أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخمسي - المتخيل الثقافي في المعيش السياحي















المزيد.....

المتخيل الثقافي في المعيش السياحي


أحمد الخمسي

الحوار المتمدن-العدد: 2336 - 2008 / 7 / 8 - 11:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


جلست بدءا للاستراحة وقراءة الجريدة رفقة قهوة سوداء. لكنني وجدتني منشغلا عن الجريدة بجوار حديث شبيه بندوة تلفزية. جلس خمسة أشخاص في أوطا الحمام. يرتشفون الشاي. لهم خيط ناظم في حديثهم. كانت اللغات متعددة تتداخل. وكان اللباس في حده الأدنى من فرط الصيف ومن خفة ما تبقى من وزن الحرج. والحساسية منخفضة حد برودة ما يترقرق منحدرا من راس الما. والمعاني كما هي الكلمات. لا ظلال لها غير سن الطرز في المبنى المخيط. في حدود السعي لإبراز المعنى بما يكفي من الوضوح المائي الشفاف. وإن تلون، فلا يزيد عما يثقل الحرير.

أما الزخرف الحركي الذي لا تكلف فيه، فهو المرور، مرور الكرام، من الجنسين ومن مختلف الفئات العمرية من سكان الشاون باللباس المحلي، يطبعه اللون الأحمر في المنديل و الشاشية. وأحيانا يمر ساكن بلباس الصوف التي لا تلائم حرارة الصيف. لكنها منسابة في هدوء صوفي لا يكدره شيء. سكان شفشاون كما قال محمد عبد الوهاب " وإنت ولا أنت هنا". وبالفعل، الزوار السياح وهم يتحملون المقتضيات كلها للحضور إلى شفشاون. سعيا للعيش في هدوء. هربا من سرعة التسابق نحو حافلة النقل الحضري أو نحو المكان المناسب لموقف السيارة. كأنهم هم الذين يصفون لا مبالاة أهل البلد: "أسهر وانشغل أنا".

وليس الاقتراب من العشب الأصلي لما يلف في سجائر قوية المشموم من الروائح، وحده الهدف. ولا البحث عن الثمن المناسب للعيش الهادئ. بل هذا التعايش بين من يلبس "من غير هدوم" وبين من يصلي في الجامع الكبير من غير ضجيج، هو الذي يرجع بالمتأمل إلى هذا التساكن بين المقيم والوافد وهم يقتسمون الموجود بتآلف عصي على الأيديولوجيا.

ساعتها تنتبه لمغربي يترجم لسائحة أجنبية بين الأربعة الآخرين، ما قرأه في الصحف بلسان أحد مواطني الجنوب، عندما ذكر إمكانية حضور هتنغتون إلى المغرب ليرى بالملموس والملبوس أيضا كيف تتعايش أنماط العيش في وسط واحد. عندما يقبل الجميع اقتسام مواد في المتناول. كان يتحدث عن تصريح لأندري أزولاي في الصحافة.

علق ثان، حول إمكانية التعايش بين مواطني العالم في مدينة متواضعة مثل شفشاون أو أصيلا أو الصويرة. وحتى عندما تتفاوت أثمنة أماكن المبيت في مراكش بكيفية صاروخية. فالمكان المشترك لا يكون سوى حيث تتواضع السلع المستهلكة. أي عندما "يحشم الاستعراض الطبقي على عرضه"، فيترك المكان للمشترك الإنساني: جامع الفنا.

وذلل الملاحظ المذكور على كلامه بالتساؤل عن سبب صدور المقترح البديل من ساباطيرو، اليساري الإسباني، معلنا تحالف الحضارات، مقابل ما أشهره السموأل هتنغتون من سيف الصراع بين الحضارات؟

والتساؤل من طرف المتحدث لم يكن سوى طعما لمن يريد لحظة مبارزة ثقافية، ليضيف لمعلوماته عبر الإجابة الاحتمالية المنتظرة. ولما انتبهت الأنظار بعد استكمال رشف الشاي، أخذ نفسا من لفافة أشعلها من صنع يديه. وقال: كنا نردد فيما سبق، بنوع من إظهار الحفظ عن ظهر قلب تفاصيل اللينينية، عندما كنا نرتب مقالات فلاديمير إيليتش أوليانوف حول "برنامجنا" ثم "من نحن؟" ثم "بما نبدأ؟"......إلى آخر المختارات...واليوم، من داخل النخبة السياسية الحاكمة في الولايات المتحدة، يرتفع التساؤل في شكل عنوان كتاب السموأل هتنغتون: "من نحن؟" غير أن الأصل في تساؤل النخبة الأمريكية العليا، يضيف المتحدث، هو ارتفاع نسبة المواطنين الأمريكيين بين عدد السكان الإجمالي في الولايات المتحدة إلى 10 في المئة، ناطقين اللغة الإسبانية في خمس ولايات في الجنوب لغة للتربية والتعليم وكذا جعلها لغة لإشارات المرور وكتابات الواجهات في المحلات التجارية.

يرفع هنتغتون درجة التخوف إلى مستوى تهديد النموذج الأمريكي في نمط العيش. القائم في نظره على الفردانية والبرتستانية واللغة الأنجليزية وعلى الربح. بينما يتبع النموذج اللاتيني الآتي من الميكسيك وكوبا وبورتوريكو نمطا مغايرا. يميل لكي يضع كل مجوهرات الفكر الغربي في خيط واحد وعقد واحد، من كوندورصي إلى غرامشي في القارة العجوز.

ويعتبر الرئيس الفينيزويللي على الطرف النقيض الثاني المواجه لهذه العجرفة الانغلوسكسونية تجاه الثقافة الأمريكولاتينية. امتدادا لإنسانية المسيحية الكاثوليكية بصيغة يسارية. وجها للمولدين والملونين ضد ادعاء النقاء في الجلد وفي "الكريدو" الأمريكي.

لم نذكر للقارئ أن الحديث انطلق على هامش التتويج الذي اقتطفه الفريق الاسباني في فيينا في كرة القدم، بعدما ثم للإسبان نفس تتويج التينس في رولان غاروس قبل شهر. ثم اشتعل حماس المناقشة بسبب التقاط تزامن الحدة في التنافس الكروي بين اللاتين والأنغلوسكسون، عندما ذكرت السائحة الفرنسية بما سيكون عليه برنامج ساركوزي بين هذا وذاك، ما دام يجسد ما يرفعه من شعار "القطيعة" ضمن الجمهورية الخامسة، خصوصا وهو يواجه الرفض الارلندي لاتفاق برشلونة، كتجسيد لرفض كاثوليكي لاكتساح انغلوسكسوني للاتحاد الاوربي معطوفا على أمريكا والحلف الأطلسي.

نعم، أكد صديقها المغربي: ما الذي يمكن لساركوزي أن يمثله ضمن هذا التحدي الآتي من القارة الجديدة، وهو ينهض من صلب القارة القديمة من تحت الرماد، بشعار الاتحاد المتوسطي؟؟ هل يجد نفسه أمام الجدار بسبب انعطافته المتأخرة لفائدة الليبرالية المتوحشة والتوجه اليميني الأنغلوسكسوني؟ أم يتمكن من اختراق ثنائية اللاتين /الانغلوسكسون في "تخريجة" ثالثة ضمن مصالح الغرب في المنطقة المتوسطية بما يجر الجميع نحو الرصيد الروحي الثلاثي الأديان في حوض المتوسط.

كما أن سباتيرو اليساري الذي يدعو إلى الكلام الثقافي عن حوار الحضارات، لا يبتعد عما يعمل ساركوزي من أجله، وما يلتزم به الاتحاد الأوربي من حزم لإغلاق المنافذ أمام سكان الضفة المتوسطية الجنوبية، وهو ما تضبطه السياسة الأوربية ككل، ضمن السياسة الأوربية للجوار. سياسة تدعي أنها شراكة للإصلاح؟؟؟ في الوقت الذي تعتبر نفسها سياسة لنموذج عيش، يقوم الاتحاد في سياسته الداخلية الاندماجية على حرية تنقل الأشخاص والأموال والممتلكات والخدمات.
إن السياسة الأوربية في مجملها، تميل للاصطفاف في صالح السياسة الأمريكية. وما دامت المنطقة المتوسطية مفتقرة لأي تجمع منسجم مقابل للاتحاد الأوربي، فالاتحاد المتوسطي، سيعاني تبعات الهوة بين المواطن الأوربي ومؤسسات الاتحاد الأوربي. وبالتالي، يتنهي تحالف الثقافات عند الأسوار التي يقيمها الاتحاد الأوربي نفسه ضد الهجرة من الضفة الجنوبية. ليبقى وحده العمل المشترك بين الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة وما ينتظرانه من الصين ومجمل آسيا من الصعود الاقتصادي الواسع الكاسح بعد عقدين من الآن.



#أحمد_الخمسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجهوية والتيارات: إما للتغيير أو للتغرير
- ما الأفضل: -مرود- في المعارضة أم قرود في الحكومة؟؟
- صور زمن حزين
- لماذا التزم عالي الهمة الصمت؟
- اختطاف -الأنوار- في ابن كرير؟!
- الكتابة جبل ثلج
- حميمية الصلة بين النفسية والكتابة
- عندما كان الشمال منصة لإطلاق صاروخ الكفاح الوطني
- التهامي الوزاني يحضر المهرجان
- الثقافة التي تمتلكها بعض الصحافة المستقلة في المغرب
- شبح مخيف آخر:السلفية -الرسمية- في المغرب
- طحينهن وجعجعتنا
- الحمالة والحطب والتاريخ
- عندما تمسح أوساخ العالم على وجه -الشمال- المغربي
- خمس نقط لتفسير حل البديل الحضاري في المغرب
- تأمل في تمثال عبد الكريم الخطابي
- (II)أحلام من الخيال العلمي تأمل في تمثال الزعيم
- قراءتين في -كتاب الأمير-
- سطحية السياسة المغربية في الصحراء وفي السياحة سواء
- حديث الروح


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخمسي - المتخيل الثقافي في المعيش السياحي