رشيد كرمه
الحوار المتمدن-العدد: 2482 - 2008 / 12 / 1 - 07:35
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
إستكمالا ً لمراجعتي لكتاب ( السؤال الجمالي ) الطبعة الثانية للأستاذ المسرحي الدكتور " عقيل مهدي يوسف " توقفت في مقال سابق عند نهاية الباب الأول * وأعود هنا لأغطي الباب الثاني والثالث مـــــــن مسألة تكاد ُ الأجابة عليه رهينة وعي الناس بأختلاف توجهاتهم الفكرية . طالما خضعت الأشياء للتطور المستمر ,وهذا ديدن الحياة , وهذا ماراهنت عليه الأيام ,إذ أن الحاجة تدعو الى مراجعة دقيقة وشاملة لنظراتنا ومناهجنا , ومن بينها تلك المتعلقة بقضايا علم الجمال والإبداع الأدبي والفني ** لذلك يذكر المؤلف في خاتمة الكتاب : أن وضع أي تعريف للجمالية بمعزل ٍعن الحياة أشبه بالمستحيل , حتى وإن توصلنا إلى قانون تكنيكي في علم الجمال , فإذا ما غفلنا صلته بالموضوعات الإنسانية المتجددة نكون قد حكمنا عليه بالموت , فضلا ً عن الوعد الجمالي الذي يزهر فوق أديم الفنون ذاتها ص 323.
يتألف الباب الثاني من فصول ثمان أولهما اللغة العجائبية في السينما حيث يكون لها القدرة على التأثير في جماليات العالم كوحدة متكاملة , ويستشهد بـ( لويس بونويل ) ومذكراته التي قال فيها : كنت أشعرُ بميل ٍنحو تصور ٍمعين ٍ للثورة , فلم يكن السرياليون أرهابيين , ولم يكونوا من ذوي النشاطات المسلحة , بل كانوا يكافحون ضد مجتمع ٍيكرهونه , مستخدمين الفضيحة كسلاح رئيسي ضد عدم المساواة الإجتماعية وإستغلال الإنسان للإنسان والتاثير المخدر للدين والعسكرية الفظة ,,,,,,ص151 وهكذا تعالج السينما المشاكل الملحة كفكرة ( الموت ) ونحن نعيش فوق برميل من المتفجرات والفتيل مشتعل ٌُ ومن الضروري أن نقوم ببعض الجهود لننسى ما نحن جالسون فوقه ص163 , ويختتم الفصل الأول بالقول : أن السيناريو الرصين ينطلق من آفاق ٍإنسانية ٍحرة ٍ, ترى جدواها في " النضال " من أجل مستقبل ٍأنبل لشعوبها ,,, أو كما قال ــ كونديرا ــ أن نضال الإنسان ضد السلطة الغاشمة هو أيضا ً نضال الذاكرة ضد النسيان ...ص165 ,, يحمل الفصل الثاني عنوان الذكاء الفني أو اللغوي وكثير من الفنانين أو السياسيين يمتازون بحضورهم الشفوي إن صح التعبير , لأن القدرة على رواية الحكاية بإسلوب فني , وطريقة إنجاز الخطبة السياسية هما من المتطلبات التي لايجيدها ( إلا ) القلة ِ الفاعلة في مواقعهم تلك ص168 , الفصل الثالث يتناول الإنشاء التصميمي وعلاقته بتأرخة العصور مثل لوحة ( ميلاد فينوس ــ فرانسوا بوشيه ) حيث أظهر بذخ الأرستقراطية وولعها بالتزويقات , كما أن التكعيبية أشارت لبيكاسو , اشارت التعبيرية إلى كوخ وكذلك سريالية سلفادور دالي ومرحلة الفنتازيا , وتبقى العلاقة الإنشائية قائمة من خلال الحذف والإضافة والتحاور والموائمة وبقية العناصر كالموقع والمكان لتخلق هذه الشبكة من العلاقات البنيانية حدسا ًوطاقة تعبيرية تنبثق متدفقة وكأنها كانت مختزنة في الأشكال التصميمية ص 174 يتناول الفصل الرابع " الإحساس بالجمال " معتمدا ً كتاب ( الإحساس بالجمال ) جورج سانتيانا 1863ــ 1982
والذي يثابر على التذكير بأهمية الطبيعة لأنها تفسر نفسها بنفسها , ومن خلالها تتشكل خبرة الإنسان لا من سواها .
في الصفحة 186 : تفرض علينا الأخلاق الصارمة تضحيات حقيقية , فنحن نظل نفتقد طول الوقت أن مايتحتم علينا أن نتحاشاه , إنما هو شئ لــــــه قيمته وتنزع الغرائز أسماها وأدناها إلى الفوضى لأن النظام أو المنفعة هما الشيئان اللذان تؤكد الأخلاق أهميتهما في كل مكان , ويختصر المؤلف كنه الموضوع في ص 193 ليقول : أن الأحساس الجمالي حركة عاطفية فـــي الروح وهو كذلك شعور بالفرح والطمأنينة , إنه بإختصار هزة ٌُ إنفعالية ٌُوحلم ولذة خالصة ٌُ.
في الفصل الخامس يتناول " جماليات البيئة والتربية الحديثة ُ", ويستشهد بـ( ياوس )ص 197 الذي يستعرض ثلاثة أنماط ٍمن المتعة الجمالية هي الخَلقُ أو الإبداع و الإدراك والتطهر , والذي يعني القدرة على تغيير ذهن المتلقي أو تحريره وتؤدي المتعة الجمالية الإدراكية إلى المتعة الجمالية الإبداعية .
ولعل الأمر المهم هنا ما يترك تأثيره على النشئ الجديد بإعتبارهم متعلمين نشطين , ولابد من رعاية وطرق تدريس حديثة , فالتربية الفنية كما ذكر " لو فينفيلد "تربية على طريق الإبداع .
يتناول الفصل السادس جمالية الموسيقى , ويعتمد في غالبية الدراسة على تحليل ( جيزيل بروليه ) في كتابه ــ جماليات الإبداع الموسيقي ــ حيث يجد الموسيقي نفسه في مفترق طرق , بين إمكانيات متعددة متعايشة في ماهية الشكل الموسيقي , وترغمه على القيام بإختيار يحدد إصالته ص 214 ويفرد المؤلف هنا فصلا ً مهما عن الموسيقى الرومانتيكية حيث ارسى قواعدها ( الفرد أتشتين ) الأولى هي الإيمان بأن الموسيقى هي مركز الفنون ومصدرها والقاعدة الثانية هي سمو مكانة موسيقى الآلآت.
وأخيرا ً تبقى الموسيقى ممتدة منذ أقدم العصور وإلى حاضرنا جنبا ً إلى جنب مع الإنسان . في الفصل السابع يتناول المؤلف بإيجاز ٍ شديد المادة والموضوع الجمالي والعلاقة الجدلية بينها وبين الروح الجمالية وهو ماعبر عنه ( جور دونو برونو 1548ــ 1600 ) حيث قال :إن مايسبب جاذبية الحب للجسد هو نوع من الروحانية التي نراها فيه وهو مانسميه الجمال صفحة 221 وهي مقاربة للفكرة التي توصل اليها ( هيجل ) واصفا ً الجمال بأنه التمثيل الحسي للفكرة , كما يستعرض في صفحات هذا الموضوع وظائف الخيال لأستخدام الرمزية في البناء الفني وهي جوهر ما حوته نظرية ( كاسيرر ) ص225, ويستعير من الكاتبة ( وفاء محمد إبراهيم )وصف الفن في القرن الماضي على أنه تركيبة متفجرة ٌُ على الرغم من غموض طبيعته على المتلقي , فهو رد فعل مباشر ٍلعصر الذرة وبالتأكيد أن القرن الواحد والعشرين , لايقل ضراوة وتفجرا ً عن سابقه وهو يحفل بأصناف ٍ مـــن الفنون المستحدثة ِوالإتجاهات التجريبية ِالمتباينة . ص 233 ......... بينما إحتوى الفصل الثامن رؤية ( شارل لالو حول مبادئ الأستطيقا ــ علم الجمال ) حيث يحصر تعريفها بأن : علم الجمال تفكير فلسفي في الفن وفي النقد الفني وفي تأريخ الفن ويقسمها الى أ ــ صوفية مافوق الذكاء إذ لا يكفي الذكاء العادي أن يقترب من جماليات الأشياء إلا إذا إمتلك الإنسان موهبة ما في الإتجاهات الفنية المختلفة أو من كان عاشقا ًأو موسيقيا ً, أو فيلسوفا ً بمعنى من المعان ِ . ب ــ إنطباعية ومنة دعاة هذا المنهج ( أناتول فرانس )
يفتتح الباب الثالث من كتاب ( السؤال الجمالي ) بوظيفة الصورة الصحفية من خلال الفصل الأول حيث يتناول تأثير الصورة الفوتوغرافية سلبا ً وإيجابا ً ويتناول في الفصل الثاني تأريخ الصورة من زمن الفراعنة والآشوريين الى عام 1862 حيث ( ماثيوريا برداي ) وغرفته السوداء لجمع أنباء المعارك المصورة ص 262 , ولم يجرؤ أحد على إظهار آلام الحرب وأهوالها وهذا ما يتذكره ُ ــ جون موريس ــ المصور الصحفي المعروف ص 269 عكس تجار المافيات التصويرية في هذا الزمن الردئ والتي لم تخجل من إنتهاك الحرمة البشرية عبر تصوير حز رؤوس ما أعتبر الأغنى شئ في الوجود والتسابق إلى نشرها ليس من باب الإدانة وإنما للإستحواذ على المال .
في الفصل الثالث ( الصورة ــ الواقع ) جاء في صفحات قليلة وإن كانت غنية في التوضيح من حيث معاني الصورة في سياقها اللغوي , والعاطفي والثقافي وضمن سياق الموقف كأن تظهر صورة ( قدم ) تسحق محتلا ً بغيضا ًص 275 .
وظائف الصورة جاءت في الفصل الرابع حيث حددها المؤلف بالأعلام , والتأثير والتوجيه والتسلية والتسويق كما أن الصورة إحتلت الأولوية بنظريات الإعلام كـ( نظرية السلطة , الحرية , الشمولية , الإجتماعية ) ص 279 ويختتم الفصل بالقول : قد تكون الصورة المنشورة على صدر الصحات الأولى هـــي الصورة الجمالية والتعبيرية في آن ٍ واحد ويصب في ( الإبداع الفني للمصورين ) ولا يخلو من براعة ٍ فنية ٍ وجمالية ٍ ...
إحتوت الفصول الخامس والسادس والسابع على ( الصورة ِوالخبر ) و(شكل الصورة ) و(الصورة علامة مباشرة ) , بينما جاء الفصل الثامن بما يُعَرِف ُ بالمصطلحات من الناحيتين النفسية ُو الطباعية ُ.
ولعل جهدأ كهذا ينصب ُ على دراسة علم الجمال في واقع ٍ يحجر على نصف المجتمع , وينتهك حريتها الشخصية وشحة ٍفكرية تواجه المسرح والموسيقى والقصيدة ُوالقصة والكتاب وتغتال الكلمة ومبدعيها لهو جهد بأية حال من الأحوال يستحق الثناء ,وتشير الصحة الأخيرة من خاتمة الكتاب : نحن موقنون , ومن خلال هذا الجهد أن (الجمالية ) مشتبكة ٌُ مع قيم ٍ عدة , تأريخية , وقيمية ٍ, وهي متصلة بالمجتمع والسياسة والعلوم الرياضية والآيدولوجيا ,,
الهوامش
ــــــــــــــــــــــــــــ
* أنظر الرابط أدناه ستجد وللفائدة القسم الأول من مقال حول ( السؤال الجمالي )
http://yanabeealiraq.com/articles/rashid-grma271108.htm
** كراس موضوعات نقدية في الماركسية والثقافة رضا الظاهر ــ صفحة 7
السويد 29 تشرين الثاني 2008 رشيد كَرمــــــة
#رشيد_كرمه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
