بطرس بيو
الحوار المتمدن-العدد: 2509 - 2008 / 12 / 28 - 06:00
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
حب الوطن
بلادي وإن جارت علي عزيزة و قومي و إن ظنوا علي كرام
إن هذا البيت من الشعر العربي الأصيل يمثل تمثيلاً صادقاً لمشاعر المسيحيين و اليهود المهجرين من عراقهم الحبيب.
سوف لا أبدأ كلامي في الإدعاءات التي تدعي أن المسيحيين العراقين هم أهل البلاد الأصليين كما يذكر بعض الكتاب في كتاباتهم حول الموضوع لأن هذا الإدعاء قد فات أوانه إذ أنه حدث في زمن كان ألإستيلاء على بلاد الغير بقوة السلاح من المسلمات التي كانت سائدة في حينه ولكني سأتكلم عن تجربتي أنا خلال الخمسون عاماً التي قضيتها في العراق حيث كانت علاقتي مع أصدقائي المسلمين من شيعة و سنة أقوى و أصدق و أعمق من علاقاتي مع اصقائي المسيحيين و لم يكن يتبادر ألى ذهن لأي أحد منا أنا نختلف في الدين.
أحن إلى الأيام التي كنا نقف مع الأصدقاء في ساحة البتاويين و نشتري الكص من البائع الذي يقف بعربته في وسط الساحة ثم نذهب إلى سينما غازي في الباب الشرقي و كانت من أجمل دور السينما في حينه ثم نعود إلى دورنا في الكرادة مشياً على الأقدام من شارع أبي نواس متبادلين النكات و القصص الممتعة.
أحن إلى الأيام التي كان شارع الرشيد يتزين فيها بأبهى حلته في مناسبات اعياد الميلاد و رأس السنة و نرتاد محل أوروزدي باك الذي كان يحتوي على اي شئ يخطر ببال المشتتري من البضائع.
أحن إلى اليوم الذي تتوج فيه الملك فيصل الثاني رحمه الله و جاء مع عبد الإله الوصي على العرش في عربة ملكية تجرها حصون مطهمة و مر من ساحة سباق المنصور أمام حشد من الناس.
أحن إلى الأيام التي كنا نقضي ليالينا قي نادي المنصور و نلعب البنكو أيام الصيف الجميلة في حديقة االنادي.
أحن إلى اليوم الذي ذهبت مع طلاب مدرسة الثانوية المركزية إلى طريق الفلوجة لحفر خنادق مضادة لدبابات الجيش البريطاني الذي كان يحارب الجيسش العراقي في حركات رشيد عالي الكيلاني و اليوم الذي كنا أنا و أصدقائي الطلاب قابعون على سطح إحدى البنايات نتصايد بأسلحتنا الطائرات البريطانية التي كانت تقصف بغداد.
و لا أنسى فجر يوم 14 تموز عام 1958 عندما سمعنا أصوات المدافع الرشاشة من دارنا في المنصور عندما تم إغتيال الملك الشاب رحمه الله و العائلة المالكة بأسرها و النداءات الثورية التي كان يبثها المجرم عبدالسلام عارف من راديو بغداد.
و بهذه المناسبة أود أن أنهي كلمتي هذه بترديد ما قاله شاعر المهجر المعروف أيليا أبو ماضي في قصيدته "وطن النجوم":
زعـمو ســلـوتــك لـيـتـهــم نسـبـو إلـي الـمـمكـنا
فالـمـرأ قـد يـنــسى الـمـســئ الـمـفـتـري، و المحسنا
و الـخـمـر، و الـحـسنـاء، و الوتر المـرنـح، و الــغــنـا
و مـرارة الـفـقـر الـمــــــذل بـل، و لـذات الـغـنـى
لـكـنـه مـــهـــمـا ســــلا هـيـهـات يسلو الموطـنا
بطرس بيو
#بطرس_بيو (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟