|
لا تقولي وداعا والقرار الصعب
جميل السلحوت
روائي
(Jamil Salhut)
الحوار المتمدن-العدد: 2470 - 2008 / 11 / 19 - 08:31
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
لا تقولي وداعاً " نصّ نثري صدر عام 2008 للأستاذ هاني عودة ، وقد سبق أن ناقشنا في ندوتنا هذه رواية " لحظات من الحب " لنفس الكاتب ، والتي كتبها منذ ما يزيد على أربعين سنة في بداية شبابه ، وها هو يعاود الكتابة من جديد ، بعد أن تقاعد من عمله في التدريس، ويبدو أن وفاة زوجة الكاتب في غفلة من العمر قد فجرت طاقاته الابداعية ، مما يؤكد مقولة أن النكبات والحرمات تولد الابداع . و " لا تقولي وداعاً " التي نحن بصددها هي قصة طويلة اكثر منها رواية ، قصة فيها بوح كثير ، فيها حبّ وفيها حزن كبيران ، حبّ لزوجته التي شاركته حلو الحياة ومرّها ، وحزن على فراق هذه الزوجة ، فيها استرجاع لمواقف حياتية معاشة مع زوجة أحبها وأحبته ، وفيها استرجاع لمعاناة أسرة كاملة ،- الزوج والأبناء والزوجة - مع مرض هذه الزوجة الأمّ ، لكن لوعة الزوج كانت واضحة المعالم ، جرحها عميق في القلب ، فهو بين نيران ملتهبة ، نار حبّه لزوجته التي يرى أنها تموت أمامه بفعل سرطان الثدي الخبيث ، ونار تعاطفه الجارف مع هذه الزوجة ، وكيفية تخفيف آلامها وايهامها ببعد ملاك الموت عنها ، لتعيش ما تبقى لها من أيام براحة تامة ، ونار أبناء سيفقدون والدتهم خلال أشهر تتناقص الى أسابيع وأيام ، وناره هو ، نار المحب الذي يرى حبيبته شمعة تتلاشى أمامه . وواضح لقارىء " لا تقولي وداعاً " أننا أمام عاطفة صادقة ، خارجة من صميم القلب والعقل والوجدان ، فجاء عنصر التشويق فيها جارفاً ، لا تكلف ولا تصنّع ، لغة انسيابية مثل لغة الحكايات ، صور فيها الكاتب مأساته ، فأجاد الوصف وكسب تعاطف القارىء في المشاهد الانسانية التي رسمها رغم عظم المأساة . وبما أن النقاد يرون الكاتب يكتب شيئاً أو جوانب من حياته ، فإن " لا تقولي وداعاً " أدب واقعي عاشه الكاتب بلحمه ودمه ، بعد ان ارتسم خرائط حزن في تجربة عاش أدق تفاصيلها في بيته، ومع شريكة حياته التي عانت من مرض خبيث لم يرحمها، ولم يرحم من حولها ، فاختطفها من بين أحبتها لتحلق في علّيين ولتورثهم - خصوصاً الزوج – لوعة وحسرة دائمتين . وتظهر لوعة الزوج الكاتب في الرسالة التي بعثها في آخر النص لزوجته الراحلة ، فقد ظهر فيها البعد الانساني بكل معانيه ، فالزوج الذي فقد زوجته بعد الستين من عمره ، وبعد مرور بضع سنوات على رحيلها ، وقف على مفترق طرق بين وفائه لزوجته الراحلة وبين احتياجاته الانسانية، فكتب لها عن حيرته ، وعدم قدرته على اتخاذ القرار الصائب بالزواج من أخرى أو عدمه ، وبالتأكيد فإنه لن يتلقى جواباً منها ، لكنه بالتأكيد لم يتوصل الى قرار حاسم ، فأبقى الباب مفتوحاً ، أمام وحدته ، بفقدان الزوجة ، وزواج الأبناء والبنات ، لكنه في المحصلة بقي وحيداً يصارع وحدته حائراً بين عادات اجتماعية وحياة الرُّملة لرجل في خريف العمر ، وأبناء مشغولين في حياتهم الأسرية – وهذه سنة الحياة – ويبقى القرار صعباً .
وماذا بعد ؟ يرى بعض المهتمين أن الهمّ السياسي قد طغى على الأدب الفلسطيني ، ومع أن هذا الهمّ مفروض على الفلسطينيين بشكل دائم ،الا أن الجوانب الاجتماعية تكاد تكون مغيبة في الأدب الفلسطيني ، وتأتي " لا تقولي وداعاً " لتملأ جزءاً من فراغ هذا التغييب، مع أن بعض اللقطات عن الواقع السياسي المعاش كانت حاضرة ، مثل الحصول على تصريح للوصول الى المستشفى .
#جميل_السلحوت (هاشتاغ)
Jamil_Salhut#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خيول ابراهيم نصر الله البيضاء في ندوة بالقدس
-
فوز أوباما وخسارة الجمهوريين
-
قضية القدس سياسية وليست خدماتية
-
المباح في كلام غير مباح
-
عظام أجدادنا غير آمنة
-
والتين والزيتون
-
مسرحية الملك تشرشل في ندوة اليوم السابع
-
أمّة إقرأ لا تقرأ
-
زمن الخيول البيضاء رواية ملحمية عن نكبة فلسطين
-
هلّت ليالي العيد
-
ثور النبي سليمان -حكاية شعبية
-
بدون مؤاخذة -الانفلات الاستيطاني
-
التاريخ يعيد نفسه في مسرحية الملك تشرشل
-
الاستيطان جريمة يجب انهاؤها
-
نحن ...وهم
-
المرة الأولى - قصة للأطفال
-
في ذكرى احراق الأقصى
-
محمود درويش يترجل قبل أوانه
-
-ماء السماء-رواية النكبة بامتياز
-
دولة الحلم ودولة الواقع
المزيد.....
-
رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس
...
-
مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
-
الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا
...
-
إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
-
إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
-
مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا
...
-
تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
-
سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث
...
-
ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع
...
-
بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع
...
المزيد.....
-
الكونية والعدالة وسياسة الهوية
/ زهير الخويلدي
-
فصل من كتاب حرية التعبير...
/ عبدالرزاق دحنون
-
الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية
...
/ محمود الصباغ
-
تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد
/ غازي الصوراني
-
قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل
/ كاظم حبيب
-
قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن
/ محمد الأزرقي
-
آليات توجيه الرأي العام
/ زهير الخويلدي
-
قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج
...
/ محمد الأزرقي
-
فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو
...
/ طلال الربيعي
-
دستور العراق
/ محمد سلمان حسن
المزيد.....
|