أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح شاهين - منتظر الزيدي يقول: أنا لا أردد تراتيل الهزيمة ولو مرت أمامي جنازات الكون كلها














المزيد.....

منتظر الزيدي يقول: أنا لا أردد تراتيل الهزيمة ولو مرت أمامي جنازات الكون كلها


ناجح شاهين

الحوار المتمدن-العدد: 2498 - 2008 / 12 / 17 - 05:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما سقط البرجان الشهيران من عليائهما، التقطت عدسات التصوير الغربية وعلى رأسها الأمريكية صوراً كريهة في عيون المواطن الغربي لمجموعات من الرعاع العرب خصوصاً في فلسطين والأردن ومصر والعراق، وهم يحتفلون بمصاب أمريكا في أعز ما تملك مجمعات وول ستريت التي تمثل أساطين رأس المال الأمريكي بل والغربي كله.
عانينا نحن الأعراب في كل مكان من أثر الصور التي تم بثها على مدار الساعة من قبل حيتان الإعلام الذي تهيمن عليه دوائر الحرب والاحتكارات والصهيونية العالمية. كانت تغطية كثيفة تزغلل الأبصار، وتدفع المشاهد باتجاه واحد هو تصوير العرب في المخيال العالمي قوماً يتعطشون للموت والخراب. لم يذكر الإعلام شيئاً عن دماء العرب التي سالت أنهاراً طوال القرن العشرين وما قبله. ولم يلمح أحد إلى كرامة هؤلاء العرب المتوحشين التي تدوسها سنابك خيل الرجل الأبيض دون أن يطرف لأبيض عين. كانوا قد اعتادوا قتل الآخرين دون أن يعذبهم ضمير أو يزجرهم موقف خلقي. كانوا قد استدخلوا عميقاً في ضمائرهم المروضة أن لا أحد يستحق لقب إنسان على وجه الحق والحقيقة إلا الرجل الأبيض، أعني الناصع البياض، ويفضل بالطبع أن يكون أنجلوساكسونياً وبروتستنتياً. أما سكان أمريكا الأصليين الذين أسماهم كولومبوس هنوداً حمراً، فقد كانت قيمتهم لا تزيد ولا تنقص عن قيمة الهنود من الألوان الأخرى؛ أعني الأسود، والبني، وخلافهما. الإبادة والاستعباد أمران غير منكرين في هذه الحال. وكما قال أحد الاباء العظام: "إنني أفضل الموت على أن أعيش مثلما يعيش العبيد في أمريكا." لكنه على الرغم من ذلك احتفظ بعبيده. ذلك لأن عبارته إنا قصد بها أن الموت أفضل من حياة الأفارقة فيما يخص الرجل الأبيض فحسب. أما بقية الناس فلا بأس بقتلهم واستعبادهم. والعرب لم يخرجوا عن هذا الإطار أبداً. ألم يقل قاضي المحكمة الأمريكية العليا عام 1924 إنه يستغرب أن يدعي أي عاقل أن يكون أهل الشام من العرب الذين يتصفون بلون يماثل لون حبة الجوز بيضاَ. كيف بعد ذلك يمكن له أن يصنفهم ضمن الأعراق النقية الصالحة للعيش في الولايات المتحدة؟ أما الصينيون فقد قرر نفس القاضي أنهم سود مائة في المائة وإن بدا لأول وهلة –لمن ليس لديه معرفة راسخة بالألوان- أنهم أقرب إلى البياض. لا ضير إذن في معاملة هذه الأعراق بما يليق بها، أعني بطبيعتها الدنئية بالنسبة إلى الطبيعة البيضاء السامية.
بمثل هذه العقلية جاء اليانكي الأبيض إلى بغداد لينشر الديمقراطية الأمريكية السعيدة، يرافقها منتجات علوية من قبيل "الماكدونالدز" و"الكوكا كولا" و"الفياجرا" و"المارلبورو". لكن فوق ذلك كله جاءت "بلاك ووتر" الأكثر فاعلية لأن القطاع الخاص أمهر وأشد نجاعة حتى عندما يتعلق الأمر ببناء الديمقراطية الأمريكية الرائعة في بلاد متخلفة كالعراق. كان ما كان مما أذكره ومما لست أذكره، من قبيل منتجعات "أبواغريب" ونزهات "الفالوجة". وتذوق العراقيون مرة أخرى بجرعة مضاعفة مرات عديدة مذاق القيم الأنجلوساكسونية. مئات الآلاف من القتلى، ملايين الجرحى والمشردين، وعشرات الآلاف من المعتقلين، وآلاف مؤلفة من المغتصبات والمغتصبين والجياع.
بجبروت العقب الحديدية المنتشية بانتصارها على الكتلة الشرقية عام ،1990 عالجت القوة الأمريكية الهائلة من يرفع رأسه أو يفكر في رفع رأسه من العراقيين. كان لا بد لهذا المقدار الهائل من البطش أن ينتصر مهما ظن العرب العراقيون أنهم أقوى من الموت والدمار. من الصحيح بالطبع أن المواطن الأمريكي بدأ يحس أن الحرب في العراق غير قابلة للربح، وأن من الأفضل للولايات المتحدة، ليس من باب الأخلاق ولاحقوق الإنسان، بل من باب المصالح البحتة، أن تترك العراق وترحل منه بأقل الخسائر. لكن هيهات، هيهات، فالمؤسسة الحاكمة في واشنطون العطشى للدم والنفط العربيين، والراغبة في توظيف مناسبة العراق لتلقين البشرية درساً في الطاعة، لا يمكن أن تنكفئ بسهولة. لا بد مما ليس منه بد. وهكذا تواصل فيلم "الأكشن" الأمريكي مدججاً بكل أنواع الأسلحة يقتل ويقتل حتى وصل لحظة ظن فيها أن ملايين الجنازات التي سودت عيش المواطنين العراقيين والعرب قد آتت أكلها وأن العراق جاهز لسماع شروط موته الأبدي. وقد جاءت الاتفاقية الأمنية الأخيرة خطوة كبيرة في هذا الاتجاه، وبدا لرئيس الولايات المتحدة المنصرف جورج بوش الصغير، أن بإمكانه أن يختم كتابه الأسود بصفحة بيضاء. فها هو العراق يدخل أخيراً في بيت الطاعة الأمريكية مقدماً المثال للجميع أن أحداً لا يستطيع التمرد ضد إرادة السيد الأبيض التي تمنح الحياة والموت من بين أشياء أخرى.
منتظر الزيدي مجرد إعلان آخر، واحد من الإعلانات الكثيرة التي ستواجه اليانكيين منذ هذه اللحظة حتى خروجهم النهائي من العراق، إن استسلام المواطن العربي والعراقي حلم ليلة صيف لندنية؛ ليلة عابرة لا تتلاءم مع الجو الإنجليزي المليء بالضباب والرياح. لقد أوضحت رسالة منتظر الزيدي موقف العراق والعرب جميعاً: نحن قوم لا يستطيع الموت أن ينال منا؛ نحن أمة يجسدها شعار حسن نصر الله زعيم المقاومة اللبنانية: "هيهات منا الذلة". ونحن أمة يعبر عنها حذاء منتظر الزيدي الذي قال تقريباً: أنا لا أشارك في تراتيل الهزيمة، ولو مرت أمامي جنازات الكون كلها.



#ناجح_شاهين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة الأزمة الرأسمالية الراهنة
- أشباح 1929 تخيم في فضاء الكونغرس أو: أهي آلام ولادة الجديد؟
- كيفية ابتياع الفياجرا أو حرية تدفق السلع في زمن العولمة
- أوباما: ظاهرة امبريالية جديدة؟
- خطاب بوش أمام الكنيست
- الجامعة العربية تترنح، لأنها دون جذور
- زيارة نجاد للعراق ووهم القنبلة النووية الايرانية
- الشعب الفلسطيني والشعب الفنزويلي
- سندي شيهان تكتشف أن أمريكا بلد الحزب واحد
- العرب بين التمركز والتذرر
- بين وندي وإدوارد سعيد
- صور من أمريكا - 3 - اليهود الأمريكان ودعم الحقوق الفلسطينية
- صور من أمريكا-2- موت الحصان البطل -باربارا-
- صور من أمريكا
- من إنتاج الإغاثة الزراعية
- اعتقال سعدات ومسرحة الحدث
- اليسار والانتخابات وعزلة النخب
- انفجار لندن
- الفوائد الجمة للسيجارة الفلسطينية
- حول مسلسل قتل النساء


المزيد.....




- شاهد: اشتباكات بين مشجعي إنجلترا وصربيا في كأس أوروبا تُخلف ...
- شاهد: في أجواء يملؤها التضرع والخشوع.. اليمنيون يؤدون صلاة ع ...
- يورو 2024: بيلينغهام يقود إنجلترا لفوز صعب على صربيا
- وفاة ربان طائرة مصرية بشكل مفاجئ خلال رحلته من القاهرة إلى ا ...
- استخباراتي أمريكي سابق: الخلاف حول الأزمة الأوكرانية داخل حل ...
- قائد منطقة رفح: مقتل 8 جنود مؤلم وتوجيهاتنا هي المضي قدما
- ما مصير -جمرات- أيام التشريق الثلاثة بعد رميها أثناء تأدية ف ...
- جنوب إفريقيا.. حزب -زوما- يطعن بنتائج الانتخابات وينضم للمعا ...
- كوليبا: المؤتمر التالي حول أوكرانيا يجب أن يكون بمشاركة روسي ...
- بعد اكتمال لوائح المرشحين.. فرنسا تبدأ الحملة الانتخابية غدا ...


المزيد.....

- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح شاهين - منتظر الزيدي يقول: أنا لا أردد تراتيل الهزيمة ولو مرت أمامي جنازات الكون كلها