أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميل السلحوت - محمود درويش يترجل قبل أوانه














المزيد.....

محمود درويش يترجل قبل أوانه


جميل السلحوت
روائي

(Jamil Salhut)


الحوار المتمدن-العدد: 2373 - 2008 / 8 / 14 - 10:05
المحور: الادب والفن
    



رحل محمود درويش ليترك فراغا ثقافيا وفكريا وانسانيا متجددا ، مع ان تراثه باق خالد ما دام على هذه الارض حياة ، محمود درويش هذا الجبل الشامخ سيعود عودته الأبدية الى أحضان تراب رام الأرض التي أحبها وأحبته ، بجانب الرمز الخالد ياسر عرفات ، ومحمود درويش الذي ارتأى عودته بعد قيام السلطة الفلسطينية في العام 1994 عودة منقوصة ، الى المتاح من الوطن ، فالعودة الى الوطن كان يجب ان تكون الى مسقط الرأس في قرية البروة قرب عكا ، الى اختزان ذاكرة الطفولة .
محمود درويش الذي حمل قضيته السياسية ومشروعه الشعريّ الى العالمية، اصبح منذ نعومة اظافره نجما يطل على العالم اجمع باثنتين وعشرين لغة نقلت ما جادت به قريحته الى مئات الملايين من البشر ، لكنه وفي نفس الوقت كان شمسا تضيء عتمة نهارات وليالي فلسطين وشعبها الذبيحين ، وتضيء سواد ظلمة تاريخ أمته المعاصر .
محمود درويش ذلك البلبل المغرد كتبت له الحياة بعد ان نجا وهو طفل في نكبة العام 1948 من رصاصة قناص استهدفته وهو على ظهر حمار تسوقه والدته وهي تخرج من قريتها البروة لتحمي اولادها من رصاص التطهير العرقي ، فجاءت الرصاصة في الحمار الذي شكل درع حماية لانسان سيكون له شأن في لاحق الايام .
محمود درويش الذي أرّقه بعد اكثر من نصف قرن بقاء حصان وحيدا في ساحة بيته في البروة، يرحل والأرق يصاحبه على مصير شعبه ومصير قضيته ، محمود درويش الشاعر العملاق كتب اعلان وثيقة استقلال فلسطين ، ولم تـُكتب له الحياة ليكتب بيان النصر حين تمكن شعبه من حقه في تقرير مصيره، واقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس الشريف .
محمود درويش ملك اللغة العربية في هذا الزمن تماهى مع قضيته الفلسطينية وتماهت معه ، فحمل كلامها الاخر الى العالمية .
محمود درويش الانسان قبل كل شيء ارتأى ان وطنه ليس حقيبة ، وانه ليس مسافرا ، مع انه كان كالطيور المهاجرة ما ان يحل في بلد حتى يرحل الى آخر ، حاملا هموم اللاجئين والمشردين ، وحزينا على خير من فينا الذين ارتقوا الى سُلّم المجد ، باكيا الطفولة الذبيحة في فلسطين الذبيحة ، سسيلتقي الدرويش مع محمد الدرة الذي بكاه ، وسيلتقي مع فارس عودة وغيرهما من اطفال فلسطين .
سيلتقي بهم وسيتحدثون عن معاناة طالت ، وعن عذابات ارتسمت بدماء بريئة لتضيء لوحة النصر القادمة لا محالة .
محمود درويش الذي خاطب العابرين في كلام العابر ، فأغاظهم بانسانيته المدهشة وفكره المستنير ، يرحل والألم يعتصر قبله على " عودة القطار " والمسافرين يزيدونه ألما على ألم ، وهو يحتربون في صراع عبثي حصد ارواحا ، ورمل نساءا ، وثكل والدين ، وأدمى تربة جُبلت بدماء خير من فينا ، فهل يرحم المتصارعون الراحل العظيم في قبره، لانهم لم يرحموا رهافة حسّه ومشاعره في حياته .
محمود درويش الشاعر الاسطورة الذي حمل الحلم الفلسطيني اعطى الكثير ، وقال الكثير ، وبقي لديه الكثير ليقوله ويفعله ، لكن الموت لم يمهله ، فاختطفه ، كما يختطف الذئب الغزال قبل ان يرتوي من النبع ، دون ان يرحم دموع أمّه التي كان الراحل يعشق الحياة من اجلها .
محمود درويش كتب اغانية من عصارة عقله وقلبه ، أشقاه فكره الذي أسعد به الاخرين ، فغنوه وتغنوا به ، ومع ذلك كان طموحه اكبر من ذلك بكثير ، فرغم عظم نتاجه الشعري والفكري كان بتواضع العلماء يشعر ان رواج شعره ، هو بمثابة تعاطف مع قضيته ، وهو صاحب القضية بامتياز.
محمود درويش لن يستطيع كائن من كان ان يرثيك بأجمل ما رثيت به نفسك ، وكأنك كنت مع الموت على ميعاد ، فاشتقت الى الغياب ، وطلبت ان " لا ينكلوا بجسدك " وكأنك تستعجل الغياب المفجع ،فلله درك ايها الفارس المترجل قبل أوانه.



#جميل_السلحوت (هاشتاغ)       Jamil_Salhut#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -ماء السماء-رواية النكبة بامتياز
- دولة الحلم ودولة الواقع
- كفى.....فقد بلغ السيل الزّبى
- كفى...فقد بلغ السيل الزّبى
- الصداقة - حكاية شعبية
- الحرفة اليدوية -حكاية شعبية
- الشكوى لغير الله مذلة
- جرائم بدون عقاب
- حرمة الأموات من كرامة الأحياء
- رواية امرأة الرسالة والخروج على المألوف
- الصعود الى المئذنة وما بين النكبة والنكسة
- غاب وجاب -حكاية شعبية
- رواية -بير الشوم -عن نكبة الشعب الفلسطيني
- هكذا شيخ لهكذا أبناء - حكاية شعبية
- الحرية - حكاية شعبية
- -صبري عزام أبو السعود رواية مقدسية بامتياز
- معرض على هامش النكبة ليس على مستوى الحدث
- تخلف ما بعد الحداثة
- وداعاً زكي العيلة
- نكبة واستقلال


المزيد.....




- بعد 7 سنوات من اللجوء.. قبائل تتقاسم الأرض واللغة في شمال ال ...
- 4 نكهات للضحك.. أفضل الأفلام الكوميدية لعام 2025
- فيلم -القصص- المصري يفوز بالجائزة الذهبية لأيام قرطاج السينم ...
- مصطفى محمد غريب: هواجس معبأة بالأسى
- -أعيدوا النظر في تلك المقبرة-.. رحلة شعرية بين سراديب الموت ...
- 7 تشرين الثاني عيداً للمقام العراقي.. حسين الأعظمي: تراث بغد ...
- غزة التي لا تعرفونها.. مدينة الحضارة والثقافة وقصور المماليك ...
- رغم الحرب والدمار.. رسائل أمل في ختام مهرجان غزة السينمائي ل ...
- سمية الألفي: من -رحلة المليون- إلى ذاكرة الشاشة، وفاة الفنان ...
- جنازة الفنانة المصرية سمية الألفي.. حضور فني وإعلامي ورسائل ...


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميل السلحوت - محمود درويش يترجل قبل أوانه