أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخمسي - الشمال على طاولة العدالة















المزيد.....

الشمال على طاولة العدالة


أحمد الخمسي

الحوار المتمدن-العدد: 2430 - 2008 / 10 / 10 - 09:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كيف تصرفت النخب السياسية والمهنية مع مشاكل الشمال في كل منعطف من منعطفات التحول المحلي والوطني والدولي؟ خصوصا عندما بلغ السيل العدالة؟
في العدالة ما هو سيادي وما هو سياسي. وعندما تتحرك الزوابع الدورية يتأرجح التقويم ما بين مقدمات الإصلاح الكبير أو روتين الترقيع الصغير. وفي كل مرة ينقشع الغبار وتسترجع التقييمات مواقعها الأصلية، التبريرية التدبيرية، أو اليائسة الشعبوية أو النقدية التغييرية.
ومنذ هبت رياح العولمة على الشمال، عندما بعث رئيس وزراء المملكة المتحدة، سنة 1992، بصفته عندئذ رئيسا دوريا للاتحاد الأوربي، برسالته إلى الحكومة المغربية قصد التفكير في البديل التنموي لأوضاع زراعة المخدرات وتجارة التهريب، ردت ساعتها أم الوزارات ب"كتاب أبيض"، به من الأكاذيب ما صور البديل قائما منذئذ في "إساكن"، أعلى قمم الريف الأوسط، كما لو أصبحت، بقدرة الكتاب الأبيض، جنة ناعمة، لولا الجمال الطبيعي بالثلوج والصنوبر وشموخ جبال الريف. كان عقاب الإهمال ما زال ساريا على الساحل المتوسطي، في انتظار تقلب المعادلات الدولية. لكن تردي الأوضاع في الجزائر الشقيقة، سرعان ما دفعت المذعورين إلى الهروب نحو الحلول "التطهيرية" سنة 1996، أي مباشرة بعد بدء توقيعات الضفة الشرقية والجنوبية على الانخراط في مقتضيات مسلسل برشلونة الأورومتوسطي. وكان من نصيب الشمال المحاكمات نشر وحدات القوات العمومية على الساحل المتوسطي لا غير.
ومنذ خريف 1999، وبعد قرار الدولة طي الصفة تجاه المناطق الشمالية، من خلال زيارة الملك للشمال، مرفوقة بهدم جدار ادريس البصري يوم 9 نوفمبر 1999، أي بالضبط في يوم الذكرى العاشرة لسقوط جدار برلين (9/11/1989)، كان ذلك بمثابة ترميم شق عميق في صخرة الوحدة الوطنية وقاية لمضاعفات قد تظهر خطورتها بعد جيل(1963-2003) إن لم نقل بعد حين (1999- 2003)، ما بين وفاة الزعيم عبد الكريم وانتقال العرش وتشقق المنطقة العربية وتفتت تركة القرن العشرين على الطريقة العراقية والسودانية. ومن هذه الزاوية لا أحد يقدر بصيرة الدولة بعد انتقال العرش.
لكن البنية المؤسساتية للنظام السياسي والذي ورث الشراكة بين المخزن والأحزاب السياسية، بقيت هشة من حيث الملاط أو الحجر أو الصخر الذي يضمن التداخل بين السياسي من تحت والسيادي من فوق. بحيث استمر التواطؤ داخل الطبقة السياسية برمتها بصدد الصمت حول تمديد الضعف المستشري في السلطات القضائية في البلاد. ولم تتعد الإجراءات السياسية حدود الاستجابة للمؤسسات الدولية بإلغاء قرحة محكمة العدل الخاصة من معدة جهاز الهضم القضائي الموروث عن الحرب الباردة. بينما بقي الباب المتعلق بالمحكمة العليا المختصة بمحاكمة الوزراء عبارة عن أطلال خربة في شكل حبر على ورق، كلمات مجردة في نص دستور 96، بلا مقابل في الواقع. مثل ما بقي باب المجلس الاقتصادي الاجتماعي يصفق في وجه رياح الفراغ واللاجدوى.
فإذا مرت عشرية زمنية وأكثر (1996-2008)، ومرت مؤتمرات جمعية هيئات المحامين واتحاد المقاولين في المغرب، ولم تستطع أي منهما خلق حركة تعبوية قصد استكمال تفعيل المؤسستين الدستوريتين على أرض الواقع، فما عسى أن تفعل ثلة من شتات هذا القطاع أو ذاك، تجاه غرفة مهنية مقاولاتية أو تجاه محكمة قضائية هنا وهناك؟ إن هذا التساؤل لا يعدم منطق التراكم النضالي بالتقسيط، قصد الدفاع عن ملفات مثل ملف المحكمة العليا والمجلس الاقتصادي الاجتماعي، لكنه يذكر بالسياق في مفصل التماس ما بين السياسي والسيادي. مع تحميل القيادات الحزبية مسؤولية عمى الأبصار أو البصائر. والتسطير على مآسي البطولات الدونكيشوطية سواء من الجانب التغييري أو من الجانب التبريري.
في ظلام هذا العمى، وتحت سقف الخلل المؤسساتي الدستوري، جرت حملات "التطهير" في الشمال. تارة مست القضاء الجالس (القضاة) وثانية الدفاع ضمن البنية القضائية نفسها (المحامين) وثالثة مست القضاء الواقف (النيابة العامة).
لكن المأساة، هو ارتكان المؤسسات المتدخلة في صياغة الرأي العام إلى المنطق الداخلي لنفس الخلل وفي نفس الظلام، لتتقارع المواقف و"تتنافس" المصالح بأدق الصيغ إن لم نقل بأشرس الوسائل، مع الإستقواء بالظرفيات العامة الخارجية للضغط على المنافسين المهنيين بوسائل من خارج أدبيات المهنة وأخلاقيات المهنة وقوى التفاعل داخل المهنة. مما يحول قطاعات الاعتبار الرمزي، مثل القضاء إلى لحظة الحاجة الماسة للاعتماد على معايير أو وسائل إثبات وقرائن لا تساير منطق المهنة، لا أفقيا ولا عموديا. مما "يبهدل" الأفعال وردود الأفعال وينزل بهيبة الميكانزمات المؤسسية إلى شطحات مصغرة من النوع الذي كان قد تحدث عنه الراحل الحسن الثاني عندما ربط بين مظاهر السرك وبعض طرق الاشتغال في البرلمان. إن تمظهر استشراء ظاهرة السيرك بالتقسيط في مواقع محلية وجهوية، مؤشر على انتقال أمراض النخب المركزية إلى المواقع المحلية والجهوية.
وهكذا تعقدت مهمة كل ذي رأي وموقف وقضية ومصلحة. إذ تعطلت لغة المؤسسات والصيغ الدفاعية المسؤولة الصعبة المراس. مقابل استسهال العبثية الإجرائية، كأن من يمارسون اليوم، لا خلف لهم يرثهم غدا، ولا وطن لهم سيلعنهم غدا، ولا ملة لهم(كيفما كانت ملتهم؟) تقوم على قيم وأصول وأهداف استراتيجية بدل أن تعمم لحظات الضحك على هذه الأمة؟؟؟؟

كيف يقف الإنسان في الشمال في مراتب التردي، وهو يدعي التجاوب مع المبادرات الإيجابية للدولة بالقدر الذي يقف في وجه المسؤولين عندما تكون إجراءاتهم مسيئة للشعب؟ إن التجرجر في تلابيب الجلابيب القديمة للشجار والمعاركات الجزئية تمس بشرعية التمثيلية التي يمكن للنخب ذات المصداقية أن تدعيها. ولا يبقى من المصداقية التمثيلية سوى المعنى الشكلي بالمفهوم السلبي للتمثيل على الخشبة العمومية، مع اعتذاري واحترامي لمبدعي الخشبة المنتمين لذرية أب الفنون.
إن البحث العلمي في الجامعة من موقع كلية الحقوق في الشمال، والفقه القانوني من موقع هيئات المحامين بالشمال، من شأنهما مواكبة انتقال الأموال ومختلف المنقولات والهيئات والمؤسسات المقاولاتية والإدارية، المفوض لها تدبير كل الأشغال المنجزة للمشاريع الاستثمارية على الصعيد الاقتصادي. مما يبين عبر الاستفادة من تجارب المناطق في الدول المتقدمة، كيف يمكن للمشاريع التنموية، أن تجر معها حركة هجرة ديمغرافية؛ أو تدمر طبقة اجتماعية محلية؛ أو تنشئ موجة نزاعات قضائية أو قبلية؛ أو تغرق الأموال الاستثمارية في سخونة مضارباتية بدل التوالد المشروع للربح وللشغل سواء بسواء.
إن النزاعات التي وصل ضجيجها إلى قلب المحاكم في الشمال وفي العاصمة الإدارية والقضائية بين أطراف بعض مهن العدالة، ناتجة عن التعاطي التلقائي مع مشاكل نزع الملكية كمتوالية طبيعية مع تغيير البنيات التحتية في المساحات العقارية المجاورة للميناء المتوسطي. لكن الحلول التي واجهت بها الهيئات العدلية المهنية والرسمية، لم تضمن التعامل السلس العادل المترفع الرفيع المهنية. بل كرست الاحتقان. وبدل أن يعي أطر القضاء والعدالة أن حصة القطاع من الأموال الاستثمارية قد وصلت للقطاع، عبر الضرائب والرسوم والأتعاب وبالتوازن المتوافق عليه. نزلت الخشونة والسياسوية بالقطاع القضائي، بالتزامن والموازاة مع الحركية التنموية الاقتصادية في المنطقة.
وعندما تستعمل صيغة التعاطي التلقائي، المفهوم من العبارة أن هيئات مهن العدالة بقيت بلا برامج تكوينية تأطيرية، لمواجهة ارتفاع صبيب المشاكل ذات تحول نوعي في القيم المالية للأتعاب، سواء من حيث كونها لا تتدخل فقط من أجل تطبيق معايير المحاكمة العادلة، مثل قضايا التهريب والمخدرات. لكنها تصبح جزءا إيجابيا لتحسين ظروف المنافسة المنتجة. فنزع الملكية مفيد للمتضرر بكيفية أحسن عن طريق المسطرة القضائية.
بل، يملك الشمال أسماء وازنة بين المحامين والقضاة والموثقين والخبراء. مما يحق له الدخول، بالموازاة مع تحويل الشمال إلى قطب اقتصادي، إلى مرحلة قضاء الأعمال. يتفرع عنه تخصص محامي الأعمال. ولعل مجموعة بيكر وماكنزي العالمية ستكون مفيدة لخلق نواة مغربية من المحامين المغاربة المتخصصين في توفير الحماية القانونية للمستثمرين، في حين يتخصص آخرون في الدفاع عن الحقوق المكتسبة للسكان المحليين. مما سيحول التماس بين المصالح المختلفة إلى توافقات مؤسسات تفيد فئات مهمشة أخرى لم يخطر لها على بال أن تستفيد لولا الحلول التوافقية لأطر مهن العدالة، عبر تقاسم المنافع والتآزر في درء الأضرار.



#أحمد_الخمسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللحظة الهزلية في مسرحية المشاركة السياسية
- في الذاكرة المشتركة: لو يتحدث أسيدون باسمي
- لأي نموذج تنتمي طبقتنا العليا؟
- ثلاث مداخل لبناء الطبقة الوسطى
- الطبقة الوسطى بين الحلم الأسفل والتطرف الأعلى
- مرحلة بنكيران:ضد عالي الهمة أم ضد المجتمع؟
- حول -تخليق الحياة الثقافية-
- المتخيل الثقافي في المعيش السياحي
- الجهوية والتيارات: إما للتغيير أو للتغرير
- ما الأفضل: -مرود- في المعارضة أم قرود في الحكومة؟؟
- صور زمن حزين
- لماذا التزم عالي الهمة الصمت؟
- اختطاف -الأنوار- في ابن كرير؟!
- الكتابة جبل ثلج
- حميمية الصلة بين النفسية والكتابة
- عندما كان الشمال منصة لإطلاق صاروخ الكفاح الوطني
- التهامي الوزاني يحضر المهرجان
- الثقافة التي تمتلكها بعض الصحافة المستقلة في المغرب
- شبح مخيف آخر:السلفية -الرسمية- في المغرب
- طحينهن وجعجعتنا


المزيد.....




- قدمت نصائح وإرشادات للمسافرين.. -فلاي دبي-: إلغاء وتأخير بعض ...
- -شرطة الموضة-.. من يضع القواعد بشأن ما يُسمح بإرتدائه على مت ...
- رئيسي لبوتين: إيران لا تسعى للتصعيد في الشرق الأوسط
- إسرائيل.. إصابات جراء سقوط مسيّرتين أطلقتا من لبنان (فيديو + ...
- إسرائيل تغلق الطريق رقم 10 على الحدود المصرية
- 4 أسباب تستدعي تحذير الرجال من تناول الفياغرا دون الحاجة إلي ...
- لواء روسي: الحرب الإلكترونية الروسية تعتمد الذكاء الاصطناعي ...
- -سنتكوم-: تفجير مطار كابل عام 2021 استحال تفاديه
- الأمن الروسي يعتقل مشبوها خطط بتوجيه من كييف لأعمال تخريبية ...
- أوكرانيا تتسبب بنقص أنظمة الدفاع الجوي في الغرب


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخمسي - الشمال على طاولة العدالة