أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق - صائب خليل - البديل الثالث للإتفاقية - لا سحب قوات مع أميركا ولاتمديد مع الأمم المتحدة بل سحب قوات مع الأمم المتحدة 1 &2















المزيد.....



البديل الثالث للإتفاقية - لا سحب قوات مع أميركا ولاتمديد مع الأمم المتحدة بل سحب قوات مع الأمم المتحدة 1 &2


صائب خليل

الحوار المتمدن-العدد: 2477 - 2008 / 11 / 26 - 09:07
المحور: ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
    


يهدف هذا المقال إلى تقديم بديل للمعاهدة الأمريكية العراقية المسماة مؤخراً باسم "إتفاقية سحب القوات الأمريكية"، والدافع لكتابتها هو الرغبة في التوصل إلى حل يمكن أن يوافق عليه فريق العراقيين المرتابين بنوايا الولايات المتحدة والرافضين بالتالي لتوقيع أية إتفاقية معها بعيداً عن الأمم المتحدة، وبين الفريق الآخر الذي رغم اعترافه بخطورة التعامل مع أميركا، أو اعترافه بانتقاص الإتفاقية المزمعة للسيادة وأنها ليست خالية من الإشكالات، فأنه يجد نفسه، وبسبب أخطار أخرى، في موقف يضطره لقبول الإتفاقية لأنه لم يتم طرح أية بدائل أو خيارات اخرى مقبولة. لقد اعتبر ان حل "تمديد بقاء ولاية الأمم المتحدة" مرفوضاً باعتباره "يعود بنا إلى المربع الأول"، وهي العبارة التي كررها بشكل أو بآخر إضافة إلى رئيس الوزراء المالكي، سكرتير الحزب الشيوعي حميد موسى ورئيس برلمان إقليم كردستان عدنان المفتي والعديد من السياسين الأخرين. ورغم أن هذا الوصف ليس دقيقاً فقد تم بناء جيش عراقي يتيح البدء باستلام الأمن وإخراج القوات المحتلة، لكن القول بإن التمديد ليس مرغوباً, ويثير الحساسيات في النفس، قول صحيح بدون شك.
وعدا هذا البديل لم يتم طرح أية أفكار أو محاولات أخرى جدية على ساحة النقاش، حسب علمي ولذا تكررت عبارة : "لا بديل" أو "لابديل أفضل" على ألسنة المؤيدين للإتفاقية بشكل عام شامل. لذا يقول السيد عدنان المفتي، رئيس برلمان إقليم كردستان: " أعتقد بأنه ليست هناك بدائل واقعية في حال رفضها" ويرى النائب هادي العامري من الائتلاف العراقي الموحد: " لا تخلو من السلبيات ولكنها افضل من الخيارات الاخرى" و حميد مجيد موسى وصف الاتفاقية بـ"اهون الشرور". أما رئيس الوزراء المالكي فيعبر عن حيرته وعدم وجود خيارات له بالقول: ""وماذا بعد؟ ....ليس لها حق الحركة؟ ليس لها حق العمل؟ عليها أن تنسحب؟ كم من الوقت تحتاج للإنسحاب؟.وهنا سنأتي مرة أخرى لعقد إتفاقية إنسحاب".
والحقيقة أن المالكي يجب أن لايجد نفسه في هذا الوضع، فهوالذي طلب تمديد بقاء القوات من مجلس الأمن "للمرة الأخيرة", وكان على علم منذ ذلك الحين بأن هذه اللحظة قادمة، وكان عليه أن يستعد لها بمجموعة من الخيارات، بل كان عليه أن يناقش ويدرس تلك الخيارات مع بقية الساسة العراقيين قبل تقديمه الطلب "الأخير" ولا يقدمه إلا بعد أن يكون قد اتفق معهم أن العراق لن يكون محصوراً في خياراته عند نهاية التمديد، لذا فهو يتحمل مسؤولية الموقف.
وحتى بعد تقديمه الطلب، لا احد يعلم لماذا لم يناقش المالكي مع رفاقه جميع البدائل الممكنة عند إنتهاء التمديد، بل لماذا لم يتحرك سياسياً لفحص فرصه الدولية ومعرفة من سيعترض ومن سيقبل وكيف ستكون ردود أفعال مختلف الدول وخاصة تلك التي في مجلس الأمن، من مختلف الإقتراحات من أجل التوصل إلى موقف واضح. لكنه الآن يقول: إن ذهبنا إلى مجلس الأمن، "ربما" لن يوافقوا....إن طلبنا من أميركا "ربما" لن تقبل...مجلس الأمن غير منسجم و "ربما" لن يسمح...الخ، ويبدو وكأن الحكومة "لم تفكر" في هذه اللحظة إطلاقاً خلال هذه السنة، فقبل اسبوعين من الآن ادهشنا الدباغ بالقول: "" حتى الان لم نصل الى مرحلة التفكير بالبدائل"! (1)
أي أن الحكومة اعتمدت كلية على نجاح المفاوضات وهذا يضع الطرف المقابل في موقف قوي جداً حين يرى أنك "لم تفكر بأية بدائل".
النتيجة هي أن العراقيين قد وضعوا خطأً أو عمداً في موقف صعب ضيق الوقت ومطالبين بإتخاذ قرار مصيري تحت ضغط الوقت إضافة إلى الضغوط السياسية والإرهابية والنفسية. وقد عبر الصدريين والعديد من الآخرين عن احتجاجهم على ضغطهم بهذا ا لشكل فقال النائب عن القائمة العراقية مهدي الحافظ:“ليس من الصحيح ان يوضع المجلس امام خيار واحد اما الموافقة او الرفض يجب ان يوجد وقت لكي تدرس بطريقة صحيحة، فهناك قضايا متعلة بالوضع المالي والاقتصادي ويجب ان تدرس بشكل موضوعي”. (2) وهو ما عبر عنه الزميل "باقر الفضلي" في مقالة له نشرت أمس وتصل إلى نفس استنتاجي هنا، فينتقد " أستلاب دور الأمم المتحدة وإختزاله بالإدارة الأمريكية، والإيحاء للمواطن العراقي بأن لا خيار للعراق من الحفاظ على وحدته وإستقلاله وأمنه إلا بالقبول بالإتفاقية. " (3)

على أية حال، لقد وصلنا إلى هذه الحالة التي امامنا ومن هنا علينا أن نتحرك للوصول إلى حل يرضي أكبر نسبة ممكنة من الشعب إن لم يكن الجميع، لأن القضية مصيرية كما يعترف الجميع بذلك, وأن نبدأ بنبذ فكرة أننا محصورون في خيارين يرفض كل منهما فريق من الشعب, وأن نبدأ بالبحث عن نقاط اتفاق وخلاف الفريقين، معتمدين على تصريحاتهم ومفترضين أنها تعبر بصدق عن رغباتهم واسبابهم ودوافعهم.
النقطة الأساسية التي نلاحظها هي أن الصدريين وبقية الرافضين الأوائل لم يعودوا وحدهم يتحدثون عن ضرورة إخراج الإحتلال واستعادة السيادة ونقاط ضعف المعاهدة، فقد حدث ما يشبه الإنقلاب في الخطاب الذي كان مؤيداً للمعاهدة في نهاية المناقشات وبعد وصول النسخة الأخيرة التي سميت "إتفاقية انسحاب القوات الأمريكية"، وصار يتحدث بخطاب قريب من خطاب المعارضين حول السيادة والإحتلال، ولم تعد الأسباب الرئيسية في قبوله الإتفاقية الرغبة في الصداقة الأمريكية والفوائد الكبيرة المنتظرة منها، وأن هناك العديد من نقاط الضعف فيها لكنها "أهون الشرور".
وهي "أهون الشرور" لدى الموافقين عليها لأنهم يجدون فيها
1) خروج القوات التحالف التدريجي ضرورة كبيرة من أجل استعادة سليمة للسلطة الأمنية والعسكرية في العراق. ويتفق جميع مؤيدي الإتفاقية على هذه النقطة حتى الذين لايذهبون إلى تصديق تهويلات وزير الدفاع بأننا إن لم نوقع سوف "نضرب في عقر دارنا من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب” و أننا سنتعرض إلى "عمليات قرصنة أغرب من الخيال"!
2) الخروج من الفصل السابع
3) الحفاظ على الأموال المحجوزة واستعادتها

أما اعتراضات الجانب الرافض فأهمها عدم الثقة بأميركا وتنفيذها لما قد توقع عليه من اتفاق، وقد سارت عملية التفاوض بشكل يثير الكثير من الريبة، إضيفت إلى الريبة الموجودة بحق عن أميركا، مضافاً إلى كل ذلك عدم وجود أية سلطة عالمية يمكن ان تقاضي أميركا وتجبرها على شيء إن اختلف معها على تفسير نص أو تطبيقه. المالكي حاول الإجابة عن هذا القلق في الجانب الآخر لكنه لم يجد سوى أن يقول: " من يضمن التنفيذ؟ الإتفاقية تضمن التنفيذ! ارادة ا لشعب العراقي تضمن التنفيذ! الإحترام المتبادل للإتفاقات يضمن التنفيذ! المجتمع الدولي سيضمن التنفيذ!" لينتهي إلى القول: "أنا أؤكد أنها ستنفذ كاملة بدون نقص!" ولا يلام الرافضون أن يزدادوا إصراراً على الرفض وأن تزداد مخاوفهم بدلاً من أن تطئن. فلا يوجد شعب في العالم يضع وطنه في الرهان بضمانات من مثل هذا، ونتوقع أن يتفهم الموافقون أن مقالق الرافضين لم يتم الإستجابة لها.
قلنا أن الموافقين صاروا في المرحلة الأخيرة يدعون إلى الإتفاقية باعتبارها طريقاً للتخلص من قوات الإحتلال واستعادة السيادة، بل ذهب بعضهم إلى أن يتهم الرافضين بأنهم يريدون إبقاء الإحتلال وإبقاء سيادة العراق بيده، وهي نفس التهمة التي طالما وجهها الرافضون إلى الموافقين. إذن فالطرفين متفقان مبدئياً على التخلص من الإحتلال واستعادة السيادة، وهذه نقطة تقارب أساسية:
فؤاد معصوم: "ان اتفاقية انسحاب القوات الاجنبية وفق الجدول الموجود جيد لأنه ينهي وجود حقبة الاحتلال" (4)

النائب عن الائتلاف العراقي الموحد قاسم داود : "عدم تصويت البرلمان العراقي على الاتفاقية سيعني حرمان العراق من مبدأ السيادة الكاملة، وبقائه تحت الحكم العسكري الأمريكي، مما سيؤدي إلى أبقاء الأوضاع السيئة الحالية في العراق" (5)

الشيخ خالد العطية النائب الاول لرئيس مجلس النواب: "اهم ايجابيات الاتفاقية هي (كونها) خطوة كبيرة للحصول على السيادة الكاملة كما انها (تحمي) كل مصالح العراق من الخطر في حال الانسحاب الكامل للقوات الاميركية".(6)

النائب هادي العامري من الائتلاف العراقي الموحد :"اتفاقية انسحاب القوات الاميركية (..) لا تخلو من السلبيات ولكنها افضل من الخيارات الاخرى" معتبرا الموافقة على الاتفاقية وتمديد بقاء القوات الاميركية "سواسية بالنسبة الى سيادة العراق". (7)

النائب حسن السنيد من الائتلاف العراقي الموحد: " انسحاب القوات الاميركية الحل الامثل لكن وفق الجدول المذكور في الاتفاقية". (8)

إذن فالحل الذي يقترح نفسه فوراً هو: "إتفاقية سحب قوات" مع الأمم المتحدة بدلاً من أميركا.
بذلك نتجنب الحساسية الشديدة وعدم الثقة التي تثيرها اميركا لدى الرافضين, وبالمقابل يتنازل الرافضون عن فكرة سحب القوات الفوري، والذي هو غير ممكن عملياً ليتم الإتفاق على جدول زمني مناسب يطمئن الجميع على سلاسة إنتقال السلطة إلى العراق.

في الحلقة الثانية سوف نناقش الفكرة بالتفصيل.


(1) http://www.alrisala95.com/home/index.php?mod=article&cat=irak&article=705

(2) http://www.yanabeealiraq.com/news_folder/n22110850.htm

(3) http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=154335

(4) http://www.yanabeealiraq.com/news_folder/n21110828.htm

(8) http://www.france24.com/ar/node/285721
****************************

2

ذكرنا في الحلقة الأولى (1) أن المقترح البديل الذي يطرح نفسه كحل يمكن أن يرضي جميع الأطراف العراقية هو "اتفاقية سحب قوات" مع الأمم المتحدة، رغم المحاولات لإظهار الأمر وكأن "إتفاق سحب القوات" مع أمريكا هو الخيار الوحيد.
فيما اكد رئيس مجلس النواب على ضرورة تقديم البديل من قبل الرافضين للاتفاقية.
لو راجعنا تأريخ تعامل الولايات المتحدة مع الشعوب، بضمنهم شعبها لوجدت الكثير جداً من هذه "الخيارات الوحيدة" أمام تلك الشعوب وهي قبول ما تمليه وكأنه قدر، لكن الأمر كثرما يكون تمويها غير صحيح، لكنها هذا اللحن يعزف الآن في البرلمان والحكومة للأسف كسمفونية يقودها السفير الأمريكي من خلف الكواليس.
يصف الأستاذ باقر الفضلي هذا الحال بأنه "أستلاب دور الأمم المتحدة وإختزاله بالإدارة الأمريكية، والإيحاء للمواطن العراقي بأن لا خيار للعراق من الحفاظ على وحدته وإستقلاله وأمنه إلا بالقبول بالإتفاقية." (2)

بل أن أغرب ما في الأمر, ومع اقتراب ساعة الصفر، فأن المالكي نفسه قد أتخذ من الشعب العراقي موقفاً أشبه بالتهديد حين قال أمس بأن "التأخير في إقرار الاتفاقية سيضع العراق على حافة مشاكل ربما ستكون مضرة بالمصلحة الوطنية" ليضيف إليه ما يشبه التهديد بأنه في هذه الحالة سيطلب (حسب نيوزماتيك) "انسحابا فوريا للقوات الأمريكية من العراق" ليقطع الطريق على أية خيارات أخرى لإنسحاب تدريجي!!
هذا الموقف الغريب للمالكي يزيده غرابة أنه كان قد قال قبل بضعة أيام أن الإنسحاب الفوري مستحيل بالنسبة للقوات لأسباب فنية: "عليها أن تنسحب؟ كم من الوقت تحتاج للإنسحاب؟.وهنا سنأتي مرة أخرى لعقد إتفاقية إنسحاب لأن جيش بهذا الحجم سوف لن ينسحب بيوم أو يومين أو شهر أو شهرين".!

لماذا "سحب القوات مع الأمم المتحدة" هو الخيار الأفضل في تقديري؟

1. يحتوي جميع محاسن خيار "إتفاق سحب القوات" مع أمريكا" دون مساوئه

فهو يتيح الفرصة للإتفاق مع مجلس الأمن لسحب قواته بشكل تدريجي منسق دون عجلة، ولكنه يتفوق عليه بأن الإتفاق سيكون مع جهة لا تستثير المشاعر العراقية السلبية مثل الولايات المتحدة.

2. انخفاض الحساسية حول السيادة في التعامل مع الأمم المتحدة عنها مع الولايات المتحدة

قبل ثلاثة أيام كشف رئيس كتلة التحالف الكردستاني فؤاد معصوم، أن الإتفاقية "رفضها البعض ... لمجرد كونها اتفاقية مع الولايات المتحدة بغض النظر عن محتواها وفقراتها". (3)
وقال النائب عن كتلة الائتلاف العراقي الموحد قاسم داوود، السبت،ان اتفاقية سحب القوات الأمريكية "قدمت كأنها مطلب امريكي". مما يؤكد حساسية الناس لتلك الدولة. (4)
وكان رئيس الوزراء نوري المالكي قد انتقد القوى المعارضة لتوقيع الاتفاقية بالقول انهم طالبوا بجدول زمني لانسحاب القوات الامريكية من العراق، وعندما تحقق هذا الطلب عارضوه.
والحقيقة هي أنهم عارضوا فقط أن تكون الولايات المتحدة في الجانب الآخر من الطاولة. وبتبديل الولايات المتحدة بالأمم المتحدة فأننا نتعامل مع جهة يتحسس الناس منها أقل كثيراً وبذلك تكون هناك فرص اكبر للنجاح.

3. التخلص من الشقاق الشعبي المرافق للإتفاقية الأمريكية

أن التفاوض مع الأمم المتحدة يمتلك فرصة أكبر كثيراً للإتفاق بين الفصائل العراقية المختلفة، لذا يفترض بالسيد المالكي أن يسعى إليها كقائد لشعب في لحظة في غاية الحرج لمستقبله, وقضية " وطنية كبرى تحتاج إلى إجماع وشراكة" كما عبر بنفسه في خطاب له قبل أيام.
يجب أن ندرك أن الشقاق الوطني الذي قد تتسبب به إتفاقية مع أميركا خطير للغاية. فمثلاً، أثناء المناقشات حول المعاهدة تبادل طرفا النقاش تهماً بالعمالة، الواحد لأميركا والثاني لإيران. ان التعامل مع مجلس الأمن سيزيل اية إمكانيات لمثل هذه التهم فلا يمكن أن يكون المرء عميلاً لمجلس الأمن، لأنه على الأقل نظريا، مؤسسة حيادية او متفرقة السلطات.
كذلك لايستبعد تصاعد شقاق داخل الكتل الشيعية نفسها وليس بينها وبين التيار الصدري فقط، والسبب هو أن مرجعية السيستاني قد طلبت عدم توقيع اتفاقية لا تحضى بدعم الجميع وتدخل الفرقة بين مكونات الشعب. والإتفاقية مع أميركا ستفعل ذلك بلا شك، مما سيعتبرها البعض محرمة ويرى البعض الآخر كخائن للمرجعية. فلا أحد يستطيع ان يدعي وجود أي إجماع وطني على الإتفاقية، وكما عبر القيادي في الائتلاف العراقي الموحد فالح الفياض: "ما النقاش الدائر الا دليل على عدم تبلور رؤية وطنية فهي تعتبر دستورا جديدا وسيكون طبيعة النظام في العراق ضمن الاتفاقية”.وبين الفياض أن “البديل هو ان يتم التوجه الى تعديل للاتفاقية والحصول على توافق وطني حقيقي”. (5)
إضافة إلى ذلك فلا ينتظر من الكتل السياسية المختلفة أن تسعى إلى ابتزاز الحكومة لإجبارها على تقديم تنازلات، أو مطالبة الأمم المتحدة بالتدخل في توزيع السلطة لصالحهم مقابل موافقتهم على المعاهدة.

4. ضمان أفضل للتنفيذ من خلال الأمم المتحدة

رغم بعد الأمم المتحدة عن كونها ضامن كاف أمام الولايات المتحدة، فأن وجودها في المعادلة يبقى عاملاً إيجابياً، والتعامل معها يبقى أسهل وأكثر أماناً من التعامل مع اميركا مباشرة. ورغم أن المالكي شكك بفائدة الأمم المتحدة في خطابه قائلاً: " اليوم نحن في ظل ولاية الأمم المتحدة والقوات الدولية الموجودة على الأرض تتحرك بموجب القانون 1546"، مشيراً إلى سوء وضع العراق تحت ولايتها. لكن يجب أن نذكر هنا أن التذمر العراقي جاء كله من جيوش التحالف وليس من مقر الأمم المتحدة، وأن زوالها يزيد الطين بله. ونذكر هنا أن الضمانة الوحيدة التي تمتلك أي معنى من الضمانات التي ذكرها المالكي لتنفيذ الإتفاقية، هي أن وثيقتها "ستودع لدى الأمم المتحدة". ولا شك أن إبقاء التعامل مع الأمريكان من خلال الأمم المتحدة يعطيها قدرة أكبر كثيراً للتدخل وليكون تواجدها على الطرف الأخر عامل أمان وضمان على تنفيذ الأتفاق بالحد الأدنى على الأقل.
والحقيقة أن مجلس الأمن كان قد ألزم القوات المتعددة الجنسية بمعاونة العراق و تحقيق "أقصى قدر من التنسيق" مع حكومته، في قرار التمديد الآخير وبلغة مشابهة في القرارات السابقة.

5. ضمان أفضل للأموال العراقية والتعامل مع قضية الفصل السابع

أكد المالكي على أن الإتفاقية مع أميركا ضروري لأنها " ستخرج العراق من الفصل السابع .....وستحمي الأموال العراقية التي أصبحت عرضة لدعاوى ..." مثلما فعل غيره الكثير من مؤيدي الإتفاق مع أميركا مثل الشيخ خالد العطية النائب الاول لرئيس مجلس النواب الذي كرر: "انها (تحمي) كل مصالح العراق من الخطر في حال الانسحاب الكامل للقوات الاميركية". (6) لكن النظر بتمعن يظهر أن المالكي والعطية والعديد من قال بحماية الأموال والخروج من الفصل السابع كان مخطئاً تماماً.
فمن بين العديدين الذي صححوا هذا ا لمفهوم نقتبس من الأستاذ فؤاد قاسم الأمير مايلي: "أوضح القرار (778) في 1992 مسألة "حساب الضمان المعلق" المنصوص عليه في القرار (706) المشار إليه أعلاه والقرار (712)، حيث يتألف من أموال عراقية يديرها الأمين العام .... ويضيف القرار "إن حساب الضمان المعلق، مثله مثل صندوق التعويضات يتمتع بإمتيازات الأمم المتحدة وحصانتها، بما في ذلك الحصانة من الإجراءات القانونية من جميع أشكال الحجر والحجز لدى الغير والتنفيذ، وأن لا تقام أية دعوى بطلب من أي شخص او هيئة..".
فالأموال محمية لكونها تحت تصرف وحماية مجلس الأمن وليس لوجودها في الولايات المتحدة.
كذلك فأن "الخروج من الفصل السابع"، على ما لهذا المفهوم من إشكالات، ليس بالضرورة مطلباً عراقياً قبل أن تتم تسوية قضية الأموال. وعن هذا قال سليم عبدالله الناطق الرسمي بإسم جبهة التوافق العراقية في حديث لراديو سوا في 7/6/2008، "إن الأموال العراقية معرضة للضياع بعد خروج العراق من البند السابع للأمم المتحدة".
وفي وقت مقارب قال لشيخ همام حمودي "أن الحكومة تعاقدت مع شركات عالمية لحماية أموال العراق بعد الخروج من البند السابع"

وعلى أية حال فلا تحتوي الإتفاقية على نص صريح لحماية الأموال ولا الخروج من الفصل السابع. فمثلاً يؤكد النائب أسامة النجيفي أن "الاتفاقية لا تعطي ضمانا لحماية الاموال العراقية، وليس هناك الزاما للادارة الأمريكية الجديدة بالاتفاقية، وطالب باعادة النظر في هذا الموضوع والعمل بتمديد قرار مجلس الامن الدولي، (7)
وأكدت ميسون الدملوجي النائبة عن الكتلة العراقية قبل أيام أن مسودة الاتفاقية الحالية مع واشنطن لن تـُخرج العراق من طائلة الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة.
وأوضحت الدملوجي في حديثها مع "راديو وسوا" أن الاتفاقية الحالية خلت أيضا من أي التزام أميركي بحماية أموال العراق المودعة في البنوك العالمية من الأطراف الدولية والإقليمية التي تطالب بالتعويضات، بعد أن تزول الحماية على هذه الأموال حال انتهاء التفويض الأممي" (8)
كذلك قال رئيس الكتلة في البرلمان حسن الشمري من حزب الفضيلة الاسلامي: "ان من بين ملاحظات حزب الفضيلة على الاتفاقية هو ان الاتفاقية الامنية لا تؤمن الحماية القانونية والشرعية للاموال العراقية من المطالبات القضائية سواء كانت ديون او تعويضات موضحا ان ما التزم به الجانب الامريكي بهذا الصدد هو مجرد بذل الجهد والمساندة لافتا الى انه من غير المنطقي التخلي عن الحماية القانونية والتي ضمنتها مقررات مجلس الامن الدولي والمستندة الى الفصل السابع والاعتماد على حسن نية الطرف الاخر في تنفيذ تعهداته.
كما اشار الى انه لا يوجد ضمان بامكانية اخراج العراق من الفصل السابع لميثاق الامم المتحدة وغاية ما تضمنته الوثيقة ان الطرف الامريكي سوف يبذل أفضل جهوده لتحقيق ذلك. (9)

السبب بسيط، وهو أن الولايات المتحدة ليست قادرة على تنفيذ مثل هذه التعهدات.

6. شرعية الإتفاقية

في الوقت الذي تعاني الإتفاقية مع اميركا من إشكالات شرعية جدية خاصة في موضوع "ألأهلية" الناتج عن نقص السيادة في احد الطرفين (العراق) مما يجعل المعاهدة مشكوك بقانونيتها، ولا يستبعد أن يكون مجالاً للطعن بها مستقبلاً وبالوثيقة التي يفترض أن تحفظ لدى الأمم المتحدة حتى من قبل الأمريكان أنفسهم كطريقة للتهرب من محاسبتهم على تنفيذ النصوص الواردة فيها.

7. لا داعي لإتفاقيات مستقلة مع الآخرين من التحالف

ما يتواجد على ارض العراق هو خليط من قوات التحالف وليس قوات أمريكية وحدها، لذا فمن الطبيعي أن يتم التحدث مع هذه القوات معاً, وإلا وجدنا أنفسنا بحاجة إلى إتفاقيات انسحاب عديدة، على العكس من حالة تنسيق الإنسحاب مع الأمم المتحدة، فلن يكون هناك حاجة لإتفاقية أخرى مع بريطانيا مثلاً ولا اية دول أخرى.

8. عدم تخوف من فرق السيادة والخبرة لخسارة المصالح

على العكس من التفاوض مع أميركا، لايخشى العراقيون أن تغلبهم الأمم المتحدة من خلال خبرتها في التفاوض او قوتها العسكرية أو الأمنية. ويعبر النائب عن جبهة التوافق العراقية طه اللهيبي عن مثل هذا القلق حين يقول "العراق لا توجد لديه الخبرة الكافية لعقد مثل هذه الاتفاقيات، وان الولايات المتحدة وقعت 84 اتفاقية مثيلة ولديها خبرة كافية بهذه الاتجاه". (10)
ولا ينتظر منها أن تقدم الرشاوي أو ترسل التهديدات لأي طرف، لذا يمكن إدارة محادثات تتسم ببعض الثقة والروح الإيجابية وتحقيق إنسحاب ناجح

9. إنتفاء موضوع عدم الثقة من انتفاء تضارب المصالح

في الوقت الذي يريد العراقيون خروج المحتل بأسرع وقت ممكن، يبدو أن لهذا الأخير مصالح تتطلب بقاؤه لأطول فترة ممكنة، مما يتسبب في تظارب مصالح يزيد انعدام الثقة بين الطرفين.
وقد اكد نصير العيساوي أمس في تصريح لوكالة (آكي) الايطالية للأنباء، ان "ادارة الاحتلال عازمة على إبقاء وجودها العسكري في العراق لمدة طويلة، ونحن على يقين بأنها ستسعى بطريقة او بأخرى الى تمديد هذا الوجود الى ما بعد العام 2011".
ولاتقتصر هذه ا لشكوك على التيار الصدري، بل تشمل كتلاً اخرى وهو قلق منتشر بشكل كبير لدى الشعب العراقي. ومن الواضح أن الشعب وسياسييه سيبقون في غاية القلق حتى تمضي فترة الإتفاقية ليروا بأعينهم صدق الشريك المقابل. وفي هذه الأثناء سيلعب أي تصريح مقلق عامل اضطراب في البلاد.
فمثلاً، استبعد اللهيبي التزام الجانب الأمريكي بجدول الانسحاب الموضوع بالاتفاقية، وقال إن "تصريحات الجانب الأمريكي ومنهم الرئيس الأمريكي المنتخب باراك اوباما بخصوص انسحاب القوات الأمريكية من العراق، تدل على أن الانسحاب يعتمد على استقرار الوضع الأمني بالعراق". (11)
وكان قائد القوات الأمريكية في العراق الجنرال "أوديرنو" قد صرح بتصريح أثار قلقاً مشابهاً قبل أيام.
فالعراقيون من سياسيين ومواطنين يرون أنهم أمام قرار خطير المسؤولية يشمل مصير أبنائهم أيضاً، أو كما يقول النائب سليم الجبوري "أن الاتفاقية بشكل عام تؤدي الى مجهول .... كما ينبغي الجواب عن كافة الاسئلة للاجيال القادمة بشان الاتفاقية من قبل مجلس النواب." (12)
وتتساءل الناشطة سناء صالح من هولندا في نهاية مقال لها عن الموضوع بقلق واضح: "ترى هل سيذكرنا أحفادنا باعتزاز!!!" (13)
ومن البديهي أنه في حالة العلاقة بين العراق والأمم المتحدة فسينتفي ذلك التضارب ويزول القلق، لأن من مصلحة الطرفين العمل على سحب القوات بأسرع وقت ممكن.

10. طريق افضل للعلاقات مع الولايات المتحدة نفسها

وأخيراً، ولغرابة الأمر، فأن الطريق الأنسب لإقامة علاقات سليمة وودية ومفيدة مع الولايات المتحدة، هي أن لانوقع أية إتفاقية معها وهي تحتفظ بجيشها في العراق. لأنه من المستحيل أن تزول الشكوك بتلك الإتفاقية في مثل هذه الظروف، وعلى العكس من ذلك فنها ستعمل على عرقلة إقامة علاقات سليمة بين البلدين حتى بعد خروج الجيوش الأمريكية، لما سيكون قد ترسب من الم بسبب الإحساس بأن الولايات المتحدة قد استغلت الظرف الصعب وفرضت على البلاد إتفاقية لم تكن تريدها.

ها نحن ذا لدينا بديل ثالث، ربما يكون أفضل من البديلين المطروحين كخيارين وحيدين للعراق. أنني أدعو إلى دراسة هذا الخيار بعناية قبل الإقدام على قرار، وأن نكون شجعاناً لنختار الأفضل لكي نستطيع أن نقول أننا فعلنا كل ما في وسعنا، ونشعر ببعض الراحة ونحن نتساءل مع سناء: "ترى هل سيذكرنا أحفادنا باعتزاز"؟؟


الهوامش:
(1) لا سحب قوات مع أميركا ولاتمديد مع الأمم المتحدة بل سحب قوات مع الأمم المتحدة 1 -2 - صائب خليل
http://www.yanabeealiraq.com/articles/s-kalil241108.htm
(2) http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=154335
(3) http://www.yanabeealiraq.com/news_folder/n20110837.htm
(4) http://www.yanabeealiraq.com/news_folder/n21110838.htm
(5) http://www.yanabeealiraq.com/news_folder/n21110821.htm
(6) http://www.france24.com/ar/node/285721
(7) http://www.yanabeealiraq.com/news_folder/n21110828.htm
(8) http://www.yanabeealiraq.com/news_folder/n20110802.htm
(9) http://www.yanabeealiraq.com/news_folder/n20110818.htm
(10) http://www.yanabeealiraq.com/news_folder/n21110827.htm
(11) http://www.yanabeealiraq.com/news_folder/n21110827.htm
(12) http://www.yanabeealiraq.com/news_folder/n21110828.htm
(13) http://www.yanabeealiraq.com/articles/sana-salah241108.htm





#صائب_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البديل الثالث للإتفاقية (2) - لا سحب قوات مع أميركا ولاتمديد ...
- قراءة غير مستعجلة لخطاب المالكي حول -إتفاقية سحب القوات-
- الشعب يستطيع الكلام حتى عندما يحرم الإستفتاء
- أما حان الوقت لننظر بشجاعة إلى الإرهاب في عينيه؟
- إحفظوا هذا النص ليحفظكم، دافعوا عن الدستور ليدافع عنكم
- بعد انهيار سعر النفط، ندعو لإعادة تسعير السفراء العرب
- السؤال هو من أي خطر إيراني بالضبط أحتاج لحماية الجيش الأمريك ...
- أين دستورية فتوى المحكمة الدستورية ؟
- لوكانت الأسماء بفلوس، ماذا كان سيكون أسم المعاهدة؟
- رد معسكر -لا- على معسكر -الصمت- للأعسم
- الخوف من إيران – 1- ضرورة تحديد حجمه وشكله
- زيباري وكروكر ونتائج الإنتخابات – ترقبوا الفضائح وأعدوا بطون ...
- مسعود البارزاني يعيد الحيوية لمناقشات المعاهدة الأمريكية
- حتى أنت يا حمزة الجواهري؟
- سيناريو التراجع الإنهياري المحتمل لمعارضي المعاهدة
- مقابلة الغزالة السمراء مع ال بي بي سي
- النائب صالح العكيلي، الأمين على أصوات شعبه
- حين اجتمعت الفئران لحل مشكلتها مع الهر
- المالكي: مراوغات وتساهلات خطرة
- ماذا قال ساترفيلد في السفارة الأمريكية في بغداد؟


المزيد.....




- ترامب: جامعة كولومبيا ارتكبت -خطأ فادحا- بإلغاء حضور الفصول ...
- عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف منفذي هجمات سيبرانية
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...
- رئيس الوزراء الفلسطيني يعلن حزمة إصلاحات جديدة
- الاحتلال يقتحم مناطق بالضفة ويشتبك مع فلسطينيين بالخليل
- تصاعد الاحتجاجات بجامعات أميركية للمطالبة بوقف العدوان على غ ...
- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة


المزيد.....



الصفحة الرئيسية - ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق - صائب خليل - البديل الثالث للإتفاقية - لا سحب قوات مع أميركا ولاتمديد مع الأمم المتحدة بل سحب قوات مع الأمم المتحدة 1 &2