أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح شاهين - زيارة نجاد للعراق ووهم القنبلة النووية الايرانية















المزيد.....

زيارة نجاد للعراق ووهم القنبلة النووية الايرانية


ناجح شاهين

الحوار المتمدن-العدد: 2217 - 2008 / 3 / 11 - 11:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اذا كان هيغل محقا في مقولة أن الشيء الوحيد الذي نتعلمه من التاريخ هو أننا لا نتعلم شيئا من التاريخ، فان ايران تكون حقا في وضع لا تحسد عليه. واذا كانت ايران بعد كل شيء لاتملك سلاحا نوويا فانها تعيد مسيرة العراق بشكل أكثر هزلية من السابق. وزيارة نجاد وجهوده العبثية لاثبات براغماتية سياسية فجة لن تفيده شيئا.
لكن ما الذي يدفعنا الي هذا التصور بعد أن برهنت السياسة الايرانية في المجمل ومنذ غياب صاحب الثورة والدولة الأول الخميني على انها سياسة عقلانية وبراغماتية على الرغم من القشرة الإسلامية الإيديولوجية التي تشي بالحقيقة أكثر مما تخفيها؟
لعل أكثر ما لفت نظرنا الى أن هناك قعقة دون طحن هو "تواضع" الطموح الايراني الذي يعبر عن حدود الامكانيات وتواضعها اكثر مما يعبر عن أي شيء آخر. وهذا الموقف يتجلى في "ذعر" السياسة الايرانية في ملفات أساس تخص محيطها المباشر. ومنها بل وعلى رأسها بالطبع الملف العراقي بتعقيداته التي تطال جزئه الكردي والتركي على السواء. ايران هنا لا ترغب على ما يبدو من الغنيمة باكثر من السلامة. وزيارة صاحب "العقيدة" بالذات -أحمدي نجاد- الى العراق انما هي دليل على براغماتية في غير محلها. انها على الأرجح لا يمكن أن تكون، كما يرى بعض المحللين العرب من الاتجاهالقومي، تعبيرا عن مطامع ايرانية لأن المطامع الايرانية يلزمها حلفاء لايران يملكون زمام انفسهم. وللاسف فان حلفاء ايران الحاليين هم صنائع الولايات المتحدة. ويبدو في مثل السياق الحالي لدولة العراق الواقعة تحت الاحتلال –وهو اختراع من اختراعات العولمة وبعد انتصار قيم الديمقراطية الليبرالية على شمولية المعسكر الشرقي- أن ايران هي من يخدم اليهمنة الأمريكية ويسهل على الولايات المتحدة مهمات الاحتلال وتكاليفه ليتفرغ لشئون أخرى مثل لبنان وفلسطين وكوريا ..,الخ
المثير للدهشة أن الموقف الايراني المتواطئ في الملف العراقي لا يقابله أي تساهل أمريكي فيما يخص برنامج ايران النووي الذي يبدو لنا أنه مهول، وان لم يكن بدرجة تهويل ملفات ليبيا والعراق. الولايات المتحدة تريد استسلاما ايرانيا تاما في الوقت الذي لا تشكل فيه ايران منغصا حقيقا أو شوكة فعلية في خاصرة السياسة الأمريكية في المنطقة، خصوصا في العراق وأفغانستان حيث أظهرت ايران تفهما وتعاونا واضحا لمصلحة اسقاط النظامين الافغاني والعراقي وساعدت مباشرة وغير مباشرة في "الحرب على الارهاب."
كنا نرغب مثلما الكثير من قراء السياسة الايرانية أن نرى في ذلك قصر نظر مذهبي أو حتى تعبير أهوج عن حقد طفولي لا مكان له في سياسة ناضجة تجاه الدولة العراقية السابقة. لكن ذلك الحقد مها بلغ كان يجب أن يصل حد الشفاء بتفكك الدولة العراقية والأفغانية. وأما مواصلة الحرب ضد عدو ما عاد موجودا وترك عدو بعظم الولايات المتحدة وجسامتها ينعم بالراحة والهدوء على باب بيت ايران بالذات فهو أمر يعبر عن ضعف ومهادنة لا تبشر بالخير لايران أو المنطقة بعامة. كان بامكاننا حتى توهم أن امتناع شيعة العراق –باستثناء تيار الصدر- عن المشاركة في مقارعة الاحتلال هو جزء من خطة محكمة تعتمد مبدأ "التقية" الشهير عند الشيعة بغرض انتظار وقت أكثر ملاءمة للنضال ضد الاحتلال. لكن هيهات، فان زيارة نجاد للعراق طمت الوادي على القرى وكذبت ما بقي لدينا من توسلات بأن يكون في طهران برنامج مستقل يهتم بالمنطقة ككل أو حتى بمستقبل ايران بوصفها قوة اقليمية تتحرك بأجندة فيها حد من الطموح. ايران "المتشددين" –ولا ندري ماذا ستفعل بنا ايران المعتدلين ان وصلوا للحكم قريبا- تعلن على الملأ أن دولة العراق تحت الاحتلال قائمة ومستقلة ويمكن التعاون معها ضد حزب العمال الكردستاني الذي يبدو في ظل سياسة محدودة السقف التهديد الذي يجب أن يتحد ضده الجميع: تركيا "الاسلامية"-العلمانية وايران الإسلامية-المتشددة والعراق برئيسه الكردي ذي التاريخ المعروف والولايات المتحدة واسرائيل. الولايات المتحدة تبدو قوة لا يرغب الايرانيون في ازعاجها، لعل ذلك يوفر لهم غنيمة السلامة. والصحيح أن العراق في عهد الرئيس صدام –ونحن لا نرغب في نكئ الجراح- لم يكن يشكل تهديدا للمصالح الأمريكية في أي لحظة. بل انه على الأرجح نفذ ما تريده واشنطون بحماسة منقطعة النظير معظم الوقت. ولكن حسابات ما بعد الحرب الباردة لا تكتفي بأن تكون متوافقا مع المصالح الأمريكية. هناك مقتضيات ترتيب العالم على نحو جديد، وذلك قد يقتضي تفكيك دول وبناء أخرى، وهو ما لم يكن يعيه نظام العراق السابق. ونخشى القول بأن خطوات ايران الأخيرة تكشف نفس قصر النظر: تدفع أمريكا مجلس الأمن مرغما لمعاقبة ايران من جديد على الرغم من تقرير البرادعي، فيرد نجاد بزيارة العراق ويصب جام غضبه على "ديكتاتور" العراق السابق. كدت لا أصدق أذني وسط مأساة فلسطين ولبنان ودم المقاومة العراقية، جاء نجاد ليحارب طواحين الهوء وحزب العمال الكردستاني. هذه ليست سياسة دولة لديها ردع نووي، أو حتى لديها رغبة ما في المساومة على ورقة الضغط الشيعية في العراق. بامكان ايران أن تجعل مهمة الأمريكان في العراق أصعب مما هي بكثير ولكنها فضلت أن تتعاون، أو تتواطأ على الأقل بوضعها الجناح الشيعي من الشعب العراقي خارج معادلة المقاومة منذ بداية الاحتلال وحتى اليوم.
نحن في الواقع نشعر بالحيرة أكثر من موقف ايران في الساحات البعيدة مثل لبنان وفلسطين. اذ يبدو الموقف الايراني متناقضا مع الموقف الأمريكي بشكل واضح. ولسوء الحظ فاننا هنا قادرون على استحضار النموذج المعروف في منطقتنا والذي يتمثل في "تطرف" الدول عندما تكون الحرب بعيدة عن حدودها كما لاحظ الرئيس المصري مبارك في ساعة غضب من انتقادات الجزيرة لصمت بلاده وتصريحات يمنية تتوعد اسرائيل بالويل والثبور. كان الرجل صريحا في اتهامه اليمن بالجعجعة الاعلامية الفارغة. ايران تحقق نفوذا في الساحة العربية بعيدا عن خاصرتها ودون أن تكون مطالبة بدفع فاتورة من أي نوع. ان ذلك يعطي –لحسن الحظ- مردودا ايجابيا بشكل عرضي بسبب وجود قوة ثورية جذرية كحزب الله، لكننا لا نعرف الى أين ستسير الأمور بعد المسافة التي قطعتها ايران في مشوارها السياسي المتناقض ظاهريا فيما نحسب: ايران تهادن امريكا في الخليج –الذي تصر على أنه فارسي، ونحسب أنه غدا لا فارسيا ولا عربيا وانما أمريكيا- وتصعد في لبنان. نعتقد أن ايران تضر نفسها بأوهام أن أمريكا يمكن أن تسمح لها بلعب دور حتى بصغر دور الشاه السابق وتفاهته. فالزمن غير الزمن من حيث انتفاء الحاجة لوكلاء محليين في مواجهة الاتحاد السوفييتي وما أشبه. اليوم القوة الأمريكية المباشرة تتحرك في العالم يرافقها توابع مخلصون من طراز اسرائيل وانجلترا. ولعل من المفيد ملاحظة ان الولايات المتحدة لم تعر الكثير من الأهمية لموقف ساركوزي المتملق لأنها في الواقع تعتبره أمرا طبيعيا: العالم كله يجب أن ينصاع لمقتضيات الهيمنة الأمريكية. وصناع السياسة الأمريكية من المدرسة الواقعية المهيمنة في دوائر البيت الأبيض، وفي الجامعات الكبرى –هارفارد وستانفورد خصوصا- يعتبرون ان من حق البلد المهيمن أن يفرض خطته ورؤيته للعالم. من هنا تبدو الدول الصغيرة في وارد اعادة الترتيب. ان دولا من وزن الصين فقط يمكن أن تعتبر نسيبا بمنأى عن طموحات الولايات المتحدة للاحتواء التام.
اذا كانت ايران تريد السلامة فحسب فان عليها ان تكون اكثر ذكاء وتهب الى التبعية المباشرة للهيمنة الأمريكية، أما اذا كانت ترغب في دور اكثر من ذلك فان عليها ان تتوقف عن السياسة الحمقاء المتمثلة في خطاب عالي النبرة ضد الولايات المتحدة بينما الممارسة تقوم على الانسجام مع حاجات السياسة الأمريكية. فليس الصراخ هو ما يقيس درجة الفعل ونوعيته. يدرك الناس في واشنطون أن الصين الهادئة هي من ينازع امريكا المصالح والنفوذ في افريقيا وغيرها. وتنخرط دوائر العلم الأمريكي في دراسة مخاطر الصين على "السلم" العالمي وما اشبه. ليس هناك من يذكر ايران بوصفها تهديدا –اقصد في مستوى العلم وليس الاعلام- وان يكن هناك جدل حول فائدة أو عدم فائدة احتلال ايران ومردوده على السياسة والاقتصاد الأمريكيين. لو كانت ايران تملك قنبلة نووية لكانت وكان "الشرق الأوسط" وكان العالم افضل بكثير. لكن ايران تتسقط الفتات، وسياسة تسقط الفتات انما تخدم المهيمن الذي يستطيع أن يواصل لعبة الابتزاز –مثلما فعل مع العراق- الي اي وقت يشاء. وعندما يقرر بعد ذلك أن يوجه ضربته القاتلة فان غزل نجاد بديمقراطية طالباني لن ينفعه في شيء.



#ناجح_شاهين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشعب الفلسطيني والشعب الفنزويلي
- سندي شيهان تكتشف أن أمريكا بلد الحزب واحد
- العرب بين التمركز والتذرر
- بين وندي وإدوارد سعيد
- صور من أمريكا - 3 - اليهود الأمريكان ودعم الحقوق الفلسطينية
- صور من أمريكا-2- موت الحصان البطل -باربارا-
- صور من أمريكا
- من إنتاج الإغاثة الزراعية
- اعتقال سعدات ومسرحة الحدث
- اليسار والانتخابات وعزلة النخب
- انفجار لندن
- الفوائد الجمة للسيجارة الفلسطينية
- حول مسلسل قتل النساء
- في عيادة الأمعري
- في دراسة للمفكر مشتاق خان: ليس لإسرائيل أية مصلحة في السلام
- اجتماع الخبير مع لجنة حقوق الإنسان
- في الفرق بين الجن والشياطين
- هكذا تمت عملية الانتخابات
- لو أن حماس تصوت لمصطفى البرغوثي
- واقع الفلسفة في فلسطين


المزيد.....




- -الشيوخ- الأمريكي يوافق على حزمة مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل ...
- مصرية الأصل وأصغر نائبة لرئيس البنك الدولي.. من هي نعمت شفيق ...
- الأسد لا يفقد الأمل في التقارب مع الغرب
- لماذا يقامر الأميركيون بكل ما لديهم في اللعبة الجيوسياسية في ...
- وسائل الإعلام: الصين تحقق تقدما كبيرا في تطوير محركات الليزر ...
- هل يساعد تقييد السعرات الحرارية على العيش عمرا مديدا؟
- Xiaomi تعلن عن تلفاز ذكي بمواصفات مميزة
- ألعاب أميركية صينية حول أوكرانيا
- الشيوخ الأميركي يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا وتايوان ...
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح شاهين - زيارة نجاد للعراق ووهم القنبلة النووية الايرانية