أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جميل السلحوت - حرمة الأموات من كرامة الأحياء














المزيد.....

حرمة الأموات من كرامة الأحياء


جميل السلحوت
روائي

(Jamil Salhut)


الحوار المتمدن-العدد: 2346 - 2008 / 7 / 18 - 02:51
المحور: حقوق الانسان
    


قامت جهات اسرائيلية يوم الثلاثاء 15 آب الحالي بطمّ الجزء الجنوبي من مقبرة باب الرحمة المحاذي لرواق المسجد الأقصى وسور القدس التاريخي من الجهة الشرقية ، تمهيدا لتحضير المقبرة الاسلامية الشهيرة، والتي تحتوي على رفات عدد من صحابة رسول الله صلوات الله عليه وعليهم وسلامه ، اضافة الى قبور آلاف الفلسطينيين المقدسيين ، وكانت الجهات الرسمية الاسرائيلية قد جرفت مقبرة – مأمن الله – ماميللا- في القدس الغربية ، وهي تحتوي أيضاً على رفات عدد من الصحابة رضوان الله عليهم ، الذين شاركوا في الفتح الاسلامي للقدس ، وتم استعمال المقبرة لبناء فندق سياحي ، وموقف سيارات ، وشوارع ، وبيت الصحافة الاسرائيلي – بيت أجرون –، اضافة الى حديقة عامة يرتادها الشاذون جنسيا والمومسات. وتجريف المقابر الاسلامية من قبل السلطات الاسرائيلية لم يقتصر على مقابر القدس فقط ، وان كانت عملية دثر وطمّ مقبرة باب الرحمة هي العملية الأولى التي تجري في مقابر عربية اسلامية في الأراضي المحتلة في حرب حزيران 1967 ، فقد سبق ذلك تجريف مئات المقابر الاسلامية في مئات القرى والمدن الفلسطينية العربية التي تم تدميرها داخل دولة اسرائيل، اضافة الى تدمير مئات المساجد، وانتهاك حرمات وقدسية ما تبقى منها من خلال استعمالها كحظائر للأبقار والخيول .. وغيرها من الأمور التي تغضب وجه الله. .
ومما يدل أن تدمير مقابر المسلمين سياسة رسمية اسرائيلية هو قيام الشرطة الاسرائيلية باحتجاز المقدسيين الفلسطينيين الذين تجمعوا عند الجزء المعتدى عليه من مقبرة باب الرحمة، في محاولة منهم لحماية قبور آبائهم وأجدادهم وأحبتهم ، والتحقيق مع بعضهم ، في نفس الوقت الذي وفرت فيه الحماية للمعتدين على حرمة المقبرة .
وفي نفس الوقت الذي يتم فيه الاعتداء على مقابر المسلمين ، فإن صيانة المقبرة اليهودية على السفوح الغربية الجنوبية لجبل الزيتون والحفاظ عليها وتزيينها ، وزرع الورود فيها واضاءتها بطريقة ساحرة لم تتوقف يوماً منذ احتلال اسرائيل للقدس الشرقية في حرب حزيران 1967 . وهذا يدلل من جديد أن اسرائيل التي تعامل الفلسطينيين، ومن ضمنهم مواطنوها معاملة تمييزية عنصرية ، تسحب هذه السياسة التمييزية على أموات العرب والمسلمين ، لتؤكد من جديد أن من لا يحترم كرامة وحرمة الأحياء لا يحترم حرمة وكرامة الأموات أيضا. مع أن للمقابر وللأموات حرمات عند جميع الديانات ، وعند جميع الشعوب ، وما كانت اسرائيل لتقدم على هكذا أعمال تمسّ بالمشاعر الدينية والانسانية ليس للفلسطينيين والعرب والمسلمين فحسب ، بل لجميع البشر ، لولا التخاذل العربي والاسلامي الرسمي ، ولولا سياسة الكيل بمكيالين من قبل الدول الاستعمارية الداعمة لاسرائيل وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية .
ويلاحظ أن الاعتداء على حرمة وقدسية مقبرة الرحمة ، تزامن مع هدم بيوت في العيسوية وبيت حنينا وهما قريتان من قرى القدس ، اضافة الى مئات أوامر هدم البيوت في القدس الشرقية ، كما تزامن مع قرار المحكمة العليا الاسرائيلية باخلاء أسرة فلسطينية من بيتها في الشيخ جراح في القدس الشريف .
وتتواصل هذه الأعمال في ظل مواصلة البناء الاستيطاني اليهودي في القدس الشرقية ضمن سياسة تهويد المدينة المقدسة ، وغيرها من مناطق الضفة الغربية التي لم تتوقف يوماً واحداً ، في محاولة من الاسرائيليين لفرض حقائق ووقائع على الأرض، تمنع الوصول الى أي اتفاق سلام دائم وعادل تحترمه وتحافظ عليه الأجيال القادمة . كما تجعل امكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة بجانب دولة اسرائيل ضرباً من ضروب الخيال .
وبما أن القدس الشرقية ببلدتها القديمة الواقعة داخل أسوارها التاريخية تشكل جوهرة الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 ، ولا يمكن تصور قيام دولة فلسطينية بدونها ، فإن السياسة الاسرائيلية المعلنة، والتي يجري تطبيقها عملياً على أرض الواقع ، تقوم على أساس طمس ومحو والغاء الوجود العربي الفلسطيني في المدينة ، وذلك من خلال سياسة التطهير العرقي الذي يجري بصمت في القدس ومن خلال منع البناء العربي الفلسطيني في المدينة ، ومن خلال التضييق الهائل على المقدسيين الفلسطينيين، ومن خلال الانفلات الاستيطاني السرطاني في المدينة أيضاً .
واذا كانت قيادة اسرائيل وعلى لسان أكثر من مسؤول فيها قد صرحت مرات عديدة بأنها تسعى الى اتفاقات سلام مع السلطة الفلسطيني، للوصول الى حلول دائمة تتمخض عن اقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة ، تنفيذاً لما يسمى بمابدرة الرئيس بوش الصغير ، فإن كل الحقائق على الأرض تشير الى أن هذه التصريحات لا تأتي الا من باب العلاقات العامة في الدبلوماسية ،تخطياً للاصطدام مع سياسات بعض الدول العقلانية التي تتمنى الوصول الى حلّ للصراع العربي الاسرائيلي بشكل عام ، وللقضية الفلسطينية بشكل خاص ، لما يمثله استمرار هذا الصراع من تأثيرات سلبية على السلم العالمي ، ويبدو أن فنّ ادارة الصراع والذي يجيده الاسرائيليون بشكل فائق، يأتي تنفيذاً لما قاله اسحق شامير رئيس وزراء اسرائيل الأسبق بغير لباقة وغي لياقة أثناء مؤتمر مدريد عام 1991 ان اسرائيل ستفاوض العرب عشرات السنين دون أن تعطيهم شيئاً ، فما يجري على الأرض من استيطان ومن بناء جدران التوسع الاحتلالي التي تخنق التجمعات السكنية الفلسطينية في " كانتونات " محاصرة ومتباعدة ومعزولة عن بعضها البعض ، ومعزولة عن أراضيها الزراعية أيضاً لتبقى نهباً للاستيطان، يثبت أن أكثر ما يمكن أن تعطيه اسرائيل للمفاوض الفلسطيني هو ادارة مدنية على السكان، وليس على الأرض ، مع عمل كل الامكانيات والضغوطات المعروفة وغير المعروفة لاجبار أكبر عدد من المواطنين الفلسطينيين لترك أراضيهم والرحيل عنها لاغلاق سُبل الحياة أمامهم ، وهذا تنفيذاً لما قاله المنظر الصهيوني واستاذ وملهم قادة التطرف في اسرائيل جابوتنسكي : " بأنه لا يضير بعض الديمقراطيات وجود أقليات قومية فيها " .
وهنا يأتي التساؤل الكبير وهو: على ماذا يتفاوض المفاوضون الفلسطينيون ؟؟ وماذا حققوا خلال خمسة عشر عاماً منذ قيام السلطة وحتى الآن ؟؟



#جميل_السلحوت (هاشتاغ)       Jamil_Salhut#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية امرأة الرسالة والخروج على المألوف
- الصعود الى المئذنة وما بين النكبة والنكسة
- غاب وجاب -حكاية شعبية
- رواية -بير الشوم -عن نكبة الشعب الفلسطيني
- هكذا شيخ لهكذا أبناء - حكاية شعبية
- الحرية - حكاية شعبية
- -صبري عزام أبو السعود رواية مقدسية بامتياز
- معرض على هامش النكبة ليس على مستوى الحدث
- تخلف ما بعد الحداثة
- وداعاً زكي العيلة
- نكبة واستقلال
- مشروع اصلاح أم نعميق تبعية
- مراجعة للواقع في الأول من أيار
- مسرحية مملكة المرايا والأهداف النبيلة المتوخاة
- ديمة السمان تفتح أبواب الرواية العربية حول القدس
- بين حرية التعبير والتدمير
- قراءة في اغاني أطفالنا انتماء لبلادنا
- ثقافة الطخطخة
- حقوق الانسان الفلسطيني وجرائم الحرب
- لا لقتل وتجويع شعبنا في قطاع غزة


المزيد.....




- الأمم المتحدة: 800 ألف نسمة بمدينة الفاشر السودانية في خطر ش ...
- -خطر شديد ومباشر-.. الأمم المتحدة تحذر من خطر ظهور -جبهة جدي ...
- إيران تصف الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ب ...
- إسرائيل: 276 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة وصلت إلى قطاع غزة ...
- مفوضية اللاجئين تطالب قبرص بالالتزام بالقانون في تعاملها مع ...
- لإغاثة السكان.. الإمارات أول دولة تنجح في الوصول لخان يونس
- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جميل السلحوت - حرمة الأموات من كرامة الأحياء