أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح شاهين - العرب بين التمركز والتذرر















المزيد.....

العرب بين التمركز والتذرر


ناجح شاهين

الحوار المتمدن-العدد: 1936 - 2007 / 6 / 4 - 11:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ليس من السهل متابعة مشكلة فشل العرب في كل مكان إلا باعتباره تجليا ساطعا لتكامل الظواهر وبنيويتها بشكل يناقض فكرة تعدد الهويات واختلافها. وبهذا المعنى لا نذهب الى قبول فكرة التبعثر إلى درجة انعدام مشروعية النسق الذي توصل حجراته كل إلى الأخرى، تماما مثل أي معمار متقن. الظواهر ليست مفككة لا رابط بينها إلا في مستوى غياب المشروع، وغياب القوة الراعية له في آن. ولعل من سخرية الأقدار أن حركة فكرية خصبة ومذهلة في قدرة رموزها على توضيح طبيعة الواقع المفكك إنما تنجح في القبض على الدليل في جهة الضعاف أكثر ما هو في جهة الأقوياء. ومن هنا فإن نجاح " المابعديات" إنما يتركز جوهريا في توضيح فشل المضطهدين في أن يكون لهم أجندة توحدهم باعتبار تعدد الهويات واختلافها. التعدد الى درجة التذرر ليس ظاهرة كونية كما ينظر الفكر " المابعدي". ليت الأمر كان كذلك. التذرر من نصيب المنهوبين والواقعين تحت نير الإستغلال بكافة ألوانهم وأشكالهم. لعلنا نبدو كلاسيكيا أكثر مما ينبغي ونحن نؤكد أن فكرة التذرر وانعدام الهوية الموحدة تحيل بشكل حزين على فكرة " فرق تسد" الذائعة الصيت في عالم الاستعمار الكلاسيكي. في مقابل ذلك نجد التمركز على أشده في عالم الكبار وأجندتهم تفرض نفسها على جميع الكبار دون استثناء. هنا تذوب الفروق الى درجة مذهلة، حتى أن فرنسا المصابة بهوس التميز الفرنسي الذي لا نظير له وباريس التي تتيه بشكل نرجسي على ما سواها قد " تمكنت " أخيرا ويا للعجب من اللحاق بموكب المركز الذي تقوده الولايات المتحدة. لن أستغرب أن تنضم الصين للموكب إذا اقتنعت –لا سمح الله – أنها لن تستطيع شيئا لتغيير خريطة القوة في العالم بشكل جذري يجعل بكين في مكان واشنطون.
ظاهرة المركزة لها تجلياتها التي تخنق أفكار التفكيك وما بعد الحداثة. في المركز يتم القضاء على الاختلاف ومجانسة البشر بشكل يذكر بحلم ماركس الرومانسي في البيان الشيوعي عن عالم إنساني واحد تخلقه الرأسمالية لا محالة. ولا جرم ان الرأسمالية تفعل ذلك حقا وإن يكن بطريقة مختلفة عما توقع ماركس – وهو الأمر الذي لم يغب عن مفكري مدرسة التبعية وكذلك سمير أمين-. الرأسمالية خلقت عالمين واحدا في مركز النظام وآخر في محيطه. الأول متجانس وموحد والثاني مبعثر وفسيفسائي. ولعل الولايات المتحدة التي تقع في قلب المركز تقدم النموذج الأكثر إثارة للدهشة على القوة الغريبة التي تطحن البشر وتعيد صياغتهم موطنين أمريكان مهما كانت التباينات القائمة بين بلدانهم الأصلية. في هذا الصدد لا بد أن المرء يفتح فاها مشدوها لرؤية الصيني والفيتنامي –الذي كان عدوا لدودا في الأمس القريب-والأفريقي –المستعبد- والهندي الأحمر –الذي تعرض للإبادة- والمكسيكاني، باختصار كل الشعوب والإثنيات تتحول كلا موحدا يعمل في خدمة المشروع الأمريكي باعتباره مشروعه الخاص والعام على السواء.
في دنيا المنهوبين تبدو الصورة على النقيض من ذلك. كل شيء يمكن أن يكون مدعاة للتفرق والاختلاف الذي يصل حد الاقتتال بين أقرب الإخوة كما يخبرنا ابداع اخوتنا العرب في اسيا وأفريقيا على السوء: العراقيون والفلسطينيون واللبنانيون والسودانيون..الخ يقدمون المثال تلو الآخر على مصداقية بصيرة محمود درويش:
" وربما تقتلني أو أقتلك، إذا اختلفنا حول تفسير الأنوثة."
القوم هنا في الولايات المتحدة التي تشكل أمة واحدة شاء من شاء وأبى من أبى، يؤكدون لكل من يرغب في الإستماع أن الدول العربية في الواقع تحتوي تناقضات لا حل لها إلا بالانقسام وإعطاء الإثنيات والأديان المختلفة حقها في تكوين دولها المستقلة. لن تستطيع أن تقول لهم: " أنظر من يتكلم" إذ أنهم سوف يحيلونك فورا على انتماء كل " أمريكي " للأمة الأمريكية وعدم وجود رغبة عند أي كان في أن يكون شيئا آخر. لا مراء أن النظرية الأمريكية بخصوص العرب لو طبقت ستثمر على الأقل – دون أن نبالغ- مئة دولة عربية جديدة. وهو ما نخشى منه على الأمم المتحدة التي سيصبح العرب فيها أغلبية ساحقة، وإن كنا على ثقة أنهم لن يشكلوا – مهما تشاءمنا- خطرا على أحد.
ليس من الصعب بعد هذا – فيما نحسب – أن نفهم لماذا يبدو العرب على الرغم من أعدادهم الهائلة في بلادهم والمهاجر غثاء لا أثر له في شيء. المشروع الذي يصطف حوله من يسمون عربا غائب تماما. والعرب أنفسهم يستعملون الوصف بشكل يذكر بالقول " متكلمي اللغة الفرنسية في العالم" أو متكلمي اللغة الإسبانية. العرب يتكلمون لغة/لهجات متشابهة بدرجة أو بأخرى. ما عدا ذلك يوجد القليل مما يجمع –من الناحية الواقعة الراهنة على الأقل- والكثير مما يفرق. من هنا تظهر المفارقة الساخرة حيث تجد كتابا كبارا في المانيا وفرنسا يلومون أوروبا لفشلها في العقد الأخير في حث الخطا باتجاه الوحدة، بينما ينصحون الدول العربية بإعطاء الاستقلال لمن يرغب في بناء دول جديدة. اللغة والتاريخ المشترك وما إليهما لم تعد عناصر كافية للمركزة. اسرائيل الصغيرة في كل شيء تقريبا، تستقبل كل شعوب العالم –حتى بعض العرب- وتحيلهم بقدرة قادر إلى الشعب الإسرائيلي الذي يختلف ديقراطيا..الخ ولكنه يبقى شعبا واحدا على الرغم من أن عمر الشعب الإسرئيلي – أو ما يسمى إذا شئنا الدقة – لا يتجاوز الثلاثين سنة لأن معظم سكانه الآن هم مهاجرون جاؤوا في تلك السنوات– ومعظمهم على الأرجح أوروبيون مسيحيون وليسوا حتى يهودا-. اسرائيل تتمكن من بناء الأمة والوطن والمواطنة، لا يضيرها مزاعم من زعم أن زمن الأمم والدول قد ولى وأنه زمن المواطنة العالمية. إن المواطنة العالمية المزعومة تتجلى فقط في عالم الجنوب وبشكل أبرز في "الوسط العربي" فهو لم يعد أكثر من وسط، و لا بأس في أن نستعمل المفردة التي تستخدمها الدولة العبرة للإشارة لضيوفها العرب الفلسطينيين ثقيلي الظل.
هكذا تصبح فكرة غير مستساغة أن نطالب العرب المقيمين في المهاجر أن يكونوا جسما واحدا يبحث عن مصالحه المشتركة ويعمل بشكل يخدم مشروع وطنه الأم –اذ أين هو ذلك الوطن وأين هو ذلك المشروع-وهكذا يصبح أيضا شيئا لا أمل فيه أن يفكر هؤلاء المساكين بأكثر من "السترة"، أو رغيف الخبز كأنهم ينقلون معهم كل نقاط الضعف التي كانت لهم أيام كانوا سكانا في بلاد أخرى ندعوها العالم العربي تجنبا للمفردة التي غدت المحال بالعين: نعنى الوطن العربي. اليهود والصينيون وحتى المكسيكان يحضرون بشكل مختلف: هنالك مشروع للمهاجر لا يتناقض- إن لم نقل – يتكامل مع مشروع وطنه. لكن بالطبع لا يجوز أن نسأل العرب في الشتات أن يفعلوا ما عجز عنه العرب في أوطانهم. وإذا كان العرب العرب لا قدرة لهم على الفعل فكم الحري بالعرب العاربة أن تعجز عنه.




#ناجح_شاهين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين وندي وإدوارد سعيد
- صور من أمريكا - 3 - اليهود الأمريكان ودعم الحقوق الفلسطينية
- صور من أمريكا-2- موت الحصان البطل -باربارا-
- صور من أمريكا
- من إنتاج الإغاثة الزراعية
- اعتقال سعدات ومسرحة الحدث
- اليسار والانتخابات وعزلة النخب
- انفجار لندن
- الفوائد الجمة للسيجارة الفلسطينية
- حول مسلسل قتل النساء
- في عيادة الأمعري
- في دراسة للمفكر مشتاق خان: ليس لإسرائيل أية مصلحة في السلام
- اجتماع الخبير مع لجنة حقوق الإنسان
- في الفرق بين الجن والشياطين
- هكذا تمت عملية الانتخابات
- لو أن حماس تصوت لمصطفى البرغوثي
- واقع الفلسفة في فلسطين
- يحيى الفخراني ما بين الدراما والميلودراما
- الديمقراطية والمؤسسات لفتح خاصة وفلسطين عامة
- سقوط أيديولوجيا حقوق الإنسان


المزيد.....




- تربية أخطبوط أليف بمنزل عائلة تتحول إلى مفاجأة لم يتوقعها أح ...
- البيت الأبيض: إسرائيل أبلغتنا أنها لن تغزو رفح إلا بعد هذه ا ...
- فاغنر بعد 7 أشهر من مقتل بريغوجين.. 4 مجموعات تحت سيطرة الكر ...
- وزير الخارجية الفرنسي من بيروت: نرفض السيناريو الأسوأ في لبن ...
- شاهد: أشباح الفاشية تعود إلى إيطاليا.. مسيرة في الذكرى الـ 7 ...
- وفد سياحي سعودي وبحريني يصل في أول رحلة سياحية إلى مدينة سوت ...
- -حماس- تنفي ما ورد في تقارير إعلامية حول إمكانية خروج بعض قا ...
- نائب البرهان يبحث مع نائب وزير الخارجية الروسي تعزيز العلاقت ...
- حقائق عن الدماغ يعجز العلم عن تفسيرها
- كيف تتعامل مع كذب المراهقين؟ ومتى تلجأ لأخصائي نفسي؟


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح شاهين - العرب بين التمركز والتذرر