أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح شاهين - خطاب بوش أمام الكنيست















المزيد.....

خطاب بوش أمام الكنيست


ناجح شاهين

الحوار المتمدن-العدد: 2287 - 2008 / 5 / 20 - 11:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"من القاهرة الى الرياض الى بغداد وبيروت، سوف يتمتع الناس بالحرية ويعيشون في مجتمعات مستقلة." لا بد أن القارئ سوف يظن بأن من أطلق هذه العبارة هو جمال عبد الناصر أو ميشيل عفلق أو ربما حتى حسن نصر الله. ولكن الحقيقة أن رجلا متهم بالعداء للعرب هو من تدفق بهذا الكلام الذي يشبه الشعر. ولعمري ان كثيرا من أبناء جلدتي سوف يحسون بعد قراءة هذا الغزل الرقيق بأنهم يبالغون في توهم عدوانية هذا الرجل ودولته التي تسعى الي بناء انسانية جديدة. اذن علينا أن نقرأ هذا النبي عن آخره ونرى أية رؤى قد طالعته بعد أن عانى الأمرين وأكثر في حروب التحرير التي خاضها من أجل الآنسانية عامة والعرب والمسلمين على وجه الخصوص.
الحقيقة أن خطاب الرئيس تميزه أشياء أخرى من بينها عدد المرات التي يذكر فيها ابراهيم وأرض الميعاد والديانات السماوية بعامة. لكن دعنا نقرأ الرجل بشيء من التمعن حتى لا نقع في فخ التعميم فنفشل في اعطاء الرجل الفرصة في قول ما قاله من الأشياء التي لا تنقال بسهولة بواسطة رجل أقل حكمة وخبرة منه.
يبدأ بوش خطابه بذكر دافيد بن جويون وكيف وقف في لحظة مشابهة في تل أبيب ليعلن استقلال اسرائيل المؤسس على حق الشعب اليهودي في أن يكون سيد مصيره. وقد كان ذلك بحسب الخطاب أكثر من قيام دولة جديدة. كان وهو ما يغيب عن ذهن أناس كثيرين أقل تدينا من بوش، تحقيقا لوعد الله لشعبه المختار في أن يكون في وطنه ارتس اسرائيل. وهنا الكلام جاء بالعبرية لأننا أمام لحظة توراتية بامتيار والآنجليزية على الأرجح لا يمكن أن تستوعب ذلك.
"بعد احدى عشرة دقيقة اعترف ترومان بالدولة. الولايات المتحدة كانت هي الدولة الأولى التي تفعل ذلك." الرجل غير دقيق ما في ذلك شك، فقد كان الاتحاد السوفييتي نصيرالمظلومين هو السباق الى ذلك المجد، لكن تلك بالتأكيد قصة أخرى. لا حدود أبدا لتدين الريئس الأمريكي. ولذلك فان تفسيره لتلك السرعة يستدعي التشابه الرائع بين الشعبين الأمريكي والاسرائيلي. ففي وضع مشابه في حدود عام 1620 عندما خرج أحد الاباء من سفينة "وردة أيار" كان يرى الى الوطن الجديد أرض ميعاد جديدة ولذلك فقد أطلقت أسماء مثل بيت لحم وكنعان الجديدة على المدن التي أسسها الآباء في الأرض الجديدة. ليس هنالك بالطبع أي ذكر للناس الذين كانوا يقيمون في هذه البلاد. الحقيقة انهم قاموا بعمل رائع فيما بعد تمثل في اطلاق خليط من الأسماء الأوروبية والتوراتية على وطنهم الجديد مع الاحتفاظ ببعض الأسماء القادمة من ميثولوجيا الناس الذين كانوا يعيشون في هذه البلاد لزمن يمتد في لانهايات القدم. حتى آلتهم العسكرية العظيمة لم تنج من هذا التقليد ومن هنا أسماء مثل الأباتشي تطلق على الطائرات وألعاب الأطفال وما اليهما.
بعد ذلك وفي قياس مقارنة مذهل في دقته يتم استدعاء جولدامائير لتقول:"لقد انتظرنا ألفي عام من اجل هذه اللحظة، والآن هي رائعة الى حد يجل عن الوصف" لا بد أن الآباء المؤسسين في أمريكا قد "عانوا" نفس الغبطة.
يختلط بالطبع في عقول الأنبياء الحلم بالميثولوجيا متحدا في شكل لطيف مع القيم الحداثية الأوروبية. لا بد أننا في زمن مميز حقا. وعلى الرغم من كل شيء فإن منطق ما بعد الحداثة الذي مهرته الأكاديميا الأمريكية بختمها بعد أن كان فرنسيا قد ساعد على ذلك. هكذا يتحول وعد الله الى اسرائيل النبي، الى دولة ليبرالية ديمقراطية تستوعب المهاجرين من جهات الدنيا الأربع. وكل ذلك وسط اكوام من الصعوبات والمخاطر التي للأسف لا يخبرنا الرئيس عن مصدرها. سوف لن أسمح لنفسي بسؤال الرئيس عن عدم رغبة الدولة المعجزة في الاحتفاظ بهنودها الفلسطينيين كانعكاس لفكرها الانسانوي الكلياني، لأن هذا يقحم في نصه موضوعا ليس أوانه بعد لأنه في الحقيقة سوف يعود بعد لأي ليخبرنا عن وجود شيء ما اسمه الفلسطينيون وان في سياق آخر. سنواصل اذن قراءة الغزل المتعلق باسرائيل، اسرائيل دون غيرها من الأمم اللهم أحيانا -ومن باب الوطنية المخلصة- المعجزة الديمقراطية الأخرة: الولايات المتحدة.
لقد نجحت اسرائيل على الرغم من كل المحن في بناء ديمقراطية عظيمة ودولة قل مثيلها حتى مع افتقارها الى ثروات طبيعية مثل النفط أو الذهب. وللآنصاف فان الرجل لا يقول على النقيض من العرب المتخلفين على الرغم من ثرواتهم. هو يستعمل الايماء الذي يشجع السامع على أن يكتشف بنفسه حقيقة العرب المخزية. لكن ما العجب فبعد أن تمتع الرئيس بما بعد الحداثة، ها هو يرتد أرسطيا: "لقد قمت بزيارة مسعدة وشاهدت عظمتها." وأنا السامع لا بد أن أعترف بأن الذين صمدوا في مسعدة –التي فند جيل جديد من المؤرخين واقعيتها التاريخية رغم أن هذا لا يهم نقاشنا الراهن-هم السلف الصالح لخير خلف. ويستخلص الرئيس ببهاء منقطع النظير: "لا خوف أن تكون اسرائيل مسعدة أخرى لأن الولايات المتحدة الي جانبكم وعندما تذهبون الي الحرب فأنتم لا تعدون سبعة ملايين [كما يمكن أن يتوهم بعض الناس] أنتم ثلاثماية وسبعة ملايين،" طبعا آخذين بعين الاعتبار الأمة الأمريكية الصديقة.
وكما نقول في ثقافتنا البدائية: روح شارون-الذي هو بين الموت والحياة "يعيش" بشكل خاص كما كان دوما- طلبت الرحمة. " شيء وحيد ينغص جمال اللحظة؛ قائد عظيم من قادة اسرائيل، وصانع عظيم للسلام غائب. أرئيل شارون." يا الهي، يا اله، موسى وابراهيم، كدت أبكي من عظمة اللحظة التعبيرية وحدة الوفاء فيها. ترى هل توقع قادة اسرائيل العظام من شاكلة العظيم بيريس تلك اللفتة الرومانسية، وهل لسعتهم نار الغيرة قليلا. كم يحتاج المرء في زمن التفكيك وما بعد الحداثة وما بعد العقل لكي يصبح بطلا وقديسا؟ ترى يحتاج أكثر من صداقة الولايات المتحدة؟
ليس بامكان منطق واحد أن يستوعب الحقيقة. لا بد من خليط من أشكال المنطق لتحتمل النبوءة والحكمة العتيقة في ثوبها الجديد. "نحن نؤمن أن الحرية الدينية أصل [لاحظ ها نحن في عالم الأصولية] في المجتمعات المتمدنة. ولهذا فنحن نشجب [ليس العرب وحدهم من يشجب] اللاسامية بكل أشكالها سواء التي ترفض صراحة حق اسرائيل في الوجود أو التي تتساهل مع هذا التفكير." هل هناك قفزة ما بين المقدمة والنتائج، أعني الحرية الدينية واللاسامية؟ لا بأس فالنص الآن ما بعد عقلاني، ما بعد أرسطو وهيغل، وبرتراند رسل جميعا.
بعد غزل رقيق برغبة اسرائيل في السلام، يعود النص الى قواعده الماهوية. الآن الصراع في الحقيقة -منذ الأزل- يدور بين الخير والشر. ولا بد أن القارئ يدرك أن اسرائيل وأمريكا هما الخير عينه. لكن اضافة الى الرؤية الماهوية هناك رؤية دينية تدعم ذلك، اذ لا يمكن لأحد يؤمن باله ابراهيم أن يقتل طفلا بريئا. وهنا بيت القصيد فسلة كاملة يحفظها المجتمع المتمدن عن ظهر قلب تقوم بذلك كله لا لسبب الا السعي وراء القوة المجنونة، انهم يؤلهون أنفسهم ولا أحد غير أنفسهم. كأن الرجل يقتبس تهمة سيد قطب للجاهلية. لا بأس حماس وحزب الله وأسامة بن لادن هم أعضاء النادي الشرير ومن ورائهم تقف ايران وسوريا. ليس لهؤلاء الناس أجندة سياسية أو اقتصادية يدافعون عنها، انهم مهووسون فحسب.
لكن لحسن الحظ فان هناك أناسا عظيمين مثل الذين جاءوا الى هذه الصحراء، فأحاطت بهم الجيوش من كل حدب وصوب، لكنهم انتصروا على وحش الطبيعة والانسان وأقاموا دولة عظيمة تنعم بالحرية والرفاه. بوجود مثل هؤلاء –وها نحن نعود الى لحظة البداية – سوف نبني عالما يخلو من حزب الله وحماس، وسوف يتمتع العرب والفرس بالحرية والرخاء. في احتفال اسرائيل بعيد ميلادها الماية والعشرين سوف يكون هناك أيضا دولة فلسطينية تخضع للقانون وتراعي حقوق الآنسان –كما تفعل اسرائيل وأمريكا- وتحارب الارهاب. تلك هي النبوءة التي تمخض عنها مسيح هذا العصر.
ما لم يقله النص صراحة وان ألمح اليه أكثر من مرة، هو أن شرط تحقيق ذلك كله هو أن يعيش العرب –وربما شعوب المنطقة كلها- كما عاش السود في نعيم العبودية، أو أن يتم ابادة معظمهم كما حصل لسكان أمريكا الأصليين الموسومين بوسم الهنود الحمر منذ أن قرر ذلك المكتشف العظيم كولومبوس. بإمكان العرب أن يعيشوا –أعني من سيتبقى منهم- في محميات ومعازل مثل التي بنيت لحفنة السكان الأصليين الذين نجوا من الابادة. ولا بد أن الرؤية أو "بروفاتها" قد بدأت تمارس في فلسطين والعراق، والعمل قائم في مناطق أخرى على قدم وساق.





#ناجح_شاهين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجامعة العربية تترنح، لأنها دون جذور
- زيارة نجاد للعراق ووهم القنبلة النووية الايرانية
- الشعب الفلسطيني والشعب الفنزويلي
- سندي شيهان تكتشف أن أمريكا بلد الحزب واحد
- العرب بين التمركز والتذرر
- بين وندي وإدوارد سعيد
- صور من أمريكا - 3 - اليهود الأمريكان ودعم الحقوق الفلسطينية
- صور من أمريكا-2- موت الحصان البطل -باربارا-
- صور من أمريكا
- من إنتاج الإغاثة الزراعية
- اعتقال سعدات ومسرحة الحدث
- اليسار والانتخابات وعزلة النخب
- انفجار لندن
- الفوائد الجمة للسيجارة الفلسطينية
- حول مسلسل قتل النساء
- في عيادة الأمعري
- في دراسة للمفكر مشتاق خان: ليس لإسرائيل أية مصلحة في السلام
- اجتماع الخبير مع لجنة حقوق الإنسان
- في الفرق بين الجن والشياطين
- هكذا تمت عملية الانتخابات


المزيد.....




- طبيب فلسطيني: وفاة -الطفلة المعجزة- بعد 4 أيام من ولادتها وأ ...
- تعرض لحادث سير.. نقل الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى ال ...
- رئيسي: علاقاتنا مع إفريقيا هدفها التنمية
- زيلينسكي يقيل قائد قوات الدعم الأوكرانية
- جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة الجعف ...
- طفل شبرا الخيمة.. جريمة قتل وانتزاع أحشاء طفل تهز مصر، هل كا ...
- وفد مصري في إسرائيل لمناقشة -طرح جديد- للهدنة في غزة
- هل ينجح الوفد المصري بالتوصل إلى هدنة لوقف النار في غزة؟
- في مؤشر على اجتياح رفح.. إسرائيل تحشد دباباتها ومدرعاتها على ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح شاهين - خطاب بوش أمام الكنيست