أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حمزة الحسن - في انتظار جمهورية السراب















المزيد.....

في انتظار جمهورية السراب


حمزة الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 765 - 2004 / 3 / 6 - 08:39
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


عجيب أمر هذه الجمهورية الغامضة التي ينتظرها الجميع على نار أحر من الجمر وعلى شوق عارم، فالبعض يريدها من منفاه ليبرالية بدون شكل ولا ملامح ولا اقتصاد ولا ثقافة ليبرالية ولا حتى صالون واحد لليبراليين، وإن وجد فعلى مقربة منه محل لبيع السلاح الخفيف والمتوسط مع خراطيش رصاص تكفي لمسح قرية كاملة في ثوان من على سطح الأرض ومن الذاكرة والسجلات الباقية غير المحروقة.

وفريق آخر يريدها، على مزاجه، لأن صورة نظام ما، أو فكرة ما، أعجبته، ديمقراطية تعددية، بدون مؤسسات، ولا حتى دائرة بريد، ولا سيارة إطفاء، أو بنية اقتصادية حامية وراعية ومنظمة لهذه الديمقراطية، مع أن الكل مدجج برغبة الانتقام من الكل، واحد حسب الشريعة، والآخر حسب الايديولوجيا، وفريق ثالث باسم التحرير، ورابع تحت عنوان الأمن الوطني حتى لو كانت العدالة مفقودة.

وفريق ثالث يكتب كل يوم، كل ساعة، بطريقة ينبغي ويجب وعلى العراقيين أن يقوموا  بما يرغب ويريد وهو في مشرب أو صالون حلاقة على مبعدة آلاف الأميال من أرض الوطن، ويريد منهم، منزعجا، أن يتخلوا عن طائفيتهم، وهو طائفي سياسي، ويتخلوا عن أحقادهم وهو معبأ حتى الأسنان بكل ما هو أصفر وكريه، وأن يكونوا عادلين وهادئين على مقاعد الدرس وفي المعامل وفي الأسرّة،  والمرض ينخر فيهم، والجوع يأكلهم، والظلم، والسجون المرتجلة، والقصف، والتلوث، ورعب الماضي والحاضر والمستقبل.


وفريق رابع يريدها، هنا وهناك، اشتراكية، بلا اشتراكيين، ولا برنامج، ولا جيش، ولا خطوط جوية، ولا حتى مصلحة لنقل الركاب غير بضعة حافلات نجت بمعجزة من اللصوص!

وفريق متيم بفكرة العولمة، يريدها جمهورية منفتحة على العالم وعلى الحداثة على غرار التجربة الاسكندنافية، وتوفير ضمانات للشيوخ والأرامل والحوامل والعجزة والعاطلين عن العمل، وهو لا يعرف أن يرسل فكرته هذه، هل عبر البريد العادي، أم عبر مؤسسة الحكم، أم عبر الحاكم المدني، أم عبر سلطات ( التحالف) التي لديها، هي الأخرى، تصوراتها التي تعد بالعشرات عن شكل ولون ورائحة هذه الجمهورية العجيب والغريبة؟!

بل ذهب الفرح والنزوة والغطبة بفريق أن صار يقترح، ليلا نهارا، على الولايات المتحدة وعشرات الدول الحليفة لها، أن تكون هذه الجمهورية على غرار جمهورية أفلاطون أو في الأقل الفارابي، وفي أسوأ الأحوال يوتوبيا فردوسية يتعايش فيها الحمل مع الأسد، ويتجاور في سلام سماوي سوق العورة مع سوق المنصور، ويستطيع فيها أي مظلوم أن يطارد رئيس الدول المرتقب بالبيض والأحذية والكعك الفاسد بدون أن يدفع سوى ثمن البذلة.

وهناك من يريدها جمهورية يحكمها الشعراء فقط بدون سياسيين ولا أحزاب ولا برامج حزبية، وبذلك يتحقق  الحلم البشري القديم في جمهورية مثالية تمثل السعادة البشرية بعد تلال الجماجم والمقابر.

وتأتي هذه الأحلام القرمزية كل يوم على موسيقى الانفجارات وتطاير الأشلاء والأماني والأحلام والتراب والحجر والأمن والأطراف، كأن كل هذا  الموت العاصف يجري على شاشة سينما وليس في ارض الواقع، وكأن هؤلاء الموتى ليسوا موتى، بل ممثلين، وهذه الأضرحة التي تنسف بين وقت وآخر ليست أكثر من نماذج مقلدة يجري تفجيرها لأغراض التمثيل لا أكثر ولا اقل.

ولو وصلنا إلى شكل ورائحة وهوية ولون رئيس الدولة لوجدنا عجبا آخر، فهناك من يريده قادما من حرم جامعي بلا حماية ولا حراس على طريقة الطاغية السابق، بل يكتفي فقط بفرقة موسيقية تعزف خلال وصوله المكان ألحانا رومانسية والسلام الجمهوري المختلف عليه هو الآخر: فريق لا يريد فيه كلمة سلاح ووطن وأمة وعروبة، وآخر يريده تاريخيا، ودينيا، وفريق ثالث وخامس وعاشر يريده قوميا، عروبيا، تعدديا، ثوريا، أو طائفيا.

ورئيس من هذا النوع في ظروف الوطن الحالية لا يعيش لا سامح ألله  بعد خطاب  واحد في جمهور حاشد، حيث سيتجندل مثل كيس بصل من رصاصة طائشة لا يعرف مصدرها إلا السميع العليم!

وهناك من يريده قادما من ثكنة عسكرية، جنرالا منضبطا وطنيا، غيورا، شرفيا، نزيها، غير حاقد، غير طماع، وليس انقلابيا، على أن يكون ديمقراطيا، ليبراليا، تعدديا، فوق الميول والاتجاهات، والقوميات، والاغراءات، ومثل هذا الجنرال الفزاعة غير موجود  في العراق، بعد كل تلك الجروح النفسية وثقافة العاهات والعنف، حتى في أفلام كارتون!

وفريق يريده من الوسط الغنائي يطرب الجمهور كل يوم بعد تلك الخطب الكريهة للطاغية السابق، على أن تكون حمايته من ضاربي الطبل والزنجاري والدفوف ومن أصحاب هز الخصور وضرب الطنبور، ومثل هذا الرئيس لا يصلح هذه الايام حتى في ضاحية الكمالية للغجر ـ الكاولية ـ أو في حيّ الفوار أو السحاجي!


بل هناك من يطالب أن يكون الرئيس القادم من الذين تساقطت أسنانهم وظهرت مرة أخرى اللبنية منها، إشارة وتلميحا إلى السيد الباججي، باعتباره خبيرا في شؤون الرياضة الروحية وكل أنواع اليوغا واللاوعي والسرحان والتسلطن والشطح والسريالية السياسية والباراسيكلوجيا لأنه عاش نصف عمره في صالون مكيف يشبه محرابا للتأمل، و ما لاحته شمس في الصيف ولا هزه برد، والذي بين حواجبه طرفة نهر!

وبين هؤلاء جميعا تقف القوات الأمريكية، والمشاريع الأمريكية، والاسرائيلية، والغربية، والعربية ، والإسلامية، والمنظمات المتطرفة، وحزب الحب، وجماعة الرفق بالحيوان، ومنظمة الأمم المتحدة، وحزب الخضر، والدول الصديقة، والشقيقة، فهذه تريد قضم مساحات جديدة من أرض الوطن، وتلك تريد تعديل الحدود حتى تأتي منسجمة مع خطوط الطول والعرض، وأخرى تريد  هذا الحقل أو ذاك من حقول النفط، ورابعة وعاشرة تخاف من أن يتحول العراق إلى معطف ممزق حتى لا نعود نعرف في أية جهة سيقع تمثال الرصافي، ولا إلى أي دويلة ينتمي حسين مردان والسياب وناظم الغزالي وحتى يوسف عمر!  

لا أدري لمن يكتب هؤلاء  اقتراحاتهم ومن يقرأ أو يناقش في العراق مثل هذه المقالات خاصة وأن هناك مؤسسات سردابية مافوية استخباراتية دولية تغوص تحت الأرض لتصنع لنا جمهورية على شكل خازوق لكي يستريح عليه الجميع فرحين مسرورين من عناء السهر والفرح والتفكير والقلق بدون أحلام ولا تأوهات ولا طوابع بريد لأنه لا أحد يقرأ، لا أحد يكتب هذه الأيام عدا الموت!



#حمزة_الحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التنظير لدولة غائبة
- قديم يتفسخ وجديد لا يولد
- صورة كارثية قادمة للمجتمع المستشفى
- صلوا على أرواح موتانا وموتاهم
- باتريك سيل والشجاعة الملهمة
- الأسباب الخفية في الحملة على الحركة الإسلامية
- مساوئ الغرف المغلقة
- ماذا يعني ان تكون كاتبا في الوطن العربي؟
- خطاب الاجتثاث
- احتفالية ثانية بالشاعر رعد عبد القادر: سفر إلى أقاصي الجرح ف ...
- أوهام القبض على الدكتاتور( الأخيرة) ثلاثة قوانين للموت
- أوهام القبض على الدكتاتور14 مثقف التزوير، كريم عبد نموذجا
- أوهام القبض على الدكتاتور13 عقلية المافيا الثورية
- أوهام القبض على الدكتاتور 12 عفريت الفتنة
- أوهام القبض على الدكتاتور 11 المثققف المختلف، سعدي يوسف نموذ ...
- أوهام القبض على الدكتاتور 10 تفكيك فكر العاهة
- أوهام القبض على الدكتاتور9 النجاسات الثلاث
- أوهام القبض على الدكتاتور 8 العار والفرقة الناجية
- أوهام القبض على الدكتاتور 7 المحاكمة
- أوهام القبض على الدكتاتور6 أحفاد الدكتاتور


المزيد.....




- مصر.. أسعار السلع تتراجع للشهر الثاني على التوالي منذ -تعويم ...
- ألعاب نارية مبهرة تزيّن سماء موسكو تكريما للذكرى الـ79 للنصر ...
- -هجوم جوي وإطلاق صواريخ متنوعة-.. -حزب الله- ينشر ملخص عمليا ...
- روسيا تجهز الجيش بدفعة من المدرعات وناقلات الجنود المعدّلة ( ...
- شاهد: لحظة اقتلاع الأشجار واحدة تلو الأخرى بفناء منزل في ميش ...
- شاهد: اشتعال النيران بطائرة بوينغ 737 وانزلاقها عن المدرج في ...
- شاهد: صينيون يوقفون برلمانياً مجرياً بسبب أعلام الاتحاد الأو ...
- اشتعال النيران في طائرة بوينغ 737 وانحرافها عن المدرج في مطا ...
- بمناسبة عيد النصر على النازية.. شريط جاورجيوس بطول 300 متر ي ...
- فوز رئيس المجلس العسكري في تشاد محمد إدريس ديبي إتنو في الان ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حمزة الحسن - في انتظار جمهورية السراب