أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - دهام حسن - بين العلمانية والدين..!















المزيد.....

بين العلمانية والدين..!


دهام حسن

الحوار المتمدن-العدد: 2469 - 2008 / 11 / 18 - 10:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


سوف نأخذ لفظة العلمانية بكسر العين ، من أنها مشتقة من العلم ، ولن نندار إلى الاشتقاق الآخر ، أي العلمانية بفتح العين ، على أنها مشتقة من العالم ،لأن الاشتقاق الأخير لا يستوي لغة من جهة ، ولا يتساوق مع المعنى المراد عند استخداماتنا الكثيرة للمصطلح من جهة أخرى ، ولا نريد أن ندخل في ترف وسفسطة العرض للمسألة ، فضلا عن عدم توفر منهج دقيق يسعفنا للخروج بنتيجة مرضية للفرز ما بين المعنيين في استخدام المصطلح ، فليس أمامنا سوى شذرات قليلة لمفكرينا الأجلاء لا تفي بالغرض ..


العلمانية تقتضي فيما تعنيه، فصل الدين عن الدولة، بحيث يكون للدين مؤسساته ، من أديرة ومساجد ودور عبادة الخاصة به ، لها طقوسها واستقلاليتها ، بحيث لا تزاحم أو تنافس على تبوء السلطة باسم الدين.. بيد أن العلمانية لا تقتصر على هذا الجانب ، فهي تأخذ إطارا أوسع ، بل أنها تختزن جملة من الدعوات للتحولات التاريخية على أكثر من صعيد ، سياسة ، ثقافة ، فكر .. إلخ وربما أخذت العلمانية أشكالا من المسارات وفقا للظروف، والحالات التي يفرضها السياق التاريخي في كيفية تناول الحدث، ودعنا هنا نستذكر أن العلمانية تزدهر بمدى أوسع وأعمق في البيئات الديمقراطية ، حتى وجدنا أحدهم يقول: العلمانية لها ترجمة واحدة هي حرية الاعتقاد والتعبير، إذا كان ازدهار العلمانية يتطلب مناخات ديمقراطية ، فأيضا..بأجواء من الديمقراطية يندار الناس نحو العلمانية ، ربما وجدوا عندها أجوبة لأسئلتهم ، عجز عن بيانها الفكر ما قبل العلمي، ونستطيع القول أنهما – العلمانية والديمقراطية – في ترابط جدلي تستدعي إحداهما الأخرى .. ومن ناحية أخرى فهناك ترابط لا ينفصم عراه بين العلمانية والدين أيضا، فوجدنا من يقول : في ظل العلمانية يزدهر الدين ، ربما أقول موافقا إياه قليلا ومصححا للعبارة بحيث تصبح ، من أن الدين يأخذ مساحة من الراحة في ظل العلمانية ، طالما يحدد مجاله ووسائل عمله.. إن العلمانية لا تعادي الدين كطقوس دينية ومؤسسات اعتقاديه ودور عبادة، لكن العلمانية وقفت بالضد من التفسيرات الكنسية الحرفية المغلقة للدين وسعيها الدائب للسيطرة على الحياة الاجتماعية، فانتصار العلمانية في آخر المناكفة جاء بالترافق والتزامن مع حركة تنوير في الفكر والفلسفة، ومع المستحدثات العلمية، وأسست دول في مواجهة الكنيسة، ودعا العلمانيون الغرب إلى جعل السياسة من شأن هذا العالم الذي نعيشه، وهذا جعلهم في مواجهة جبروت الكهنة الذين نادوا بالتسليم بالقوى الغيبية والارتهان بالمطلق، وما حركة البشر إلا عبث في هذه الدنيا الفانية، فلن يغير ما هو مقدر ومكتوب ، نافين عن التغييرات الجوهرية الحاصلة نتيجة صراع وتفاعل القوى الاجتماعية.....إن العلمانية تعطي الحرية للإنسان فيما يعتقد أو لا يعتقد, له حرية الاختيار في أي دين يختار، أو يبقى خارج أطر الديانات ، دون أن يسعى أي منهما فرض آرائه على الآخر ، وبالمقابل طالما تم فصل الدين عن الدولة ، فعلى الدولة أن لا تدس أنفها في قضية الدين بتعبير كريم مروة ؛ ثم أن الدين في جانبه المقاوم كثيرا ما رفض الواقع المعيش لما فيه كثير من الجوانب السلبية التي تمس حياة الناس، بل قاومه، وربما لاذ إلى الدين في حالة القهر بحثا عن متنفس يريحه ربما قليلا، و هذا الموقف في هكذا حالات هو أضعف الإيمان. ومن هذا الجانب ينقل لنا الدكتور سربست نبي عن ماركس قوله : " إن الشقاء الديني تعبر عن الشقاء الواقعي، ومن جهة أخرى احتجاج على الشقاء الواقعي، الدين هو تنهيدة الكائن المقهور " أي متنفسه في حالة القهر الاجتماعي..



كانت العلمانية عند رواد النهضة العرب، تعني فيما تعنيه نزع الصفة الدينية عن المؤسسات الحكومية، وذلك بالفصل ما بين السلطتين الدينية والمدنية على قاعدة " مالله لله وما لقيصر لقيصر " دون أن ننسى أن مواجهة سياسة الإمبراطورية العثمانية، التي كانت تتلفع بطابع الخلافة الإسلامية ، أخذت هذه المواجهة شعار العلمانية ولو بصورة غير واضحة، أي تظاهرت بهذا الثوب ،لاسيما أن كثيرا من النهضويين العرب الرواد ، كانوا من مسيحيي بلاد الشام، شأنهم شأن العلمانيين العرب غير المسيحيين، كانوا مأخوذين بالتجربة الأوربية ، في فصل الدين عن السياسة، عندما أسفر- بداية- الصراع بين البرجوازية الصاعدة والإقطاعية التي عدت حامية لتوجهات الكنيسة ، بسبب تداخل وارتباط المصالح بين الإقطاعية والمؤسسات الدينية التي يرعاها الكهنة، وبأفول الإقطاعية انكمشت الكنيسة ، واقتصر نشاطها في دور العبادة من أديرة وكنائس، وتم فصلها نهائيا عن مؤسسات الدولة، وانتهى بتأسيس دول قومية في مواجهة الكنيسة..



لقد أدرك رواد النهضة العرب ، أن حجة الدين الإسلامي التي يتذرع بها العثمانيون ما هي إلا شعار زائف وخادع ، يهدفون من ورائها ديمومة وتواصل سيطرتهم على مقدرات الشعوب الإسلامية، والحيلولة دون تحررها من نير الاستبداد والتخلف، فالتمسك بالوحدة الإسلامية ، كان لقطع الطريق أساسا أمام أية دعوة للاستقلال والتحرر،لهذا فهم اعتبروا مثل هذه الدعوات، ضربة لوحدة المسلمين ، وتفرقة لكلمتهم أمام الغرب الطامع الكافر، ولا يمكن بالتالي ــ حسب رؤاهم ــ التساهل أو التسامح في هذا الجانب، وتخيل كيف كانت أفاعيل الدين الإسلامي في قلوب المؤمنين، قبل أكثر من قرن، وكيف كانت طاعة أولي الأمر فريضة واجبة ، وكيف أن مثل هذه الدعوات تجلب لأصحابها الشر المستطير ..



بالرغم من وجود علمانيين داخل حركة النهضة العربية في فترة مواجهة الإمبراطورية العثمانية ، لكن الغالبية كانت تحاول أن توفق بين الدين والسياسة في فترة المواجهة مع السلطنة العثمانية ، لكنها ما لبثت أن تقاعست ثم تراجعت ، فعدوا الإسلام مادة جامعة للقوميين العرب، فجاء من المسلمات أن يكون دين رئيس الجمهورية هو الإسلام ، واستحدثت وزارة الأوقاف، ترعى الشؤون الدينية وفيها الآلاف من المؤمنين المنتمين للوزارة، تحديد الدوام في شهر الصوم، فضلا أن دساتير كثير من الدول ، ترى في الإسلام المصدر التشريعي الأول..



لقد دخل بعض العلمانيين العرب في إشكالية معرفية، عندما حالفوا بين الدين والدولة لأغراض سياسية ، تراجعا أمام المد الديني، واليوم جميعنا يدفع الثمن، فتشربوا بثقافة الدين ، ونهلوا من معين تراثه الموغل في الماضي، فكل مفسر يفسر الإسلام وفق الثقافة السائدة في عهده ،والثقافة السائدة في أي عصر بالطبع هي ثقافة الطبقة السائدة سياسيا واقتصاديا، هذا إن دل على شيء فإنما يدل على هشاشة العلمانية عند هؤلاء ؛ أو أن الواقع السياسي الضعيف،أو التيار الإسلامي الشعبوي الصاعد، والمستأثر للمشاعر المؤمنة ، كل هذا ربما جرفهم إلى هذه الوهدة، متناسين أن العلمانية في أحد أوجهها هو الفهم العلمي للأشياء،والتأويل العلمي ، عند اكتناه المسائل المطروحة وتفسيرها ومعالجتها بالتالي، فالعلمانية بالأساس ميدانها المعرفة العلمية وليس للتكتيك السياسي، أو لكسب جولة سياسية .







لا تزال العلمانية تقف على أرضية هشة في العالم العربي ، وهذا الواقع هو المحبذ والمستطاب لدى ذوي الشأن في إدارة دفة الدولة، وحيلة ذكية لإرضاء هذا وذاك، أو التحكم بهما معا، وما الصراع الدائر الذي أخذ يتمظهر بطابع الصراع بين القوميين من جهة والإسلاميين من جهة أخرى.إلا ستار رقيق سرعان ما ينكشف أن الأمر غير ذلك، فترى القومي يتمسك بالدين ، كما الديني يتشبث بالقومية حيث أن القوميين عندما يتمثلون في الدولة كسلطة ، سرعان ما تجدهم يحاولون التوفيق بين العلمانية والدين ، بالتحايل على الفريقين، فهم يسعون لاجتذاب بعض رجالات الدين، وإدخالهم في خدمتهم، الذين لن يتوانوا في الإشادة بقيم القادة، وتعمية الناس بطاعة أولي الأمر، ثم يحمل القوميون الذين تسلموا السلطة من جانب آخر حملة شعواء ضد الإسلام السياسي، إذا ما راودهم أي هاجس بأن هؤلاء قد يشكلون خطرا عليهم ، وتهديدا لسلطتهم، وبهذا يعمدون إلى إيهام الآخرين بعلمانيتهم.. ألم نقل منذ البداية عن هشاشة العلمانية في عالمنا.؟ وهذه إحدى الثنائيات، التي اعتاد عليها العقل العربي التوفيق بينهما...!



#دهام_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحركات الإسلامية ، بين العبادة والسياسة...تساؤلات..!
- ثورة أكتوبر الاشتراكية..البدايات..!
- دفاعا عن الاشتراكية
- إشكالية المفهوم القومي تاريخيا
- مسالك الإصلاح
- اليسار العربي والخطاب الموقوف!
- المقاومة بين غايات نبيلة وتساؤل مشروع
- الحضارة والإنسان
- الوحدة الوطنية .. دعوة أم شعار !
- عن العراق ..من القلب و العقل
- الاشتراكية..بين الثورة والإصلاح
- الديمقراطية...والنظام العربي. ! عرض نقدي من منظور يساري
- الماركسية .. داخل وخارج الأطر الحزبية وسياج الدولة .!
- الأنظمة الشمولية ومرايا الرأي الواحد !
- قراءة ماركسية و الآفاق الحزبية
- الطريق الى السلطة


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - دهام حسن - بين العلمانية والدين..!