أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج حداد - الوجه الافريقي لأوباما لن يستر الوجه الحقيقي البشع لاميركا















المزيد.....


الوجه الافريقي لأوباما لن يستر الوجه الحقيقي البشع لاميركا


جورج حداد

الحوار المتمدن-العدد: 2497 - 2008 / 12 / 16 - 08:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد انهيار الاتحاد السوفياتي السابق، وتفرد اميركا بدور القطب العالمي الاوحد، فإن انصار وعملاء اميركا في كل مكان ملأوا الدنيا زعيقا حول انتصار ما يسمونه "الدمقراطية" الاميركية وحول ضرورة السير خلف "الزعامة الاميركية" للعالم. وفي الساحات العربية، ولا سيما في الساحات "الساخنة" كفلسطين والعراق ولبنان، لم نعد نستطيع ان "نمسك ذراع" "الاميركيين" العرب (على وزن "الافغان" العرب): جماعة "السلطة الوطنية الفلسطينية ـ الاوسلوية" التي صارت مستعدة للتنازل عن كل فلسطين وكل فلسطيني مقابل نظرة رضا من المس كوندي وحتى لا "تسيبهم" المسز تسيبي؛ جماعة ائتلاف الطالباني ـ المالكي التي صارت مستعدة للتضحية بآخر عراقي من اجل انجاز صفقة "الامن الاميركي للعراق" مقابل "النفط العراقي لاميركا"؛ "جوقة حسب الله" اللبنانية المسماة "جماعة 14 اذار" او "جماعة ثورة الارز والشربين والبلان" بزعامة الثلاثي المرح: حريري ـ جعجع ـ جنبلاط، التي لا تزال تندب حظها وتلوم اسرائيل بأنها "سودت وجوههم" في عدوان تموز ـ اب 2006، والتي استبدلت المرجعيات التاريخية المحترمة: المسيحية والسنية والشيعية والدرزية، بمرجعية السفير الاميركي فيلتمان او حتى القائمة بأعماله.
ولكن لسوء حظ "الاميركيين" العرب، فإن اميركا نفسها "سودت وجوههم"؛ إذ أنها فشلت فشلا ذريعا في الاستفادة من "الفرصة التاريخية" التي اتيحت لها بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، فسقطت سقوطا مدويا في الامتحان ليس فقط في "قيادة العالم"، بل وفي قيادة نفسها ايضا. واذا اخذنا نهاية الحرب العالمية الثانية، كنقطة صفر للتاريخ الجديد لاميركا والعالم، فإن اميركا اليوم هي في أسوأ حالاتها، في المرحلة التاريخية الجديدة. فقد فشلت فشلا ذريعا في ما يسمى "الحرب على الارهاب"، فاستعْدت شعوب العالم العربي ـ الاسلامي بأسرها، ولم تقض على ما سمته "ارهابا" بل زادته استشراء ووسعت نطاقه من افغانستان الى اندونيسيا وباكستان واليوم الهند، وغدا لا يدري اي انسان، سوى شيطان الاميركان، سيحل الارهاب في اي مكان. وعندما لم يبق شيء تنهبه اميركا في العراق، وعندما عجزت عن غزو ايران ونهبها على الطريقة العراقية، وعندما عجزت عن كسر شوكة روسيا واستعمارها على الطريقة الافريقية الكلاسيكية، وزحفت الجحافل الروسية الى القوقاز لتحطم في ساعات كل ما بنته اميركا في سنوات، لم يبق امام هذه الاميركا سوى ان تسرق حلفاءها الاوفياء انفسهم، اي عرب النفط الذين يودعون عائداتهم النفطية بالدولار في بنوك اميركا نفسها، فاستدارت عليهم ولعبت عليهم لعبة الازمة المالية العقارية والبنكية ونصبت عليهم وشلحتهم ودائعهم بدون ادنى درجة من الحياء ونقلت الاموال العربية المنهوبة بالطائرات الحربية الاميركية الى اسرائيل، تمهيدا لتحويلها ـ اي اسرائيل ـ الى قاعدة مالية عالمية بعد استتباب "السلام" الاسرائيلي الموعود. وقد مرغت ازمة جورجيا بالرغام كل "عظمة" وجبروت وعنجهية اميركا، كما ان الازمة المالية المفتعلة زعزعت بالتأكيد الثقة بالمالية الاميركية وبالاقتصاد الاميركي وبالادارة الاميركية وبالسياسة الاميركية وبالاخلاق الاميركية وبـ"نمط الحياة الاميركي" وبكل ما هو اميركي، واصبحت بعض المواقع الالكترونية الاسلامية ذاتها، المرتبطة بالسعودية او بغيرها من البلدان النفطية الصديقة لاميركا، تنشر اعلانات ضد السلع الاميركية "الشعبية" كساندويتش الماكدونالدز او علبة الكولا، بأنها سلع مغشوشة وسامة تحتوي لحوم الكلاب والجرذان الميتة وبول الفئران ناهيك عن شحوم الخنازير وفضلات الطعام والمشروبات في المراقص والمعارص وكل ما يخطر ولا يخطر بالبال من القذارات ورجس الشيطان والعياذ بالله.
وانعكس هذا الفشل الداخلي والخارجي الاميركي، في الهزيمة الانتخابية للحزب الجمهوري وادارة الرئيس الاميركي جوج بوش، الذي اعتبر اسوأ رئيس اميركي بعد الحرب العالمية الثانية وربما الاسوأ على الاطلاق. ولاول مرة في تاريخ اميركا دخل البيت الابيض رجل اسود، اي من سلالة ملايين "الافارقة" المظلومين الذين سبق لاميركا ان استعبدتهم مئات السنين. وفاز باراك حسين اوباما تحت شعار: التغيير.
وتنفس "الحزب الاميركي" في العالم الصعداء، بانتظار اعجوبة "التغيير" الآتي على يد اوباما؛ ويدعي بعض "أذكياء" هذا "الحزب" انهم مصيبون في "خيارهم الاميركي" لأن اميركا "بدمقراطيتها" قادرة على ان تصحح "اخطاءها" وتتابع مسيرتها.
ولكن "الجناح العربي" في "الحزب الاميركي" العالمي، عبر عن القلق من التغيير الذي يمكن ان يحدثه اوباما، في سياسة جورج بوش، وان يكون "التغيير" على حساب "الاميركيين" العرب. وكان من نتيجة هذا القلق مثلا ان ائتلاف الطالباني ـ المالكي في العراق عجل في التوقيع على الاتفاقية الامنية الاميركية ـ العراقية، لاجبار اوباما على التنازل عن وعوده الانتخابية بالانسحاب من العراق، والزامه بإبقاء الاحتلال الاميركي بذريعة تطبيق الاتفاقية الامنية. (انه "الصدق" و"الشرف" العربي والكردي يقول كلمته!!! ـ حيـّا العرب! وحيـّا الكرد!).
وتقوم الان في واشنطن "ورشة عمل" وطنية ضخمة جدا، ينخرط فيها كلا من الحزبين الدمقراطي والجمهوري، وكل دهاقنة الستراتيجيين والسياسيين الاميركيين، وكل اجهزة المخابرات والشرطة والقيادات العسكرية، وكل مراكز الابحاث وملوك واباطرة الاعلام والبروباغندا والديماغوجيا، وكل حيتان الاحتكارات ولصوص ونصابي البنوك والبورصات، وكل زعماء المافيات، لتركيب الادارة الجديدة لباراك اوباما، التي يعولون عليها كل الآمال، لقيادة السفينة الاميركية من جديد في الاربع او الثماني السنوات القادمة، ومنعها من الغرق نتيجة الاصطدام بأي جبل جليد روسي او كتلة نار افريقية او آسيوية، وللحؤول دون خطر نشوب الحرب الاهلية التي بدأت رياحها تزوبع داخل اميركا بالذات. وطبعا انه سيكون في اسفل اسفل اهتمامات ادارة اوباما القادمة، ماذا سيكون عليه مصير انصار الدبلوماسية الاميركية العرب مثل: محمود عباس وحسني مبارك وجلال طالباني ونوري المالكي وفؤاد السنيورة وسمير جعجع ووليد جنبلاط و"الشيوعي، الفروج ليبول مربى الدلال" الياس عطالله.
ولكن جلد اوباما، كجلد جون كينيدي ومارتن لوثر كينغ ومالكولم إكس، ليس مضادا للرصاص. واذا كانت العصابة الاجرامية التي تحكم اميركا، والتي قتلت كينيدي وكينغ وإكس وغيرهم كثيرا، قد تغاضت الى الان عن وصول اسود الى البيت الابيض، ولم تقتل اوباما بعد، فلانها تنتظر منه ان يلتزم الحدود المرسومة له، اي حدود اجراء عملية ماكياج لا اكثر ولا اقل لتجميل وجه فرنكشتاين الاميركي.
ولكن بعض انصار "الدمقراطية" الاميركية السخفاء يعتقدون ان باراك اوباما الذي دخل الى البيت الابيض من فتحة الصندوق الانتخابي، اي بطريقة "دمقراطية"، سيستطيع بنفس الطريقة تغيير السياستين الداخلية والخارجية الاميركية. ومع ادراكنا التام ان كل مؤيد لاميركا هو طبعا، واولا، غبي وسخيف؛ فمع ذلك يجب الرد على هؤلاء السخفاء، ليس لقيمة حججهم ومواقفهم بحد ذاتها، بل للتأكيد ان الدمقراطية الحقيقية هي شأن لا علاقة له بكل مسرحية التهريج الاميركي الحالي، وان باراك اوباما، في احسن حالاته، لن يكون اكثر من مهرج في سيرك الاسياد الاتغلوساكسون المتهودين العنصريين انفسهم، الذين كانوا يسوقون اجداده مكبلين بالاصفاد ويلسعون ظهورهم بالسياط ويكيلون لهم اقذع الشتائم. ونعرض فيما يلي لائحة اولية بالجرائم التاريخية التي ارتكبتها اميركا منذ نشوئها، ولنر ماذا ستعمل "الدمقراطية" الاميركية وماذا سيعمل باراك اوباما لاجل "اراحة ضمير" اميركا من هذه الجرائم، ولاجل تصويب المسيرة التاريخية لاميركا، او الاصح لاجل انقاذها من مصيرها التاريخي المشؤوم والمحتوم:
1 ـ ان السياسة الخارجية لكل طبقة حاكمة في كل دولة هي انعكاس لواقعها الخاص، الذي ينتج السياستين الداخلية والخارجية للدولة. واميركا (مثل افريقيا الجنوبية (البيضاء) السابقة، واسرائيل الصهيونية الحالية) تأسست على اغتصاب الارض من الهنود الحمر، وعلى استعباد زنوج افريقيا. وقبل مئات السنين من الهولوكست الهتلري ضد اليهود العزل، قامت الطبقة الانغلو ـ ساكسونية المتهودة الحاكمة في اميركا بأفظع مجزرتين في تاريخ البشرية:
آ ـ ابادة عشرات ملايين الهنود الحمر سكان البلاد الاصليين، وطرد الباقين. وقد نشر الباحث العربي العائش في واشنطن منير العكش كتابه المعنون "اميركا والابادات الجماعية" (the American genocides) (صدر باللغة العربية عن دار رياض نجيب الريس سنة 2002). وهو يقول في مقدمة الكتاب (ص 11): "منذ وصولي الى واشنطن كان لدي فضول لانهائي الى معرفة ما جرى للشعوب الاميركية الاصلية، وكيف تمكن مستعمرو اميركا من ابادة سكان قارة كاملة (علمت لاحقا ان عددهم يزيد على 112 مليون انسان لم يبق منهم في احصاء اول القرن العشرين سوى ربع مليون)". ويصف لنا منير العكش تجارة فروات الرؤوس والجلود الموشومة الهندية، وكم كان يدفع لـ"الصيادين" ثمن فروة رأس الطفل الهندي ورأس المرأة الهندية ورأس الرجل الهندي. وطبعا انه كانت هناك بورصة لبيع فروات الرأس والجلود الموشومة، وكانت الفروة التي يقبض "الصياد" الاولي ثمنها 100 دولار مثلا، تصل الى المستهلك الاخير ربما بـ 1000 وربما بـ 10000 دولار. اي ان قتل الهنود كان تجارة رابحة جدا للرأسمالية الاميركية منذ نشوئها. فدماؤهم المهدورة تتحول الى دولارات؛ واجسادهم تتحول الى سماد عضوي طبيعي (في اميركا لا توجد حتى "قبور جماعية" للهنود الحمر، اي ان اجسادهم تحولت ببساطة الى سماد للارض الاميركية الحالية، وهذا هو "سر" خصوبتها). وهذا يعني ان كل تفاحة لذيذة من كاليفورنيا يقضمها المواطن الاميركي "البريء" انما يقضم معها جسد هندي ميت، لان هذه التفاحة هي مسمّدة باجساد الهنود، وكل دولار اخضر اميركي في اربع زوايا الارض انما هو "دولار احمر" يقطر بدماء الهنود سكان اميركا الاصليين.
ولنتصور معا ابادة 112 مليون هندي احمر. اي تقريبا 19 هولوكوست، اذا اعتبرنا ان كل 6 ملايين ضحية (بالحساب اليهودي) يساوون هولوكوست واحدة. لقد اعترفت المانيا بالهولوكوست ودفعت التعويضات لاسرائيل. فهل سيعترف باراك اوباما بجريمة ابادة الهنود الحمر، وهل سيدفع التعويضات لاحفادهم الفقراء في اميركا اللاتينية عن 19 هولوكوست بالتمام والكمال؟.
ب ـ لقد قامت الامبراطورية البريطانية، التي ولدت اميركا من احشائها القذرة، بـ"صيد" و"شراء" عشرات ملايين الزنوج الافارقة الذين كان يجري اُصطيادهم كالحيوانات (في بعض الاحصاءات تم "اصطياد" 90 مليون افريقي، وفي احصاءات اخرى 60 مليونا) لبيعهم "عبيدا" الى اميركا. وكانت الكنيسة البروتستانتية الانغلوساكسونية المتهودة تبارك هذه الجريمة الكبرى النكراء بحق الانسانية جمعاء. وقد وصل من هؤلاء البؤساء احياءً الى اميركا 10 ملايين. اي انه جرى قتل والتسبب في موت ما بين 50 و80 مليون زنجي، بسبب سوء المعاملة وسوء التغذية والامراض وكانت تلقى جثثهم في البحر كالحيوانات النافقة بدون اي طقوس دينية سماوية او وثنية وبدون اي احترام للكائن الانساني، ولم يكن حظ الناجين افضل، اذ كان عليهم ان "يفتدوا" حياتهم بأن يعيشوا عبيدا اذلاء اجيالا واجيالا. (ولا ندري اذا كان الرئيس المنتخب باراك اوباما لديه شجرة عائلة ليقول لنا من هو جده "العبد الاميركي" الاول، ومن اين خطف ومن باعه ومن اشتراه، ومن شغله عنده عبدا؟ وهل سيقاضي اوباما ورثة هؤلاء، الذين هم الان بالتأكيد من نخبة المجتمع "الدمقراطي" الاميركي؟ وربما يكون بعضهم ليس فقط من ناخبيه، بل ومن ماكينته الانتخابية ذاتها).
فهل سيعترف الرئيس الاميركي باراك اوباما بهذه الجريمة الكبرى ايضا ضد الانسانية، ويحاسب الدولة الاميركية عليها ويدفع التعويضات العادلة لافريقيا، التي تم في حينه قطع تطور مجتمعاتها وتدمير اقتصادياتها كي يتم صيد الزنوج وسوقهم عبيدا الى اميركا.
هذا هو الاساس الاغتصابي ـ الاستعبادي الاصلي الذي قامت عليه اميركا. وهي اليوم تريد لا اقل من اغتصاب واستعباد بقية اجزاء العالم، طبعا بطريقة "حضارية حديثة!". وسنرى اذا كان باراك اوباما سيفتح فمه حول هذه الجرائم الكبرى التي بها وجدت الدولة الاميركية والكذبة الكبرى التي يسمونها "الامة الاميركية" التي هي ليست اكثر من سبّة او بصقة كبيرة في وجه الانسانية.
2 ـ ترفض اميركا توقيع اتفاقية "كيوتو" حول البيئة والمناخ، علما انها تتسبب في الضرر الاكبر للاحتباس الحراري الخ. وفي الوقت الذي كان مؤتمر الارض منعقدا في البرازيل، قام الرئيس بوش بزيارة شركة لقطع الاشجار في اميركا متحديا العالم كله، وقال "ان هذه الشركة تؤمن فرص عمل لمائة الف اميركي، ولن نؤيد اي تدبير يحد من فرص العمل للاميركيين". اي ان اميركا لا تمانع في تدمير وحرق العالم "الاخر" من اجل مصالحها الضيقة.
3 ـ هناك شكوك قوية بأن الذي أطلق مرض الايدز هو المختبرات العسكرية الاميركية، لانقاص عدد الفقراء، خاصة في افريقيا "السوداء"، تمهيدا للاستيلاء على الارض الافريقية بواسطة شركات العقارات العملاقة، عملا بالمبدأ الصهيوني "ارض بلا شعب، لشعب بلا ارض". واذا كانت هذه الشكوك غير مؤكدة، بالنسبة للبعض، فمن المؤكد ان احتكارات صناعة الادوية الاميركية تحارب بشدة تخفيض الاسعار الجنونية لادوية مكافحة الايدز.
4 ـ تمانع اميركا في التوقيع على الاتفاقية الدولية ضد الالغام المضادة للافراد. وهناك شبهات كبيرة حول دور المخابرات الاميركية والموساد الاسرائيلية في قتل اللايدي دايانا البريطانية لسببين: الاول رغبتها في الزواج من عربي ـ مصري، والثاني حملتها العالمية ضد الالغام المضادة للافراد مما ازعج ارباب الصناعة الحربية وتجار الحروب الاميركيين.
5 ـ ترفض اميركا توقيع الاتفاقية الدولية لمحاكمة مجرمي الحرب، حتى لا تنطبق على "مواطنيها"، مما يؤكد ان المبدأ الاساسي للسياسة الخارجية الاميركية يقوم على جرائم الحرب.
6 ـ من الاسباب الجوهرية لمقتل جون كندي هو رفضه الموافقة على تطبيق سيناريو مسرحي وضعته الدوائر الاستخباراتية والعسكرية الاميركية لتمثيل "اعتداءات كوبية" مزعومة ضد اهداف اميركية، من اجل تبرير مهاجمة واحتلال كوبا. اي ان الهجوم العدواني على كوبا في ما يعرف بمعركة خليج الخنازير سنة 1961، كان من المرسوم له ان يظهر بمظهر "ردة فعل" و"هجوم معاكس" ضد "اعتداءات كوبية" مفتعلة. ولكن جون كينيدي كان اذكى من ان يثق بجهاز المخابرات الاميركية وبأنه، حتى لو تم القضاء على نظام كاسترو، فإن المخطط المفتعل لن ينكشف يوما مما يزعزع الثقة بالادارة الاميركية ذاتها، فرفض الموافقة على السيناريو، فكان هذا الرفض احد اسباب "ازاحته". وباعتبار ان موقفه اعتبر "دفاعا عن الشيوعية"، عملوا له سيناريو اغتيال يكون بطله "شيوعيا" هو لي هارفي اوزوالد. وحتى الان لا تذيع اميركا اي شيء عن التحقيقات في مجزرة 11 ايلول 2001، مما يعزز الاعتقاد يوما بعد يوم بأن هذه المجزرة هي مفتعلة، على طريقة السيناريو الذي رفضه كندي، اي ان هذا السيناريو "صنع في اميركا" من اجل تبرير شن حرب اميركية كاسحة على العالم العربي والاسلامي اولا، ثم على روسيا، واخيرا فرض استعمار اميركي مباشر على العالم كله. ولكن موجة العدوان الاميركية، مع كل شدتها، انكسرت حدتها واخذت تتلاشى منذ بدايتها، في افغانستان والعراق. وطبعا ان جورج بوش لم يكن له ذكاء جون كينيدي حتى يبرئ الادارة الاميركية ذاتها من مسؤولية هذا السيناريو، بل فعل العكس تماما. فماذا سيفعل باراك اوباما؟ هل سيغامر بحياته ويفضح الدوائر التي رسمت هذا السيناريو، ويتلقى رصاصة من "زنجي مخمور" مستأجر من قبل اصحاب السيناريو الذين يحكمون اميركا بأرجلهم قبل ايديهم، وبأقدامهم قبل رؤوسهم؟
8 ـ ان محمد علي اقجا وشريكه شيليك، اللذين شاركا بمحاولة اغتيال البابا يوحنا بولس الثاني سنة 1981، هما من عناصر المخابرات التركية وثيقة الصلة بالمخابرات الاميركية، والاخيرة هي التي دبرت محاولة اغتيال البابا لتضرب عصفورين بحجر:
أ ـ تقليص نفوذ الفاتيكان الذي ينتهج نهجا سلميا ومعتدلا، وزرع الشقاق بينه وبين الشعوب الاسلامية، التي كان البابا (الجديد حينذاك) قد فتح صفحة جديدة معها باقامة علاقات وثيقة مع الامام الخميني وبتبني واحتضان المطران المناضل ايلاريون كبوجي الذي كان معتقلا في اسرائيل بتهمة تهريب السلاح الى المقاومة الفلسطينية.
ب ـ اعتقال احد المواطنين البلغار (الذي اصيب بلوثة نتيجة التعذيب وحقنه بالمواد المخدرة) بهدف تلطيخ سمعة بلغاريا ومن ورائها الاتحاد السوفياتي السابق، وذلك من ضمن الحملة التآمرية، التي كانت تشارك فيها عصابة غورباتشوف، من اجل القضاء على المنظومة السوفياتية والاتحاد السوفياتي.
فهل هذه هي الدمقراطية يا انصار "الدمقراطية" الاميركية؟ وهل سيقف باراك اوباما مع العدالة والدمقراطية، ام انه لن يكون اكثر من "دمقراطي" اميركي، اي عضوا في الحزب "الدمقراطي" الاميركي القذر.
9 ـ قتلت المخابرات الاميركية الزعيمين الزنجيين التحرريين مارتن لوثر كينغ ومالكولم اكس، وهي تقف بقوة ضد اي تقارب حقيقي واسع بين زنوج اميركا وموطنهم الاصلي افريقيا، مستعينة ببعض الموظفين "الملونين" الذين لا وزن فعلي لهم، والذين تستخدمهم كـ"ديكور". فهل سيكسر اوباما هذه القاعدة، ويكون شيئا مختلفا عن كولن باول وكوندوليزا رايس، ولو من "عيار" اكبر؟ وهل سيجرؤ على محاكمة القتلة الحقيقيين، الكبار، لمارتن لوثر كينغ ومالكولم اكس، ومحاكمة السياسة العنصرية ضد الزنوج والملونين ، التي هي "سياسة دولة" في اميركا؟
10 ـ دعمت اميركا ولا تزال الاحتلال التركي لشمال قبرص، الذي ادى الى طرد مئات الالوف من منازلهم، وهي، مع تركيا فقط، تقف عائقا امام توحيد الجزيرة وامام دخول قبرص في الاتحاد الاوروبي بدون تركيز النفوذ التركي ـ الاميركي فيها.
11 ـ بعد فشل العدوان الثلاثي (الانكليزي ـ الفرنسي ـ الاسرائيلي) على مصر، في 1956، وتدهور النفوذ الاستعماري القديم في الشرق العربي، طرح الرئيس ايزنهاور نظرية "ملء الفراغ" لاحلال النفوذ الاميركي محل النفوذ الانكليزي ـ الفرنسي السابق.
12 ـ منذ ذلك الحين اصبحت اميركا هي الراعي الاول للعدوان والاحتلال الاسرئيلي. واميركا هي مصدر السلاح الاول لاسرائيل وكانت تقدم لها مساعدات سنوية لا تقل عن ستة مليارات دولار. وفي اثناء حكم شارون رفعوا "المساعدة" الى عشرة مليارات واكثر.
13 ـ كل القرارات الصادرة عن الامم المتحدة، منذ اكثر من خمسين سنة الى اليوم، لمنح حقوق الشعب الفلسطيني واقامة دولة فلسطينية مستقلة، وترتيب الوضع الخاص لمدينة القدس، ذات الاهمية الخاصة للاديان الثلاثة، تعارضها فقط اميركا واسرائيل، بالاضافة الى بعض الاصوات احيانا لمراضاة اميركا.
14 ـ يعود العداء الاميركي للعراق الى 1958، (اي قبل حكم صدام حسين) حينما قامت الثورة الشعبية العراقية ضد الملكية المرتبطة بالغرب، واعلنت الجمهورية، وطلب من القوات البريطانية المحتلة مغادرة العراق. فقامت اميركا حينذاك بإنزال قواتها العسكرية في لبنان، وبريطانيا في الاردن، للوقوف بوجه استكمال تحرر الشعب العراقي، ولضمان استمرار السيطرة الغربية على مصادر الطاقة العربية وممراتها الدولية.
15 ـ يستفاد من كتابات المناضل والرئيس الجزائري السابق احمد بن بلة ان 80 بالمائة من القوات الفرنسية الحرة (الديغولية) التي حاربت قوات النازية والفاشية الالمانية والايطالية، في افريقيا وفي ايطاليا وفرنسا واوروبا الغربية، كانوا من الشبان العرب الجزائريين والمغاربة، الذين سقط منهم عشرات الالوف على الارض الاوروبية ذاتها. وكان ديغول قد وعد الجزائريين بالاستقلال، مقابل هذا الدور المهم للانسانية جمعاء. ولكن الاوساط الاستعمارية الفرنسية نكصت بهذا الوعد بعد نهاية الحرب العالمية الثانية. وقامت اميركا بتشجيع وتمويل الحرب الاستعمارية الفرنسية ضد الجزائريين، التي استمرت 7 سنوات، وادت الى موت مليون ونصف مليون جزائري. وكان هدف اميركا مزدوجا:
أ ـ الاحتفاظ بالاستعمار الغربي للجزائر.
ب ـ استنزاف فرنسا وتكبيلها بالديون الاميركية.
وقد ادرك ديغول "اللعبة الاميركية"، فعمد الى منح الاستقلال للجزائر، بهدف رئيسي هو الاحتفاظ باستقلال فرنسا.
وهكذا انقذ ديغول فرنسا مرتين: مرة من النازية الالمانية بفضل المشاركة الجزائرية والمغربية، ومرة من الهيمنة الاميركية بفضل الثورة الجزائرية والاعتراف باستقلال الجزائر.
فهل سيعترف اوباما بمسؤولية اميركا عن ابادة المليون ونصف المليون جزائري.
16 ـ لا تزال اسرائيل تمتنع عن تطبيق القرار 242 الصادر عن الامم المتحدة في 1968 للانسحاب من الاراضي العربية المحتلة، ومنها الجولان السوري. وذلك بدعم من اميركا.
فهل سيجبر اوباما اسرائيل على تطبيق قرارات الانسحاب، كي تعود الصواريخ المرعبة (made in Russia) لتنتصب في الجولان، مجبرة اسرائيل على ان تحسب ألف حساب لدى اي عدوان بعد الان على الفلسطينيين وعلى اي بلد عربي؟
17 ـ احتلت اسرائيل الجنوب اللبناني مدة 22 سنة، منذ 1978، بالرغم من صدور القرار 425 عن الامم المتحدة في 1978 فور الاحتلال. واجتاحت بيروت ذاتها في 1982. وكانت اميركا ولا تزال تدعمها بكل تصرفاتها. ولم تخرج اسرائيل من الاراضي اللبنانية الا بفضل المقاومة الشعبية للاحتلال، الذي كلف لبنان عشرات الوف الشهداء ومئات الوف الجرحى والمعاقين والاسرى والمهجرين، ومليارات الدولارات من الاضرارالفادحة لاقتصاد بلد صغير وفقير. ولا تزال اميركا تدعم المخططات العدوانية لاسرائيل التي لا تزال تهدد لبنان، والطيران والبحرية الاسرائيلية يخترقان كل يوم الاجواء والمياه الاقليمية للبنان الضعيف المسالم. ومع ذلك تسمي اميركا واسرائيل المقاومة الشعبية اللبنانية للدفاع عن الارض الوطنية والاستقلال الوطني: ارهابا.
فهل سيغير اوباما هذه السياسة العدوانية الاميركية، ويجبر اسرائيل والاوساط الداعمة لها في الولايات المتحدة الاميركية على الاعتذار من الشعب اللبناني، وتقديم التعويضات المنصفة للبنان؟
18 ـ تمتلك اسرائيل جميع انواع اسلحة الدمار الشامل، بما في ذلك 300 ـ 400 رأس نووي. وذلك كله بدعم وتمويل اميركي. وقد استخدمت اسرائيل كل انواع اسلحة الدمار الشامل (باستثناء القنبلة الذرية) في حروبها ضد العرب: الغازات السامة، الفوسفور، النابالم، القنابل العنقودية، القنابل الفراغية، اليورانيوم المنضب وغيرها، حيث كان العرب، المدنيون قبل العسكريين، "فئران تجارب" للصناعة الحربية الاميركية بالايدي الاسرائيلية. والعالم كله يشهد ويشجب هذه الجرائم بحق الانسانية، ولكنه يقف عاجزا عن سوق المجرمين الاميركيين والاسرائيليين الى محكمة لاهاي، لسبب واحد وحيد هو الجبروت الاميركي.
فهل سيغير اوباما هذه السياسة الاميركية رأسا على عقب، ويضع اسرائيل تحت "الحجر الصحي" والرقابة الدولية ويقوم بتفكيك ترسانتها النووية وغيرها من الاسلحة المحرمة دوليا، ولنر بعدها كم ستصمد اسرائيل بوجه هجوم بالحجارة ليس غير يشنه عليها العشرة ملايين فلسطيني مظلوم الذين هم شاهد حي على وحشية هذا الزمن الاميركي ـ الاسرائيلي الرديء.
XXX
هذا غيض من فيض من ملامح الوجه الاميركي القبيح. فماذا سيعمل باراك اوباما؟
وماذا يبقى من هذا الوجه القبيح اذا ازلنا قباحته؟
لقد قال يوما الامام الخميني رحمه الله ان اميركا هي "الشيطان الاكبر". فكيف يمكن ان نصلح الشيطان؟ ـ بإزالة "شيطانيته"؟ وماذا تعني ازالة "شيطانية" الشيطان؟ ـ تعني ببساطة القضاء عليه.
فهل جاءت اميركا بأوباما كي يقضي عليها؟
انها مساءلة منطقية بسيطة تحتاج الى "قليل جدا" من التفكير!



#جورج_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطوط النار من البلقان الى افغانستان، ومن جيورجيا الى فلسطين ...
- اميركا فتحت ابواب الحرب الباردة على مصاريعها، فهل تستطيع اغل ...
- فؤاد النمري: حلقة -مستورة- بين المعلوم والمجهول..
- اميركا والكابوس الصاروخي الروسي
- فؤاد النمري: ماركسي مزيف وستاليني حقيقي
- الازمة المالية العالمية: الكانيبالية الامبريالية العالمية وع ...
- لينين، على الاقل كإنسان، يستأهل كشف وادانة قتلته!!
- اميركا بعد 11 ايلول 2001
- دولة -اسلامية- في كوسوفو بدلا من دولة -عربية- في فلسطين!!؛
- ثورة اكتوبر: المنارة الاكبر في تاريخ البشرية!
- نشر الصواريخ الاميركية في بولونيا: اميركا تخسر المعركة قبل ا ...
- العقوبات ضد روسيا: سلاح معكوس
- كرة الثلج... من القوقاز... الى أين؟
- الصراع الاوروبي الاميركي على جيورجيا والمصير المحسوم لسآكاش ...
- روسيا واميركا: الحرب السرية الضارية
- اميركا تتلقى لطمة جديدة(!!) من اذربيجان
- جيورجيا: -حرب صغيرة-... وأبعاد جيوبوليتيكية كبيرة!!
- الامن العالمي و؛؛الامن القومي الاميركي؛؛
- جورجيا: قبضة الخنجر الاميركي الصهيوني التركي في خاصرة روسي ...
- وروسيا تخرق -اتفاقية يالطا- وتمد -حدودها- الى حدود اميركا


المزيد.....




- السيسي يكشف عن أرقام مهولة تحتاجها مصر من قطاع المعلومات
- -عار عليكم-.. مظاهرة داعمة لغزة أمام حفل عشاء مراسلي البيت ا ...
- غزة تلقي بطلالها على خطاب العشاء السنوي لمراسلي البيت الأبيض ...
- نصرة لغزة.. تونسيون يطردون سفير إيطاليا من معرض الكتاب (فيدي ...
- وزير الخارجية الفرنسي في لبنان لاحتواء التصعيد على الحدود مع ...
- مقتل شخص بحادث إطلاق للنار غربي ألمانيا
- أول ظهور لبن غفير بعد خروجه من المستشفى (فيديو)
- من هم المتظاهرون في الجامعات الأمريكية دعما للفلسطينيين وما ...
- إصابة جندي إسرائيلي بصاروخ من لبنان ومساع فرنسية لخفض التصعي ...
- كاميرا الجزيرة ترصد آخر تطورات اعتصام طلاب جامعة كولومبيا بش ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج حداد - الوجه الافريقي لأوباما لن يستر الوجه الحقيقي البشع لاميركا