أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخمسي - حول الأخطاء المطبعية في البيانات السياسية















المزيد.....

حول الأخطاء المطبعية في البيانات السياسية


أحمد الخمسي

الحوار المتمدن-العدد: 2475 - 2008 / 11 / 24 - 09:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن أفدح الأخطاء المطبعية هي تلك التي تتجاهل سيادة الشعب في البيانات السياسية للوثائق والمواثيق التي تهم النظام السياسي في المغرب. وهاكم حالة من حالات الحجز التاريخي مما يعانيه الجيل الصاعد المغربي الراغب في الانتماء للعصر السياسي.
تدرس سوسن السوسيولوجيا في الجامعة الإسبانية. في مادة النظام السياسي الإسباني، يشرح الأستاذ مميزات الأنظمة الملكية البرلمانية، متخذا من البلدان الاسكندنافية أمثلة مميزة. فجأة يسأله طالب عن النظام الملكي في الأردن؟ هل هو سؤال سلس ضمن سياق الدرس أم سؤال لغم لتطويق طلبة الضفة المتوسطية الأخرى من بين الحاضرين؟!
اعتبرت سوسن وجود تكامل بين الإثارة في "السؤال العفوي" من جانب الطالب الإسباني حول إحدى الملكيات العربية وبين "الجواب التغطية" الذي استكمل به الأستاذ دورة لعب الذهنية الأوربية المتمركزة حول ذاتها. بحيث أجاب بالنفي حول انتساب الأردن للملكيات البرلمانية الديمقراطية ـ وهي الحقيقة المرة لكن ـ بكيفية متعجرفة من خلال الإشارة الاحتقارية بحركة اليد والجسد، لمن اعتبرهم أنظمة لا صلة لها بالديمقراطية ولا بالبرلمانية، حركة/ صيغة بعيدة عن الديمقراطية. فهي في حد ذاتها غير مؤدبة. تثير الحنق والضيق بل الاختناق. هذا هو المفيد من كلام سوسن في الرسالة الالكترونية.
هذه الحادثة العادية داخل مدرج جامعي إسباني، تضع الطالب المتوسطي من الضفة الأخرى، في ظل ملكية برلمانية أوربية، بين المطرقة والسندان.
فخلفية الأوضاع السياسية التي ينطلق منها الطالب، تجعله كائنا اجتماعيا منسوبا لإطار سياسي أصلي غير مندمج في النظام السياسي العالمي. طبعا غير مندمج بالمعنى العضوي والندي والمتجانس. يكاد لا ينتمي للعصر السياسي. بحيث ترتبط الأنظمة السياسية للبلدان العربية بالنظام العالمي عبر التبعية والخضوع للغرب في التصور وفي السياسات العمومية وفي الحكامة وفي القاموس كما أعبر أنا الآن.
أما بنية الاستقبال لطلبة الضفة الأخرى داخل الاتحاد الأوربي، فتتنوع وتتفاوت في تعقيداتها. لكن في البلدان الأوربية الكبرى مثل ألمانيا وفرنسا، فتتشكل من مجاري وتيارات ذهنية ونفسية تجاه المهاجرين، وفق النمط المحنط في مخيلة الأوربي عن العنصر الغالب بين المهاجرين في بلد أوربي بعينه. إذ تتخيل سلوك المهاجر التركي أو المغاربي أو الباكستاني، أو الصومالي....
والتعقيد في التفاعل السلبي بين الطالب ومحيطه المتوسطي والأوربي على السواء، هو هذا الحجز ما بين المنبع والمصب على حد سواء. فحيث "الهوية" لا وجود لا للحرية ولا للكرامة. أما حيث "الحرية" فلا ضمانات للكرامة.
ربما يقتسم الطرفان الأزمة البيداغوجية. أزمة الخصاص من الحقن البداغوجية الملائمة لتكييف الذوات مع اختلال التحولات. فيبتعد كل طرف عن القيم الأصلية للإنسانية جمعاء. مما يجعل درجة النقد الذاتي والنقد غير موزونة بالكم المناسب. فتتحول العلاقات العامة باستمرار إلى حالات متجاورة من السكيزوفرينيا والمازوجية والسادية، لحظة المعالجة السوسيولوجية.
لننتقل من الميكرو إلى الماكرو، في النظر إلى هذا التشنج بين المركزية الأوربية وبين كآبة طلبتنا في أوربا. ولنتذكر أن الحالة/المشكلة بالقاموس البيداغوجي الكفاياتي، كانت قضية الملكية البرلمانية بين المثال الغربي وشرود الحالة عندنا. لا نقبل التسمية. بالأحرى المسميات!
لقد استعاد الاتحاد الاشتراكي للساحة العمومية لوعة الحلم بالنظام البرلماني حيث تتناغم المقتضيات السيادية مع الضرورات السياسية، بحيث يلائم ما تلبسه الدولة قوام ما يكتنز به جسد المجتمع. ولو بما ضاقت به العبارة، بسبب اتساع المعنى البرلماني عن الجلباب الحزبي.
لكن هل تقود الكوكبة المشكلة للقيادة الحزبية بعد المؤتمر النقاش فيما بين الحلفاء ووسط الساحة السياسية بما يعيد الإصلاح الدستوري إلى صلب عربة التقدم السياسي؟ أم أن جمرة المطلب ستختفي تحت رماد التسابق الانتخابوي؟ بل فوق دفء الكرسي الحكومي قبل ذلك! من يدري لعل البيان العام للمؤتمر حمل خطأ مطبعيا!!
إن السكيزوفرينيا والسادية والمازوشية لحظات سلوك تعتري الشخصية العمومية، على شاكلة الفرد العادي، بمجرد ما يطرح الإصلاح الدستوري على الطاولة. المازوشي الذي يعدم فائدة الإصلاح الدستوري، يقر بعدميته الدستورية مضطرا لا بطل. والسادي الذي يدفع بالنقاش حول الدستور نحو التهمة الجاهزة (= الصبيانية!) يبرر هجومه تحت ذريعة النصح بالواقعية في السياسة ويأمر بالمعروف الممكن فيها. أما ذو الشخصية المزدوجة فلا يعرف أين يضع رجليه!
إن "التلفة" السياسية ليست سوى ترهل حركة يسارية كانت ماسكة المشعل الذي كان يضيئ طريق المستقبل على المدى المتوسط والبعيد. أما وقد أصبحت منشغلة بجدول الأعمال للاستقرار والاستمرار الشخصي والعائلي، من حيث الحساب البنكي والمنافع الاستهلاكية، فقد أصبح ميكانزم التراكم البدائي لرأسمال تقدم القيم النوعية، من مهام قوى أخرى.
إن هؤلاء المعجبين بالموجود من رفيع المستهلكات من صنف "صنع في أمريكا"، ينسون أو يجهلون مصير أول من صاغ عبارة "الولايات المتحدة الأمريكية"، طوماس بين Thomas PAINE، هذا الثوري الذي أشعل مسلسل انبثاق أمة المهاجرين الأوربيين فوق القارة الجديدة، ليرحل نحو فرنسا ليساهم في تدقيق مهام الثورة في القارة القديمة، عانى من الأمرين، في فرنسا التي سجنته قيادة ثورتها، بعدما حصل على الجنسية الشرفية الفرنسية، مدة عشرة أشهر، بل أفلت من المقصلة لمجرد تصويته في الجمعية التأسيسية الفرنسية ضد إعدام الملك. ثم ما لبث أن رجع إلى الولايات المتحدة الأمريكية ليواجه التنكر التام من طرف السلطات الفيدرالية، فيموت مهمشا، لمجرد أنه يصدر كتابا ثانيا يشهر عبره قناعاته الفلسفية.
إن هؤلاء الذين اندمجوا في الغرب حتى النخاع ذات وضع اقتصادي اجتماعي، أصبحوا ينتقمون لأنفسهم، في مسلسل تراجعي على المستوى السياسي، دون أن يمارسوا نفس التراجع على الصعيد التنظيمي، ليدفعوا بصبيب اليأس في شرايين الشبيبة المغربية نحو درجة الضغط المرتفع والسكر والكولستيرول وكل التورمات المجهزة على القلب قبل الأوان. مقابل ضربهم لكل توقيتات الأوان. بحيث يطابقون بين عمرهم البيولوجي وعمرهم السياسي.
ماذا لو كان هدف النخبة السياسية المتعقلة المندمجة في النظام والعصر، أن تشتغل من أجل ردم الهوة فعلا بين الدولة والمجتمع، لفائدة عموم السكان. فالتورم في أجهزة سيادة الدولة يقابله ضعف ليس بعده ضعف حد "الجلدة على العظم" في حالة سيادة الشعب.
والحال أن من ينسى انبعاث شرعية سيادة الدولة يوم 16 نونبر 1955، لم يكن ليستكمل عناصره دون زرع البدرة الشعبية المقاومة الأولى بعد فقط عشرين يوما من تنصيب محمد بن عرفة، عندما ضحى علال بن عبد الله بنفسه في عملية استشهادية، كأقصى حالة من حالات "التطرف" ضد النفس من أجل عودة السيادة الشرعية للدولة.
ومرة أخرى، سيبقى الفصل 19 في الدستور المغربي محل نقد من مختلف زوايا النظر. ما دام التفاوت مقرفا بين سيادة الدولة المتورمة وبين سيادة الشعب الشاحبة. ماذا لو طعم نفس الفصل بفقرة حول سيادة الشعب. حتى تصبح سيادة الأمة من فوق، مرتكزة فوق أرضية متينة صلبة، قوامها سيادة الشعب. أما الفهم المرتعش المرتعب من مبدأ سيادة الشعب، فهو فهم قاصر عن استيعاب التكامل بينهما، ومضر بسيادة الدولة قبل التقصير في حق سيادة الشعب. فالمتنكرون للشعب الذي أفدى شرعية سيادة الدولة "بالروح وبالجسد" هم أول من يتنكر لكل مقومات الأمة....من رأس الدولة إلى أخمص أقدام الشعب. أما الشعوب فتنتج علال بن عبد الله وطوماس بين، في المغرب وفي أمريكا على السواء. مهما بلغت درجات التنكر والانتهازية.



#أحمد_الخمسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موقعنا في لعبة طوريرو الأمريكية
- ضباع التنمية وسماسرة الغفلة الطبقية
- حول -الحكم الذاتي بالريف-
- هل يكفي؟
- امتحان -حظوة- المغرب لدى الاتحاد الأوربي
- الشمال على طاولة العدالة
- اللحظة الهزلية في مسرحية المشاركة السياسية
- في الذاكرة المشتركة: لو يتحدث أسيدون باسمي
- لأي نموذج تنتمي طبقتنا العليا؟
- ثلاث مداخل لبناء الطبقة الوسطى
- الطبقة الوسطى بين الحلم الأسفل والتطرف الأعلى
- مرحلة بنكيران:ضد عالي الهمة أم ضد المجتمع؟
- حول -تخليق الحياة الثقافية-
- المتخيل الثقافي في المعيش السياحي
- الجهوية والتيارات: إما للتغيير أو للتغرير
- ما الأفضل: -مرود- في المعارضة أم قرود في الحكومة؟؟
- صور زمن حزين
- لماذا التزم عالي الهمة الصمت؟
- اختطاف -الأنوار- في ابن كرير؟!
- الكتابة جبل ثلج


المزيد.....




- الرئيس الإيراني: -لن يتبقى شيء- من إسرائيل إذا تعرضت بلادنا ...
- الجيش الإسرائيلي: الصواريخ التي أطلقت نحو سديروت وعسقلان كان ...
- مركبة -فوياجر 1- تستأنف الاتصال بالأرض بعد 5 أشهر من -الفوضى ...
- الكشف عن أكبر قضية غسل أموال بمصر بعد القبض على 8 عناصر إجرا ...
- أبوعبيدة يتعهد بمواصلة القتال ضد إسرائيل والجيش الإسرائيلي ي ...
- شاهد: المئات يشاركون في تشييع فلسطيني قتل برصاص إسرائيلي خلا ...
- روسيا تتوعد بتكثيف هجماتها على مستودعات الأسلحة الغربية في أ ...
- بعد زيارة الصين.. بلينكن مجددا في السعودية للتمهيد لصفقة تطب ...
- ضجة واسعة في محافظة قنا المصرية بعد إعلان عن تعليم الرقص للر ...
- العراق.. اللجنة المكلفة بالتحقيق في حادثة انفجار معسكر -كالس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخمسي - حول الأخطاء المطبعية في البيانات السياسية