أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حمزة الحسن - أوهام القبض على الدكتاتور13 عقلية المافيا الثورية














المزيد.....

أوهام القبض على الدكتاتور13 عقلية المافيا الثورية


حمزة الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 705 - 2004 / 1 / 6 - 05:16
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


لا أحد يدري كيف يمكن تبديل ذهنية وعقلية عدة أجيال سياسية من فكرة " العنف الثوري" و" قوى الثورة المضادة" وسلوك ضرب" العدو" السياسي طبعا في عقر داره وهو في مرحلة النوايا، إلى ذهنية سياسية مسالمة تقوم على الحوار وعلى أخلاقياته وعلى فهم مختلف للسياسة على أنها فن الخيارات وتعايش المصالح ضمن إطار مؤسسي قانوني؟

فصناعة " العدو" على عجل وتسويقه هي صناعة  منتجة بإفراط وبصورة دائمة من قبل جماعات الأحزاب وخاصة اليسارية أو النخب التي عاشت على هامش هذا الموروث، كما أن صناعة" الحليف" على عجل هو مصنع آخر للتقليد الحزبي والسياسي الذي أنتج، في النهاية، أقذر فاشية على وجه الأرض: العدو والحليف، في التقليد السياسي، لم يخضع بالأمس، كما هو اليوم، لقواعد متينة في العداء والتحالف، بل حسب مواقف آنية عابرة سياسية مرتجلة وباللغة يمكن تحويل الفراشة إلى وحش وبالعكس. 

وليس من الحكمة أن نغفل ان الدكتاتور الأهوج( لم أذكره بالاسم في حياتي غير ثلاث مرات تقريبا!) كان الابن الشرعي والوفي لتقاليد العمل الحزبي" الثوري" السائدة في حقب الخمسينات وما تلاها. وهي تقاليد أقرب إلى علاقات المافيا وأنماط الجريمة المنظمة  تم تصعيدها في العقول الفتية حتى وصلت مرتبة اليقين المطلق بل المقدس الذي لا يأتيه الشك من أمامه ولا من خلفه، بل صار من لا يؤمن بفكرة" العنف الثوري" وهو تشريع مرتجل للجريمة خارج القانون يشرّع حتى للاغتيال ـ الجسدي أو النفسي ـ لا يصلح للعمل الحزبي لأن هذا حكر على أصحاب القلوب الحديدية: أما أصحاب القلوب الهشة والرقيقة فهؤلاء مكانهم العمل المكتبي الأدنى. بهذه الصورة يتم إنتاج فكر العاهة وصناعة الدكتاتور المذهول من هذا الاستسلام الطوعي للجماعة المحيطة به.

 كل هذا العنف  على خلفية خلافات سياسية كان يمكن أن تحل في حوار سياسي مفتوح لو كانت هناك مصدات وتقاليد سياسية ومؤسسات مدنية وبرلمان وصحافة حرة وطبقة سياسية غير تلك التي نعرفها والمعبأة والمشحونة  ـ حتى الآن ـ بمشاعر الكراهية ونزعة الانتقام والثأر السياسي القادم من تقاليد الثأر القبلي: بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، مثلا، غادر الجميع إلى مواقع سياسية وفكرية وثقافية مغايرة ومختلفة قومية وليبرالية وشيوعية وعدمية ومصرفية بدون المعارة الشرقية التي تلصق بالفرد وتطالبه بالنوم " مدى الحياة" على فكرة واحدة حتى لو تعفنت لأن التقليد القبلي واليساري من بعد لا يسمح للحية أن تغير جلدها. هذا عيب: ( هل هو ثوب حيّة وينزع؟!) يتساءل أحد شعراء حقبة النوم على فكرة متعفنة حتى النهاية!

وفكرة ( الثبات المبدئي) هي فكرة شرقية مجلوبة من موروث العادات القبلية وقد تم ترحيلها إلى أحزاب اليسار بكل عناوينها. ليس هناك ثبات مبدئي في الأفكار لأن الأفكار لا علاقة لها بالشرف بل هي فرضيات قد تكون صحيحة اليوم وقد لا تكون صحيحة غدا خاصة في عصر الثقافة والمعلومات والاختراعات المتواصلة والمدهشة.

لا يجد الأوروبي المفرغ من حسن الحظ من نزعة وعقد القبيلة عائقا بينه وبين التخلي الفوري عن أفكاره إذا وجد أن أفكاره ليست دقيقة في ضوء علوم العصر ومنجزات الحضارة الإنسانية. كما أن الوسط السياسي والاجتماعي المفعم بحركية ونمو لا يشكل عائقا ماديا أو نفسيا أمام هذا التحول في القناعات الفردية ودون غمز ولمز بأن السيد" بدل أفكاره!" 360 درجة كما هو في التقليد الحزبي السائد في كل المراحل وحتى اليوم.

إن تبديل الأفكار أمر طبيعي في هذا العصر بل هو سلوك متحضر ينسجم مع تاريخ الحضارة. ونحن لا نفرق بين الأفكار وبين المثل العليا: إن المثل العليا كالصدق والحب والوفاء والنقاء والبراءة والشهامة والجمال والصداقة والوضوح والأمل وغيرها الكثير لا تسقط بالتقادم رغم التعديل النسبي في كل مرحلة من تاريخ البشر: الكرم مثلا قيمة أخلاقية راقية لكنه في كل عصر يدخل عليه تعديلات بحيث لا يعود ذبح نوق العائلة أو كباشها وتركها تحت رحمة الجوع هو من الكرم بل من السخف والغباء. إن قراءة نقدية واسعة وجدية  تقوم بها مؤسسة وأفراد هي أمر ملح وجدي ومصيري.

لكن من يقوم بهذا النقد اليوم والمثقف مستبعد من المشاركة في القرار وفي الرأي وقد تم استبداله بقناع آخر كما في كل مرحلة؟ من يقوم بالتصحيح؟ من يقوم بدور النقد والتحليل وفحص الفرضيات إذا كان المثقف قد رُكن في زاوية تليق بتحفة قديمة وضعت في الغرفة، الحزب، المؤسسة، للزينة، ولتحمل مسؤولية كبرى في يوم قادم حين يتنصل الجميع من مواقفهم وتلقى على ظهر هذا المخلوق البائس المطرود، فعليا، من كل شيء، حتى من النظام السياسي والاجتماعي والحزبي الذي خرج من أحشائه في ولادة غير شرعية  تنتهي ـ في كل مرة ـ بمجزرة تمتزج فيها السياسة بالانتحار؟
 
ليس هناك في العالم مثقف يعيش خارج السلطة. وليس هناك فكر ينتج خارج السلطة أيضا: الفكر يُنتج، حسب ميشيل فوكو، إما بالصراع مع سلطة ما أو بالتوافق: والسلطة ليست الدولة فحسب، بل هي سلطة اللغة، والجسد، والعائلة، والمعايير،والنظرة، والذاكرة: أي كل ما لا يعتقد السياسي العراقي "العبقري" أنه سلطة ملحة تشاركه في نومه ورغباته وقراراته دون وعي منه! 



#حمزة_الحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوهام القبض على الدكتاتور 12 عفريت الفتنة
- أوهام القبض على الدكتاتور 11 المثققف المختلف، سعدي يوسف نموذ ...
- أوهام القبض على الدكتاتور 10 تفكيك فكر العاهة
- أوهام القبض على الدكتاتور9 النجاسات الثلاث
- أوهام القبض على الدكتاتور 8 العار والفرقة الناجية
- أوهام القبض على الدكتاتور 7 المحاكمة
- أوهام القبض على الدكتاتور6 أحفاد الدكتاتور
- أوهام القبض على الدكتاتور 5 الإمبراطور الحافي
- أوهام القبض على الدكتاتور 4 نقد الأساطير الاجتماعية والمرايا ...
- أوهام القبض على الدكتاتور 3 ذهنية القبو الحزبي
- أوهام القبض على الدكتاتور2 ، القمل موجود في رؤوس الآلهة
- أوهام القبض على الدكتاتور 1 وهم المعنى الوحشي للشجاعة
- من خطاب تبرير الحرب إلى خطاب تبرير الخراب
- أحزان العمة درخشان
- نهرب ونسمّى منقذين،ونخون ونُعتبر أبطالا
- الحروب السعيدة
- المنشق والمؤسسة والراقصة
- سجناء بلا قضبان
- الصحافة الالكترونية وسلوك الزقاق
- آخر طفل عراقي يبكي غرناطة


المزيد.....




- اصطدمت بسيارة أخرى وواجهته بلكمات.. شاهد ما فعلته سيدة للص س ...
- بوتين يوعز بإجراء تدريبات للقوات النووية
- لأول مرة.. دراجات وطنية من طراز Aurus ترافق موكب بوتين خلال ...
- شخصيات سياسية وإعلامية لبنانية: العرب عموما ينتظرون من الرئي ...
- بطريرك موسكو وعموم روسيا يقيم صلاة شكر بمناسبة تنصيب بوتين
- الحكومة الروسية تقدم استقالتها للرئيس بوتين
- تايلاند.. اكتشاف ثعبان لم يسبق له مثيل
- روسيا.. عقدان من التحولات والنمو
- -حماس-: اقتحام معبر رفح جريمة تؤكد نية إسرائيل تعطيل جهود ال ...
- مراسلنا: مقتل 14 فلسطينيا باستهداف إسرائيلي لمنزلين بمنطقة ت ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حمزة الحسن - أوهام القبض على الدكتاتور13 عقلية المافيا الثورية