أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح شاهين - أشباح 1929 تخيم في فضاء الكونغرس أو: أهي آلام ولادة الجديد؟















المزيد.....

أشباح 1929 تخيم في فضاء الكونغرس أو: أهي آلام ولادة الجديد؟


ناجح شاهين

الحوار المتمدن-العدد: 2420 - 2008 / 9 / 30 - 09:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سوف لن ارهق نفسي في توضيح حيثيات انهيار نظام المال الأمريكي انهيارا يكاد يصل الى ذرى الأحد الاسود 1929. ذلك أن تفاصيل الانهيار تتجاوز حدود اهتمامي ومعرفتي. لكن الصورة العامة واضحة بما يكفي. باستطاعة رأس المال أن يتمدد الى ما لا نهاية في ظل غياب مقصود لدور الدولة. الحرية المطلقة للسوق وفق الليبرالية الجديدة تضمن الازدهار والربح للجميع. هذه ايديولوجية قديمة بالطبع ولكنها اكتسبت زخما مقدسا بعد 1990. لا بأس أن نلاحق "العيار حتى باب الدار" كما يقولون في بلادنا. قد نجد وراء الأكمة أشياء غير التي نزعم، لكن من أين نبدأ على وجه الدقة؟ أظن أن مسارنا يجب أن يبدأ مع بيل كلينتون وثوماس فريدمان وشرق آسيا ثم نأتي الى حروب بوش وبلير وصولا الى قطاف حرية السوق المرة التي تمكنت هذه المرة في لحظة من لحظات السخرية المريرة للتاريخ من الضرب بقوة داخل عرين الأسد بالذات.
عام 1990 اقتنعت للبرالية الأنجلوساكسونة ان المعركة قد انتهت وأن ايديولوجية رأس المال قد انتصرت الى الأبد. كان النصر أجمل وأبسط من أن يوصف. ان العالم سيشهد استقرارا بهيجا لا مثيل له منذ أيام الهيمنة البريطانية الرائعة في الربع الأخير من القرن التاسع عشر. وربما للتعبير عن ذلك الجمال المنقطع النظير تم انتخاب رئيس ديمقراطي شاب وسيم وطموح هو بيل كلينتون. وقد كانت سنواته الثمان تجسيدا للحظة حالمة لا مثيل لها في التاريخ. فقد اندفع وهو الرئيس "اليساري" بكل قواه في اتجاه الخصخصة وتقويض دولة الرفاه ودعم حرية رأس المال الى حد غير مسبوق. وفي خضم ذلك لم يوفر الرجل فرصة للبحث عن طرق لإشباع جشع رأس المال الذي لا يرتوي لمزيد من جني الأرباح. ومن مشاريعه الأبرز في ذلك الاتجاه مشروع "بيت ملك" لكل أمريكي الذي رهن أمريكا بكليتها لرأس المال العقاري. وعندما جاءت لحظة الحقيقة وجد الناس انفسهم غير قادرين على السداد فابتدأت الأزمة. لكن دعنا لا نستعجل الأمور ولنعد الى الوراء قليلا.
أخبرنا خبراء العلم الإقتصادي والسياسي في أمريكا المنتشية ان الحقيقة الساطعة هي أن السوق يضبط نفسه، وان احدا في العالم لا يستطيع أن يتنبأ باحتياجات الاقتصاد مثلما يفعل السوق. لقد كان الانتقاد الرئيس الموجه الى اقتصاديات التخطيط هو أنها تتوهم بشكل ابله ان بالامكان القيام بما يقوم به السوق. لكن السوق فقط قادر على " تخطيط " احتياجات اي بلد، بل العالم اجمع. ولعل انفتاح الأسواق على بعضها ومرور السلع بكافة اشكالها خصوصا سلعة رأس المال السائل بالذات هو سر نجاح من ينجح ومن يريد النجاح. الخصخصة وحرية حركة السلع هما مفتاحا الجنة الجديدة. فريدمان قال ان بعض المعتوهين مثل مهاتر محمد يظنون ان هناك مؤامرة بشكل أو بآخر مع ان الصحيح هو أن وزير الخزانة الأمريكية الأعظم بالذات لا يستطيع شيئا تجاه ما يحصل. حسنا أن فريدمان على حق لكن مهاتر بدوره على حق.
مهاتر زعم أن الدولة تتدخل في كل مكان مع اختلاف صور التدخل. وسيرا على نهج اليسار -الماركسي خصوصا- المح الى أن حرية السوق المزعومة انما تستند الى قوانين تقترحها الدولة الراسمالية المعاصرة. بدون تلك القوانين لا مكان لفكرة تضبيط السوق الذاتي. على كل حال اصر الأمريكيون اكثر من غيرهم على ان الدولة الصغيرة التي تستنكف عن العمل في الاقتصاد وتكتفي بمهمات جون لوك الشهيرة تضمن الحرية والعدالة والفاعلية جميعا.
اليوم يمزح السوق مزحة سخيفة قاسية. انه يفشل في تحقيق ابسط المرجو منه. فإذا كان علماء هارفرد ووارتون –مدرسة جامعة بنسلفانيا الشهيرة في مجال الاقتصاد- يدعون ان السوق يجلب النجاح والرفاه للوطن والمواطن والدولة، فإن اللحظة الراهنة هي لحظة شك ساخر بامتياز: ان السوق لا ينجح في ضمان نجاح قوى رأس المال العاتية التي لا تنتج شيئا باستثناء التلاعب في الورق والأرقام، ذلك التلاعب الذي أصاب العالم بمس من الجنون حتى اصبح بعض المغامرين الصغار في شرق آسيا ومنطقة الخليج يتخيلون انفسهم في مكان اقتصادي يتفوق على المانيا أو الصين. انقلب السحر كما يقال على الساحر، وأزمة شرق آسيا 1998 تعيد طرح السؤال وإن يكن على اسس اشد وأعمق.
في كوريا الجنوبية، وتايلاند، واندونيسيا، وماليزيا، وهونغ كونغ، انهار عالم بأكمله من النجاح الذي كان يضرب فيه المثل. وحدها الصين الشعبية بتركيبتها الرأسمالية الخليط من اقتصاد السوق ورأسمالية الدولة نجت من لعبة الورق والأرقام. مهاتر محمد الطبيب الذي امتهن السياسة ودراسات التنمية بدل الطب والمشافي، تحير مطولا في الذي يجري، لكنه بعد أشهر من معاناة ما يجري حسم موقفه، وأعلن مصادرة حرية راس المال في الخروج او حتى الدخول. كثيرون أقاموا الدنيا ولم يقعدوها وهددوا بأن السوق –الحاكم بأمره- سوف يعاقب ماليزيا بمنع نعمة الاستثمارات عنها وان ماليزيا ستنهار سريعا جدا.
من الصعب تقدير درجة نجاح ماليزيا، لكن ما لحق بها من ضرر كان قليلا جدا وكان مقارنة بكوريا واندونيسيا يبعث في نفس قيادتها وشعبها شعورا بالراحة. لكن كل ذلك أصبح من التاريخ الذي كان ينبغي له أن يعلم من يريد التعلم. اليوم الأزمة أعمق من الأمس وامريكا قائدة النظام الدولي اقتصاديا وسياسيا ليست ماليزيا ولا كوريا. مع ذلك فإن وصفة مهاتر محمد يتم تنفيذها حرفيا تقريبا. نعني ان الدولة –المفترض حيادها- تهرع للنجدة. هنا لا يوجد صناديق دولية تكفي، فلا بد من اللجوء الى المخزون العام للدولة. الفرق البارز بين ماليزيا وامريكا هو ان الأخيرة تأتي لإنقاذ رأس المال عبر اموال العامة. هل هذا حياد؟ أم أننا في هذه اللحظة النادرة في مواجهة الدولة تعلن عن نفسها في أشد التطبيقات فجاجة ومباشرة لأفكار ماركس الكلاسيكية بأنها في الحقيقة مجرد اداة طبقية تخدم مصالح النخب المسيطرة؟ ان الدولة تعمل صراحة في قطاع الاستعمار المباشر وبيع الأسلحة واحتلال دنيا النفط من أجل أن تضمن لرأس المال المنتج مزيدا من الربح تاركة رأس المال المضارب يحقق أرباحا أعظم عبر نهب الدنيا بأسرها.
غير ان هذا في كل الأحوال ليس هو المقلق فهم بالطبع يعرفون هذه الوقائع البسيطة لأن الولايات المتحدة هي الدولة الرأسمالية الأكثر نقاء في التاريخ الحديث كله. السؤال الفعلي انما يتلخص في: ولكن هل ستتمكن الدولة بكل عظمتها من وقف مسلسل الانهيار؟ لعل تردد كل اطراف الكونغرس المجمع على دعم رأس المال في التعبير عن اي حماسة للمهمة يكشف عن حيرتهم وهلعهم مما يجري. ان احدا في واشنطون او العالم كله لا يعرف الى أين تتجه الأمور على وجه الدقة. ولعل البعض يخشى من أن ما يحصل هو مجرد الجزء البارز من جبل الجليد وأن القصة قد تكون مؤشرا على شيء أعمق يتعلق ببداية مخاض طويل لانهيار الهيمنة الأمريكية على العالم. ان مشاريع الحرب والصناعة ثم أخيرا راس المال الرقمي تتعثر جميعا. لكن ما يدفعنا الى التروي تجاه تبني هذه الأطروحة هو عدم وجود البديل في الزمن القريب. لأن الصين ما تزال بعيدة عن امتطاء جوادها والخروج للقنص في هذا الزمن المواتي فإن الولايات المتحدة قد تدخل أزمة طويلة ربما تشهد صعودا تدريجيا للآخرين. أما في الجانب الأشد عمومية فإن أسئلة جدية يجب ان تثار من جديد الآن حول أمور بدت مسلمات لا تمس منذ اسابيع: قضايا مثل العولمة وحرية التجارة وما اشبه. نظن –ولو مع بعض المبالغة- ان الرأسمالية كلها قد دخلت في مرحلة لا تسمح لها بمواصلة التبجح الذي ساد في العقدين الأخيرين، ان البشر سوف يعودون قريبا الى معاودة التفكير في بدائل أكثر فاعلية وانسانية في آن.



مختص في الفلسفة وعلوم السياسة




#ناجح_شاهين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيفية ابتياع الفياجرا أو حرية تدفق السلع في زمن العولمة
- أوباما: ظاهرة امبريالية جديدة؟
- خطاب بوش أمام الكنيست
- الجامعة العربية تترنح، لأنها دون جذور
- زيارة نجاد للعراق ووهم القنبلة النووية الايرانية
- الشعب الفلسطيني والشعب الفنزويلي
- سندي شيهان تكتشف أن أمريكا بلد الحزب واحد
- العرب بين التمركز والتذرر
- بين وندي وإدوارد سعيد
- صور من أمريكا - 3 - اليهود الأمريكان ودعم الحقوق الفلسطينية
- صور من أمريكا-2- موت الحصان البطل -باربارا-
- صور من أمريكا
- من إنتاج الإغاثة الزراعية
- اعتقال سعدات ومسرحة الحدث
- اليسار والانتخابات وعزلة النخب
- انفجار لندن
- الفوائد الجمة للسيجارة الفلسطينية
- حول مسلسل قتل النساء
- في عيادة الأمعري
- في دراسة للمفكر مشتاق خان: ليس لإسرائيل أية مصلحة في السلام


المزيد.....




- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...
- انفجار ضخم يهز قاعدة عسكرية تستخدمها قوات الحشد الشعبي جنوبي ...
- هنية في تركيا لبحث تطورات الأوضاع في قطاع غزة مع أردوغان
- وسائل إعلام: الولايات المتحدة تنشر سرا صواريخ قادرة على تدمي ...
- عقوبات أمريكية على شركات صينية ومصنع بيلاروسي لدعم برنامج با ...
- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح شاهين - أشباح 1929 تخيم في فضاء الكونغرس أو: أهي آلام ولادة الجديد؟