاستمرار التاريخيين للراسمالية الكولونيالية السابقة عنها ( كما يفعل العديد من الاقتصاديين المغاربة ، وبعض الكتاب العرب مثل برهان غليون ) ، ان ذلك الموقف ، بالتالي ، ينطوي على خطا نظري كبير ، لان اصحابه ( بحكم نظرتهم التجريدية الواحدة الجانب ) ، لايرون سوى جانب التواصل والاستمرار ، وليس ايضا جانب القطيعة التاريخية مع الراسمالية الكولونيالية .
ان النظرة العلمية للراسمالية التبعية ، التي هي بالضرورة نقيضة للنظرة السياسية الذاتية ، هي التي تنظر للراسمالية التبعية المغربية كوحدة متناقضة ، أي انها في نفس الوقت راسمالية تبعية وراسمالية وطنية . ان تبعيتها تستمدها من امتدادها الخارجي بصفتها تحتل موقعا ضمن قسمة العمل الدولية ، اما وطنيتها فتتأسس على جوهرها الداخلي نفسه ، الذي هو وحدة العمل المغربي والراسمال المغربي .
#بلكميمي_محمد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟