أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي البدري - حجر في مهب التساؤلات:إغتراف(قراءة في قصيدة-الى محمود درويش الحجري-للشاعرة بارقة أبو الشون)















المزيد.....

حجر في مهب التساؤلات:إغتراف(قراءة في قصيدة-الى محمود درويش الحجري-للشاعرة بارقة أبو الشون)


سامي البدري
روائي وكاتب

(Sami Al-badri)


الحوار المتمدن-العدد: 2475 - 2008 / 11 / 24 - 08:43
المحور: الادب والفن
    



كم حجر يفصلنا عن رغبة طائشة... مثل رغبة الحياة او الموت، اذ يتساويان بالحساب النيتشوي (نسبة الى نيتشه)؟ وكم رغبة تشاكسنا اذ تنعطف بنا رجفة الشعر الى منحنى الغياب؟
قد يغرغر الشعر ساعة
أو يطوف على مصاطب الشعراء المستريبة....، ولكنه لن يغادر منفاه: حلقوم الشعراء.
واذ تدلف الشاعرة بارقة أبو الشون الى غمامة عصفت في سماء الشاعر محمود درويش، فانها تضع هذا في مقدمة استيفاءاتها ..

الى محمود درويش الحجري .

عمت صباحا
وانت تغترف الهموم في عمق المسافات

تبعثرَ الفنجان
وغارت نبوءة الاعوام
الشاعرة تغترف من مخيال الشاعر درويش احدى قنوات عبوره الى منتهى رعشته الحياتية: تحية وقبلة في الخد وليس عندي ما أقول بعد، لتضعها كمسلمة اشارية لطريق الشعر..

عمت صباحا.... وانت تغترف الهموم في عمق المسافات
تبعثر الفنجان.... (نعم)
وغارت نبؤة الاعوام... (ربما)
ولكن درويش – حجر الشعر وصوّته وصوته – لن يطويه حنين التراب، لان مخيال الشعر يفرق بين جثة ميت وكيان اللفظ . ، وهذا ما تؤكده الشاعرة في المقطع التالي..

ربما لم التقيك بعد
لكني سأجدك على دكات الطرقات
والمقاهي
ربما لم اضع صورتك على جدران غرفتي
لكني التقيتك مرات ومرات
بين طيات الندى
والبرتقال

بارقة ابو الشون تساوق قرار احتجاجها على بشاعة الموت بصورة الهزء منه، باعتباره ثور اعمى ينطح كل ما يصادفه، بتعاليها على اسفاف عماه، لان هذا الثور الذي نطح جسد درويش لا يدرك ان محمود درويش (كائن لفظي)، بحسب الشاعر شكري بوترعة، وان كيانه من حرف لا من تراب، لذا فهي تنتصر للفظ على قوالب الفهم التبسيطي المدجن (هل كان علي ان اقول المعقلن؟!) لفكرة الموت والانسحاق الجسدي تحت حوافر ثور الموت الاعمى الذي يسحق بعماه جسد اللفظ بنفس القسوة التي يسحق بها جسد التراب او كائنات ملء الفراغ ، بعدم تسليمها لهذا الموت المعقلن..
ربما لم التقيك بعد
لكني سأجدك....

مثل هذا الرفض، المبسط بعبارات صياغته، يجاور، بحدة وقعه، صرخة احتجاج فيلسوف يوارب قبضة احتجاجه خلف عبارة متقنة البناء لفظا ومبنى..

ربما لم أضع صورتك على جدران غرفتي

لكني التقيتك مرات ومرات

وهذا ما اطلق عليه الشكل الامثل لفن البساطة في بناء الفكرة، في عمقها الدلالي
والاشاري، وبناء الجملة في تعبيرها وهارموني توزيع الفاظها الايحائي.
تبعثر القلب الحجري
وغامت ساعات الافول
بين اقنعة الليل ومطر العيون

اتذكر عندما سكب االغناء
انشودة الصبح الوحيدة
قربك لينتحب القصيد

اللغة أخطر مقتنياتنا ، كما يقول هولدرن، وبارقة أبو الشون تختار منها اكثر أساليب تعبيرها حدة وصعوبة في صياغة الجملة الشعرية وصورها التعبيرية: بساطة البناء اللفظي (المفردة) ، وتشد عليها او تحملها عمقا دلاليا واشاريا يرسم صورة لعمق تجربة الشاعر محمود درويش ودوره في صناعة فعل الانتفاض – ثورة الحجارة التي اتخذت الشاعرة ترسيما لرؤيـ (تها) لرؤية درويش الانسان والشاعر، لشكل الحياة ومقاومة المحتل.

تبعثر القلب الحجري

مثل هذا الترسيم الدلالي – بابعاده الايحائية والاشارية – يؤشر مدى تروي الشاعرة في بناء جملتها الشعرية، باسلوب وتقانات البلاغة الاعتيادية (الكلاسيكية)، لتمنحها او تبث بين تضاعيفها ومفاعيلها اللفظية والبنائية والايحائية روح الحداثة ودم اللغة الحديث. وبطريقة البناء عينها، (تسكب) الشاعرة فيضها الايحائي والاشاري لتعكس لنا، عبر اداة الشاعر درويش عينها، رؤيته (هل كان علي ان أقول رؤيتها؟) لشكل اللغة ، بإنسيابها المترقرق، والذي هو بصمة الشاعر على لوح اللغة وتاريخه الشعري؛ وهي واحدة من بين اجمل الصور الشعرية واكثرها انسجاما مع الروح الشعرية لقصيدة درويش، قبل نفس بارقة الشاعرة..

أتذكر عندما سكب الغناء

انشودة الصبح الوحيدة....

.... قربك...... لينتحب القصيد

وبهذا السكب المشاكس لتقانات البلاغة العتيقة، تكون الشاعرة قد حققت ذلك الخرق المعاند لمألوفات الازاحة بابعادها او (قوالبها) الحداثوية (التي صارت واقعا ضمن حدود مألوفنا الحداثوي). وهذا ما تؤكده الصورة اللاحقة..

تبعثرَ الحلم
فلم نعد نرتشف الامنيات على طاولة
المدن القديمة
ببعدها البنائي والاشاري؛ وبما تقدمه من (جهد خدمي) لفضاء القصيدة – قصيدة الشاعرة – على صعيد الطرح والمعالجة الفنيين، والذي جهدت الشاعرة ان تؤطره (بالنفس الدرويشي) ونجحت به تماما.

ارحل
لانك لم تكن لك
ولاتملك عناصرالموت الجديد
لقد امتلأت بكل اسباب الرحيل
لكنك لم تمت
لانك فكرة وسنبلة
وجنح فراشة
الق ٌودفتر
و لحظة مخاض
لم تحن بعد

ارحل
لمْ تبعثرك الرياح
وقل وانت حجارة
هزمتك ياموت
وللزمان بقية

واذ اتجاوز هنا استطرادات وشروح الشاعرة لفكرتها، فلاني اريد ان اعتكف على دوال القصيدة في بناها الاشارية، لا لعجالة مني، انما لابقاء المتلقي في جو القصيدة وعدم اجباره على تمسيد الخيوط عينها واعادة الربت على صورة مخيال الشاعرة في مرآة القصيدة التي ابدعت في تأطير اتجاهات تشظيها، داخل حدود بنيتها الاشارية التي اقترحتها في عنوان النص (الى محمود درويش الحجري).


ارحل
لانك لم تكن لك
ولاتملك عناصرالموت الجديد
لقد امتلأت بكل اسباب الرحيل
لكنك لم تمت

مثل هذا الزخم في تكثيف البنية التقابلية في بناء الصورة – وهو يحاذي في مظهره شكل التناقض – هو تضاد اشاري يعكس صورة عن قدرة الشاعرة في تحكمها في بناء جملتها ومهارتها في تطويع المفردة وتحميلها لزخم النص ورسالته، كبنية اشارية لمكنونات النص وطروحاته الفكرية والاقتراحية، بحسب فهم رولان بارت. وهذا ما يؤكده قرار الشاعرة، لا انفعال المتلقي اوتفسيره الخاص، بقولها..

لقد امتلآت بكل أسباب الرحيل.... (والرحيل هنا شفرة ترميزية واشارية)

لكنك لم تمت.. وهذا قرار الشاعرة في رفضها لعمى ثور الموت كما أسلفنا..
(لانه) لحظة مخاض

لم تحن بعد!

وهذه من ابهى اجتراحات الشعر في جسد الحرف واطلاقا لمكنوناته الصياغية والتعبيرية.

ارحل
لمْ تبعثرك الرياح
وقل وانت حجارة
هزمتك ياموت
وللزمان بقية

وهنا تعود الشاعرة لنفي فعل الموت في صرح الكائن اللفظي، محمود درويش، او النيل من صلادة حجره... التي لن يهزمها موت فوق سرير .... مادام لزمن الشعر بقية؟
فهل سيموت الشعر يوما؟
بل هل سيموت وحجره محمود درويش الحجري؟
كلا!


الى محمود درويش الحجري

عمت صباحا
وانت تغترف الهموم في عمق المسافات

تبعثرَ الفنجان
وغارت نبوءة الاعوام

ربما لم التقيك بعد
لكني سأجدك على دكات الطرقات
والمقاهي
ربما لم اضع صورتك على جدران غرفتي
لكني التقيتك مرات ومرات
بين طيات الندى
والبرتقال

تبعثر القلب الحجري
وغامت ساعات الافول
بين اقنعة الليل ومطر العيون

اتذكر عندما سكب االغناء
انشودة الصبح الوحيدة
قربك لينتحب القصيد

اذهب فعندك من بقية
واسكب بقايا اللحن فوق
اجنحة العصافير

تبعثرَ الصراخ
ارحل
سيكون صمتك ابلغ من حكايا العشق
ومن خفايا الموت وجهر اصحاب القضية

تبعثرَ الحلم
فلم نعد نرتشف الامنيات على طاولة
المدن القديمة

تبعثر اللقاء
اغرقتَ موعدنا با لوداع
ارحل
تبعثرَ النصب الاخير
اعزف على اوتار نعش الموت
هزمتك
ايها المنفي مثلي
بين ألسنة الولوج الى الفناء
وبين
كمنجات البنفسج
والناي الحزين
حاصر حصارك
لامفر
وقل هزمتك يا موت بين اروقة الوجود
وحيدا عشتَ بين العازفين
ارحل
لانك لم تكن لك
ولاتملك عناصرالموت الجديد
لقد امتلأت بكل اسباب الرحيل
لكنك لم تمت
لانك فكرة وسنبلة
وجنح فراشة
الق ٌودفتر
و لحظة مخاض
لم تحن بعد

ارحل
لمْ تبعثرك الرياح
وقل وانت حجارة
هزمتك ياموت
وللزمان بقية

12 آب 2008
بارقة ابو الشون



#سامي_البدري (هاشتاغ)       Sami_Al-badri#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صلاة في قيظ مهجور
- التواضع كلمة لا تناسبني*
- أتوسد حبك وفوق رأسي قمر
- الانهمار في صدع الفراغ : خيار الاسئلة(قراءة في قصيدة -أسئلة ...
- عندما يفقأ الالم حنجرة الخدر
- على مسافة رصاصة من دمنا
- العرب بين الارهاب والاسلامولوجيا
- الارتكاس في مكابدات المسافات : تكريس(قراءة في قصيدة - المساف ...
- الهوية الوطنية بين التهميش السياسي والتأصيل الثقافي
- هي
- الوضع العراقي .. نظرة اخرى
- حوار ثقافي للتأسيس
- ارتهانات مؤجلة
- ألف رصيف للاختلاف
- درويش .. مداد الحرف والرصاصة
- كركوك وازمة انتخابات الحكومات المحلية
- اذ اوقظ مومياء انعتاقك
- تصور اوباما للانسحاب من العراق
- عروج الى فيوض الالهة ( ايمو )( رعشة من جذور المعنى )
- الحوار .. رؤية واقتراح


المزيد.....




- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي البدري - حجر في مهب التساؤلات:إغتراف(قراءة في قصيدة-الى محمود درويش الحجري-للشاعرة بارقة أبو الشون)