أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - نورس محمد قدور - أخلاق العناية: بديل فلسفي أخلاقي معاصر















المزيد.....



أخلاق العناية: بديل فلسفي أخلاقي معاصر


نورس محمد قدور

الحوار المتمدن-العدد: 2469 - 2008 / 11 / 18 - 03:48
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


سمعنا عن قيم الحق والخير والجمال, وعن أخلاق الحب والاحترام والفضيلة والعدالة والمساواة ،لكن ومنذ عدة عقود ظهرت نظرية أخلاقية مستقلة جديدة لم نسمع عنها قبل هذا القرن تدعى "أخلاق العناية" وتتجلى فيها العناية بأوضح صورها وأشكالها ،فكل إنسان تلقى العناية عندما كان طفلا وإلا لما بقي على قيد الحياة . ويمكن من خلال "أخلاق العناية" فهم القيم المتضمنة في فعل العناية، وكيف ترفض معاييرها العنف والسيطرة بواسطة أخلاق العناية.هذا فحوى العدد(356)- اكنوبر 2008- من سلسلة عالم المعرفة وكان من تأليف أستاذة الفلسفة في جامعة كولومبيا الأمريكية المتخصصة في الفلسفة السياسية وعلم الاجتماع والأخلاق والفلسفة النسوية (فيرجينيا هيلد) وترجمة الدكتور ميشيل حنا متياس.
وأرجو من القارئ العزيز تحمل وعثاء السفر الزمني في مكابدة قراءة عرض هذا الكتاب.
تجادل المؤلفة في الفصل الأول بأن "أخلاق العناية" هي نظرية أو اتجاه أخلاقي متميز في التنظير الأخلاقي، وليست مجرد اهتمام يمكن إضافته أو دمجه في الاتجاهات المؤسسة كالنظرية الكانطية أو النفعية أو أخلاق الفضيلة .أما في الفصل الثاني فتدرس ماهية "العناية" أو ماذا نعني بلفظة"عناية" وتخلص الى أنها ممارسة أورزمة من الممارسات, وقيمة أو رزمة من القيم في آن واحد.وتقول بما أن ممارسات وقيم العناية تقتضي وجود أشخاص اعتنائيين ،وتدرس المؤلفة في الفصل الثالث, ما يجب أن تكون عليه صفات الشخص الاعتنائي،وتنتهي الى أن الشخص الاعتنائي ليس فقط من يمتلك الدافع المناسب للاستجابة للآخرين بل من يشارك بجدية في ممارسات اعتنائية فعالة. و تضيف : في أثناء تطوير" أخلاق العناية" حدد التمايز بين العدالة والعناية ،لذا تدرس في الفصل الرابع التمايز بين النظريات الأخلاقية المبنية على العدالة أو على المنفعة،وتلك النظريات المبنية على العناية وآخذة بعين الاعتبار إمكان الدمج بين العناية والعدالة.أما في الفصل الخامس فتقارن بين الفرضيات والمعاني المتضمنة في كل من "أخلاق العناية" و"الليبرالية التقليدية" ،وتدافع عن أخلاق العناية ضد النقد الليبرالي . والفصل السادس فتتوسع مناقشة التعميم في التنظير حول الأخلاق.وفي الفصل السابع تبدأ فيرجينيا بفحص تطبيقات "أخلاق العناية" في القضايا السياسية والاجتماعية،وتناقش في الفصل الثامن كيف أن الاحترام الفعلي للحقوق التي نقر بأنها مهمة تفترض أن يكون الأشخاص مترابطين بما يكفي لأن يكترثوا بما اذا كانت الحقوق محترمة. وتبين كيف أن المجتمع المدني ،الذي صار فجأة محط اهتمام كبير في العقد الأخير يمكن فهمه ضمن إطار العلاقات الاعتنائية.
وتعرضت في الفصل التاسع الى حجج تحديد سلطة القانون والفكر التشريعي.وختمت كتابها في الفصل العاشر بالبحث عن تطبيقات "أخلاق العناية" في العلاقات بين الدول وفي إمكانات التحضير العالمي.....

الفصل الأول(أخلاق العناية كنظرية أخلاقية):
إن عمر "أخلاق العناية" هو عقود قليلة فقط.وبعض المنظرين لا يحب تسمية هذا الاتجاه في معالجة القضايا الأخلاقية بلفظة "عناية" وحاولوا استبداله بلفظة "أخلاق المحبة" أو "الأخلاق العلائقية" ولكن المناقشة تعود باستمرار الى "العناية" بوصفها،حتى الآن،أكثر التسميات ملاءمة من بين التسميات التي أخذت بعين الاعتبار.وقد ينظر البعض أحيانا الى أخلاق العناية على أنها نظرية أخلاقية تحل محل النظريات الأخلاقية السائدة كأخلاق الكانطية والنفعية وأخلاق الفضيلة الأرسطية.أما البعض الآخر فيرى أنها نوع من أنواع أخلاق الفضيلة .
صفات أخلاق العناية:
يمكن للمرء أن يميز من خلال الامثلة المتعددة عن أخلاق العناية عدد من الصفات الرئيسية:
أولا: التركيز الأساسي ل"أخلاق العناية" هو على الصمت الأخلاقي نحو الاهتمام وتلبية حاجات الأشخاص الفردية الذين نتولى مسؤوليتهم ،على سبيل المثال:قد يكون اهتمام المرء بطفله، بحق وبصورة مقنعة، في مقدمة الاهتمامات الأخلاقية لهذا المرء، و"أخلاق العناية" تقر بأن الكائنات الانسانية تعتمد على غيرها لسنوات عدة من حياتها،وهذه نظرية معروفة لدى الكثيرين :(أن طفولة الإنسان أطول طفولة في البشرية واعتماده على الغير اكثر بكثير من باقي الكائنات الحية)،فكل الناس يحتاجون الى العناية على الأقل في السنوات الأولى من حياتهم.وان آفاق التقدم والازدهار الانساني تعتمد جوهريا على أن يتلقى من يحتاج الى العناية ،العناية التي يحتاج اليها،كما عند المبدعين والعباقرة،(فإن بعض العلماء قالوا إن العبقرية والابداع عشرة أجزاء فجزء منها موهبة من الله والتسعة أجزاء الباقية تدريب وتعليم وتحفيز وتشجيع واهتمام وعناية...)وتؤكد"أخلاق العناية"أن كثير من الناس سوف يمرض ويصبح معتمدا على الآخرين لبعض الوقت في سنوات حياتهم المتقدمة،وبعض المقعدين بصورة دائمة،سوف يحتاجون الى العناية طوال حياتهم.
ثانيا:نجد أن أخلاق العناية تقدّر الانفعال ولا ترفضه ،وبالطبع لا تحظى كل الانفعالات بالتقدير،لكن في المقابلة مع الاتجاهات العقلانية السائدة فإنها ترى الانفعالات مثل التعاطف والتقمص العاطفي والحساسية والتجاوب نوعا من الانفعالات الأخلاقية التي تحتاج إلى الصقل ليس فقط كي تساعد في ترشيح أوامر العقل بل أيضا لتؤكد بشكل أفضل ما توصي به الأخلاق.
ثالثا:ترفض "أخلاق العناية " رأي النظريات الأخلاقية السائدة التي تقول:كلما ازداد التفكير في المشكلة الأخلاقية تجريدا ازدادت صحته،لأنه كلما ازداد إمكان تجنب الانحياز والعشوائية اقتربنا من النزاهة.
رابعا:إن أخلاق العناية شأنها شأن كثير من الفكر النسوي منذ عدة سنوات ،تعيد صياغة التصورات التقليدية للعام والخاص ويقول الرأي التقليدي المؤسس داخل النظريات التقليدية السائدة ،إن إطار الأسرة إطار خاص يتجاوز السياسية ولا يجوز للحكومة المبنية على التوافق ،أن تتدخل فيه.
نقد الفردية الليبرالية:
ترى"أخلاق العناية"على نحو مميز أن الأشخاص مترابطون ويعتمدون بينيا بعضهم على بعض،أخلاقيا وابستمولوجيا ،إذ يبتدئ كل شخص حياته كطفل يعتمد على الآخرين بطرق أساسية تماما طوال حياتنا. والقول أنه باستطاعتنا أن نفكر ونفعل وكأننا مستقلون يعتمد على شبكة من العلاقات الاجتماعية تجعل ممارسة هذا النوع من السلوك ممكنا.وكما كتبت" أنيت باير" أن "الأخلاق الليبرالية ،ان لم تستكمل ،فإنها قد لا تساعد الناس على أن يكونوا أي شيء آخر إلا ما تفترضه نظرياتها التبريرية ،أشخاصا لا يكترث بعضهم بمصالح البعض الآخر".
العدالة والعناية:
تركز أخلاق العدالة على أسئلة تتعلق بالإنصاف والمساواة والحقوق الفردية والمبادئ المجردة والتطبيق الذي يتناسب معها، ولكنه ترتكز أخلاق العناية على العناية والثقة والاستجابة للحاجات وأطياف القصة وتنمية علاقات العناية.وبينما تبحث أخلاق العدالة عن حل منصف بين مصالح وحقوق فردية متنافسة، ترى أخلاق العناية أن مصالح الذين يقومون بالعناية والذين يتلقون العناية مترابطة،عوضا عن أن تكون ،بكل بساطة،متنافسة. وبينما العدالة تحمي المساواة والحرية فان العناية تعزز العلاقات الاجتماعية والتعاون. وهذا الاختلاف دفع كثيرين إلى أن يكتشفوا كيف يمكن جمعها في نظرية أخلاقية مرضية. في إمكان المرء أن يحاجج بصورة مقنعة ،مثلا ،بأننا في حاجة إلى العدالة في سياقات العناية كالأسرة للحماية ضد العنف،وتوزيع العمل الظالم أو معاملة الأطفال الظالمة.ويمكن للمرء أيضا أن يحاجج بصورة مقنعة بأننا في حاجة الى العناية في سياقات كالعدالة في الشوارع والمحاكم،حيث من واجبنا أن نعامل الأشخاص بطريقة انسانية.ففي النظريات الأخلاقية السائدة ،تحتل قيم العدالة وعدم الانحياز والإنصاف وعدم التدخل الأولوية .وفي ممارسة العدالة الحقوق الفردية مصونة والحكم النزيه هو المطلوب. والعقاب المستحق هو المفروض، والمعاملة المبنية على المساواة هي المنشودة.ولكن بالمغايرة نجد أن في أخلاق العناية ،قيم الثقة والتعاضد والاهتمام المشترك والتعانق العاطفي التجاوبي هي التي تحتل الأولوية. وفي ممارسات العناية العلاقات تنمو والحاجات تلبى والحساسية تزدهر.قدمت "ديموت ببك" محاولة موسعة لدمج العناية بالعدالة وقد أوضحت أنها "تصادق على أخلاق العناية بوصفها نظاما من التصورات والقيم والافكار التي تنشأ عن ممارسة العناية على أنها جزء عضوي من هذه الممارسة واستجابة لمتطلباتها المادية ،وبصورة بارزة تلبية الحاجات"ومع ذلك تضع اهتمامها الأولي في مجال تفهم استغلال النساء ،الذي تراه يرتبط بقيام المرأة بمعظم أعمال العناية من دون أجر ،وتحاجج بأن مبادئ كالمساواة في العناية وتقليل الأذى مغروسة ضمنا . كان متوقعا من النساء أن يقمن بمعظم أعمال العناية الضرورية، فالتوزيع الجنسي للعمل يستغل النساء لأنه ينتزع منهن عملا من دون أجر، وهذا يجعل النساء أقل قدرة من الرجال على ممارسة العمل المأجور .ان الانوثة تجعل من النساء كائنات اعتنائية ،وهذا يساهم في تقييد المرأة ويدفعها الى أن تقبل توزيع العمل وفق الجنس (وهذا ما يسميه البعض توظيف لقدرات المرأة بينما يسميه البعض الآخر استغلال لأنوثتها!).
ان نظرية العناية التي تمجد العناية ولكن لا تهتم بكيفية توزيع واجبات العناية التي تساهم في استغلال النساء والجماعات الاقلية التي يقوم أعضاؤها بمعظم العمل المأجور ولكن بأجر ضئيل.ان العناية العادلة ليست بحكم الضرورة عدالة عناية افضل ،انها عدالة انصف،وكذلك العناية الإنسانية ليست بالضرورة عدالة أفضل،انها تحتوي على عناية أكثر.تقريبا لا أحد على استعداد لأن يراها كنظرية أخلاقية اقل أهمية من نظريات أخلاق العدالة السائدة.والعناية هي أكثر القيم عمقا جوهريا. ويمكنها أن توجد من دون عدالة ،تاريخيا،توجد عدالة محدودة في الاسرة ،لكن الحياة والعناية استمرتا من دونهما .لكن لا يوجد لعدالة أن توجد من دون عناية،لأنه من دون العناية لا يمكن للطفل أن يحيا(تخلق العناية مع الطفل الرضيع وتستمر حتى الشيخوخة يعني في أغلب مراحل حياته ان لم نقل كلها،ولكن بقدر الحاجة ،أما العدالة فقد تكون في مرحلة من الحياة وهي مرحلة النضج والوعي بحقوق الآخرين وغير ذلك وهذا ما يميز الحضارات عن غيرها بالرقي والتقدم والعدالة أحد سمات الدول المتقدمة أما العناية فهي فطرية توجد في كل المجتمعات).ان أخلاق العناية ،بعد أن وصلت الى هذه النقطة من التطور،ليست مقتصرة على اطار الاسرة والعلاقات الشخصية .وعندما نتفهم دلالاتها الضمنية الاجتماعية والسياسية سوف نرى انها أخلاق راديكالية تنادي بإعادة بناء المجتمع.ولديها الموارد للتعامل مع القوة والعنف.
أخلاق العناية وأخلاق الفضيلة:
يقول بعض الفلاسفة بأن أخلاق العناية هي نوع من أخلاق الفضيلة وبكل تأكيد هناك أوجه شبه بين أخلاق العناية وأخلاق الفضيلة فكل منهما تدرس الممارسات والقيم الاخلاقية التي تجسدها هذه الممارسات وكل منهما تفهم أنه يجب أن ننمي ونغذي ونشكل الممارسات الأخلاقية.أما رأي المؤلفة فان أخلاق العناية ليست بكل بساطة نوعا من أخلاق الفضيلة .فأخلاق الفضيلة تركز بصورة خاصة على الصفات الشخصية في الافرد،بينما تشغل أخلاق العناية بالعلاقات الاعتنائية التي تحتل المرتبة الاولى في أخلاق العناية.وتضيف ان أخلاق العناية تمثل نظرة أخلاقية مميزة وتختلف حتى عن أخلاق الفضيلة . وهي بكل تأكيد ،لها أسلاف ومنظرون في الفضيلة كأرسطو وهيوم ،وفلاسفة الحس الأخلاقي قدموا لها مساهمة مهمة وبصفتها أخلاقا نسوية ،فهي ليست مجرد وصف أو تعميم مواقف ونشاطات النساء كما تطورت في ظروف بطريركية وهي لكي تحوز القبول يجب ان تكون اخلاقا نسوية موجهة الى النساء والرجال على حد سواء.
العناية والثقافة والدين:
يعتقد البعض ان أخلاق العناية قريبة من أخلاق هيوم ،وتساءل آخرون عما اذا كانت أخلاق العناية تشبه أخلاق كونفوشيوس،ويجادل (شينيانج لي) بأن هناك شبها بينهما , وانه على الرغم من أن أخلاق كونفوشيوس فعلا اعتقدت ان النساء أدنى من الرجال فان هذا الاعتقاد ليس صفة ضرورية في الفكر الكونفوشي, وتعتقد دانيل ستار ان أخلاق الكونفوشية هي نوع من أخلاق الفضيلة . حيث انها دائما تهتم بمقولات العلاقات ذات الدور المركزي كعلاقة الاب والابن والحاكم والمحكوم.وقد يقترح البعض أن أخلاق العناية تتضمن بعض الشبه مع أخلاق المحبة المسيحية التي توصي بأن نحب الجار ونعتني بالمحتاجين...لكن عندما تعتمد نظرية أخلاقية على دين معين فان قدرتها على اقناع من يعتنقون دينا آخر ستكون ضئيلة،وعلى العكس من ذلك فان النظريات الاخلاقية التي تعتمد على العقل يمكنها أن تنجح في حوز الدعم في كل أنحاء العالم وكل الثقافات.وان احدى نقاط القوة في نظريات الأخلاق السائدة كالأخلاق الكانطية والمنفعية هي استقلالها عن الدين ،ومناشدتها للعقل الكلي.
الخلفية النسوية:
النسوية حركة ثورية ،تهدف الى قلب ما يعده كثيرون أقوى هرم محصّن في أي مكان :هرم الجنس.ولاؤها الأول هو لمساواة النساء وان أهم انجاز قدمته النسوية هو تأسيس فكرة أن تجربة النساء مهمة ومناسبة ومثيرة للاهتمام فلسفيا كتجربة الرجال.
الفصل الثاني(العناية كممارسة وكقيمة):
ليس هناك بعد توافق كامل بين الذين يكتبون عن العناية حول ما يجب أن يكون عليه معنى هذا اللفظ،،لكن هناك عددا من الاقتراحات الضمنية وأحيانا العلنية. اننا نعرف الى حد كبير عندما نتكلم عن عناية الطفل أو العناية بالمريض ولكن للعناية أشكالا مختلفة ،وكما تتطور أخلاق العناية يجب أيضا أن يتطور فهمنا لطبيعتها.في الواقع ان الاعتناء بطفل صغير أو شخص مريض يختلف تماما عن "الاعتناء" بشيء أو عدم الاعتناء به،على سبيل المثال" أنا لا أهتم بهذا النوع من الموسيقا" أي لا أسمعها ,لكن يمكنني الاعتناء بطفل لا أحبه. وهنا تعرض ديموت بوبك واحد من أكثر التعريفات دقة في أدبيات أخلاق العناية فتقول:"العناية هي تلبية حاجات شخص واحد بواسطة شخص آخر،حيث التفاعل،وجها لوجه بين الذي يعتني (بفتح الياء)والذي يعتنى به(بضم الباء)، عنصر حاسم في نشاط العناية عامة وحيث لا يمكن أبدا للشخص الذي يحتاج الى العناية أن يلبيها بذاتها. (وهنا تفرق بوبك بين العناية والخدمة فهي تقول إن المرأة لو أعدت وجبة طعام لطفلها الصغير فهي تعتني به،أما لو قامت بطبخ وجبة الطعام لزوجها الكبير وهو قادر تماما على أن يطبخ فهي تخدمه،وهذه الخدمة قد تكون نوعا من الطاعة أو سميه التقليد الاجتماعي أو نوعا من الحب وغير ذلك.
العناية ممارسة:
لنأخذ بعين الاعتبار الأمومة بمعنى العناية بالأطفال.كان الناس يعتقدون ولمدة طويلة في التاريخ الحديث بعد تأسيس تمييز العام – الخاص كإطار أنها تقع "خارج الأخلاق" أي العناية لأنها ترتكز على الغريزة وكان الظلم مغروسا في ممارسة الأمومة لان لفظ "الامومة"يقترح أنه يجب على النساء أن تمارس هذا النشاط ويجادل كثير من النسويين بأنه لكي تكون ممارسة عناية الاطفال الفعلية مقبولة أخلاقيا عليها أن تتغير راديكاليا لكي تتوافق مع مبادئ المساواة.
الفصل الثالث(الشخص الاعتنائي):
ان يكون المرء اعتنائيا لا يعد من الفضائل التي تتبادر الى الذهن فور التفكير في محاولة تذكر قوائم الفضائل التي صادفناها ،ولكن يظن أكثرنا أن كون المرء اعتنائيا شيء يثير الإعجاب ،ونحن نريد أن يكون أطفالنا أشخاصا اعتنائيين. والعناية صفة غائبة في كثير من معاجم الفضيلة فها هو" إدموند بينكوفس"سجل 221 صفة للأشخاص لكي نختار منها الفضيلة والرذيلة ولم يتطرأ لما نسميه "بالعناية" فذكر أن يكون الانسان خيريا و محسنا و شجاعا و منصفا وصادقا وغيريا،وقاسيا،وأنانيا،وانتقاميا و لطيفا،لكن يبقى غياب العناية دلالة على أن كثير منا الآن يعتقد أن العناية قيمة مهمة جدا- بالتوازي مع قيمة العدالة – وكثير منا يعتقد أنها فضيلة مهمة.
العناية كفضيلة في الأشخاص:
من السهل أن نفترض أن العناية فضيلة يمتلكها الأشخاص ونستطيع تفسير الفضائل على أنها ميول لدى الأفراد.ويظن البعض أن العناية هي اسم آخر للاحسان . والمؤلفة لا توافق هذا الرأي لأن مايكل سلوت يرى ان الشخص الاعتنائي كشخص قريب من الشخص المحسن،لكن الاحسان يهدف الى خير الانسانية جمعا،بينما العناية،على الرغم من أننا نستطيع مدها لتشمل "اهتماما جوهريا بجميع الكائنات الانسانية" لكنها لا تسمح لنا أن نفضل هؤلاء القريبين والعزيزين.ويعتقد مايكل أن العدالة والفعل الصحيح وكل الاشياء التي يجب أن تهتم بها الاخلاق يمكن بناؤها على دوافع الشخص الاعتنائي .
الحساسية والمعرفة:
يبدو أن العلاقات الاعتنائية تتطلب قدرات جوهرية بالنسبة الى هؤلاء الذين يتميزون بها لانهم يبدون حساسية نحو مشاعر الاخرين.على الوالدين ان يكونا على اطلاع عندما يعاني أطفالهما الاذى والخوف أو يتظاهرون بذلك،ولدى الاطفال قدرات حاذقة على ان يكتشفوا استهجان أو تشجيع الوالدين.
مشكلات في العناية بوصفها نزعة:
اذا نظرنا الى الشخص الاعتنائي على انه شخص يمتلك نزعة فاضلة عوضا عن المشاركة في ممارسة علاقة اعتنائية .فلنأخذ الاعتبار الطرق المختلفة التي يمكن بها للعناية كنزعة أن تخطئ. ان الاستمرار في شعور قوي من المحبة نحو شخص لا يريد هذه المشاعر ،لكن يريد أن يترك وحيدا قد يكون فشلا في العناية،بمعنى أنه يفشل في تشكيل علاقة اعتنائية.طبعا لا يستطيع المرء أن يجمد مشاعر المحبة طوعا،لكن يمكنه أن يبتعد أو يتوقف عن منح الهدايا أو المديح ومن ناحية أخرى فان الشخص الذي يرغب أن يترك وحده(كالشاب الذي يحاول الابتعاد عن والده الذي يتزايد اهتمامه نحوه)،قد يرحب في الواقع باستمرار المحبة على الرغم من أنه يتظاهر بأنه يزدريها.
العلاقات الاعتنائية والثقة:
الثقة ليست فضيلة عامة لأنها يمكن أن تمنح لمن لا يستحقها والثقة بشخص لا يستحق الثقة قد تكون أكثر من حماقة،قد تشجع الأشخاص على أن يستغلوا الناس الساذجين الذين يسهل خداعهم.على الأشخاص الذين يغتنموا الفرصة ويثقوا بالآخر إذا لم تكن هناك أسباب لعدم الثقة،على عكس الرأي الهوبزي الذي يقول إن على المرء ألا يثق بالآخر إلا إذا كانت هناك الأسباب تبرر ذلك ،وتعتقد المؤلفة أن المجتمع الواثق والاعتنائي يتطلب منا أن نتغلب على الموقف الهوبزي،(وهذا اعتقادنا جميعا).
الفصل الرابع(العدالة والمنفعة والعناية):
البحث الأخلاقي النسائي :
لقد اعتقد أرسطو أن النساء رجال ناقصون،وأنهن كائنات إنسانية تفتقر الى ما هو جوهري في طبيعة الانسان :المقدرة على التفكير.وعلى الرغم من أنه اعتقد أن النساء قادرات على التفكير نوعا ما،الا أنه كان يظن أن طبيعة الرجل هي أن يفكر بطريقة مميزة انسانيا ،ولكن طبيعة ووظيفة المرأة هي التناسل كالحيوانات.وفي القرن الثالث عشر اعتنق توما الاكويني هذه التصورات عن طبيعة الرجال والنساء .وفي القرن الثامن عشر ،اعتقد روسو أن المجتمع سوف ينهار ان لم تتربى النساء منذ الصغر على الخضوع للرجال, واختتم كانط بالقول ان النساء غير قادرات على أن يكنّ أشخاصا أخلاقيين كاملين،لان أسس الأخلاق تعتمد كليا على العقل ،ولأنه يرى النساء ناقصات عقليا.أما في القرن العشرين فقد اتى فرويد ونشر آراء مماثلة في الميادين التي اخذت بدراستها الحقول الجديدة والنامية التي تهتم بالسلوك الانساني،ونظر فرويد الى النساء على أنهن كائنات أدنى من الرجال بسبب نقص تركيبتهن البيولوجية :ينقصهن القضيب!.
في تاريخ الفلسفة الطويل وفي الفكر الذي أثّرت فيه الفلسفة ، وقد أثرت الفلسفة على كل أنماط الفكر،كان الاعتقاد السائد أن على العقل لكي يحتل مكانا محترما في تطور الانسان والتاريخ ،أن يتجاوز ويتخلى عن القوى النسائية التي كان ينظر اليها على انها قوى سوداء لا عقلانية وعاطفية وانفعالية وخاصة جسدية.
يلاحظ الفكر النسوي انه على الرغم من ان النساء يستطعن التفكير كالرجال ،فانهن لسن متأكدات مما اذا كان من الواجب على العقل أن يترك وراءه كل ما يتعلق بالانفعال والجسد.أما بخصوص الجسد ،على سبيل المثال ،فعوضا عن النظر الى النساء بوصفهن كائنات لا تمتلك القضيب فان الفكر النسوي يلاحظ أن النساء يمتلكن بالإضافة إلى قدرات اخرى قدرة لا يمتلكها الرجال ،ألا وهي القدرة على انجاب كائنات انسانية جديدة،وغالبا المرء لا يستطيع أن يجد الشيء الذي لا يبحث عنه،والبحث العلمي الذي كان يفتش عن نقاط ضعف النساء وسلبياتهن لم يستطيع غالبا أن ينتبه الى نقاط قوة النساء .
العناية مقابل العدالة:
الحركة النسوية برنامج ثوري لأنها تعهدت بتحطيم أعمق وأقوى هرمية كليا-هرمية الجنس.انها لا تحاول أن تجعل
النساء تحل محل الرجال في هرم السيطرة،ولكنها تحاول تحطيم السيطرة ذاتها.والمؤلفة تحاجج بأن ليس هناك أي نوع من العناية غير النسوية يستحق أن يسمى نفسه أخلاق العناية-هي أخلاق لكل الذين يبتدئون حياتهم – وهذا ينطبق علينا جميعا- كأطفال انسانيين. وتقول اعتقد أنه يجب على ممارسة الاخلاق أن تحتوي على توصيات يمكن اعتبارها نظريات أخلاقية لمجالات علمية في الحياة:النشاط الاقتصادي،ممارسة الطب،تربية الأطفال....لكن يجب على فلسفة الأخلاق أن تأخذ بعين الاعتبار ما اذا كانت هناك نظرية تحتية واحدة يمكن اختزال النظريات الاخرى الى لغتها.

الفصل الخامس(الليبرالية وأخلاق العناية):
في إمكان النسويين الذين يدافعون عن أخلاق العناية أن يتفقوا على انه علينا أن نعامل النساء ككائنات متساوية ،ولكنهم ينكرون أن العدالة والمساواة هما الاعتبار الأخلاقي الوحيد ،أو حتى الأولي الذي يجب أن يوجهنا في الأسرة.والرأي الليبرالي الذي يتجاهل واقع أن كل المواطنين كانوا أطفالا لا عوز لهم ويعتمدون كليا على الآخرين لسنين من العناية المحبة.وهناك رأي يقول أن الوالدان يهتمان بأطفالهما في الصغر لكي يهتم هؤلاء الاطفال في اهلهم في الكبر،عندما يتقدمان في السن،وكل من الاطفال والوالدان يفهم شروط الصفقة ،فان علاقة الوالد والطفل سوف تخلو من تقدير الواحد للآخر من اجل ذاته ومن اجل العلاقة الاعتنائية بينهما.واذا واصل الأصدقاء ،الذين يسلكون علنا كأصدقاء ،ممارسة اللقاءات والمحادثة وتبادل الهدايا والزيارات أو التبادلات الحميمة فقط ،لان كل واحد منهم يعتمد على أن سوف يخدم مصلحته أو مصلحتها الشخصية.فإننا سوف نحكم على "صداقات"كهذه بالسطحية في أفضل الأحوال. وإذا كانت المصلحة الذاتية هي الدافع الوحيد في صداقتهم فان الثقة ستكون غائبة( ولن يستمروا في الصداقة لمدة طويلة وربما تنتهي بأول اختبار فاشل).
مأزق الأخلاق الليبرالية:
بسبب عيوب اخلاق الفردية الليبرالية في سياقات كالاسرة والجماعات يميل المنظرون الذين يدافعون عن هذه الاخلاق الى ان يتبعوا واحدا من اتجاهين: اما ان ندفع الاخلاق الفردية الليبرالية نحو ميادين لا شكلية ولا شخصية ولا تعاونية, بغض النظر عن صعوباتها في هذه الميادين, واما ندفع بالروابط الطبيعية بين العائلات والاصدقاء والفئات والامم الى مكانة "المشاعر المجردة" او "الغريزية" او "الانفعالية".... مقابل ما هو عقلاني واخلاقي. عندئذ يمكن اعتبار انها تقع "خارج نطاق الاخلاق".

القبول بليبرالية محدودة وعناية أوسع:
تقول المؤلفة أننا نستطيع تأكيد أهمية التصور الليبرالي للعدالة والمساواة والإنصاف ضمن شبكة علاقات العناية.لكي نفهم مضامينها،قد يكون من المناسب ضمن الميادين السياسية والقانونية،ان نتصور أشخاصا بوصفهم كائنات فاعلة عقلانية تتعاقد بعضها مع بعض كأشخاص متساوين وأن ندرك الحقوق التي يجب أن يحصلوا عليها.وعلينا أن نتذكر أن هذه الطرق من التفكير تتناسب مع ميادين محدودة وليس مع ميدان الأخلاق كله.
الفصل السادس(العلاقات الاعتنائية ومبدأ العدالة):
"المحبة والانفعال الأخلاقي"مقالة لفيلمان ناقش فيها الحالة التي يعالجها برنارد ويليمز،التي طرحها أصلا تشارلز فريد ونوقشت بكثرة منذ ذلك الوقت:عما اذا يمكن بصورة مبررة لإنسان أن ينقذ زوجته عوضا عن الغريب ،اذا كان بامكانه انقاذ واحد منهما فقط في كارثة معينة .يقترح ويليامز أنه اذا تريث الشخص وفكر مليا في ما اذا كان بإمكان المبادئ الكلية أن تعطي اعتبارا خاصا لزوجته عوضا عن التعامل مع كليهما بحياد،فإن هذا الانسان يقف"بصدد افكار أكثر ما يحتاج" . يعترض ويليامز ويحاجج بأنه "حالما نميز المحبة، عن الولع ،والأشواق اللذين يصحبانها فسوف نتخلى عن افتراض أن الانفعال منحاز بمعنى أنه يتعارض مع روح الأخلاق". وان ما يتطلبه الاحترام الكانطي للأشخاص هو أن نقدر كل شخص كقيمة مطلقة."القيمة المطلقة للشخص هي القيمة التي يمتلكها فقط لأنه شخص لكونه طبيعة عقلية" .والنقطة الأكثر اثارة للجدل بكثير هي: يعتقد فيلمان أن المحبة متشابهة ."القيمة التي نستجيب لها عندما نحب شخصا،وفق ما يدعي ، هي نفس القيمة التي نستجيب لها عندما نحترمه- أي قيمة طبيعته العقلية وشخصيته".وكما يرى فيلمان أيضا فان هذه النقطة "الاحترام والمحبة،هما الاجابات المطلوبة كحد أدنى وبديل أقصى للقيمة الواحدة ذاتها فقط".
الاختلافات بين النسويين:
"مارثا نوسباوم" فيلسوفة أخرى تدافع عن الكلية الفردية وضد أخلاق العناية .وهي تعتقد أن نوع الليبرالية التي تدافع عنها ستكون أفضل للنساء من أخلاق العناية،وأنه يجب على النسويين أن يعتنقوها .وهي تعترف بأنه يمكن لبعض الانتقادات النسوية الليبرالية أن تتعارض مع ما تراه "أعراف الاعتناء المعقولة المفضلة من قبل الليبرالية "فهذه الاعراف تتطلب أن ترتكز المحبة أو رباط المحبة على الاختيار الحر من موقف المساواة ،بينما أخلاق العناية تعترف بانه لا يمكن لكثير من علاقاتنا الانسانية أن ترتكز على اختيار من هذا النوع.ومثال ذلك،الطفل الذي لا يستطيع أن يختار والديه اللذين هما،أقوى منه لعدة سنوات.وما زلنا مع مارثا التي تعتقد أنه يجب أن نرفض أخلاق العناية لأنها سيئة للنساء.عودة للمؤلفة فهي تقول أن أخلاق العناية تقترح أن أولوية العدالة النزيهة هي في أحسن الأحوال مقنعة في السياق القانوني-التشريعي.وقد تقترح أيضا أن حسابات المنفعة العامة هي في أحسن الاحوال مناسبة في خيارات السياسة العامة.وقد تبين النظرية الاخلاقية الشاملة كيف أن العناية والقيم المتصلة بها هي النموذج الأكثر شمولية ورضاء،والذي نجد داخله مكانا للعناصر الأكثر ألفة .
الفصل السابع(العناية وتوسع الأسواق):
كثيرا ما يرى البعض أن "السوق " هي النموذج الذي يوجه ليس فقط الحياة الاقتصادية وإنما كل أنواع النشاط الإنساني.
النساء والأسواق:
(النساء لديهن الخبرة الكافية في كثير من الأشياء بالإضافة إلى خبرة الطبخ والاعتناء بالأطفال ولديهن خبرة أيضا في عدم تلقي أجر لأكثر الأعمال التي يقمن بها) فبالنسبة الى كثير من النساء فإن كسب أجر معين-او أي أجر تأخذه- يعد تقدما. وبالنسبة الى أكثر النسويين "دخول السوق" يعد تقدما.عوضا عن أن يكون النساء مقيدات بعمل غير مأجور في الأسرة ،ومعتمدات على الآباء والأزواج،أو مكبلات بعناية الأطفال أو الوالدين الطاعنين في السن من دافع المحبة أو الشعور بالواجب (لا مانع لدي بأن أعتني بأطفالي الذين يضفون على حياتي البهجة والجمال أولا, اذا كنت سأخرج وأعتني بأطفال غيري في مدرسة أو حضانة أو مستشفى من خلال التمريض أو التطبيب،ولي الشرف أن أخدم والدي اللذان كانا سببا في انجابي الى هذه الحياة قبل أن أذهب إلى جمعيات دار المسنين وأعتني بأناس غيرهم ،فهما يعطيان الخبرة لكي أتعامل مع غيرهما، لكن هذا لا يعني أن أكون مكبلة،فأنا أعتني بهم ثم أذهب للعمل)، ان القدرة على كسب أجورهن واختيار طريقة صرفها يعطيان النساء شعورا بالتحرر. والعمل المأجور الذي تمارسه النساء هو غالبا نسخة عن العمل الاعتنائي الذي تؤديه في البيت :تعليم الصغار ،الاعتناء بالمرضى،ادارة المكتب،وقد ترفض الرأي الذي يقول ان عملهن هو سلعة .وقد يرفضن بشدة حتى التفكير في العمل غير المأجور في البيت والاعتناء بالأطفال من دافع المحبة وتنمية روابط الثقة في الاسرة من منظور قيمة السوق التي قد تعادله لو تلقيان أجر لقاء عملهن.
العمل والأسواق:
عندما يتلقى الأشخاص أجرا لقاء عملهم ،فإن هذا لا يعني أن عملهمم يخضع لمبادئ السوق أو جزء من السوق بالمعنى المألوف.فالأستاذ الذي يعمل في مدرسة عامة أو خاصة غير ربحية هو بمعنى ما جزء من السوق،لانه على المدرسة أن تدفع له لكي يقوم بعملية تعليم الطلاب،ولكن عمله ليس جزءا من السوق ،بمعنى أن المبادئ التي تحكم عمله هي مبادئ السوق التي تهدف إلى زيادة الربح الاقتصادي.إن الربح الاقتصادي ليس الهدف الأول للمدرسة اذا كان بإمكان هذا المعلم أن يجني قدرا أكبر من الأموال لو عمل في شركة.فقد يكون هدف المدرسة الأول وهدفه ايضا تعليم الأطفال وليس جني الأرباح.
ان دوافع أكثر الناس ممزوجة :انهم يريدون تعليم أطفالهم وأيضا الحفاظ على صحتهم وفي الوقت نفسه تأمين معيشة محترمة من خلال العمل أو انهم يريدون جني أكبر قدر من المال لكي يؤمنوا حياة عائلاتهم ولكي يتبرعوا بسخاء للمنظمات الخيرية التي يختارونها.وتجادل المؤلفة بأنه يجب أن ننتقي القيم ذات الاولوية ونطلب من الناس تقدير الاشياء والناس بطريقة تقييم تناسبهم.تقول" نانسي فولبر وجولي نلسن"انه عندما يقوم أشخاص مأجورين بالعناية بالأطفال عوضا عن ربات البيوت غير المأجورات والمضطرات للقيام بهذا الواجب بسبب معايير اجتماعية تقييدية غالبا يحسّن العناية .وبما أن النساء يعملن خارج البيت بصورة متزايدة فإنه يمكن للأمهات اللواتي لا يملكن مهارة أو رغبة في العناية بالأطفال أن يفعلن شيئا آخر، ويمكن للامهات اللواتي لا يملكن مهارات أفضل ويتفهمن أكثر أن يتلقين أجرا لمساعدة الأطفال في نموهم (فمثلا الأم المعتادة على الأساليب التقليدية في تربية أطفالها والتي تبقى في البيت لتربية أطفالها، كما بقيت أمها لتربيتها لن يكون لديها أية فكرة عن تطور النمو عند الاطفال في سن الثالثة والرابعة،وعن كيفية تنمية المهارات الحركية، وعن دور اللعب في التفكير والإبداع والتي يعرفها أو تعرفها معلمة رياض الأطفال جيدا)والمرأة المتقدمة في السن الضعيفة التي تجاوزت السبعين قد تتلقى عناية أفضل على يد "عامل بالعناية" اختار هذا العمل طوعا وكان هدفه إسعاد ومساعدة المسنين أفضل من العناية التي تتلقاها من الكنّة (زوجة الابن)المجبرة والمتأففة على تحمل هذا العبء.
الفصل الثامن(المجتمع المدني والحقوق وافتراض العناية):
هناك توافق واسع بين من يكتبون اليوم عن أخلاق العناية على أنه يجب على أخلاق العناية ألا تقتصر على الاطار الشخصي ،ولكن أحدا لم يربط أخلاق العناية بالمجتمع المدني .وتقول فيرجينا(المؤلفة) سأقوم بتبني هذا الربط هنا.وأكثر الكتاب الرائدين في الجماعية والمواطنة والمجتمع المدني لم يتكلموا كثيرا،اما عن النسوية واما عن ذلك التيار من أخلاق النسوية الذي يدعى أخلاق العناية .وعلى اية حال فان أخلاق العناية هي في موضع أفضل من النظريات الاخلاقية التقليدية لمعالجة كثير من اهتمامات المجتمع المدني.
أولوية العناية:
في سياق الاسرة العناية لها الاولوية،بمعنى أنه من دون العناية فسوف لن تكون هناك كائنات انسانية.والصغار لن يعيشوا،واذا لم يتلقوا العناية أكثر من الحد الادنى من الطعام والملجأ فإنهم لن يتطورا بصورة حسنة ،حتى لو عاشوا . ولكي يكبروا ويصبحوا أشخاصا يتمتعون بالصحة الكافية ،علينا أن نقدّر الأطفال من أجل ذاتهم،وعليهم أن يختبروا علاقات حافلة بالانتباه المحب،وأن تكون هذه العلاقات علاقات مشاركة بينهم وبين الذين يعتنون بهم.
الفصل التاسع(القوة والعناية وسلطة القانون):
القانون وتوكيد الحقوق: لقد اعترف البعض بأن النساء وبعض الفئات المضطهدة استعملت لغة الحقوق لتصحيح الظلم وربما تضطر الى أن تفعل ذلك في المستقبل المنظور.ولكن هؤلاء المتيمنين بأخلاق العناية يحثوننا على الأخذ بعين الاعتبار كل ميادين التجربة الانسانية-تربية الأطفال،الاعتناء بالناس الاعتماديين والضعفاء، الثقة والارتباط المدني الذي يربط الاشخاص بعضهم ببعض- حيث القضايا الأخلاقية موجودة في كل مكان ومن دون أن يلاحظها أحد ومن دون أن تكشفها أخلاق الحقوق والقواعد.اننا اذا تقبلنا هذه الحجج ،فمن السهل أن نرى لماذا ستكون أخلاق العناية مناسبة ليس فقط في ميادين العلاقات الشخصية ولكن أيضا في السياقات الاجتماعية والسياسية. وفي رأي المؤلفة إن نقد الحقوق من منظور أخلاق العناية هو نقد للتصور الامبريالي الذي لعبه القانون في التفكير الأخلاقي.انه ليس موجه لاسقاط الحقوق في ميدان القانون وانما لإبقاء التفكير القانوني حيث يجب أن يكون .في ميدان القانون- انه يعارض الرأي الذي يتصور القانون والطرق القانونية في التفكير مناسبة لكل المشكلات الاخلاقية.
ما بعد الحداثة وأخلاق العناية:
لم يجد كثير من النسويين في مشروع اعادة البناء ،موقف ما بعد الحداثة مفيدا جدا .فالمحاولات لتصميم توصيات معيارية ونظام اجتماعي أكثر ترحيبا بالنساء والفئات المحرومة سقطت ضحية أسلحة التهكم والتفكيك نفسها التي استخدمت ضد النظرية والنظام التي هدفت الى تبديله.
الفصل العاشر(العناية والعدالة في السياق العالمي):
لقد اعترف البعض ، في بعض الأحيان ،بأن ما يعتقده الناس عن أخلاقيات سلوك الدولة بإمكانه أن يؤثر في مكانة الدولة ،وبالتالي في قوتها .ولكن كان العالم،الى حد كبير تقريبا ، عالما فوضويا تتنافس فيه الدول وتسعى الى تحقيق مصالحها القومية .ويمكن القول بأن هذه المصالح القومية تشمل الانخراط في اتفاقات مع دول أخرى .ولكن محاولة تقدير السلوك الأخلاقي الحقيقي الذي يجب أن تتبناه الدول أبعد كقضية لا قيمة لها.
مضامين للتغير العالمي: بكل وضوح تتضمن أخلاق العناية الرأي الذي يقول إنه يجب على المجتمع أن يعترف بمسؤولياته نحو الأطفال والآخرين الاعتماديين، وأن يسعى الى تحقيق أفضل تربية ممكنة،وأن يستجيب بصورة مناسبة لأعضائه الذين يحتاجون الى عناية صحية ومساعدة المعتمدين بعناية،وبكل ووضوح تتضمن أنه يجب على أعضاء المجتمعات الثرية أن يعترفوا بمسؤولياتهم في تخفيف عبء الجوع والحرمان المرعب في العناية الذي تعانيه المجتمعات الفقيرة . وتشير أحد تقارير الأمم المتحدة في عام 2004 أن عدد من يعانون الجوع المزمن في العالم هو 852 مليونا.كانت "اعادة البنى" للسوق العالمية مؤذية للنساء وأيضا للفئات الأخرى المهمشة.وخلال التسعينيات من القرن الماضي ،،بدأ العلماء النسويون في تبيين كيف كانت "النساء" لسن المستفيدات وانما الضحايا المميزات" وبالنسبة الى نساء أوربا الوسطى والشرقية ،سببت العولمة نسبة في العطالة لا سابق لها،وحرمانا من العناية الصحية للأمومة وإجازة الأمومة والعناية الممولة بالأطفال .وأصبحت النساء "عمالة غير جذابة" للصناعات المخصخصة التي أرادت تجنب دفع الامتيازات.
مستقبل العناية: تجادل فيونا وينستون بأن نظرية العلاقات الدولية السائدة وأيضا النظرية المعيارية السائدة عن العلاقات الدولية أدت الى ولادة "ثقافة الاهمال" عالمية من خلال تقليل قيمة تصورات كالاعتماد المتبادل والترابط والانخراط الايجابي في حياة الآخرين البعيدين عنا.
الأخلاق التي تتناسب مع العلاقات غير المختارة بين الكائنات الفاعلة الضعيفة وغير المتساوية ،كما هي حال أخلاق العناية ،قد تكون لها غالبا أهمية بالنسبة الى الواقع العالمي أكثر من منظور نظرية العقد الاجتماعي.
نستطيع أن نرى بهذه الطريقة وبطرق أخرى كيف كان القانون الدولي يتصف بالتمييز الجنسي.تقليديا ،القضايا التي تهم الرجال كانت تفسر على أنها القضايا العامة المهمة،بينما"اهتمامات النساء" وضعت في صنف خاص وهمشت ،ويبذل البعض الآن جهودا قوية بتحديد العدالة للنساء.وبالاضافة الى ذلك ،يحاول المنظرون الأخلاقيون النسويون أن يبينوا كيف أن أخلاق العدالة ذاتها مبنية على تحيز جنسي،هم يعملون على تطوير أخلاق العناية.(وهذه الصورة تؤكد لنا المقولة التالية: لا يوجد عدالة مطلقة).وكما تصبح قيم العناية أكثر فاعلية داخل المجتمع ،فإن نسبة حل النزاع بالتهديد واستعمال القوة سوف تقل ،وأيضا ستقل في السياق الدولي عندما تتعرض العلاقات بين الدول الى تأثير أخلاق العناية.وأخيرا تقول المؤلفة إن عولمة العلاقات الاعتنائية سوف تساعد على تمكين شعوب الدول والثقافات المختلفة من العيش بسلام ،واحترام بعضها حقوق البعض من الاهتمام المشترك بالبيئة وتحسين حياة أطفالهم
(وهذا أقصى ما تتمناه جميع الدول المعتنية والمعتنى بها).



#نورس_محمد_قدور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التربية الخاصة:أطفالنا كيف نجعلهم موهوبين؟ (9)
- التربية الخاصة:بطيء التعلم(8)
- الثقافة: التفسير الأنثروبولوجي
- التربية الخاصة:اضطراب الطيف التوحدي(7)Pervasive Developmenta ...
- العولمة والثقافة:تجربتنا الاجتماعية عبر الزمان والمكان
- التربية الخاصة:المتلازمات(6)syndromes
- جنوسة الدماغ
- التربية الخاصة: الاعاقة العقلية (5) Mental Handicap
- التربية الخاصة:هل أنا أعمى؟ (4)
- التربية الخاصة: هل جربت يوما أن تكون أصما؟ فافعل ان شئت!(3)
- التربية الخاصة: المعوّقون والمجتمع (2)
- التربية الخاصة: الأهمية,المفهوم,الأهداف (1)
- التربية الابداعية: فنّ يجب تعلمه؟!
- اللعب عند الأطفال:رؤية سيكولوجية
- اللعب جنة أطفالنا


المزيد.....




- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...
- حادث مروع يودي بحياة 3 ممرضات في سلطنة عمان (فيديوهات)
- تركيا.. تأجيل انطلاق -أسطول الحرية 2- إلى قطاع غزة بسبب تأخر ...
- مصر.. النيابة العامة تكشف تفاصيل جديدة ومفاجآت مدوية عن جريم ...
- البنتاغون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ ...
- مصادر: مصر تستأنف جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة في غزة
- عالم الآثار الشهير زاهي حواس: لا توجد أي برديات تتحدث عن بني ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - نورس محمد قدور - أخلاق العناية: بديل فلسفي أخلاقي معاصر